الديوان » العصر الايوبي » سبط ابن التعاويذي » عصر الشباب تصرمت أوقاته

عدد الابيات : 92

طباعة

عَصرُ الشَبابِ تَصَرَّمَت أَوقاتُهُ

وَتَبَسَّمَت عَن فَجرِها لَيلاتُهُ

أَورى بِجِدَّتِهِ المَشيبُ فَأَخلَقَت

أَثوابُهُ وَاِستُرجِعَت عاراتُهُ

كانَ الشَفيعَ إِلى الحِسانِ فَمُذ مَضى

أَمسَت تُعَدُّ مَساوِياً حَسَناتُهُ

وَالشَيبُ لا يُغضى لَهُ عَن هَفوَةٍ

وَأَخو الصِبى مَغفورَةٌ زَلّاتُهُ

وَلَقَد عَلَوتُ سَراةَ أَشهَبَ تُجتَوى

وَتُعافُ عِندَ الغانِياتِ شِياتُهُ

وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّهُنَّ أَخَذنَني

بِذُنوبِهِ ظُلماً وَهُنَّ جُناتُهُ

لا يَبعَدَن زَمَنُ الشَبيبَةِ وَالهَوى

مِن ذاهِبٍ بَقِيَت لَنا تَبِعاتُهُ

زَمَنٌ خَلَت أَيّامُهُ وَعُهودُهُ

وَتَنَكَّرَت أَترابُهُ وَلِداتُهُ

وَأَغَنَّ مَجدولِ القَوامِ يَهُزُّهُ

سَكَرُ الصِبى وَتُميلُهُ نَشَواتُهُ

مِن دونِ مَنهَلِ ثَغرِهِ مَطرورَةٌ

مِن طَرفِهِ تُحمى بِها رَشَفاتُهُ

يَلوي مَواعيدَ الوِصالِ فَما لَهُ

صَحَّت وَقَد وَعَدَ الجَفاءَ عِداتُهُ

إِن أَنكَرَت أَجفانُهُ يَومَ النَوى

قَتلي فَقَد شَهِدَت بِهِ وَجَناتُهُ

قالوا غَزالُ نَقاً وَخوطُ أَراكَةٍ

ظَلَموهُ أَينَ صِفاتُها وَصِفاتُهُ

هَل لِلغَزالِ إِذا رَنا أَلحاظُهُ

أَو لِلقَضيبِ إِذا اِنثَنى خَطَراتُهُ

عاطَيتُهُ كَرُضابِهِ مَشمولَةً

طافَت عَليَّ بِمِثلِها لَحَظاتُهُ

في لَيلَةٍ أَذكَت عُيونَ نُجونِها

فَكَأَنَّها رُقَباؤُهُ وَوَشاتُهُ

حَتّى إِذا اِبتَسَمَ الصَباحُ وَدَوَّمَت

مِن حَولِ غِربانِ الظَلامِ بُزاتُهُ

وَدَعَت بِحَيَّ عَلى الفَلاحِ فَخِلتُها

تَدعو لِحَيَّ عَلى الفِراقِ دُعاتُهُ

قَبَّلتُ مَبسِمَهُ بِدَمعي فَاِلتَقى

عِندَ الوَداعِ أُجاجُهُ وَفُراتُهُ

إِن أَرقَصَ البَينُ المُشِتُّ رِكابَ مَن

أَهوى وَغَنَّت لِلفِراقِ حُداتُهُ

فَلَيَسقِيَنَّ الرَبعَ سَحُّ مَدامِعي

حَتّى تَغُصَّ بِمائِها عَرَصاتُهُ

يا مَوقِفاً بِالبانِ لَم تُثمِر لَنا

غَيرَ الصَبابَةِ وَالأَسى شَجَراتُهُ

لَمّا وَقَفناهُ نُطارِحُ سُمرَهُ

بَثَّ الجَوى وَتُظِلُّنا سَمُراتُهُ

فَتَبَيَّنا لي رَسمَ دارٍ ما عَفا

وَجدي عَليهِ وَقَد عَفَت آياتُهُ

هَل نُفِّرَت لا نُفِّرَت غِزلانُهُ

أَو صَوَّحَت لا صَوَّحَت باناتُهُ

عَهدي بِهِ يَلوي الدُيونَ قُضاتُهُ

وَتَصيدُ أَلبابَ الرِجالِ مَهاتُهُ

فَاليَومَ لا جيرانُهُ جيرانُه

قِدماً وَلا فَتَياتُهُ فَتَياتُهُ

ياحادِيَ الأَظعانِ في آثارِكُم

قَلبٌ تُقَطِّعُهُ جَوىً حَسَراتُهُ

وَلَقَد يُرى بيتُ الحَصاةِ فَما لَهُ

أَمسَت تَذوبُ عَلى البِعادِ حَصاتُهُ

وَمُتَيَّمٍ كَتَمَ الهَوى عَن صَحبِهِ

فَوَشَت بِسِرِّ ضُلوعِهِ زَفَراتُهُ

صَبٌّ إِذا ذُكِرَ الفِراقُ تَصاعَدَت

أَنفاسُهُ وَتَحادَرَت عَبَراتُهُ

وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ أَنوابَ الصِبى

بَلِيَت فَزادَت جِدَّةً صَبَواتُهُ

وَلَقَد أَعادَ لَهُ الشَبابَ قَشيبَةً

أَبرادُهُ مَوشيَّةً حَبِراتُهُ

بَذلُ الخَليفَةِ لِلنَوالِ وَعَطفُهُ

وَحُنُوُهُ مُتَتابِعاً وَصِلاتُهُ

فَسَلا وَلَولا ما تَغَمَّدَهُ بِهِ

مِن رَأفَةٍ لَتَعَذَّرَت مَسلاتُهُ

وَإِقالَةٍ عَثَراتِ دَهرٍ لَم تَكُن

لِتُقالَ إِلّا عِندَهُ عَثَراتُهُ

فَكَأَنَّما عادَت لَهُ مُبيَضَّةً

أَيّامَهُ مُسوَدَّةً شَعَراتُهُ

بِيَدي أَبي العَباسِ أَورَقَ عودُهُ

فَحَلا جَناهُ وَأَينَعَت ثَمَراتُهُ

الناصِرِ اِبنِ المُستَضيءِ وَمَن بِهِ

بُعِثَ السَماحُ وَأُنشِرَت أَمواتُهُ

طَلقُ المُحَيّا ما أَماطَ لِثامَهُ

في مَأزِقٍ إِلّا اِنجَلَت هَبَواتُهُ

مُرَدي الكُماةِ وَعاقِرُ الكَوماءِ ما

تَنفَكُّ تَقطُرُ مِن دَمٍ شَفَراتُهُ

مَلِكٌ تُذِلُّ الأُسدَ في غاباتِها

وَالبيضَ في أَغمادِها سَطواتُهُ

أَلِفَت صَواهِلُهُ القَنا فَكَأَنَّما

نَبَتَت عَلى أَعرافِها أَسلاتُهُ

أَسَدٌ إِذا بَعُدَت عَليهِ فَريسَةٌ

ضَمِنَت لَهُ إِدنائَها وَثَباتُهُ

وَإِذا شَكَت قَصراً مُتونُ سُيوفِهِ

كَفِلَت بِأَن سَتُطيلُها خَطَواتُهُ

مَحمودَةٌ يَومَ النَدى آثارُهُ

مَعروفَةٌ يَومَ الوَغى كَرّاتُهُ

يَرعى المَمالِكَ مِنهُ قَلبٌ أَصمَعٌ

تُمسي مُوَكَّلَةً بِها عَزَماتُهُ

فَلِمُلكِهِ رَأدَ الضُحى تَثقيفُهُ

وَلِرَبِّهِ جُنحَ الدُجى إِخباتُهُ

عَزَماتُ رَأيٍ لا يَفُلُّ صَوابُهُ

وَغِرارُ بَأسٍ لا تُفَلُّ شَباتُهُ

فاتَ العَواصِفَ في السَخاءِ هُبوبُهُ

وَشَأى الرَواسي في النَديِّ ثَباتُهُ

لِإِبنِ السَبيلِ عَطاؤُهُ وَحَباؤُهُ

وَلِذي الإِساءَةِ حِلمُهُ وَأَناتُهُ

وَإِذا جَفا الغَيثُ البِلادَ فَأَمسَكَت

أَن تَستَهِلَّ عَلى الثَرى قَطَراتُهُ

رَمَقَ السَماءَ بِطَرفِهِ فَتَبَجَّسَت

أَنوارُهُ وَتَنَزَّلَت بَرَكاتُهُ

فَاِستَدفِعوا ما رابَكُم بِدُعائِهِ

إِنَّ الإِمامَ مُجابَةٌ دَعَواتُهُ

فَثِقوا بِنِيَّةِ عَدلِهِ فَصَلاحُكُم

يَبدو إِذا صَلُحَت لَكُم نِيّاتُهُ

أَوضَحتُمُ ياءالَ عَباسٍ لَنا

نَهجَ الهُدى حَتّى اِنجَلَت شَبَهاتُهُ

أَيَّدتُمُ الدينَ الحَنيفِ فَأَصبَحَت

مَجموعَةً لِسُيوفِكُم أَشتاتُهُ

أَعزَزتُموهُ فَما يَلينُ قَتادُهُ

وَدَعَمتُموهُ فَما تَلينُ قَناتُهُ

رُفِعَت بِبيضِ نِصالِكُم أَعوادُهُ

وَتَحَصَّنَت بِأُسودِكُم غاباتُهُ

أَو يَطمَعُ الأَعداءُ فيهِ وَأَنتُم

أَبطالُهُ وَلُيوثُهُ وَكُماتُهُ

فَالحَقُّ مُشرِقَةٌ بِهِم أَنوارُهُ

وَالمُلكُ مُشرِفَةٌ بِكُم هَضَباتُهُ

أَلقى الزَمانُ إِلَيكُمُ بِعِنانِهِ

فَغَدَت مُذَلَّلَةً لَكُم صَهَواتُهُ

وَمَلَكتُموهُ فَأَصبَحَت مَوسومَةً

بِجَميلِ آثارٍ لَكُم جَبَهاتُهُ

أَردَيتُمُ كِسرى وَتُبَّعَ حِميَرٍ

وَالمُلكُ مَعصوبٌ بِكُم خَرزاتُهُ

وَكَفاكُمُ شَرَفاً وَمُعجِزَةً

تَضاؤُلُهُ لَكُم حَتّى هَوَت شُرُفاتُهُ

وَالمَسجِدُ البيتُ الحَرامِ فَأَنتُمُ

جيرانُهُ وَقَديمُكُم ساداتُهُ

طَفتُم بِهِ فَمَسَحتُمُ أَركانَهُ

وَحَطيمَهُ فَتَأَكَّدَت حُرَماتُهُ

وَبِكُم سَقى اللَهُ البِلادَ وَأَنتُمُ

أُمَناؤُهُ في خَلقِهِ وَثِقاتُهُ

وَعَلَيكُمُ نَزَلَ الكِتابُ مَثانِياً

وَبِفَضلِكُم نَطَقَت لَنا آياتُهُ

أَيَضِلُّ أَو يَصلى لَظىً مَن أَنتُمُ

شَفُعاؤُهُ وَإِلى الصِراطِ هُداتُهُ

وَاللَهِ لا وَرَدَ القِيامَةَ ظامِياً

مَن أَنتُمُ آلَ النَبِيِّ سُقاتُهُ

كَلّا وَلا خابَ اِمرُؤٌ وَالاكُمُ

في كَفَّتَي ميزانِهِ حَسَناتُهُ

فَليَنصُرَنَّ اللَهُ ديناً أَنتُمُ

أَنصارُهُ مِن دونِهِ وَحُماتُهُ

وَليَطوِيَنَّ الأَرضُ مِن أَقطارِها

وَلِواكُمُ مَنشورَةٌ حَذَباتُهُ

فَأَصِخ أَميرَ المُؤمِنينَ لِشاعِرٍ

سارَت بِمَدحِكَ في البِلادِ رُواتُهُ

عَهدٌ لَكُم تَقريظُهُ وَثَناؤُهُ

وَعَلَيكُمُ تَسليمُهُ وَصَلاتُهُ

وَإِلَيكَ مَدحاً عَزَّ مَطلَبُهُ وَلي

في الناسِ وَحدي ذُلِّلَت كَلِماتُهُ

مَدحاً لَكُم خيطَت مَلابِسُهُه فَما

يَعتامُ غَيرَ بِيوتِكُم أَبياتُهُ

آلَيتُ لا اِمتَدَّت يَدي إِلّا إِلى

مَن تَملَأُ الأَرضَ الفَضاءَ هِباتُهُ

لا أَعتَفي غَيرَ الخَليفَةِ طالِباً

رِفداً كَفاني بِرُّهُ وَصِلاتُهُ

هُوَ خَيرُ مَن وَطَأَ الثَرى وَأَعَزُّهُم

جاراً فَخَيرُ المُعتَفينَ عُفاتُهُ

ما لي وَمَدحَ مُبَخَّلٍ مُغبَرَّةٍ

أَكنافُهُ مُحمَرَّةٍ سَنَواتُهُ

مُتَجَهِّمٍ أَصفَت مَكارِمُهُ فَما

تَندى عَلى طولِ السُؤالِ صَفاتُهُ

فَلَأَصرِ فَنَّ الشِعرَ إِلّا عَن فَتىً

كَالسَيفِ تَلمَعُ بِالضُحى جَفَناتُهُ

هِيَ بِنتُ فِكري وَالكَريمُ يَغارُ أَن

تُهدى إِلى غَيرِ الكَريمِ بَناتُهُ

فَاِسلَم لِمَوتورٍ أَبَت أَن تُقتَضى

عِندَ الزَمانِ دُيونُهُ وَتِراتِهِ

ضاقَت مَذاهِبُهُ وَقورِبَ خَطوُهُ

فَكَأَنَّما سُدَّت عَلَيهِ جِهاتُهُ

يُمسي حَبيساً في قَرارَةِ مَنزِلٍ

سِيّانِ مَحياهُ بِهِ وَمَماتُهُ

وَهُناكَ مُلكٌ لا يَرِثُّ جَديدُهُ

مُمتَدَّةٌ لا تُنتَهى غاياتُهُ

مَنصوبَةٌ أَعلامُهُ مَحفوضَةٌ

أَعداؤُهُ مَرفوعَةٌ راياتُهُ

وَأَطاعَكَ الفَلَكُ المُدارولا جَرَت

إِلّا بِما تَختاتُهُ حَرَكاتُهُ

وَتَمَلَّهُ عيداً مُبارَكَةً

عَشاياهُ عَلَيكَ سَعيدَةً غَدَواتُهُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سبط ابن التعاويذي

avatar

سبط ابن التعاويذي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-sibt-ibn-altaawithy@

332

قصيدة

1

الاقتباسات

23

متابعين

محمد بن عبيد الله بن عبد الله، أبو الفتح، المعروف بابن التعاويذي، أو سبط ابن التعاويذي. شاعر العراق في عصره. من أهل بغداد، مولده ووفاته فيها. ولي بها الكتابة في ديوان ...

المزيد عن سبط ابن التعاويذي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة