الديوان » فلسطين » عمر اليافي » نحمد مولانا الذي قد اصطفى

عدد الابيات : 74

طباعة

نحمد مولانا الّذي قد اصطفى

من خلقه قوماً لحان الاصطِفا

ألبسهم ملابس التوفيقِ

فنهجوا بأقوم الطريقِ

قلّدهم عقدَ الرشاد والهدى

أجلسهم على موائد الندى

قاموا على الأقدام في الأسحارِ

لخدمة الأوراد والأذكارِ

أحمده جلّ على ما أنعما

من انتساب نحو بابٍ قد سما

باب الرسول المصطفى كنز الصفا

رمز الخفا درّ الوفا بحر الشفا

صلّى عليه الله ذو الجلالِ

مسلّماً وصحبِه والآلِ

ما قد سرى نفح النسيم السحري

من روض فتح أقدسيّ عطر

وبعده أهدي لآلِ ودّي

تحيّةً تزري بدرّ العقدِ

معَ سلامٍ عبهريٍّ ندٍّ

يفوق معناه عبير الوردِ

وطيبه يسري بذاك الربعِ

دام بلطف الله دوماً مرعي

هذا وأوصي سائر الإخوانِ

بالصدق في الإسرار والإعلانِ

حيث التواصي بيننا قد وردا

شرعاً لنا ممّن أتانا بالهدى

وكيف لا والدين كلّه جُمِعْ

فيه ويا طالب نصحي فاستمعْ

إنّ الطريق وعِرُ المسالكِ

على غبيٍّ بالحجاب هالكِ

قد قيّدته النفس في سجن الهوى

عن منهج الطريق ضلّ وغوى

لكنّه يسهل بالتوفيقِ

مع الخلوص فيه والتصديقِ

فاسلك إذاً منهاجَه بالذلِّ

والفقر والفاقة ثمّ الشغلِ

بحرفة الكمال في السلوكِ

تدنو بذا من ملك الملوكِ

وألبس أخي ملابس الآدابِ

تجنِ الهدى من روضِ الاقترابِ

حيث الطريق ليس بالأذكارِ

ولا بأورادٍ لدى الأسحارِ

ولا بصومٍ لا ولا قيامِ

بالليل أو بصلة الأرحامِ

بل الطريق أنفسٌ مهذّبهْ

بالخلق المحمّدي مطيّبهْ

مكسبها من أدب الرسولِ

بدون ذا لم تحظ بالوصولِ

قال الإمام السيّد الجيلاني

ذو القدم العالي على الأعيان

بأنّني ما فزت بالوصولِ

من حضرة التقريب والقبولِ

بمحض أورادٍ ولا أذكارِ

ولا بصومٍ طال في النهارِ

نعم بذلّي ثمّ بانكسارِ

وحمية الصدر من الأكدارِ

وكلّ مسجونٍ بحبس النفسِ

لم تأته أسرار فتح القدسِ

ولو أتى بكلّ أذكار الورى

بل سيره بنفسه إلى ورا

فخندريسُ أكؤسِ العروسِ

لا يرشفنّها أولو النفوس

ولا ينال خمرة الأذكارِ

صبّ حجاب البعد بالأغيارِ

إنّ المراد الذكر بالنفوسِ

فافهم لتسقَى صافي الكؤوسِ

وذكر مولانا هو المطيّهْ

في سيرنا للحضرة القدسيّهْ

فادأب عليه وامش بالآدابِ

تدنُ به من حضرة الوهّابِ

وسر به إلى العلا وسِربِهِ

تعط المنا من شُربه وشَربهِ

واركب به على رخاخ العزمِ

مجتهداً واطلق عنان الحزمِ

مقلّداً بسيف ذكر الوردِ

لتجتني من زهر روض الوردِ

وتستقي صافيَ كاسات الحمى

برشفها ينفي على القلب الظما

إن رمت في السلوك للمزيد

فانحُ إذاً لبلغة المريد

أُرجوزة الأستاذ في السلوكِ

تشفي الظما بتبرها المسبوكِ

فإنّ فيها جُلَّ ما قد يَلزمُ

لسالكٍ على الطريق يعزمُ

فكحّل الأعينَ من سناها

ففيه للأرواح مشتهاها

لكن ولا بدّ من الموقّفِ

ومرشدٍ لنهجها معرّفِ

كالفاضل الواصل ذي التقرُّبِ

يوسف مصر ذي الجمال الطيّبِ

فإنّه القدوة والحبر الّذي

يهدي لروضٍ في طريقنا شَذِي

فالزم أخي بالذلّ طيبَ مجلسهْ

وانشق لطيب طيبه من أنفسِهْ

هذا وأوصيكم بترك الجدلِ

فذو الجدال لم يفز بالأملِ

لا تسمعوا وعوعة الكلابِ

من الوشاة أهلِ الارتيابِ

فقد يقال هؤلاء الأوليا

بالاحتقار في السلوك أغبيا

فاحتملوا لو قذفوا وأَسهبوا

بالقول ثمّ شنّعوا وضربوا

فليس في ذا للفتى من باس

بل يستقي به سلاف الكاس

وهذه سنة ربٍّ منعمِ

على أحبّاء له من قِدَمِ

هذا إذا رمتم طريقَ الاهتدا

ليحسن النهج لكم والاقتدا

وفي سواه لا يكون مقصدُ

كفعل قومٍ في المسير أُقعدوا

قد جعلوا الطريق بالمسابحِ

بقصد ذكر العبد بالقبائح

كلبس صوفٍ جعلُهُ عمامهْ

وقد علاها بالنوى علامهْ

وكتبوا إجازةً في الوَرَقِ

والمقصد الأسنى اصطيادُ الوَرِقِ

حيث غدت أوراقُهم كالشبكهْ

بصيد دنيا نفسهم منهمكهْ

فبينهم وبين نهج القربِ

لا شكّ مثل مشرقٍ وغربِ

أو مثل بونٍ بين أرضٍ وسما

فهم وايمُ الله قومٌ في عمى

وليس ذا يا ذا النهى طريقنا

وليس من يفعل ذا رفيقنا

نعم طريقنا بصدق الحالِ

وحسن الاجتهاد لا بالقالِ

وفي غدٍ يا قومنا يشاهدُ

فتح التداني والّذين جاهدوا

أسأل ربّي جلّ شانه بأنْ

ينهج بالأحباب أبهجَ السننْ

ويمنح القبول بالوصولِ

بسرّ سر السيّد الرسولِ

صلّى عليه الله ثمّ سلّما

ما سالكٌ في نهجه لقد سما

وآلهِ وصحبِه أولى التقى

من رشفوا من كأسه خمرَ البقا

هذا وأرجو منكمُ لي الدعا

بكلِّ خيرٍ عند ما الفتحُ سعى

ومثل ذا منّي لكم على المدى

به تنالون الأمان والندى

وكلّ من قد جاءنا من حمص

عن حالكم أسأل بل أستقصي

وهذه عجالةُ المحبِّ

رسالةٌ منّي لكلّ صبِّ

جرت هنا على لسان القلمِ

بإذن مولانا وليّ النعمِ

والحمد لله على الدوامِ

في مبدأ القول وفي الختام

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمر اليافي

avatar

عمر اليافي حساب موثق

فلسطين

poet-omar-alyafi@

326

قصيدة

122

متابعين

عمر بن محمد البكري اليافي، أبو الوفاء، قطب الدين. شاعر، له علم بفقه الحنفية والحديث والأدب. أصله من دمياط (بمصر) ومولده بيافا، في فلسطين. أقام مدة في غزة، وتوفي بدمشق. كان ...

المزيد عن عمر اليافي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة