الديوان » العصر العباسي » ابن دراج القسطلي » أهنيكما ما يهنئ الدين منكما

عدد الابيات : 52

طباعة

أُهَنِّيكُما مَا يَهْنِئُ الدِّينَ مِنكُما

هدىً ونَدىً فلْيَسْلَمِ الدِّينُ واسْلَما

وشهرٌ تولَّى راضِياً قَدْ بلَغْتُما

مداهُ كِراماً قُوَّمَ الليلِ صُوَّما

وفِطرٌ تحلَّى بالصلاةِ إلى الَّذي

دَعَوْناهُ ألّا يُوحِشَ الأرْضَ مِنكُما

فأسْفرَ عن وجْهٍ تجلَّى سَناكُما

وصدقٍ تجلَّى بالسلامِ عَلَيْكُما

وأكرِم بِه فِطراً يْبَشِّرُ بالمُنى

وعيداً مُعاداً بالسرورِ لَدَيْكُما

ولم أرْ يوماً كَانَ أبْهجَ مَنظَراً

وأسْنى وأسْرى فِي القلوبِ وأكْرَما

وأكبَرَ أَقماراً عَلَوْنَ أهِلَّةً

وعالَيْنَ فِي جَوٍّ من النَّقْعِ أنْجُما

ولا مَلِكاً قَدْ عظَّمَ اللهُ قَدْرَهُ

أَقَلَّ اختيالاً منكُما وتَعَظُّما

يُضاحِكُ فِيهِ الشمسُ دُرّاً وجَوْهَراً

ويحسُدُ منهُ الرَّوْضُ وَشْياً مُنَمْنما

وخُطَّابُ أمرِ الثَّغْرِ قَدْ صَدَقَتْهُمُ

عيونٌ يُعَفِّينَ الحديثَ المُتَرْجَما

خَلَتْ لكَما من كلِّ بَعْلٍ ومالِكٍ

ونادتكُما للنّصْرِ فَذَّاً وتَوْأمَا

دوالَيْكُما إنَّ الرَّمايا لِمَنْ رَمى

ودونَكُما إنَّ العزيزَ لِمَنْ حَمى

فإنَّ جَنِيَّ الباسِقاتِ لِمنْ جَنى

وإنَّ سماءَ المَكرُماتِ لِمَنْ سَما

وما تَيَّم الأخطارَ والرُّتَبَ العُلى

كَمَنْ باتَ مَشْغوفاً بِهِنَّ مُتَيَّما

ومَنْ رَفَعَ الأعلامَ فِي السَّلْمِ والوغى

لِيجعلَها للحقِّ والعدلِ سُلَّما

ومَنْ ليسَ يرضى الفضلَ إلّا مُبادِئاً

ولا يصنَعُ المعروفَ إلّا مُتَمِّما

ومن لا يرى نَيْلَ المراتِبِ مَغنَماً

لمَنْ قَدْ يرى بذلَ الرَّغائِبِ مَغرَما

ومن حَدَّ ألّا يُورِدَ الماءَ خيلَهُ

غداةَ الوغى حتَّى يخوضَ بِهَا الدَّما

ومن ليسَ يرضى حُكْمَ يُمْناهُ فِي العِدى

إذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ النَّدى مُتَحَكِّما

ومن بَشَّرَ الإسلامَ بالسَّلْمِ قادِماً

وأنذرَ حِزْبَ البَغيِ بالسيفِ مُقْدِما

مكارِمُ تعتامُ الكِرامَ فلا تَبِتْ

كريمةُ هَذَا الثغرِ منهنَّ أَيِّما

فَشُدَّا لَهَا مِيثاقَ مَهْرٍ مُؤجَّلٍ

وسُوقا إليها المَهْرَ مَهْراً مُقَدَّما

فقد لَبِسْتَ بُرْدَ الوفاءِ وَقَلَّدَتْ

ترائبَها عِقْدَ الوفاءِ مُنَظَّما

وقد أشرَقَتْ مِنْ فَوقِ تاجُو مُنِيفَةً

بتاجِ هِلالٍ قَدْ تَكَلَّلَ أنْجُما

وأنَّى بِهَا عن كُفْرِها ومَلِيكِها

وبالهائِمِ المُشْتاقِ عَنْها وعَنْكُما

وفِلْذَةُ قَلبي فِي حِماها رَهِينَةً

وإنسانُ عَيْني فِي ذَراها مُخَيِّما

تَقَسَّمَ رَيْبُ الدَّهْرِ والنَّأي شملَنا

وقلباً غدا لِلبَينِ نَهْباَ مُقَسَّما

فما نَأْتسِي إِلّا أَسىً وتَعَزِّياً

وَمَا نلتَقي إِلّا كَرىً وتَوَهُّما

لياليَ كالإِعدامِ طَوَّلَها الأَسى

وطاوَلْتُها حَوْلاً وحَوْلاً مُجَرَّمَا

أَسَهْماً رماهُ عن قِسِيِّ جَوانِحِي

فِراقٌ فوَالى منهُ قَلْبيَ أَسْهُما

بذكراكَ شَاجَيْتَ الحمامَ فلَوْ وَفى

لأَنباكَ عن شَجْوِي إذَا مَا تَرَنَّما

وإِنْ يَرْعَ لي وَكْفُ الحيا حقَّ مُسعِدٍ

يُخَبِّرْكَ عن دمعي إليك إذا همى

فكم عذتُ من لَيْلِ الهمومِ بلَيْلَةٍ

تركتُ بِهَا الأَجفانَ حَسْرَى ونُوَّمَا

فأَسْرَيْتُها بِالشِّعْرَيَيْنِ مُفَرِّطاً

وأَفْنَيْتُها بالقلبِ عنها مُخَيِّما

وكم ليلةٍ ليلاءَ وافَيْتُ صُبْحَها

أَذَرَّ عَلَى عيني ظلاماً وأَظْلَما

دُجىً مثلَ جِلْبابِ السماءِ اسْتَمَرَّ بِي

فَقَنَّعَ فَوْدَيَّ المشيبَ وعَمَّما

وصبحاً كسا الآفاقَ نُوراً وبهجةً

ووَجْهِيَ قِطْعاً من دُجى الليلِ مُظْلما

وكم لُجَّةٍ خضراءَ من لُجَجِ الرَّدى

ركبتُ لَهَا فِي الليلِ أَظْلَمَ أَدْهَما

كسا الصُّبْحُ أَعلاهُ مُلاءً مُهدَّباً

وأَسفَلَهُ الإِظلامُ بُرْداً مُحَمَّما

إذَا رَقرَقَتْ رِيحُ الصَّبا من جَناحِه

تَحَمَّلَ أُكْمَ الموتِ غَرْقى وعُوَّما

فأَهْوِ بِهِ فِي مُفْرَجِ الموتِ حَيَّةً

وأَعْلِ بِهِ فِي هَضْبَةِ الحَيْنِ أَعْصَما

خطوباً لبستُ الصَّبْرَ حَتَّى جَعَلْتُها

لِمَرْقى أَيادِي العامِرِيِّينَ سُلَّما

فأَصْبَحْتُ نَجْماً فِي سماءِ كَرَامَةٍ

مُحَيَّاً مُفَدَّىً بالنُّفوسِ مُعَظَّما

مَليكَيْ زمانَيْنا وجارَيْ دِيارِنا

بِزَاهِرَةِ المُلْكِ الَّتِي أَنْجَبَتْهُما

بعِزِّ لواءٍ يبلُغُ النجمَ إِنْ عَلا

وبَحْرِ عَطاءٍ يَرْغَبُ الأَرْضَ إِنْ طَمى

وخيلٍ تَهُدُّ الأَرضَ تَسْرِي وتَغْتَدِي

تقودُ ملوكَ الأَرضِ أَسْراً ومَغْنَما

أَما والقُصورِ البِيضِ منها وَمَا حَوَتْ

من الصِّيدِ كالآسادِ والبِيضِ كالدُّمى

وَمَا عَمَرَتْ منها الليالي وغَيَّرَتْ

وشَيَّدَ أَمْرُ اللهِ فِيهَا وهَدَّما

وعافِي قُصورٍ من قصورٍ بَلاقِعٍ

إذَا ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ فِيهِنَّ أَظْلَما

لقد سُلِّيَتْ عنها بلادٌ حَوَتْكُما

وَقَدْ عُوِّضَتْ مِنها جُفونٌ رأَتْكُما

فآواكُما ذُو العَرْشِ فِي ظِلِّ أَمْنِهِ

ولا حَلَّ عَقْدَ النَّصْرِ منهُ عَلَيْكُما

جَزَاءً لما أَوْلَيْتُما وكَفَيْتُما

وآوَيْتُما من غُرْبَةٍ وكَنفْتُما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن دراج القسطلي

avatar

ابن دراج القسطلي حساب موثق

العصر العباسي

poet-ibn-darray-alqastalli@

171

قصيدة

1

الاقتباسات

133

متابعين

أحمد بن محمد بن العاصي بن دَرَّاج القَسْطلي الأندلسي، أبو عمر. شاعر كاتب من أهل "قَسْطَلَّة دَرّاج" المسماة اليوم "Cacella" قرية في غرب الأندلس منسوبة إلى جده. كان شاعر المنصور ...

المزيد عن ابن دراج القسطلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة