الديوان » العصر المملوكي » لسان الدين بن الخطيب » أشارت غداة البين من خلل السجف

عدد الابيات : 46

طباعة

أشارَتْ غَداةَ البيْنِ منْ خلَلِ السّجْفِ

بناظِرَتَيْ ريمٍ وسالِفَتَي خِشْفِ

وأبْصَرَتِ التّوْديعَ حقّاً فلَمْ تُطِقْ

غَداتَئِذٍ كتْماً لبَعْضِ الذي تُخْفي

أماطَتْ عن الخَدِّ اللّئَامَ فأطْلَعَتْ

هِلالاً علَى غُصْنٍ وغُصْناً علَى حِقْفِ

وقالَتْ لأتْرابٍ لَها قُمْنَ دونَها

فقائِلةٍ سِحّي وقائِلَةٍ كُفّي

أخِلاّيَ هلْ طعْمٌ أمَرُّ منَ النّوَى

وأفْظَعُ خَطْباً منْ مُفارقَةِ الإلْفِ

ولمْ تَكُ إلاّ ساعَةٌ وتسنّمَتْ

ظُهورَ المَطايا كلُّ فانِيةِ الطّرْفِ

ودارَتْ علَى الرّكْبِ الصّوارِمُ والقَنا

وجُرْدُ المَذاكي منْ أمامٍ ومِنْ خلْفِ

أمالُوا السُّرَى قصْدَ العِراقِ وأزْمَعوا

على مهْمَهٍ تسْفي بهِ الرّيحُ ما تسْفي

ودلَّ علَيْهِمْ مَنْ تخلّفَ منْهُمُ

بمَا أودِعُوا طيبُ النّسيمِ منَ العَرْفِ

فَلا عَهْدَ إلاّ بالخَيالِ وبالمُنى

ولا وصْلَ إلاّ بالرّسائِلِ والصُّحْفِ

بكَيْتُ دَماً حتّى توهّمَ صاحِبي

بأنّي غَداةَ البيْنِ أرْعَفُ منْ طَرْفي

وكمْ رُمْتُ أنْ يُجْدي البُكاءُ فلَمْ يكُنْ

ليُجْدي ورجّعْتُ الحَنينَ فلَمْ يشْفِ

أيا قاتَلَ اللهُ الغَوانِي فإنّما

طِلابُ الرّدى وقْفٌ على ربّةِ الوَقْفِ

تُغادِرُ ذا الجأشَ القَويَّ جُفونُها

ضَعيفَ انتصارِ وهْيَ بيّنةُ الضّعْفِ

إذا ما غرَسْنَ الوعْدَ في روضَةِ الهَوى

جَنَيْتُ علَى أغْصانِهِ ثمَرَ الخُلْفِ

تُرَى منْ أحَلّ الغَدْرَ وهْوَ محرَّمٌ

وحرّمَ غُصْنَ الأقْحُوانِ على الرّشْفِ

سأصْرِفُ عنْ قلْبي مُساعَدَةَ الهَوى

فقدْ كانَ في حوْلَيْنِ منْ ذاكَ ما يكْفي

وأذْهَبُ منْ صَبْري الى كلِّ مذْهَب

وكُلُّ كريمٍ لا يُقيمُ علَى خسْفِ

وأفْزَعُ منْ دهْري الى ظِلّ يُوسُفٍ

فلِلّهِ منْ رُكْنٍ مَنيع ومِنْ كهْفِ

زجَرْتُ القَوافي والمَطايا شَوارِداً

الى واحِدٍ في الرّوعِ يُغْني عنِ الألْفِ

وَقورٌ إذا الأبْطالُ طاشَتْ حُلومُها

وأقْدَمُ في الهَيْجاءِ صَفّاً الى صَفِّ

إذا ذُكِرَ الأمْلاكُ يوْماً فيوسُفٌ

لِما شِئْتَ منْ جُودٍ وما شِئْتَ منْ عطْفِ

هُوَ الدّهْرُ لكِنْ عدْلُهُ وسَماحُهُ

يرُدُّ صُروفَ الدّهْرِ راغِمَةَ الأنْفِ

هوَ البَدْرُ إلا أنّهُ الدّهْرَ كامِلٌ

إذا عِيبَ نُورُ البَدْرِ بالنّقْصِ والخَسْفِ

منَ العرَبِ الشُّمِّ الأنوفِ إذا احْتَبوا

تبوّأتَ في جارٍ مُجيرٍ وفي حِلْفِ

كِرامٌ إذا ما الغيْثُ في الأرْضِ لمْ يكْفِ

بصَوْبِ حَيا كانَتْ أكُفُّهُمْ تكْفي

فإنْ حمَلوا أفْنَوْا أو استُصْرِخوا حمَوْا

وإنْ بذَلُوا أغْنَوا عنِ الدِّيمِ الوَطْفِ

وإنْ مُدِحوا اهتَزّوا كَما هبّتِ الصَّبا

على كُلِّ ممْطورٍ منَ البانِ مُلْتَفِّ

وإنْ سَمِعوا العَوْراءَ فرّوا بأنْفُسٍ

كِرامِ السّجايا لا تفِرُّ منَ الزّحْفِ

لَعَمْري لَئِنْ هاجَتْ عَزائِمَكَ العِدَى

كما بحثَتْ عنْ حتْفِها ربّةُ الظِّلْفِ

وغرّتْهُمُ الحرْبُ السِّجالُ وقلّما

يدُلُّ غُرورُ القوْمِ إلا على الحتْفِ

فقَدْ آنَ أخْذُ الدّينِ منْهُمْ بِثأرِه

وما كانَ جفْنُ الدّهْرِ في مثلِها يُعْفِي

ودونَ مهَبِّ العزْمِ كلُّ مهنَّدٍ

وخطّيّةٍ سُمْرٍ وفَضْفاضَةٍ زَغْفِ

وأُسْدٍ غِضابٍ إنْ تذكّرْنَ يومَها

عضَضْنَ بأطْرافِ البَنانِ منَ اللّهْفِ

أمَوْلايَ زارَتْكَ القَوافِي كأنّها

هدِيٌّ تَهادَتْها القِيانُ الى الزَّفِّ

علَيْها عُقودٌ منْ ثَنائِكَ نُظِّمَتْ

مُناسِبَةَ التّأليفِ مُحْكَمَةَ الرّصْفِ

أتاكَ بِها النَّوْروزُ معْتَرِفاً بِما

لمُلْكِكَ فيهِ منْ نَوالٍ ومِنْ عُرْفِ

فهُنّيتَهُ والدّهْرُ طوْعُكَ والمُنى

تُوافِي بما تهْواهُ ضِعْفاً علَى ضِعْفِ

تمهّدَتِ الدُنْيا بمُلْكِكَ بعْدَما

أقامَتْ زَماناً لا تَقَرُّ منَ الرّجْفِ

ورُضْتَ صِعابَ الدّهْرِ وهْيَ شَوامِسٌ

فذلّلْتَها منْ غيرِ جُهْدٍ ولا عُنفِ

وكمْ صَرَفَ التّأميلَ نحوَكَ آمِلٌ

فصيّرْتَهُ بالعدْلِ ممْتَنِعَ الصَّرْفِ

وكمْ منْ يَدٍ أوْلَيْتَنيها كَريمَةٍ

يقِلُّ لَها نظْمي ويعْيَى بِها وصْفي

فأسْبابُكَ الوُثْقَى وصلْتُ بِها يَدي

ونِعْمَتُك الكُبْرى ملأتُ بِها كفّي

فإنْ أنا لمْ أمْحَضْكَ منّي بخالِصٍ

منَ الوُدِّ صافٍ في قَرارتِه صِرْفِ

ولمْ آتِ بحْرَ المَدْحِ فيكَ لِغايةٍ

تُرى دونَها الأبْصارُ حاسِرةَ الطّرْفِ

فَلا صاغَ معْنىً يُسْتَضاءُ لنورِه

جَناني ولا خطّتْ بَناني في حرْفِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن لسان الدين بن الخطيب

avatar

لسان الدين بن الخطيب حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alkhatib@

746

قصيدة

3

الاقتباسات

591

متابعين

محمد بن عبد الله بن سعد السلماني اللوشي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله، الشهير بلسان الدين ابن الخطيب. وزير مؤرخ أديب نبيل. كان أسلافه يعرفون ببني الوزير. ولد ونشأ ...

المزيد عن لسان الدين بن الخطيب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة