الديوان » العصر العباسي » الشريف الرضي » لغير العلى مني القلى والتجنب

عدد الابيات : 72

طباعة

لِغَيرِ العُلى مِنّي القِلى وَالتَجَنُّبُ

وَلَولا العُلى ما كُنتُ في الحُبِّ أَرغَبُ

إِذا اللَهُ لَم يَعذُركَ فيما تَرومُهُ

فَما الناسُ إِلّا عاذِلٌ أَو مُؤَنِّبُ

مَلَكتُ بِحِلمي فُرصَةً ما اِستَرَقَّها

مِنَ الدَهرِ مَفتولُ الذِراعَينِ أَغلَبُ

فَإِن تَكُ سِنّي ما تَطاوَلَ باعُها

فَلي مِن وَراءِ المَجدِ قَلبٌ مُدَرَّبُ

فَحَسبِيَ أَنّي في الأَعادي مُبَغَّضٌ

وَأَنّي إِلى غُرِّ المَعالي مُحَبَّبُ

وَلِلحِلمِ أَوقاتٌ وَلِلجَهلِ مِثلُها

وَلَكِنَّ أَوقاتي إِلى الحِلمِ أَقرَبُ

يَصولُ عَلَيَّ الجاهِلونَ وَأَعتَلي

وَيُعجِمُ فيَّ القائِلونَ وَأُعرِبُ

يَرَونَ اِحتِمالي غَصَّةً وَيَزيدُهُم

لَواعِجَ ضَغنٍ أَنَّني لَستُ أَغضَبُ

وَأُعرِضُ عَن كَأسِ النَديمِ كَأَنَّها

وَميضُ غَمامٍ غائِرُ المُزنِ خُلَّبُ

وَقورٌ فَلا الأَلحانُ تَأسِرُ عَزمَتي

وَلا تَمكُرُ الصَهباءُ بي حينَ أَشرَبُ

وَلا أَعرِفُ الفَحشاءَ إِلّا بِوَصفِها

وَلا أَنطِقُ العَوراءَ وَالقَلبُ مُغضَبُ

تَحَلَّمُ عَن كَرِّ القَوارِضِ شيمَتي

كَأَنَّ مُعيدَ المَدحِ بِالذَمِّ مُطنِبِ

لِساني حَصاةٌ يَقرَعُ الجَهلَ بِالحِجى

إِذا نالَ مِنّي العاضِهُ المُتَوَثِّبِ

وَلَستُ بِراضٍ أَن تَمَسَّ عَزائِمي

فُضالاتِ ما يُعطي الزَمانُ وَيَسلُبُ

غَرائِبُ آدابٍ حَباني بِحِفظِها

زَماني وَصَرفُ الدَهرِ نِعمَ المُؤَدِّبِ

تُرَيِّشُنا الأَيّامُ ثُمَّ تَهيضُنا

أَلا نِعمَ ذا البادي وَبِئسَ المُعَقِّبُ

نَهَيتُكَ عَن طَبعِ اللِئامِ فَإِنَّني

أَرى البُخلَ يَأتي وَالمَكارِمَ تُطلَبُ

تَعَلَم فَإِنَّ الجودَ في الناسِ فِطنَةٌ

تَناقَلَها الأَحرارُ وَالطَبعُ أَغلَبُ

تُضافِرُني فيكَ الصَوارِمُ وَالقَنا

وَيَصحَبُني مِنكَ العُذَيقُ المُرَجَّبُ

نَصَحتُ وَبَعضُ النُصحِ في الناسِ هُجنَةٌ

وَبَعضُ التَناجي بِالعِتابِ تَعَتُّبُ

فَإِن أَنتَ لَم تُعطِ النَصيحَةَ حَقَّها

فَرُبَّ جَموحٍ كَلَّ عَنهُ المُؤَنِّبُ

سَقى اللَهُ أَرضاً جاوَرَ القَطرُ رَوضَها

إِذِ المُزنُ تَسقي وَالأَباطِحُ تَشرَبُ

ذَكَرتُ بِها عَصرَ الشَبابِ فَحَسرَةً

أَفَدتُ وَقَد فاتَ الَّذي كُنتُ أَطلُبُ

سَكَنتُكِ وَالأَيّامُ بيضٌ كَأَنَّها

مِنَ الطيبِ في أَثوابِنا تَتَقَلَّبُ

وَيُعجِبُني مِنكَ النَسيمُ إِذا هَفا

أَلا كُلَّ ما سَرى عَنِ القَلبِ مُعجِبُ

وَفي الوَطَنِ المَألوفِ لِلنَفسِ لَذَّةٌ

وَإِن لَم يُنِلنا العِزَّ إِلّا التَقَلُّبُ

وَبَرقٍ رَقيقِ الطُرَّتَينِ لَحَظتُهُ

إِذِ الجَوُّ خَوّارُ المَصابيحِ أَكهَبُ

فَمَرَّ كَما مَرَّت ذَوائِبُ عُشوَةٍ

تُقادُ بِأَطرافِ الرِماحِ وَتُجنَبُ

نَظَرتُ وَأَلحاظُ النُجومِ كَليلَةٌ

وَهَيهاتَ دونَ البَرقِ شَأوٌ مُغَرِّبُ

فَما اللَيلُ إِلّا فَحمَةٌ مُستَشَفَّةٌ

وَما البَرقُ إِلّا جَمرَةٌ تَتَلَهَّبُ

أَمِن بَعدِ أَن أَجلَلتَها وَرَقَ الدُجى

سِراعاً وَأَغصانُ الأَزِمَّةِ تُجذَبُ

وَعُدنا بِها مَمغوطَةً بِنُسوعِها

كَما صافَحَ الأَرضَ السَراءُ المُعَبِّبُ

كَأَنَّ تَراجيعَ الحُداةِ وَراءَها

صَفيرٌ تَعاطاهُ اليَراعُ المُثَقَّبُ

وَرَدنَ بِها ماءَ الظَلامِ سَواغِباً

وَلِلَّيلِ جَوٌّ بِالدَرارِيِّ مُعشِبُ

تُنَفِّرُ ذَودَ الطَيرِ عَن وَكَراتِها

فَكُلٌّ إِذا لاقَيتَهُ مُتَغَرِّبُ

وَتَلتَذُّ رَشفَ الماءِ رَنقاً كَأَنَّهُ

مَعَ العِزِّ ثَغرٌ بارِدُ الظَلمِ أَشنَبُ

أَذَعنا لَهُ سِرَّ الكَرى مِن عُيونِنا

وَسِرُّ العُلى بَينَ الجَوانِحِ يُحجَبُ

حَرامٌ عَلى المَجدِ اِبتِسامي لِقُربِهِ

وَما هَزَّني فيهِ العَناءُ المُقَطِّبُ

تَهُرُّ ظُنوني في المَآرِبِ إِربَةٌ

وَيَجنُبُ عَزمي في المَطالِبِ مَطلَبُ

وَدَهماءَ مِن لَيلِ التَمامِ قَطَعتُها

أُغَنّي حِداءً وَالمَراسيلُ تَطرَبُ

وَلَو شِئتُ غَنَّتني الحَمامُ عَشيَّةً

وَلَكِنَّني مِن ماءِ عَينَيَّ أَشرَبُ

أَقولُ إِذا خاضَ السَميرانِ في الدُجى

أَحاديثَ تَبدو طالِعاتٍ وَتَغرُبُ

أَلا غَنِّياني بِالحَديثِ فَإِنَّني

رَأَيتُ أَلَذَّ القَولِ ما كانَ يُطرِبُ

غِناءً إِذا خاضَ المَسامِعَ لَم يَكُن

أَميناً عَلى جِلبابِهِ المُتَجَلبِبُ

وَنَشوانَ مِن خَمرِ النُعاسِ ذَعَرتُهُ

وَطَيفُ الكَرى في العَينِ يَطفو وَيَرسُبُ

لَهُ مُقلَةٌ يَستَنزِلُ النَومَ جَفنُها

إِلَيهِ كَما اِستَرخى عَلى النَجمِ هَيدَبُ

سَلَكتُ فِجاجَ الأَرضِ غُفلاً وَمَعلَماً

تَجِدُّ بِها أَيدي المَطايا وَتَلعَبُ

وَما شَهوَتي لَومَ الرَفيقِ وَإِنَّما

كَما يَلتَقي في السَيرِ ظِلفٌ وَمِخلَبُ

عَجِبتُ لِغَيري كَيفَ سايَرَ نَجمَها

وَسَيرِيَ فيها يَا اِبنَةَ القَومِ أَعجَبُ

أَسيرُ وَسَرجي بِالنِجادِ مُقَلَّدٌ

وَأَثوي وَبَيتي بِالعَوالي مُطَنَّبُ

وَمَصقولَةِ الأَعطافِ في جَنَباتِها

مِراحٌ لِأَطرافِ العَوالي وَمَلعَبُ

تَجُرُّ عَلى مَتنِ الطَريقِ عَجاجَةً

يُطارِحُها قَرنٌ مِنَ الشَمسِ أَعضَبُ

نَهارٌ بِلَألاءِ السُيوفِ مُفَضَّضٌ

وَجَوٌّ بِحَمراءِ الأَنابيبِ مُذهَبُ

تَرى اليَومَ مُحمَرَّ الخَوافي كَأَنَّما

عَلى الجَوِّ غَربٌ مِن دَمٍ يَتَصَبَّبُ

صَدَمنا بِها الأَعداءَ وَاللَيلُ ضارِبٌ

بِأَرواقِهِ جَونُ المِلاطَينِ أَخطَبُ

أَخَذنا عَلَيهِم بِالصَوارِمِ وَالقَنا

وَراعي نُجومِ اللَيلِ حَيرانُ مُغرِبُ

فَلَو كانَ أَمراً ثابِتاً عَقَلوا لَهُ

وَلَكِنَّهُ الأَمرُ الَّذي لا يُجَرَّبُ

يُراعونَ إِسفارَ الصَباحِ وَإِنَّما

وَراءَ لِثامِ اللَيلِ يَومٌ عَصَبصَبُ

وَكُلُّ ثَقيلِ الصَدرِ مِن جَلَبِ القَنا

خَفيفِ الشَوى وَالمَوتُ عَجلانُ مُقرِبُ

يَجُمُّ إِذا ما اِستَرعَفَ الكَرُّ جُهدَهُ

كَما جَمَّتِ الغُدرانُ وَالماءُ يَنضُبُ

وَما الخَيلُ إِلّا كَالقِداحِ نُجيلُها

لِغُنمٍ فَإِمّا فائِزٌ أَو مُخَيَّبُ

دَعوا شَرَفَ الأَحسابِ يا آلَ ظالِمٍ

فَلا الماءُ مَورودٌ وَلا التُربُ طَيِّبُ

لَئِن كُنتُمُ في آلِ فِهرٍ كَواكِباً

إِذا غاضَ مِنها كَوكَبٌ فاضَ كَوكَبُ

فَنَعتي كَنَعتِ البَدرِ يُنسَبُ بَينَكُم

جَهاراً وَما كُلُّ الكَواكِبِ تُنسَبُ

صَحِبتُم خِضابَ الزاعِبيّاتِ ناصِلاً

وَمِن عَلَقِ الأَقرانِ ما لا يُخَضِّبُ

أُهَذِّبُ في مَدحِ اللِئامِ خَواطِري

فَأَصدُقُ في حُسنِ المَعاني وَأَكذِبُ

وَما المَدحُ إِلّا في النَبيِّ وَآلِهِ

يُرامُ وَبَعضُ القَولِ ما يُتَجَنَّبُ

وَأَولى بِمَدحي مَن أُعِزُّ بِفَخرِهِ

وَلا يَشكُرُ النَعماءَ إِلّا المُهَذَّبُ

أَرى الشِعرَ فيهِم باقِياً وَكَأَنَّما

تُحَلِّقُ بِالأَشعارِ عَنقاءُ مُغرِبُ

وَقالوا عَجيبٌ عُجبُ مِثلي بِنَفسِهِ

وَأَينَ عَلى الأَيّامِ مِثلُ أَبي أَبُ

لَعَمرُكَ ما أُعجِبتُ إِلّا بِمَدحِهِم

وَيُحسَبُ أَنّي بِالقَصائِدِ مُعجَبُ

أَعِدُّ لِفَخري في المَقامِ مُحَمَّداً

وَأَدعو عَليّاً لِلعُلى حينَ أَركَبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف الرضي

avatar

الشريف الرضي حساب موثق

العصر العباسي

poet-alsharif-alradi@

679

قصيدة

7

الاقتباسات

703

متابعين

محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن الرضي العلوي الحسيني الموسوي. أشعر الطالبيين، على كثرة المجيدين فيهم. مولده ووفاته في بغداد. انتهت إليه نقابة الأشراف في حياة والده. وخلع عليه بالسواد، ...

المزيد عن الشريف الرضي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة