الديوان » العصر الايوبي » ابن الساعاتي » ديارهم بين العذيب فعاقل

عدد الابيات : 72

طباعة

ديارهمُ بين العذيب فعاقلِ

سقيتِ الغوادي من ملثٍّ ووابل

ولا زال خفّاقُ النسيم محدثاً

بريّاهُ عن آثار تلك المنازل

ولا برحت كثبانها الحمرُ أقفرتْ

من البيض خضرَ النبت زرقَ المناهل

إذا ما أصاب المزنُ صاديَ تربها

بأسهمهِ سلّت سيوف الجداول

وألبس أطواقَ الحلى صائغُ الحيا

عواطلَ أجياد الربى والخمائل

ولا رقصتْ هيفُ الغصون وصفّق

الغدير بها ألاَّ لشدو البلابل

فما كان عهد المنحنة بمذّممٍ

لديها ولا ظبي الصريم بباخل

معير الحميا نشوةً من لحاظهِ

وواهب خوط البان حسن الشمائل

وقفنا بأشباه الحنايا نواحلاً

رمت بسهامٍ في رسوم نواحل

فيا شدَّ ما شفَّ الأسى قلبَ ذاكر

تخليها ما بين عامٍ وقابل

وما هي إلاَّ ذمةٌ عربيةٌ

عصيت لها أمر النهي والعواذل

ولمياءَ حوراء المدامع طفلة

تشكى إلى الجارات ثقل الغلائل

لها الأمر من سفك الدماءِ وربما

تخاف بروقَ الليل خوفَ المناصل

حوى مرطها ذمَّ القضيب وخجلةَ ال

كثيب ونقصان البدور الكوامل

إذا انطقَ الحسنُ النطاقَ بخصرها

فيا طرباً من حسن صمت الخلاخل

أما وتحيّات الوداع ومن بلا

حبيباً بواش أو محباً بعاذل

لقد سار فتحالدين فوق مزلّةٍ

من المجد جلّت عن يد المتطاول

رزينُ حصاة الحلمِ ندبٌ حلاحلٌ

ومن لك بالندب الحليم الحلاحل

خفيفٌ إلى الداعي ولو ركب القنا

وللركبِ خطوُ الشارب المتثاقل

لهُ تخفضُ الأصواتُ في كلِّ مشهدٍ

وترفعُ هامات العدى بالعوامل

تعودُ عيون الزغف عنهُ سخنيةً

وقد بلجت فيها صدور المناصل

شديدُ الوقارِ لا تخفُّ أناتهُ

ولو طرقت فرسانه بالغوائل

فخذ عنهُ واشهدْ في نديٍّ وموكبٍ

إذا قيل هل من قائلٍ أو منازل

ودع عنك أخبار السّماع فإنّها

مضعفة ما بين راوٍ وناقل

ضلالاً لأيام اللقانِ وآلس

وبعداً لفرسان الكلاب ووائل

هو المرءث كعبيُّ الندى حاتميّه

إذا ما تمادى في سماحٍ ونائل

فطيّان يمسي السيفُ من دون همّهِ

كفيلاً بهِ والسيف أصدق كافل

إذا شئتَ أن تروي صحيحَ صفاته

فسلْ عنهُ مكسورَ القنا والقنابل

يهزُّ سرورُ السلمِ لا خوفَ حربهِ

معطفَ هنديّ الظبّي والذوابل

رويدك يا لاحي نداهُ وسيفهِ

فإنَّ ضياءَ الصبح ليس بحائل

لعاً لرماح الخطِّ وهيَ ذوابلٌ

تعثّرُ في ذيلٍ من النقع سابل

وقد أحدقت بالمشركين جيادهُ

وأيُّ كوافٍ بالعدوِّ كوافل

إذا ظمئت أكبادها شربتْ دماً

وإنْ سغبتْ لاذت بعلك المساحل

وجيهيّة الأنساب تدمي نحورها

من الطعن عن أكفانها والأياطل

هو السيفُ سلْ عن فتكهِ الهام والطُّلى

هو البحر سلْ عن فتنكهِ بالسواحل

لقد أصبحتْ من نقعهِ وطراده

كماةُ الأعادي في دجى وزلازل

فهم في حبوس لا حبيس ومرقبٍ

وفي عقلٍ من مدنهم لا معاقل

لكَ اللهُ من حامٍ مبيحٍ وآخذٍ

وهوبٍ ومنّاعٍ إذا هيجَ باذل

وما هو إلاّ الشمسُ في كل بلدةٍ

كفاها سناءً وأضحاتُ الدلائل

لهاميمُ في الجلى بها ليل في الوغى

إذا ما الرّواسي زلزلتْ بالنوازل

وليدهمُ في مهدهِ كابن مريمٍ

يحدّث عن آبائهِ بالمخائل

يكادُ رضيعاً يرفعُ السيفَ كفُّهُ

وما رفعتْ عنهُ أكفُّ القوابل

إذا زرّ جيبُ النقع شدّوا واطلعوا

نجومَ العوالي في ظلام القساطل

وإن ركبوا الخيلَ العتاق لغايةٍ

رأيتَ عصابَ الأسدِ فوقَ الأجادل

مساعير بسّامونَ والموت كالحٌ

عبوسٌ وللهيجاءِ غليُ المراجل

همُ أسرةُ المجد التليد فمنهمُ

صدور النوادي أو صدور الجحافل

بعادٌ مراميهم دوانٍ عيونهم

قصارٌ مواضيهم طوالُ الحمائل

تحارُ كعوب السّمر بين أواخرٍ

مسدّدةٍ منهم وبين أوائل

إذا خطفت سمرُ الأسنّة فانبرى

سرار السهامِ ضاربوا بالجداول

لقد كنتَ في قصدي سواهُ وتركهِ

كمشتغلٍ عن فرضهِ بالنوافل

وإلاَّ فالمعتاض من صبحهِ الدُّجى

وهاجرِ سحبانٍ إلى وصلِ باقل

عشيّة لا وجهُ المنى وهو حاسرٌ

بطلقٍ ولا أخلافهُ بحوافل

أأذهلُ عن خطِّ القوافي لخطّها

وما كنتُ عن خطّ القوافي بذاهل

إذن خذلتها عصبةٌ حاتميةٌ

تفيد الرضى من دهريَ المتحامل

ولا نلتَ بالملك العزيز بن يوسفٍ

نشيدةَ ملهوفٍ وبغيةَ آمل

إليك رمتْ بي ناجياتٌ كأنها

سرينَ بعلمي في الدُّجى والمجاهل

تقيد أيامَ السّفار التي خلتْ

وأنضاء لزبات السنين المواحل

فأبنا وما آمالنا من صنيعه

بعقلٍ وما أجيادنا بعواطلٍ

حلفتُ بها هوجاً تتايح في البرى

وما حملت من لوعةٍ وبلابل

خوافقُ خفقَ الآل في كل صفصفٍ

نواجٍ على بعد المدى المتطاول

لقد جلَّ شوقي أن يردُّ جماحهُ

صدور المواضي أو ظهور المراحل

وليست يداً للعيش عندي وللدُّجى

وللبيد والشوق الذي هو حاملي

حدوتُ عتاق العيس باسمك شائقاً

وحدَّثت عن نعماك غيدَ عقائلي

وهنَّ بناتٌ الفكر حتى إذا ثوتْ

بناديك أضحتْ أمّهاتِ الفضائل

تغبر في وجه الضحى كلماتها

وتدفع في صدور القرون الأوائل

لقد بلغتْ ما يبلغ الصبح والدُّجى

فما وجدتْ أبياتها من مساجل

إذا خامرت فهماً فقهوة بابل

وإنْ ولجت سمعاً فما روت بابل

وعللّتها بالمنعمين ذوي الندى

فلم ترضَ إلاّ بالملوك المقاول

فلا تنسينها هجرةً أدبيةً

دعاها فلبّتهُ رسولُ الفواضل

ورحتُ بها قبل النزول وبعدهُ

فما ضقتُ ذرعاً قبلهنَّ بنازل

فما الفضل إلاَّ في ذراك بفائزٍ

ولا القولُ إلاّ في علاك بطائل

إذا ما خلتْ منك البلاد وأهلها

فلا بشّرت أمَّ المعالي بباسل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الساعاتي

avatar

ابن الساعاتي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-abn-alsaati@

519

قصيدة

6

الاقتباسات

41

متابعين

ابن الساعاتي (553 هـ - رمضان 640 هـ) هو أبو الحسن على بن محمد بن رستم بن هَرذوز المعروف بابن الساعاتى، الملقب بهاء الدين، الخراساني ثم الدمشقي، كان شاعراً مشهوراً، ...

المزيد عن ابن الساعاتي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة