الديوان » العصر العباسي » أبو تمام » أرأيت أي سوالف وخدود

عدد الابيات : 56

طباعة

أَرَأَيتَ أَيُّ سَوالِفٍ وَخُدودِ

عَنَّت لَنا بَينَ اللِوى فَزَرودِ

أَترابُ غافِلَةِ اللَيالي أَلَّفَت

عُقَدَ الهَوى في يارَقِ وَعُقودِ

بَيضاءُ يَصرَعُها الصِبا عَبَثَ الصَبا

أُصُلاً بِخوطِ البانَةِ الأُملودِ

وَحشِيَّةٌ تَرمي القُلوبَ إِذا اِغتَدَت

وَسنى فَما تَصطادُ غَيرَ الصيدِ

لا حَزمَ عِندَ مُجَرِّبٍ فيها وَلا

جَبّارُ قَومٍ عِندَها بِعَنيدِ

مالي بِرَبعٍ مِنهُمُ مَعهودُ

إِلّا الأَسى وَعَزيمَةُ المَجلودِ

إِن كانَ مَسعودٌ سَقى أَطلالَهُم

سَبَلَ الشُؤونِ فَلَستُ مِن مَسعودِ

ظَعَنوا فَكانَ بُكايَ حَولاً بَعدَهُم

ثُمَّ اِرعَوَيتُ وَذاكَ حُكمُ لَبيدِ

أَجدِر بِجِمرَةِ لَوعَةٍ إِطفاؤُها

بِالدَمعِ أَن تَزدادَ طولَ وُقودِ

لا أُفقِرُ الطَرَبَ القِلاصَ وَلا أُرى

مَع زيرِ نِسوانٍ أَشُدُّ قُتودي

شَوقٌ ضَرَحتُ قَذاتَهُ عَن مَشرَبي

وَهَوىً أَطَرتُ لِحاءَهُ عَن عودي

عامي وَعامُ العيسِ بَينَ وَديقَةٍ

مَسجورَةٍ وَتَنوفَةٍ صَيخودِ

حَتّى أُغادِرَ كُلَّ يَومٍ بِالفَلا

لِلطَيرِ عيداً مِن بَناتِ العيدِ

هَيهاتَ مِنها رَوضَةٌ مَحمودَةٌ

حَتّى تُناخَ بِأَحمَدَ المَحمودِ

بِمُعَرَّسِ العَرَبِ الَّذي وَجَدَت بِهِ

أَمنَ المَروعِ وَنَجدَةَ المَنجودِ

حَلَّت عُرا أَثقالِها وَهُمومَها

أَبناءُ إِسماعيلَ فيهِ وَهودِ

أَمَلٌ أَناخَ بِهِم وُفوداً فَاِغتَدَوا

مِن عِندِهُ وَهُمُ مُناخُ وُفودِ

بَدَأَ النَدى وَأَعادَهُ فيهِم وَكَم

مِن مُبدِئٍ لِلعُرفِ غَيرُ مُعيدِ

يا أَحمَدَ بنَ أَبي دُوادٍ حُطتَني

بِحِياطَتي وَلَدَدتَني بِلُدودي

وَمَنَحتَني وُدّاً حَمَيتُ ذِمارَهُ

وَذِمامَهُ مِن هِجرَةٍ وَصُدودِ

وَلَكَم عَدُوٍّ قالَ لي مُتَمَثِّلاً

كَم مِن وَدودٍ لَيسَ بِالمَودودِ

أَضجَت إِيادٌ في مَعَدٍّ كُلِّها

وَهُمُ إِيادُ بِنائِها المَمدودِ

تَنميكَ في قُلَلِ المَكارِمِ وَالعُلى

زُهرٌ لِزُهرِ أُبُوَّةٍ وَجُدودِ

إِن كُنتُمُ عادِيَّ ذاكَ النَبعِ إِن

نَسَبوا وَفَلقَةَ ذَلِكَ الجُلمودِ

وَشَرِكتُموهُم دونَنا فَلَأَنتُمُ

شُرَكاؤُنا مِن دونِهِم في الجودِ

كَعبٌ وَحاتَمٌ اللَذانِ تَقَسَّما

خُطَطَ العُلى مِن طارِفٍ وَتَليدِ

هَذا الَّذي خَلَفَ السَحابَ وَماتَ ذا

في المَجدِ ميتَةَ خِضرِمٍ صِنديدِ

إِلّا يَكُن فيها الشَهيدَ فَقَومُهُ

لا يَسمَحونَ بِهِ بِأَلفِ شَهيدِ

ما قاسَيا في المَجدِ إِلّا دونَ ما

قاسَيتَهُ في العَدلِ وَالتَوحيدِ

فَاِسمَع مَقالَةَ زائِرٍ لَم تَشتَبِه

آراؤُهُ عِندَ اِشتِباهِ البيدِ

يَستامُ بَعضَ القَولِ مِنكَ بِفِعلِهِ

كَمَلاً وَعَفوَ رِضاكَ بِالمَجهودِ

أَسرى طَريداً لِلحَياءِ مِنَ الَّتي

زَعَموا وَلَيسَ لِرَهبَةٍ بِطَريدِ

كُنتَ الرَبيعَ أَمامَهُ وَوَراءَهُ

قَمَرُ القَبائِلِ خالِدِ بنِ يَزيدِ

فَالغَيثُ مِن زُهرٍ سَحابَةُ رَأفَةٍ

وَالرُكنُ مِن شَيبانَ طَودُ حَديدِ

وَغَداً تَبَيَّنُ ما بَراءَةُ ساحَتي

لَو قَد نَفَضتَ تَهائِمي وَنُجودي

هَذا الوَليدُ رَأى التَثَبُّتَ بَعدَما

قالوا يَزيدُ بنُ المُهَلَّبِ مودِ

فَتَزَعزَعَ الزورُ المُؤَسَّسُ عِندَهُ

وَبِناءُ هَذا الإِفكِ غَيرُ مَشيدِ

وَتَمَكَّنَ اِبنُ أَبي سَعيدٍ مِن حِجا

مَلِكٍ بِشُكرِ بَني المُلوكِ سَعيدِ

ما خالِدٌ لي دونَ أَيّوبٍ وَلا

عَبدُ العَزيزِ وَلَستُ دونَ وَليدِ

نَفسي فِداؤُكَ أَيَّ بابٍ مُلِمَّةٍ

لَم يُرمَ فيهِ إِلَيكَ بِالإِقليدِ

لِمُقارِفِ البُهتانِ غَيرُ مُقارِفٍ

وَمِنَ البَعيدِ الرَهطِ غَيرُ بَعيدِ

لَمّا أَظَلَّتني غَمامُكَ أَصبَحَت

تِلكَ الشُهودُ عَلَيَّ وَهِيَ شُهودي

مِن بَعدِ أَن ظَنّوا بِأَن سَيَكونُ لي

يَومٌ بِبَغيِِهِم كَيَومِ عَبيدِ

أُمنِيَّةٌ ما صادَفوا شَيطانَها

فيها بِعِفريتٍ وَلا بِمَريدِ

نَزَعوا بِسَهمِ قَطيعَةٍ يَهفو بِهِ

ريشُ العُقوقِ فَكانَ غَيرَ سَديدِ

وَإِذا أَرادَ اللَهُ نَشرَ فَضيلَةٍ

طُوِيَت أَتاحَ لَها لِسانَ حَسودِ

لَولا اِشتِعالُ النارِ فيما جاوَرَت

ما كانَ يُعرَفُ طيبُ عَرفِ العودِ

لَولا التَخَوُّفَ لِلعَواقِبِ لَم تَزَل

لِلحاسِدِ النُعمى عَلى المَحسودِ

خُذها مُثَقَّفَةَ القَوافي رَبُّها

لِسَوابِغِ النَعماءِ غَيرُ كَنودِ

حَذّاءُ تَملَأُ كُلَّ أُذنٍ حِكمَةً

وَبَلاغَةً وَتُدَرُّ كُلَّ وَريدِ

كَالطَعنَةِ النَجلاءِ مِن يَدِ ثائِرٍ

بِأَخيهِ أَو كَالضَربَةِ الأُخدودِ

كَالدُرِّ وَالمَرجانِ أُلِّفَ نَظمُهُ

بِالشَذرِ في عُنُقِ الفَتاةِ الرودِ

كَشَقيقَةِ البُردِ المُنَمنَمِ وَشيُهُ

في أَرضِ مَهرَةَ أَو بِلادِ تَزيدِ

يُعطي بِها البُشرى الكَريمُ وَيَحتَبي

بِرِدائِها في المَحفَلِ المَشهودِ

بُشرى الغَنِيِّ أَبي البَناتِ تَتابَعَت

بُشَراؤُهُ بِالفارِسِ المَولودِ

كَرُقى الأَساوِدِ وَالأَراقِمِ طالَما

نَزَعَت حُماتَ سَخائِمٍ وَحُقودِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


لَولا التَخَوُّفَ لِلعَواقِبِ لَم تَزَل لِلحاسِدِ النُعمى عَلى المَحسودِ

هذا الكلام دعاءٌ لنفسه وعلهيم، على طريق التسلي وقلة الاحتفال، ولأن الحاسد يرفع الخامل من الفضل وينود به. فيقول: أدام الله لي ما أنا عليه من الفضل، ولهم ما هم عليه من الحسد، ومات أكثرنا لغيظه بما يجد. وقوله " ومات أكثرنا " الأكثر هم الحسدة، لأنه - وإن أدخل نفسه فيمن أضاف الأكثر إليه - واحدٌ. وقوله " بما يجد " حذف المفعول، والمعنى بما يجده في نفسه من الحسد، أو بما يجده من النعمة والفضل عند المحسود

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عمر محمد صبحي


معلومات عن أبو تمام

avatar

أبو تمام حساب موثق

العصر العباسي

poet-abu-tammam@

489

قصيدة

9

الاقتباسات

1445

متابعين

حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أبو تمام. الشاعر، الأديب. أحد أمراء البيان. ولد في جاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر، واستقدمه المعتصم إلى بغداد، فأجازه وقدمه على شعراء ...

المزيد عن أبو تمام

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة