الديوان » مصر » أحمد محرم » اشهدي يا مصر أعمال البنين

عدد الابيات : 70

طباعة

اشهَدي يا مِصرُ أَعمالَ البَنينْ

وَاِنظُري الآياتِ حيناً بَعدَ حينْ

كَشَفَ الحِدثانُ عَن مَكنونِها

فَأَزالَ الشَكَّ عَن وَجهِ اليَقينْ

ذَلِكَ الجِدُّ فَذوقي مُرَّهُ

وَخُذيهِ مِن أَكُفِّ اللاعِبينْ

اشرَبي الكَأسَ دِهاقاً وَاِسمَعي

عِظةَ المَخمورِ بَينَ الشارِبينْ

أَنتِ خُنتِ البِرَّ إِذ لَم تَعرِفي

مَوضِعَ الخائِنِ وَالبَرِّ الأَمينْ

تَجعَلينَ الأَمرَ فَوضى ما لَهُ

مِن نِظامٍ واضِحٍ لِلمُستَبينْ

وَتَرَينَ الناسَ ناساً كُلَّهُم

مِن مَناجيدَ وَصَرعى خامِدينْ

أَضلالاً مِنكِ تَجزينَ الأُلى

أَفسَدوا الأَمرَ جَزاءَ المُصلِحينْ

وَتُقيمينَ رِجالاً نَقَضوا

عَهدَكِ الأَوفى مَقامَ المُخلِصينْ

إيهِ يا مِصرُ أَلَمّا تَعلَمي

حادِثاتِ الدَهرِ في ماضي السِنينْ

إيهِ يا مِصرُ اِذكُريها وَاِنظُري

أَيَّ شَعبٍ شَعبَكِ العاني الحَزينْ

وَكِلي الأَمرَ إِلى اللَهِ فَما

لَكِ في الدُنيا سِواهُ مِن مُعينْ

عُدَّةُ الأَقطارِ في شِدَّتِها

وَغِياثُ الأُمَمِ المُستَضعَفينْ

يَدفَعُ الأَهوالَ عَن مَكروبِها

حينَ لا يُرجى دِفاعُ الناصِرينْ

وَيُعيدُ المَيتَ مِن آمالِها

مُشرِقَ الطَلعَةِ وَضّاحَ الجَبينْ

مالِكُ المُلكِ مَضَت أَحكامُهُ

وَجَرَت أَقدارُهُ في العالَمينْ

ما لِنفسٍ قُوَّةٌ في مُلكِهِ

جَلَّ ذو القُوَّةِ وَالحَولِ المَتينْ

تَذهَبُ الهَزَّةُ مِن أُسطولِهِ

بِأَساطيلِ المُلوكِ القادِرينْ

وَإِذا ما هَمَّ يَوماً جُندُهُ

فَالمَنايا لِلجُنودِ الغالِبينْ

سائِلِ الغَبراءَ كَم مِن دُوَلٍ

ذَهَبَت آثارُها في الغابِرينْ

حَمَلَتها أَعصُراً ثُمَّ اِنطَوَت

في عُصورِ الذاهِبينَ الأَوَّلينْ

هَمَدَت في جانِبٍ مِن بَطنِها

يَسَعُ الأَحياءَ مِنّا أَجمَعينْ

سَل عَنِ التيجانِ وَاِنظُر هَل تَرى

فيهِ شَيئاً مِن عُروشِ المالِكينْ

وَتَأَمَّل هَل لَهُم في جَوفِهِ

مِن جُنودٍ أَو بُنودٍ أَو سَفينْ

قَلِّبِ التُربَ فَكَم في التُربِ مِن

دَولَةٍ صَرعى وَمِن مُلكٍ دَفينْ

مَعرضُ الأَجيالِ إِن طُفتَ بِهِ

فَتَمَهَّل وَاِتَّئِد في الطائِفينْ

وَاِجعَلِ المِصباحَ في ظُلمَتِهِ

عِبرَةَ المَوتِ لِقَومٍ مُبصِرينْ

إِنَّما الدُنيا حَياةٌ تَنقَضي

وَحَديثٌ نافِعٌ لِلذاكِرينْ

وَضَحَ الحَقُّ لِقَومٍ جاهِلينْ

فَاِنظُري يا مِصرُ ماذا تَأمُرينْ

أَنتِ لِلَهِ بِناءٌ قائِمٌ

تَلتَوي عَنهُ أُكُفُّ الهادِمينْ

صابِري الأَحداثَ مَهما مَكَرَت

وَثِقي بِاللَهِ خَيرِ الماكِرينْ

لا تُراعي إِنَّ مِن آياتِهِ

ما يُراعي فيكِ مِن دُنيا وَدينْ

اطلُبي ما شِئتِ مِنهُ وَارقُبي

حُكمَهُ في شَعبِكِ العاني الرَهينْ

أَهِيَ الأَحداثُ لا تُنصِفُنا

فَتَعالى اللَهُ خَيرُ الحاكِمينْ

وَيحَ نَفسي وَيحَ مِصرٍ كُلَّما

ذَكَرَت مِصرُ بَنيها الهالِكينْ

يَومَ جاشَ الهَولُ في أَرجائِها

فَاِتَّقَتهُ بِالشَبابِ الناهِضينْ

بِنُفوسٍ أَقبَلَت دَهماؤُها

تَتَرامى مِن أُلوفٍ وَمِئينْ

تَفتَدي مِصرَ وَتَقضي حَقَّها

وَتُريها هِمَمَ المُستَبسِلينْ

حَدِّثي يا مِصرُ عَنهُم وَاِذكُري

كَيفَ كانَت غَضبَةُ الشَعبِ الرَزينْ

أَكرميهِم وَاِحفَظي ما بَذَلوا

مِن دَمٍ غالٍ وَمِن عُمرٍ ثَمينْ

شُهَداءُ الحبِّ بَرّوا وَوَفوا

وَقَضَوا مِن حَقِّهِ ما تَعلَمينْ

عَظَّموا ما شِئتِ مِن حُرمَتِهِ

وَمَضَوا في العُظَماءِ الخالِدينْ

كَيفَ نَنساهُم وَما طالَ المَدى

كَيفَ نَنسى الأُمَناءَ الصادِقينْ

أَرَضينا الغَدرَ ديناً بَعدَهُم

فَعَلى اللَهِ جَزاءُ الغادِرينْ

كَفكَفَ الباكونَ مِن أَدمُعِهِم

فَبَكَتهُم أُمَّهاتُ المُؤمِنينْ

يا لِقَومي لِلثَكالى شَفَّها

إِذ مَضى أَبناؤُها طولُ الرَنينْ

يا لِقَومي لِليَتامى بَعدَهُم

وَالأَيامى وَالشُيوخِ الهامِدينْ

رَحمَةً لِلطِفلِ يَبريهِ الأَسى

لِلأَبِ المودي وَلِلعَمِّ السَجينْ

جَفَّ حَتّى ما تَراهُ أُمُّهُ

حينَ جَفَّت عَنهُ أَيدي المُحسِنينْ

يَطلُبُ القوتَ فَتَبكي وَلَها

جارُ سوءٍ مِن رِجالٍ مُترَفينْ

تَحمِلُ الضُرَّ وَيَشقى جَدُّها

وَهوَ يَندى نَضرَةً في الناعِمينْ

أَطيَبُ الأَنغامِ في مَسمَعِهِ

رِنَّةُ الشَكوى وَتَردادُ الأَنينْ

جُنَّ بِالدُنيا وَلا دُنيا لَهُ

غَيرُ ما أدركَ مِن عَيشٍ مَهينْ

لا يَراهُ الناسُ إِلّا جَشِعاً

بارِزَ الأَنيابِ كَالذِئبِ اللَعينْ

طاحَ بِالخَيرِ وَعَفّى رَسمَهُ

زَمَنٌ لِلشَرِّ مُنبَتُّ القَرينْ

عَلَّمَ الأَقوامَ ما عَلَّمَهُم

مِن سَجايا بَرَّحَت بِالأَكرَمينْ

ما يَوَدُّ الشَعبُ مِن أَخلاقِهِ

غَيرَ أَخلاقِ النُهاةِ الآمِرينْ

يا حُماةَ النيلِ حَسبي وَكَفى

أَيظَلُّ النيلُ لِلمُستَعمِرينْ

يا حُماةَ النيلِ صونوا مُلكَهُ

وَأَرى النيلَ لِقَومٍ آخَرينْ

بَشِّروا يا قَومُ إِنّي لَأَرى

في مَصيرِ النيلِ رَأيَ المُنذِرينْ

لا وَمَن أَلقى إِلَينا أَمرَهُ

لا تَرَكناهُ بِأَيدي الخاذِلينْ

نَحنُ حِزبُ اللَهِ صُنّا حَقَّهُ

وَحَفِظنا عَهدَهُ في الناكِثينْ

نَحنُ بايَعناهُ مُذ كُنّا عَلى

نُصرَةِ الحَقِّ وَكُنّا فاعِلينْ

إِن غَضِبنا أَو رَضينا فَلَهُ

لا نُبالي تُرَّهاتِ المُرجِفينْ

نَحمِلُ الأَقلامَ غُرّاً وَلَنا

صُحُفُ الأَبرارِ بَينَ الكاتِبينْ

ما الأَلِبّاءُ كَضُلّالِ النُهى

لا وَلا الأَحرارُ كُالمُستَعبَدينْ

ما رَضينا خُطَّةَ الغاوي وَلا

عابَنا شَأنُ الذَليلِ المُستَكينْ

يا لِقَومي جاهِدوا لا تَهنوا

وَسَيَأتي اللَهُ بِالنَصرِ المُبينْ

أَنجدوا مِصرَ إِذا ما فَزِعَت

وَأَهابَت بِالكُماةِ الباسِلينْ

احفَظوها إِنَّ مِصراً إن تَضِع

ضاعَ في الدُنيا تُراثُ المُسلِمينْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

442

قصيدة

1

الاقتباسات

686

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة