الديوان » العصر العباسي » أبو تمام » بذ الجلاد فهو دفين

عدد الابيات : 36

طباعة

بَذَّ الجِلادُ فَهوَ دَفينُ

ما إِن بِهِ إِلاَّ الوُحوشَ قَطينُ

لَم يُقرَ هَذا السَيفُ هَذا الصَبرَ في

هَيجاءَ إِلّا عَزَّ هَذا الدينُ

قَد كانَ عُذرَةَ مَغرِبٍ فَاِفتَضَّها

بِالسَيفِ فَحلُ المَشرِقِ الأَفشينُ

فَأَعادَها تَعوي الثَعالِبُ وَسطَها

وَلَقَد تُرى بِالأَمسِ وَهيَ عَرينُ

جادَت عَلَيها مِن جَماجِمِ أَهلِها

دِيَمٌ أَمارَتها طُلىً وَشُئونُ

كانَت مِنَ الدَمِ قَبلَ ذاكَ مَفازَةً

غَوراً فَأَمسَت وَهيَ مِنهُ مَعينُ

بَحراً مِنَ الهَيجاءِ يَهفو مالَهُ

إِلّا الجَناجِنَ وَالضُلوعَ سَفينُ

لاقاهُمُ مَلِكٌ حَباهُ بِالعُلى

جَرسٌ وَجانا خُرَّةُ المَيمونُ

مَلِكٌ تُضيءُ المَكرُماتُ إِذا بَدا

لِلمُلكِ مِنهُ غُرَّةٌ وَجَبينُ

ساسَ الجُيوشَ سِياسَةَ اِبنِ تَجارِبٍ

رَمَقَتهُ عَينُ المُلكِ وَهوَ جَنينُ

لانَت مَهَزَّتُهُ فَعَزَّ وَإِنَّما

يَشتَدُّ بَأسُ الرُمحِ حينَ يَلينُ

وَتَرى الكَريمَ يَعِزُّ حينَ يَهونُ

وَتَرى اللَئيمَ يَهونُ حينَ يَهونُ

قادَ المَنايا وَالجُيوشَ فَأَصبَحَت

وَلَها بِأَرشَقَ قَسطَلٌ عُثنونُ

فَتَرَكتَ أَرشَقَ وَهيَ يُرقى بِاِسمِها

صُمُّ الصَفا فَتَفيضُ مِنهُ عُيونُ

لَو تَستَطيعُ الحَجَّ يَوماً بَلدَةٌ

حَجَّت إِلَيها كَعبَةٌ وَحَجونُ

لاقاكَ بابَكُ وَهوَ يَزئِرُ فَاِنثَنى

وَزَئيرُهُ قَد عادَ وَهوَ أَنينُ

لاقى شَكائِمَ مِنكَ مُعتَصِمِيَّةً

أَهزَلنَ جَنبَ الكُفرِ وَهوَ سَمينُ

لَمّا رَأى عَلَمَيكَ وَلّى هارِباً

وَلِكُفرِهِ طَرفٌ عَلَيهِ سَخينُ

وَلّى وَلَم يَظلِم وَهَل ظَلَمَ اِمرِؤٌ

حَثَّ النَجاءَ وَخَلفَهُ التِنّينُ

أَوقَعتَ في أَبرَشتَويمَ وَقائِعاً

أَضحَكنَ سِنَّ الدينِ وَهوَ حَزينُ

أَوسَعتَهُم ضَرباً تُهَدُّ بِهِ الكُلى

وَيَخِفُّ مِنهُ المَرءُ وَهوَ رَكينُ

ضَرباً كَأَشداقِ المَخاضِ وَتَحتَهُ

طَعنٌ كَأَنَّ وَجاءَهُ طاعونُ

بَأسٌ تُفَلُّ بِهِ الصُفوفُ وَتَحتَهُ

رَأيٌ تُفَلُّ بِهِ العُقولُ رَزينُ

أَخلى جِلادُكَ صَدرَهُ وَلَقَد يُرى

وَفُؤادُهُ مِن نَجدَةٍ مَسكونُ

سَجَنَت تَجارِبُهُ فُضولَ عُرامِهِ

إِنَّ التَجارِبَ لِلعُقولِ سُجونُ

وَعَشِيَّةَ التَلِّ اِنصَرَفتَ وَلِلهُدى

شَوقٌ إِلَيكَ مُداوِرٌ وَحَنينُ

عَبَأَ الكَمينَ لَهُ فَظَلَّ لِحَينِهِ

وَكَمينُهُ المُخفى عَلَيهِ كَمينُ

يا وَقعَةً ما كانَ أَعتَقَ يَومَها

إِذ بَعضُ أَيّامِ الزَمانِ هَجينُ

لَو أَنَّ هَذا الفَتحَ شَكٌّ لَاِشتَفَت

مِنهُ القُلوبُ فَكَيفَ وَهوَ يَقينُ

وَأَخَذتَ بابَكَ حائِراً دونَ المُنى

وَمُنى الضَلالِ مِياهُهُنَّ أُجونُ

طَعَنَ التَلَهُّفُ قَلبَهُ فَفُؤادُهُ

مِن غَيرِ طَعنَةِ فارِسٍ مَطعونُ

وَرَجا بِلادَ الرومِ فَاِستَعصى بِهِ

أَجَلٌ أَصَمُّ عَنِ النَجاءِ حَرونُ

هَيهاتَ لَم يَعلَم بِأَنَّكَ لَو ثَوى

بِالصينِ لَم تَبعُد عَلَيكَ الصينُ

ما نالَ ما قَد نالَ فِرعَونُ وَلا

هامانُ في الدُنيا وَلا قارونُ

بَل كانَ كَالضَحّاكِ في سَطواتِهِ

بِالعالَمينَ وَأَنتَ إِفريدونُ

فَسَيَشكُرُ الإِسلامُ ما أَولَيتَهُ

وَاللَهُ عَنهُ بِالوَفاءِ ضَمينُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو تمام

avatar

أبو تمام حساب موثق

العصر العباسي

poet-abu-tammam@

489

قصيدة

9

الاقتباسات

1445

متابعين

حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أبو تمام. الشاعر، الأديب. أحد أمراء البيان. ولد في جاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر، واستقدمه المعتصم إلى بغداد، فأجازه وقدمه على شعراء ...

المزيد عن أبو تمام

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة