الديوان » مصر » أحمد محرم » قصوا الحديث عن الفريق النائي

عدد الابيات : 57

طباعة

قُصُّوا الحديثَ عن الفريقِ النّائي

وصِفوا لمصرَ مَصارعَ الشُّهداءِ

وتداركوا دينَ الجهادِ وفَسِّروا

للجاهلينَ شَرائعَ الزُّعماءِ

إيمانُ أحبارٍ وفِقهُ أئمّةٍ

ذَهبوا فَضاعَ على يدِ الفُقهاءِ

المُنكِرين على الحُماةِ وفاءَهم

المُؤثِرين تقلُّبَ الأهواءِ

القانعينَ من الحياةِ بباطلٍ

ومن المطامعِ والمُنى بهَباءِ

النّازلينَ على مَشيئةِ مَن يرى

أنّ القويَّ أحقُّ بالضُّعفاءِ

شُغِلَ الفوارسُ بالوَغى وأراهمُ

شُغلوا بِبَيْعٍ خاسرٍ وشراءِ

السُّوقُ قائمةٌ ومصر بضاعةٌ

نُكِبَتْ بأخذٍ مُوجَعٍ وعطاءِ

زعموا الشُّعوبَ لكلِّ ذي جَبَريَّةٍ

أسرابَ ضأنٍ أو قطيع إماءِ

وغَلَوْا فظنّوا اللهَ مُخلفَ وعدِه

واللهُ فوق مَزاعمِ الجُهلاءِ

يَئِسوا من العُقْبَى فتلك نُفوسُهم

تُزجَى جَنازتُها بغيرِ رجاءِ

كبّرتُ للموتى تُضيءُ قُبورُهم

وبَكْيتُ بعضَ منازلِ الأحياءِ

يهوين في لُجَجِ الظّلامِ كما هوت

هلكى السَّفينِ تَغيبُ في الدّأماءِ

أبكي على الوطنِ اللّهيفِ ولَيْتَني

أدركتُ سُؤْلي أو أَصبتُ شِفائي

هَدَّتْ جَبابِرةُ الغُزاةِ كِيانَهُ

فهوَى وتلك جنايةُ السّفهاءِ

نادوا شهيدَيْ مِصرَ في قبرَيْهما

وصِلوا دَويَّ ندائكم بندائي

نادوا اللِّواءَيْنِ اللَّذين طوى الرَّدى

فالجندُ منتظِرٌ بغيرِ لواءِ

نزل القضاءُ به فَعُوجِلَ مُصطفَى

وهوى عليٌّ فارسُ الهيجاءِ

أهوَ الجلاءُ دَها الكِنانةَ فيهما

فأثابَ كلَّ مُطالِبٍ بجلاءِ

رُزْءان ما بلَغتْ بَعيدَ مَداهما

هِممُ الخُطوبِ ولا قُوى الأرزاءِ

صَدَعا جِبالَ المشرقَيْنِ وزلزلا

أُممَ الزَّمانِ وساكِني الغبراء

يا مصرُ غُضّي من جمالِكِ واحْجُبي

سُلطانَ حُسنْكِ عن هَوى الأبناءِ

عَبَثوا بِحُرْمتِه وواجبِ حقّهِ

وجزوا صَنيعَكِ فيه شرَّ جزاءِ

هم أخطأوا معنى المحبَّةِ وادَّعوا

حِذقَ الثّقاتِ وفطنةَ الحكماءِ

أَجِدُ الحنينَ إليكِ سُلوةَ نازعٍ

وأرى تودُّدَهم أليمَ جفاءِ

ذهب اللّذان تساقيا صَفْوَ الهوى

عفَّ الكؤوسِ مُهذَّبَ النُّدَماءِ

لم يبقَ بعدهما لِمُضمِرِ لوعةٍ

من حبِّكِ المُضني سِوَى الأقذاءِ

عرفا الصَّبابةَ نَجدْةً وَمُروءةً

والحُبَّ مَحميَةً وصِدقَ بَلاءِ

فَتَدفَّعا يستهلكانِ على الصِّبى

نفْسَينِ تزدادان طولَ بقاءِ

جُودٌ كجودِ الأنبياءِ ولن تَرى

في العاشِقينَ خلائقَ البُخلاءِ

وإذا رُزِقتَ الصِّدق في أهلِ الهَوى

فالنّفسُ أهونُ قُربةٍ وفداءِ

عَجِلَ الرِّفاقُ فمزّعَتْهم نِيَّةٌ

بَعُدَ المطارُ بها عن العَنْقاءِ

خُلِقوا لِوَشْكِ نَوىً وطُولِ تَفرُّقٍ

ونَظنُّهم خُلِقوا لطول ثَواءِ

جَرَتِ الظُّنونُ الهُوجُ خلفَ مَطيِّهم

فهوَيْن من تَعبٍ وفرطِ عَياءِ

لا البرقُ مُخبرُ أيّةً ذهبوا ولا

رُسلُ البريدِ تَجِيءُ بالأنباءِ

الدّهرُ أخرسُ والبلادُ صوامتٌ

والنّاسُ بين تفجُّعٍ وبُكاءِ

والطّيرُ من غادٍ عليَّ ورائحٍ

تَهذِي بِقُربِ تجاورٍ ولِقاءِ

أَسَفِي عليهم يَرتمِي بِرِحالهم

حادي الصَّباحِ وسائقُ الظَّلماءِ

مُغفين من فَرْطِ اللُّغوبِ وما درت

تلك الجفونُ لَذاذةَ الإغفاءِ

تركوا الدّيارَ تذوبُ شوقاً بعدهم

وتَضِجُّ من أسفٍ وطولِ عناءِ

ظَلمتْ فراعِنَةُ الخُطوبِ قطينَها

وقَضى عليها الدّهرُ شرَّ قضاءِ

هي أُمّةٌ أخذَ الهوى بزمامِها

ورمَى الدُّعاةُ عُيونَها بغطاءِ

فَتدافعتْ طَوْعَ العواصفِ ترتدِي

هَبَواتِ كلِّ سفيهةٍ هَوجاءِ

ثمّ انثنتْ صَرعَى تُمجُّ كلومُها

ذَوْبَ الكِلىَ وعُصارةَ الأحشاءِ

ضاقت بها الدُّنيا فما من مَذهبٍ

والرأيُ أفيحُ واسعُ الأرجاءِ

هذا السّبيلُ فأين مُرتادُ الهُدَى

هذا الدواءُ فأين نِضوُ الدّاءِ

لِلحقِّ في ظُلَمِ الأُمورِ مَسالكٌ

بيضُ المعالمِ غيرِ ذاتِ خَفاءِ

نحن الحُماةُ الصّادقين وهذه

سِمَةُ الهُداةِ وسُنّةُ الأُمَناءِ

إن يَمْضِ أعلامُ الجِهادِ فما مَضتْ

بيضُ الظُبى ومساقطُ الأشلاءِ

فتقدَّموا يا قومِ لا يقعُدْ بكم

عند اللّقاءِ تهيُّبُ الجُبَناءِ

مِصرُ المضيمةُ تستثيرُ إباءَكم

وَلْهَى تخافُ شماتةَ الأعداءِ

ضِنُّوا بميراثِ الدُّهور وحَصِّنوا

شرفَ البنين وسُؤدُدَ الآباءِ

لا تجزَعوا للحادثاتِ تُصيبُكم

وخُذوا سبيلَ الفِتيةِ الحُنَفاءِ

الدّهرُ يومُ مَذلَّةٍ ومَهانَةٍ

والدَّهرُ يومُ حميَّةٍ وإباءِ

غَوَتِ النُّفوسُ فَسَادَ كلُّ مخادعٍ

ومَضى بأمرِ القوم كلُّ مُراءِ

هل في المشارقِ مَن يُردِّدُ صَيْحتي

أم في الكنانةِ من يُجيبُ دُعائي

إنّ الذي جَعلَ الحياةَ شريعةً

أوحَى حقائقها إلى الشُّعراءِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

442

قصيدة

1

الاقتباسات

684

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة