الديوان » العصر المملوكي » لسان الدين بن الخطيب » إذا فاتني ظل الحمى ونعيمه

عدد الابيات : 65

طباعة

إِذَا فَاتَنِي ظِلُّ الْحِمَى وَنَعِيمُهُ

كَفَانِي وَحَسْبِي أَنْ يَهُبّ نَسِيمُهُ

ويُقْنِعُنِي أَنِّي بِهِ مُتَكَيِّفٌ

فَزَمْزَمُهُ دَمْعِي وَجِسْمِي حَطِيمُهُ

يَعُودُ فُؤَادِي ذِكْرُ مَنْ سَكَنَ الْغَضَا

فَيُقْعِدُهُ فَوْقَ الْغَضى وَيُقِمُهُ

وَلَمْ أَرَ شَيْئاً كَالنَّسِيمِ إِذَا سَرَى

شَفَى سُقمَ الْقَلْبِ الْمَشُوقِ نَسِيمُهُ

نُعَلِّلُ بالتَّذْكَارِ نَساً مَشُوقَةً

يُدِيرُ عَلَيْهَا كَأْسَهُ وَيُدِيمُهُ

وَمَا هَاجَنِي بِالْغَورِ قَدٌّ مُرَنَّحٌ

وَلاَ شَاقَنِي مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ رِيمُهُ

وَلاَ سَهِرَتْ عَيْنِي لِبَرْقِ ثَنِيَّةٍ

مِنَ الثَّغْرِ يَبْدُو مَوْهِناً فَيَشِيمُهُ

بَرَانِيَ شَوْقٌ لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ

يَسُومُ فُؤَادِي بَرْحُهُ مَا يَسُومُهُ

أَلاَ يَا رَسُولَ اللهِ نَادَاكَ ضَارِعٌ

عَلَى الْبُعْدِ مَحْفُوظُ الْوِدَادِ سَلِيمُهُ

مَشُوقٌ إِذا مَا الَّليْلُ مَدَّ رِوَاقَهُ

تَهُمُّ بِهِ تَحْتَ الظَّلاَمِ هُمُومُهُ

إِذا مَا حَدِيثٌ عَنْكَ جَاءَتْ بِه الصَّبَا

شَجَاهُ منَ الشَّوْقِ الْحَثِيثِ قَدِيمُهُ

وَتُقْرِبُهُ الآمَال مِنْكَ تَعَلُّلاً

وَيُبْعِدُهُ الْمِقْدَارُ عَمَّا يَرُومُهُ

بَرَاهُ الأَسَى إِلاَّ الرُّكُونُ إِلَى عَسَى

صَحِيحُ الْهَوَى مُضْنَى الْفُؤَادِ سَقِيمُهُ

تَدَارَكْهُ يَاغَوْثَ الْعِبَادِ بِرَحْمَةٍ

يُقَضِّيهِ دَيْنَ الْعَفْوِ مِنْهَا غَرِيمُهُ

أَيجْهَرُ بِالشَّكْوَى وَأَنْتَ سَميعُهُ

أَيُعْلِنُ بالنَّجْوَى وَأَنْتَ عَلِيمُهُ

أَتُعْوِزُهُ السُّقْيَا وَأنْتَ غِيَاثُهُ

أَتُتْلِفُهُ الْبَلْوَى وَأَنْتَ رَحِيمُهُ

وَقَدء بَثَّ مِنْكَ اللهُ فِي الْخَلْقِ رَحْمَةٌ

فَأُنْقِذَ عَانِيهِ وَأَثْرِي عَدِيمُهُ

بِنُورِكَ نُورِ اللهِ قَدْ أَشْرَقَ الْهُدَى

فَأَقْمَارُهُ وَضَّاحَةٌ وَنُجُومُهُ

لَكَ أنْهَلَّ فَضْلُ اللهِ بِاْلأَرَضِ سَاكِنَاً

فَأَنْوَاؤُهُ مُلْتَفَّةٌ وَغُيُومُهُ

وَمِنْ فَوْقِ أَطْبَاقِ الطِّبَاقِ بِكَ اقْتَدَى

خَلِيلُ الَّذِي أَوْطَاكَهَا وَكَلِيمُهُ

لَكَ الْخُلُقُ الأَرْضَى الَّذِي بَانَ فَضْلُهُ

وَمَجْدُكَ فِي الذِّكْرِ الْعَظِيمِ عَظِيمُهُ

لَكَ الْمُعْجِزَاتُ الْغُرُّ يَبْهَرُ نُورُهَا

إِذَا ارْبَدَّ مِنْ جُنْحِ الظَّلاَمِ بَهِيمُهُ

وَحَسْبُكَ مِنْ جِذْعٍ تَكَلَّمَ مُفْصِحاً

وَقَدْ دَمِيَتْ يَوْمَ الْفِرَاقِ كُلُومُهُ

وَبَدْرٍ بَدَا قِسْمَيْنِ فَالِقسْمُ ثَابِتٌ

مُقِيمٌ وَقَدْ أَهْوَى إِلَيْكَ قَسِيمُهُ

وَذَلَّ لِمَسْرَاكَ الْبُراقُ كَرَامَةً

وَسَاعَدَ مِنْهُ وَخْذُهُ وَرَسِيمُهُ

وَمَنْ فَوْقِ أَطْبَاقِ السَّمَاءِ بِكَ اقْتَدَى

خَلِيلُ الَّذِي أَوْطَاكَهَا وَكَلِيمُهُ

وَمُعْجِزَةُ الْقُرْآنِ أَجْلَى فَإِنَّهُ

عَجَائِبُهُ لاَ تَنْقَضِي وَعُلُومُهُ

تَمَيَّزْتَ قَبْلَ الْقبْلِ بِالشِّيَمِ الْعُلَى

وَآدَمُ لَمْ يَدْرِ الْحَيَاةَ أدِيمُهُ

إِذِ الْكَوْنُ لَمْ تَفْتُق يَدُ الأَمْرِ رَتْقَهُ

وَلَمْ تَمْتَزِجْ أَرْوَاحُهُ وَجُسُومُهُ

وَمَنْ نُورِكَ الْوَضَّاحِ فِي الْعَالَمِ اهْتَدَى

غَدَاةَ اقْتَدَى صَدِيقُهُ وَحَكِيمُهُ

عَلَيْكَ صَلاَةُ اللهِ يَاخَيْرَ مُرْسَلٍ

بِهِ بَانَ مِنْ نَهْجِ الرَّشَادِ قَوِيمُهُ

وَيالَيْتَ أَنِّي فِي ضَريحِكِ مُلْحَدٌ

يَرفُّ بِتَكْرَارِ الْعِهَادِ جَمِيمُهُ

يُجَاوِر عَظْمِي تُربَكَ الْعَطِرَ الشَّذَى

فَيَعْطِرُ مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ رَمِيمُهُ

تَقَضَّى كَرِيمَ الْعُمْرِ فِي غَيْرِ طَائِلٍ

كَمَا بَدَّدَ الْوَفْرَ الْغَزِيرَ كَرِيمهُ

فَآهٍ عَلَى نَفْسِي أُرَدّدُهَا أَسىً

لِوَخْطٍ أضَاءَتْ لَيْلَ فَوْدِي نُجُومُهُ

وَإِنْ كَانَ نَبْتُ الأَرْضِ مُرْتَهَنَ الذَّوَى

فَلَيْسَ سَوَاءً غَضُّهُ وَهَشِيمُهُ

جَفَانِيَ دَهْرِي وَاسْتَهَانَ بِحُرْمَتِي

فَدَهْرِيَ مَمْقُوتُ الذِّمَامِ ذَمِيمُهُ

وَفَرَّقَ مَا بَيْنِي وَيْنَ أَحِبَّتِي

فَأَنْكَادُهُ تَنْتَابُنِي وَغُمُومُهُ

فَلَوْ كَانَ يُجْدِي الْعَتْبُ أَبْلَغْتُ عَتْبَهُ

وَلَوْ كَانَ يُغْنِي اللَّوْمُ كُنْتُ أَلُومُهُ

وَلَوْ لَحَظَتْنِي مٍنْ جَنَابِكَ لَحْظَةٌ

لَمَا رَامَنِي عِنْدَ الْبَيَاتِ نُجُومُهُ

فَآوِ طَرِيداً عَائِذاً أَنْتَ كَهْفُهُ

وَذِكْرُكَ بِالْمَدْحِ الصَّرِيحِ رَقِيمُهُ

رَعَى اللهُ عَهْداً فِي رِضَاكَ وَمَأْلَفاً

مُلُوكُ الْعُلَى تُعْنَى بِهِ وَتُقِيمُهُ

وَحَيِّ بِوَادِي الْغَبْطِ دَاراً مَزُورَةً

تُوَالِي لِجَرَّاكَ النَّدَى وَتُدِيمُهُ

رَحِيبَةُ ألْطَافٍ إِذَا الْوَفْدُ حَلَّهَا

تَكَنَّفَهُمْ غَمْرُ النَّوَالِ عَمِيمُهُ

رَحِيبَةُ أَلطَافٍ إِذَا الْوَفْدُ حَلَّهَا

تَكَنَّفَهُمْ غَمْرُ النَّوَالِ عَمِيمُهُ

تَوَسَّدَ مِنْهَا التُرْبَ أَيُّ خَلاَئِفٍ

بِهِمْ دِينُكَ الأَرْضَى اسْتَقَلَّتْ رُسُومُهُ

أَئِمَّةُ عَدْلٍ أَوْضَحُوا سُبُلَ الْهُدَى

وَسُحْبُ نَوَالٍ لاَ تَشِحُّ غُيُومُهُ

وَأُسْدُ جِهَادٍ أَذْعَنَتْ لِسُيُوفِهِمْ

جَلاَلِقَةُ الثَّغْرِ الْغَرِيبِ وَرُومُهُ

فَلَوْلاَهُمْ يَاخَيْرَ مَنْ سَكَنَ الْحِمَى

لَرِيعَ حِمَاهُ وَاسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ

تَغَمَّدَهُمْ مِنْكَ الرِّضَا يَوْمَ تُقتَضَى

دُيُونُ مَقَامٍ لاَ تُضَامُ خُصُومُهُ

وَأَنَّسَهُمْ وَالرَّوْعُ يُوحِشُ هَوْلُهُ

وَأَمَّنَهُمْ وَالْحَشْرُ تُذْكَى جَحِيمُهُ

أَبُو يُوسُفٍ مُفْنِي الْعِدَى نَاصِرُ الْهُدَى

وَيُوسُفُ مِطْعَانُ الْهِيَاجِ زَعِيمُهُ

وَعُثْمَانُ غَيْثُ الْجُودِ أَكْرَمُ وَاهِبٍ

إِذَا مَا الْغَمَامُ الْجَوْنُ ضَنَّتْ سُجُومُهُ

وَعُلْيَا عَلِيِّ كَيْفَ يُجْحَد حَقُّهَا

أَنَجْحَدُ ضَوْءَ الصُّبْحِ رَاقَ وَسِيمُهُ

هُوَ الْعَلَمُ الأَعْلَى الَّذِي طَالَ فَخْرُهُ

هُوَ الْمَلِكُ الأَرْضَى الَّذِي طَابَ خيمُهُ

لَقَدْ فَاءَ ظِلُّ اللهِ مِنْهُ عَلَى الْوَرَى

فَأَيَّمُهُ مَكْفِيَّةٌ وَيَتِيمُهُ

وَجَدَّدَ مِنْهَا الْبِرَّ وَالْفَضْلَ مَجْدُهُ

وَلَوْلاَهُ كَانَتْ لاَ تَبِينُ رُسُومُهُ

وَأَوْرَثَ إِبْرَاهِيمَ سِرَّ خِلاَفَةٍ

نَمَاهُ مِنَ الْمَجْدِ الصُّرَاحِ صَمِيمُهُ

إِذَا الأَمَلُ اسْتَسَقَى غَمَامَةَ رَحْمَةٍ

فَمِنْ كَفِّ إِبْرَاهِيمَ تَكْرَعُ هِيمُهُ

وَكَمْ مِنْ رَجَاءٍ خَابَ نَظْمُ قِيَاسِهِ

فَأَنْتَجَ بِالْمَطْلُوبِ مِنْهُ عَقِيمُهُ

أَمَوْلاَيَ لاَحِظْهَا عَلَى الْبُعْدِ خِدْمَةً

لِوَالِدِكَ الأَرْضَى انْتَقَاهَا خَدِيمُهُ

تَخَيَّرَهَا فِكْرِي فَرَاقَ نِظَامُهَا

كَمَا رَاقَ مِنْ دُرِّ النُّحُورِ نَظِيمُهُ

وَكَلْتُ بِهَا هَمِّي وَأَغْرَيْتُ هِمَّتِي

فَسَاعَدَهَا هَاءُ الرَّويِّ وَمِيمُهُ

حَلَلْتُ بِهِ مُسْتَنْصِراً بِجَنَابِهِ

وَعَاهَدْتُ نَفْسِي أَنَّنِي لاَ أَرِيمُهُ

عَلَى قَبْرِهِ الزَّاكِي وَقَفْتُ مَطَامِعِي

فَمَنْ نَالَنِي بِالضَّيْمِ أَنْتَ خَصِيمُهُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن لسان الدين بن الخطيب

avatar

لسان الدين بن الخطيب حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alkhatib@

746

قصيدة

3

الاقتباسات

584

متابعين

محمد بن عبد الله بن سعد السلماني اللوشي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله، الشهير بلسان الدين ابن الخطيب. وزير مؤرخ أديب نبيل. كان أسلافه يعرفون ببني الوزير. ولد ونشأ ...

المزيد عن لسان الدين بن الخطيب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة