الديوان » العصر العثماني » ابن معصوم » سل البان عنهم أين بانوا ويمموا

عدد الابيات : 80

طباعة

سَلِ البانَ عنهم أَينَ بانوا ويمَّموا

أَلِلجزعِ ساروا أَم برامَةَ خيّموا

وَهَل شُرعَت تلك القِبابُ بسَفحها

وأَمسى بها حاديهُم يترنَّمُ

وَهَل رنَّحت فيها الغَواني قدودها

وأَغصانُها من غيرَةٍ تتبرَّمُ

وَهَل هيمنَت ريحُ الصبا بشِعابها

سُحَيراً وَراحَت بالشَذا تَتَنسَّمُ

وَهَل وردت ماءَ العُذيب أَوانِسٌ

فإنّي أَرى أَرجاءَه تَتَبَسَّمُ

وَبي غادَةٌ منهنَّ ما أَسفرت ضحىً

لشمس الضُحى إلّا غدت تتلثَّمُ

تُغير سَنى الأَقمار غُرَّة وجهها

وَيحسدُ عِطفيها الوشيجُ المقوَّمُ

تقسَّمَ فيها الحسنُ لمّا تفردَّت

فكُلُّ فؤادٍ في هَواها مقسَّمُ

وَلَم أَنسَها وَالبينُ ينعقُ بيننا

وَنارُ الجوى بين الجوانح تُضرَمُ

وقد نثرت دُرَّ الدُموع بخدِّها

وفي جيدها دُرُّ العقود المنظَّمُ

أُسائلُها يوم التفرُّق عَن دَمي

فتومي بكفٍّ عِندَ مَن وهي عَندمُ

وَسارَت فَسالَت أَدمعٌ من محاجر

فَما أبعدَت إلّا وأَكثرُها دَمُ

وَراحَت حُداةُ العيس تشدو بذكرها

وَظَلَّت مَطاياها تَغورُ وتُتهمُ

وما كلَّمتني حين زُمَّت رحالُها

وَلَكِنَّ قَلبي راح وهو مُكلَّمُ

وَكَم من خليٍّ ثَمَّ لم يدرِ ما الهَوى

غدا وهو مُغرىً بالصَبابة مُغرَمُ

أَغارت عليه بالفتور لحاظُها

وأَقصَدَه منها نِبالٌ وأَسهمُ

تصرَّم صفو العيش بعد فِراقها

فَلَم يبق إلّا حسرةٌ وتندُّمُ

يَقولون سَل عنها الدِيارَ بذي الغضا

وَهَل ذو الغضا إِلّا فؤادي المتَيَّمُ

وَما خيّمت بالمُنحنى من مُحجّرٍ

وَلكن ضُلوعي المنحنى والمخيَّمُ

وإِن يمَّمت سَفحَ العَقيق بمقلتي

فَيا حبَّذا سفحُ العَقيق الميمّمُ

وَنفحةِ طيبٍ من لطائم نشرِها

تحمَّلها عنها النَسيمُ المهَينِمُ

فَجاءَ يجرُّ الذَيلَ من مَرَحٍ بها

وَوافى بها وَالرَكبُ يَقظى ونُوَّمُ

فَلَم يَدرِ ما أَهدَتهُ لي غير مهجَتي

ولا اِرتاح إِلّا قَلبي المتأَلِّمُ

لئن ضاعَ عهدي عندها بعد بُعدِها

فَما ضاعَ عِندي عهدُها المتقدِّمُ

وَلَم تَثنني عَنها مقالةُ لائِمٍ

وإِن أَكثرت فيها وشاةٌ وَلوَّمُ

وأَكتمُ وَجدي في هَواها تجلُّداً

وَلكنَّ دَمعي بالغَرام يُترجمُ

توهَّم سلواني العذولُ جهالةً

بما جنَّ قَلبي ساءَ ما يتوهَّمُ

فَيا جيرةً كانوا وكنّا بقربهم

نُذِلُّ تَصاريفَ الزَمان ونُرغمُ

تحلّى بهم عيشي لَيالي وصالِهم

فمرَّت فأَضحى وهو صابٌ وعَلقمُ

نشدتكُمُ هَل عهدُنا بطوَيلع

على العَهد مأهولٌ كما كنت أَعلمُ

وَهَل دارُنا بالشِعب جامعةٌ لنا

وَهَل عائدٌ بالوَصل عيدٌ وموسمُ

نأَيتم فأذوى ناضرَ العَيش نأيُكم

وَعادَ رَبيعُ الوصل وهو محرَّمُ

وَلَو شئتُمُ ما فرَّق البينُ بيننا

ولا عنَّ طَيرٌ للتفرُّقِ أَشأمُ

وَلكنّكم أَبعدتُمُ شُقَّة النَوى

فأَصبحتُ من جور النَوى أَتظلَّمُ

صِلوا أَو فصدّوا كيف شئتم فأَنتم

أَحبِّةُ قَلبي جرتم أَم عدَلتمُ

وإِن جلَّ خَطبي في هواكم فمخلصي

إِذا عَظُم الخطبُ الجنابُ المعظَّمُ

محمَّد المبعوث من آل هاشمٍ

وَخاتم رُسل اللَه وهو المقدَّمُ

نبيُّ الهدى بحرُ النَدى أَشرفُ الورى

وأَكرمُ خلق اللَه جاهاً وأَعظمُ

بمبعثه إِنجيلُ عيسى مبشِّرٌ

وَتَوراةُ موسى والزبورُ مُترجمُ

به أَشرقت شَمسُ الهِداية بعدما

أَضَلَّ الورى لَيلٌ من الغيِّ مُظلمُ

له معجزاتٌ لا يُوارى ضياؤُها

وَكَيفَ يوارى الصبحُ أَم كيفَ يُكتَمُ

بمَولده غارَت بحيرةُ ساوةٍ

وإيوانُ كسرى راح وهو مهدَّمُ

وأَخمدَ نيرانَ المجوس قدومُه

وَكانَت على عُبّادِها تتضرَّمُ

وأَمسَت نجومُ الأفق تَدنو وشهبُها

رجومٌ لسُرّاق الشياطين تَرجمُ

درَّت على ظِئريه من بركاته

بمقدمِه أَنواعُ بِرٍّ وأَنعُمُ

ورُدَّت عليه الشَمسُ بعد غروبها

وَشُقَّ له بَدرُ السَماء المتمَّمُ

وَفاضَت مياهٌ من أَنامِل كفِّه

فَأَروَت بها علاً ظِماءٌ وَحوَّمُ

وَمن شاطئ الوادي أَجابتهُ دوحةٌ

وَجاءَت إليه من قَريبٍ تُسلِّمُ

وحنَّ إليه الجذعُ بعد فِراقه

فَراح لما قد نالَه يتحطَّمُ

وفي كفِّه من خشيةٍ سبَّح الحصى

ومن جودها أَثرى فَقيرٌ ومُعدِمُ

ترقّى إلى السَبع السَماوات صاعِداً

وَبارئه يُدنيهِ برّاً ويُكرمُ

فأَمَّ جميعَ الأَنبياءِ مقدَّماً

وَحُقَّ له حَقّاً هناك التَقَدُّمُ

وَصَلّى عليه اللَه في ملكوته

وَقالَ لنا صَلّوا عليه وَسَلِّموا

نبيٌّ هو النورُ المضيءُ لناظر

وَلَم أَرَ نوراً قبله يتجسَّمُ

نَبيٌّ أَبانَ الدينَ بعدَ خفائِه

وأَوضحَ منه ما يحلُّ وَيحرُمُ

وَجلّى ظَلامَ الشِركِ منه بغرَّةٍ

هي الصبحُ لكن أفقُها ليس يظلِمُ

هُوَ البَحرُ والبَرُّ الرؤوفُ وإِنَّه

أَبرُّ بنا من كُلِّ بَرٍّ وأَرحَمُ

يَجودُ وقد لاحَت تباشيرُ بِشرِه

وَيبذلُ وهو الضاحكُ المتبسِّمُ

مكارمُه أَربَت على الحصرِ كَثرةً

وكُلُّ بَليغٍ عَن مَعاليه مُفخَمُ

وَماذا يَقولُ المادحونَ وقد أَتى

بِمدحتِه نصٌّ من الذِكر مُحكَمُ

إذا ما بدا في آله الغُرِّ خلتَه

هُنالكَ بدرَ التمِّ حفَّته أَنجُمُ

عليٌّ أَميرُ المؤمنين وصيُّه

إليه اِنتَهى كُلُّ النُهى والتكرُّمُ

به ضاءَ نورُ الحقِّ واتَّضحَت لنا

مَعالِمُ دين اللَه والأَمرُ مُبهَمُ

وَما أَنكرت أَعداؤُه عَن جهالة

مناقبَه العُظمى ولكنَّهم عَموا

هُوَ البطلُ الشهمُ الأَغرُّ السُمَيدع ال

همامُ السريُّ الأَكرَمُ المتكرِّمُ

يفلُّ شَبا الأَعداءِ وهو مُذرَّبٌ

وَيَثني عنانَ الجيش وهو عَرَمرَمُ

لئن جَحدت قَومٌ عظيمَ مقامِه

وَقالوا بِما قالوا ضَلالاً وأَبهموا

فقد شهدَ الذكرُ المبينُ بفضله

وَطيبةُ وَالبيتُ العَتيقُ وَزَمزَمُ

وأَبناؤُهُ من بعده أَنجم الهُدى

هم العروةُ الوثقى الَّتي لَيسَ تُفصَمُ

مودَّتُهم أَجرُ النبوَّة في الورى

وَحبُّهم فرضٌ علينا محتَّمُ

هم القَومُ كُلُّ القومِ في الفضل والنَدى

وَما منهم إلّا مُنيلٌ ومُنعِمُ

ولا عيبَ فيهم غَير أَنَّ نزيلَهم

يُخيَّرُ فيما عندَهم وَيُحكَّمُ

عليهم صَلاةُ اللَه ما هبَّت الصَبا

وَنشرُهم من طيِّها يتنسَّمُ

فَيا خَيرَ خَلقِ اللَه جئتُك قاصِداً

وَقصدُك في الدارين مَغنىً ومغنَمُ

فكن لي شَفيعاً من ذنوبيَ في غَدٍ

إذا أَحرزت أَهلَ الذُنوب جهنَّمُ

وأَنعِم فدتكَ النَفسُ لي بزيارةٍ

فأَنتَ الَّذي يولي الجزيلَ وَيُنعِمُ

فَقَد طالَ بُعدي عن جَنابك سيِّدي

وَقَلبيَ بالأَشواق نحوكَ مُفعَمُ

وَفي النَفس آمالٌ أريد نجاحَها

وأَنتَ بما في النَفس أَدرى وأَعلَمُ

عليكَ صَلاةُ الله ثمَّ سَلامُه

مَدى الدَهر لا يَفنى ولا يتصَرَّمُ

وآلِكَ وَالصحب الكرام أولي النُهى

بهم يُبدأ الذكرُ الجَميل وَيُختَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن معصوم

avatar

ابن معصوم حساب موثق

العصر العثماني

poet-ibn-masum@

307

قصيدة

1

الاقتباسات

49

متابعين

علي بن أحمد بن محمد معصوم الحسني الحسيني، المعروف بعلي خان بن ميرزا أحمد، الشهير بابن معصوم. عالم بالأدب والشعر والتراجم. شيرازي الأصل. ولد بمكة، وأقام مدة بالهند، وتوفي بشيراز. من ...

المزيد عن ابن معصوم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة