الديوان » العصر الأندلسي » ابن حمديس » ما للوشاة غدوا علي وراحوا

عدد الابيات : 56

طباعة

ما للوشاةِ غَدَوا عليّ وراحوا

أعليّ في حُبِّ الحسانِ جُنَاحُ

وبمهجتي عُرُبٌ كأنّ قدودها

قُضُبٌ تقومُ بميلهنّ رياحُ

مهتزَّةٌ بقواتلِ الثَّمَرِ التي

أسماؤها الرُّمَّانُ والتُّفَّاحُ

غيدٌ زَرَيْنَ على القطا في مشيها

فلهنّ ساحاتُ القلوب بطاح

من كلّ مُصْبِيَةٍ بِضِدّيْ حسنها

فالفَرْعُ ليلٌ والجبينُ صباحُ

تفتَرّ عن بَرَدٍ فراشفُ دُرِّهِ

يَحلو له شَهْدٌ وتُسْكِرُ راحُ

لا تقتبسْ من نور وجنتها سناً

إنّ الفراشةَ حَتفُها المصباحُ

نُجْلُ العيونِ جراحها نُجْلٌ أما

تصفُ الأسنّةَ في الطعين جراحُ

يا وَيْحَ قتلى العاشقين وإنْ هُمُ

شهدوا حروباً ما لهنّ جراحُ

أوَ ما علمتَ بأنّ فُتّاكَ الهوى

حُورٌ تكافحُ بالعيون مِلاحُ

من كلّ خودٍ كالغزالةِ قِرْنُها

أسَدٌ أُذِلّ وإنّها لَرَداحُ

فالرّمحُ قدٌّ والخداعُ تَدَلّلٌ

والسيفُ لحظ والنجادُ وشاحُ

ودماءُ أهل العشق في وجَنَاتها

فكأنّ قتلاهم عليها طاحوا

وسبيَّةٍ بصوارمٍ من عسجدٍ

قد صافَحَتْ منها العلوجَ صفاحُ

حمراءَ يُسْلي شربُها وبشربها

تُنْسَى الهموم وتُذْكَرُ الأفراحُ

رَجَحَتْ يدي منها بحَمْلِ زجاجةٍ

خَفّتْ بها خَودٌ إِليّ رَجَاحُ

وكأنّ للياقوتِ ماءً مزبداً

فالدرُّ فيه بكأسها سَبّاحُ

ومجوَّفٌ لم تُحْنَ أضلُعُهُ على

قلبٍ وقلبُك نحوه مُرْتاحُ

نَبَضَتْ دقاقُ عروقهِ فكأَنَّها

في النّقْرِ ألْسِنَةٌ عليه فصاحُ

مَسّتْهُ للإصلاحِ أنمُلُ قَيْنَةٍ

فقضى بإفسادٍ له إصلاحُ

وَفَدَ السرورُ على النفوس بشَدْوها

وتمايلتْ طَرَباً بنا الأقداحُ

وكأنّما ذِكْرُ ابن يحيى بيننا

مِسْكٌ تَضَوّعَ عَرْفُهُ النفّاحُ

مَلِكٌ رَعَى الدنْيا رعايةَ حازمٍ

وأظلّ دينَ اللَّه منه جَناحُ

متأصّلٌ في الملك ذو فخر له

حسَبٌ زكا في الأكرمين صراحُ

وَسِعَ البسيطةَ عَدْلُهُ وتضاعفَتْ

عَن طولهِ الآمالُ وهي فساحُ

ذو همّةٍ عُلْوِيّةٍ عَلَوِيّةٍ

فَلها على هممِ الملوكِ طماحُ

وإشارة باللحظ يخدم أمْرَهَا

زمنٌ له سلم به وكفاحُ

يَقِظٌ إذا التبستْ أمورُ زمانه

فلرأيه في لَبْسها إيضاحُ

فكأنّما يبدو له متبرّجاً

ما يحجب الإمساءُ والإصباحُ

راضَ الزمانَ فلم يزلْ منه أخا

ذُلٍّ وقدماً كان فيه جماحُ

ورَمَى العدى بضراغمٍ أظفارُهَا

ونيوبُها الأسيافُ والأرماحُ

نَصَحتْ له الدنْيا فلا غشٌّ لها

وسَخَتْ به الأيّامُ وهيَ شحاحُ

من ذا يجاودُ منه كفّاً كفُّهُ

والبحر في معروفِهِ ضَحضاحُ

زهد الغناةُ من الغنى في جودِهِ

ولراحتَيه بِبَذله إِلحاحُ

كم قيل بَرّحَ في العطاءِ بمالِهِ

فأجَبْتُ هل للطبعِ عَنهُ بَرَاحُ

ذِمْرٌ تروحُ شموسُه وبدورُهُ

وبروجُها من معتَفيهِ الراحُ

وإِذا بَنو الآمالِ أَخْسرَ وُسْعُهُمْ

أَضحى لهُمْ في القَصدِ مِنهُ جناحُ

ولَئِن مَحا الإعدامَ صَوْبُ يمينهِ

فالجدبُ يمحوه الحيا السيّاحُ

شَهْمٌ إذا ما الحربُ أضحَت حائلاً

أَمسى لها بذُكورهِ إِلقاحُ

تطوى على سُودِ الحتوفِ بِعَزْمِهِ

ملمومةٌ ملءُ الفضاءِ رِداحُ

أَفلا تُبيدُ مِنَ العِدى أَرواحَهُمْ

ولها غُدُوٌّ نَحْوَهُمْ ورواحُ

متناوِلٌ قُمُحَ الكماة بأسمرٍ

لِدَمِ الأُسود سنانُه سَفّاحُ

وكأنّ طعنته وِجَارٌ واسِعٌ

فلثعلبِ الخطِّيِّ فيه ضُبَاحُ

وكأنّما حَبّ القلوب لرُمحِهِ

جِزْعٌ يُنَظَّمُ فيه وهو نِصَاحُ

في مأزقٍ ضنكٍ سماءُ عَجاجِهِ

تعلو وأرضُ حِمامِهِ تَنْداحُ

أنتم منَ الأَملاكِ أرواحُ العُلى

شَرَفاً وغيركُمُ لها أشباحُ

هذا عليٌّ وهو بَدْرُ مهابةٍ

كَلِفٌ به بصرُ العُلى اللمَّاحُ

هذا الّذي نَصَرَ الهدى بِسيوفِهِ

ورماحِهِ فَحِماهُ ليسَ يُباحُ

هذا الَّذي فازتْ بما فوْقَ المنى

من جوده للمعتَفينَ قِداحُ

مَنْ حُبّهُ النهجُ القويمُ إلى الهدى

فصلاحُ مبغِضِهِ الشقِيِّ صلاحُ

من صَوْنُهُ قُفْلٌ لكلّ مدينةٍ

فإذا عَصَتْهُ فسَيفهُ المِفتاحُ

يا صارمَ الدِّين الّذي في حَدّهِ

مَوْتٌ يُبيد به عِداه ذُباحُ

طَوَّقْتَني مِنَناً فَرُحْتُ كأنَّني

بالمَدْح قُمْريٌّ له إفصاحُ

وسَقَيتَني من صَوْبِ مزنك فوْق ما

يَرْوَى به قلبُ الثرى الملتاحُ

ففداك مَنْ للمالِ أسْرٌ عنده

إذْ لم يزَلْ للمال منك سراحُ

وبقيتَ للأعياد عيداً مبهجاً

ما لاجَ في الليل البهيم صَبَاحُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حمديس

avatar

ابن حمديس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-ibn-hamdis@

366

قصيدة

1

الاقتباسات

145

متابعين

عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي، أبو محمد. شاعر مبدع. ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد، فأجزل له ...

المزيد عن ابن حمديس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة