الديوان » العصر العباسي » أبو تمام » كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر

عدد الابيات : 30

طباعة

كَذا فَليَجِلَّ الخَطبُ وَليَفدَحِ الأَمرُ

فَلَيسَ لِعَينٍ لَم يَفِض ماؤُها عُذرُ

تُوُفِّيَتِ الآمالُ بَعدَ مُحَمَّدٍ

وَأَصبَحَ في شُغلٍ عَنِ السَفَرِ السَفرُ

وَما كانَ إِلّا مالَ مَن قَلَّ مالُهُ

وَذُخراً لِمَن أَمسى وَلَيسَ لَهُ ذُخرُ

وَما كانَ يَدري مُجتَدي جودِ كَفِّهِ

إِذا ما اِستَهَلَّت أَنَّهُ خُلِقَ العُسرُ

أَلا في سَبيلِ اللَهِ مَن عُطِّلَت لَهُ

فِجاجُ سَبيلِ اللَهِ وَاِنثَغَرَ الثَغرُ

فَتىً كُلَّما فاضَت عُيونُ قَبيلَةٍ

دَماً ضَحِكَت عَنهُ الأَحاديثُ وَالذِكرُ

فَتىً ماتَ بَينَ الضَربِ وَالطَعنِ ميتَةً

تَقومُ مَقامَ النَصرِ إِذ فاتَهُ النَصرُ

وَما ماتَ حَتّى ماتَ مَضرِبُ سَيفِهِ

مِنَ الضَربِ وَاِعتَلَّت عَلَيهِ القَنا السُمرُ

وَقَد كانَ فَوتُ المَوتِ سَهلاً فَرَدَّهُ

إِلَيهِ الحِفاظُ المُرُّ وَالخُلُقُ الوَعرُ

وَنَفسٌ تَعافُ العارَ حَتّى كَأَنَّهُ

هُوَ الكُفرُ يَومَ الرَوعِ أَو دونَهُ الكُفرُ

فَأَثبَتَ في مُستَنقَعِ المَوتِ رِجلَهُ

وَقالَ لَها مِن تَحتِ أَخمُصِكِ الحَشرُ

غَدا غَدوَةً وَالحَمدُ نَسجُ رِدائِهِ

فَلَم يَنصَرِف إِلّا وَأَكفانُهُ الأَجرُ

تَرَدّى ثِيابَ المَوتِ حُمراً فَما أَتى

لَها اللَيلُ إِلّا وَهيَ مِن سُندُسٍ خُضرُ

كَأَنَّ بَني نَبهانَ يَومَ وَفاتِهِ

نُجومُ سَماءٍ خَرَّ مِن بَينِها البَدرُ

يُعَزَّونَ عَن ثاوٍ تُعَزّى بِهِ العُلى

وَيَبكي عَلَيهِ الجودُ وَالبَأسُ وَالشِعرُ

وَأَنّى لَهُم صَبرٌ عَلَيهِ وَقَد مَضى

إِلى المَوتِ حَتّى اِستُشهِدا هُوَ وَالصَبرُ

فَتىً كانَ عَذبَ الروحِ لا مِن غَضاضَةٍ

وَلَكِنَّ كِبراً أَن يُقالَ بِهِ كِبرُ

فَتىً سَلَبَتهُ الخَيلُ وَهوَ حِمىً لَها

وَبَزَّتهُ نارُ الحَربِ وَهوَ لَها جَمرُ

وَقَد كانَتِ البيضُ المَآثيرُ في الوَغى

بَواتِرَ فَهيَ الآنَ مِن بَعدِهِ بُترُ

أَمِن بَعدِ طَيِّ الحادِثاتِ مُحَمَّداً

يَكونُ لِأَثوابِ النَدى أَبَداً نَشرُ

إِذا شَجَراتُ العُرفِ جُذَّت أُصولُها

فَفي أَيِّ فَرعٍ يوجَدُ الوَرَقُ النَضرُ

لَئِن أُبغِضَ الدَهرُ الخَؤونُ لِفَقدِهِ

لَعَهدي بِهِ مِمَّن يُحَبُّ لَهُ الدَهرُ

لَئِن غَدَرَت في الرَوعِ أَيّامُهُ بِهِ

لَما زالَتِ الأَيّامُ شيمَتُها الغَدرُ

لَئِن أُلبِسَت فيهِ المُصيبَةَ طَيِّئٌ

لَما عُرِّيَت مِنها تَميمٌ وَلا بَكرُ

كَذَلِكَ ما نَنفَكُّ نَفقِدُ هالِكاً

يُشارِكُنا في فَقدِهِ البَدوُ وَالحَضرُ

سَقى الغَيثُ غَيثاً وارَتِ الأَرضُ شَخصَهُ

وَإِن لَم يَكُن فيهِ سَحابٌ وَلا قَطرُ

وَكَيفَ اِحتِمالي لِلسَحابِ صَنيعَةً

بِإِسقائِها قَبراً وَفي لَحدِهِ البَحرُ

مَضى طاهِرَ الأَثوابِ لَم تَبقَ رَوضَةٌ

غَداةَ ثَوى إِلّا اِشتَهَت أَنَّها قَبرُ

ثَوى في الثَرى مَن كانَ يَحيا بِهِ الثَرى

وَيَغمُرُ صَرفَ الدَهرِ نائِلُهُ الغَمرُ

عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ وَقفاً فَإِنَّني

رَأَيتُ الكَريمَ الحُرَّ لَيسَ لَهُ عُمرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


الحِفاظُ

الوفاء بالعهد ، والذب عن المحارم والمنع عند الحروب

تم اضافة هذه المساهمة من العضو محمد الشربيني


معلومات عن أبو تمام

avatar

أبو تمام حساب موثق

العصر العباسي

poet-abu-tammam@

489

قصيدة

9

الاقتباسات

1445

متابعين

حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أبو تمام. الشاعر، الأديب. أحد أمراء البيان. ولد في جاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر، واستقدمه المعتصم إلى بغداد، فأجازه وقدمه على شعراء ...

المزيد عن أبو تمام

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة