الديوان » العصر الايوبي » ابن سناء الملك » ألا فانتبه من أفقها طلع الفجر

عدد الابيات : 56

طباعة

أَلاَ فَانْتبه من أُفْقِها طلعَ الفَجْرُ

وحاشاك نَمْ مِنْ وَجْهها ضَحِكَ الثَّغْرُ

هو الثَّغْرُ إِلاَّ أَنَّه الصبحُ طالِعاً

على أَنَّه الكَافُورُ لكنَّه الدُّرُ

إِذا ابْتَسمت لم تُبق للشَّمْسِ آيَةٍ

وتغتاظُ منها الشَّمْسُ إِذْ يَفْرحُ البدرُ

وما رضيَتْ سودَ الليالي ضفائراً

عليها ولا أَنَّ الهلالَ لها ظُفْر

ومحسودَةِ الأَنْفاسِ مغبوطةِ اللِّمى

فحاسدُ ذا مِسكٌ وغابِطُ ذَا خَمْرُ

وشاطِرةِ العينين شَاطَرتِ المَهَا

فكَان لها مِنْ فَتْرها الشَّطرُ والشَّطْرُ

وساحرةٍ صَانَتْ سُلافَةَ ثَغْرِها

بكأْسٍ به كَسْرٌ وهَذَا هُو السِّحْرُ

وشى المسْكُ إِذْ زَارت فلا كانت الظِّبَا

ونَمَّ عليها الحْليُ لاَ خُلِق التِّبرُ

قصيرةُ لحظِ الطَّرفِ من فَرْط عُجْبها

وأَمْضى السيوفِ الهندوانيةِ البُتْر

يعانقُ كفَّيها الخضابُ صبابةً

فلا رَاعَه ما رَاعَني وهْو الهَجْرُ

وقد وطئَتْه حين أَصْبحَ عاشِقاً

كأَنَّ عليها وطءَ عُشَّاقها نَذْرُ

فلا تُنكِروا مِنْها الخِضَابَ فإِنَّما

هي الغُصْنُ في أَطرافه الوَرَق الخضْر

وكَمْ سَائِلٍ قَدْ قَال هل هي روضةُ

فقلتُ وَعِقْدُ الدُّرِّ في جيدِها النَّهْرُ

ومِنْ يوم أَن أَبصرْتُها بُعِثَ الْهَوى

ومِنْ يوم أَنْ فَارقْتُها دُفِن الصَّبْرُ

عجبتُ لِسَعْي الدَّهْر بيني وبينَها

فلمَّا انْقَضى ما كان لم يَسْكُنِ الدَّهْرُ

وأَكثرُ هَوْني في هَواهَا وذِلَّتِي

سلوبه تيه وصبر به كبر

أمتعبة عيني بدقة خصرها

لأَتْعبَ عيني مِنْ تَأَمُّلِه الخصرُ

متى تَستريحُ العينُ مِنيِّ بنَظْرةٍ

إِلى الْوَصْل يُثْني لي بها عيشيَ النضرُ

فلا تَيأَسَنْ يا قلبُ أَنْ تبلغَ المنَى

ولا تعجَبنْ إِنْ قِيلَ قَد أَوْرَق الصَّخْرُ

نعم صَحَّ فأْلي قَدْ أَجَابت وأَنْعَمتْ

فلا لَوْعَتي سِرٌّ ولاَ دَمْعَتي جَهْرُ

هنيئاً لمصرٍ أَنَّها حلَّها النَّدى

وبُشرى لمصرٍ أَنَّها جَاءَها الْبَحرُ

هنيئاً لها أَنْ يَسَّر الله يُسرَها

فلا عسرَ إِلاَّ جاءَ مِن بَعْده يُسْرُ

لقد جاءَ مصراً نيلُها في أَوَانِه

فليستْ تُبالي ضنَّ أَمْ سَمَح الْقَطْرُ

وعادَ إِلى صَدْرِ الأَقاليمِ قَلْبُه

فعاشَ ولولاَ الْقَلْبُ لَمْ يُخْلق الصَّدْرُ

وسارَ إِليها مَنْ له البَأْسُ والنَّدَى

وصارَ إِليْها مَنْ بِه النَّفْع والضُرُّ

وزيرٌ ملوكُ الأَرضِ مِن وُزرائِه

يُصرِّفُهم مِن قوله النَّهيُ والأَمْرُ

يَريشونَ أَو يَبرون عند حُضُورِه

فإِنْ غَاب عنهم لم يريشُوا وَلَمْ يبْرُوا

أَبانوا برفْع الفاضلِ النَّدب فَضْلَهُم

وأَعْلَوا لَهُ قَدْراً فَصارَ لهم قدْرُ

وما فاتَه إِلا الجيوشُ يَجُرُّها

وقد جَرَّ منها ما يَضيقُ بِه البَرُّ

ولا فرقَ لولا اللَّونُ بين سِلاَحِهم

فآراؤُه بِيضٌ ورَاياتُهم صُفْرُ

وخاض بِهم في البَّر بحراً من الرَّدَى

طرائقُه سودٌ وأَمواجُه حُمْر

وجازَ طريقاً يرهَب النسرُ قَطْعَها

على أَنَّه نَسْرُ الكواكب لا النَّسرُ

ويطلعُ فيها الصُّبح والَّليلُ بَعْدَهُ

وفي قلبٍ ذا خوفٌ وفي صدرِ ذَا ذُعْرُ

تَهابُ الرِّياحُ الهوجُ مَسَّ تُرابِها

فما نَالَه ذُلُّ السِّباءِ وَلا الأَسْرُ

وجازَ وأَنْفُ الكفْرِ في التُّربِ رَاغمٌ

ومَا زَال مِن إِيمانِه يُرغَمُ الكُفْرُ

تحفُّ به من خلفِه وأَمامِه

مهنَّدةٌ بيضٌ وخطِّيةٌ سمرُ

فتحرسُه من جُنده البيض والقَنا

وتَحرسُها منه التِلاوَةُ والذِّكْرُ

وآبَ كَأَوْبِ النَّصْلِ للغمدِ سَالِماً

على أَنَّ ذاكَ النَّصْلَ مَا فاتَه النَّصرُ

فأَقربُ شيءٍ بعد رُؤيَته الغِنى

وأَبْعدُ شيءٍ بَعْد رُؤْيَتِه الفَقْرُ

وأَنهضُ شيءٍ من أَناملِه اللُّهى

وأَعجزُ شيءٍ عَنْ مدائِحه الفكرُ

فليسَ يُوفِّي كنهَه الوصفَ جَاهداً

وليس يُؤدّي حقَّ نعمته الشُّكرُ

ومن كان في الذكرِ الحكيمِ مَديحُه

فماذا يقولُ النَّظمُ فيه أَو النَّثرُ

إِذا قيل بيتٌ قد تَحلَّى بنَعْتِه

فما هو إِلاَّ مِنْ جَلالَتِه قَصْرُ

شريفُ المعالِي يَشْرُفُ المدحُ باسمِه

ويفخرُ في يومِ الفَخَار به الفَخْرُ

ولا عيبَ في إِنْعامِه غيرَ أَنَّه

يُعلَّم منه كيفَ يُستعبدُ الحُرُّ

جَرى النَّاسُ في آثارِه فتعثَّرُوا

ومِنْ قبلِهم ريحُ الجنائِب والقَطْرُ

وإنْ أَشبهوه خِلْقةً لا سجيَّة

فلا عجباً قد يشبه العسجدَ الصُّفْرُ

أَيا نعمةً من بعدِ أَنْ نالنا الأَذَى

ويا رحمةً من بعدِ أَنْ مَسَّنا الضُّرُّ

قدمتَ ربيعاً في ربيعٍ وفصلُنا

ربيعٌ فجاءَ النَّهر والشَّهرُ والزَّهْرُ

وذا السجعُ سجعٌ ليس في النثرِ مثلُه

وهذا جناسٌ ليس يُحسِنه الشِّعْرُ

أُعيد لمصرٍ حين عدتَ لها الهُدَى

ودفعُ الرَّدى والحلمُ والكرمُ والوِتر

على كَبِدي من قُربِك البردُ والنَّدى

كما كان فيها قبلَ رُؤْيتِك الجَمرُ

وإِني أَسرُّ العالمين لأَنَّنِي

تصوَّرْتُ حيّاً بعد أَنْ ضمَّني الْقبرُ

رفعتَ عِمادي في بِلادي وغيرِها

فقد صار لي صِيتٌ وقد صارَ لي ذكرُ

فأَدنيتَ آمالي على أَنَّها عُلاً

وأَكمدتَ أَعْدائِي عَلى أَنَّهم كُثْرُ

فدامَت لك النُّعمَى وذَلَّت لك العِدى

ودانَتْ لك الدُّنيا وطالَ لك العُمْر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن سناء الملك

avatar

ابن سناء الملك حساب موثق

العصر الايوبي

poet-ibn-sanaa-almalk@

414

قصيدة

6

الاقتباسات

81

متابعين

هبة الله بن جعفر بن سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله السعدي، أبو القاسم، القاضي السعيد. شاعر، من النبلاء. مصري المولد والوفاة. كان وافر الفضل، رحب النادي، ...

المزيد عن ابن سناء الملك

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة