الديوان » مصر » أحمد محرم » أترى الكنانة كيف تبعث بالدم

عدد الابيات : 85

طباعة

أَتَرى الكِنانَةَ كَيفَ تَبعَثُ بِالدَمِ

اللَهَ لِلشُهَداءِ إِن لَم تَرحَمِ

أَدنى المَراتِبِ في الصَبابَةِ عِندَها

تَلَفُ المُحِبِّ وَطولُ وَجدِ المُغرَمِ

تُزجي تَحِيَّتَها فَيَكذِبُ دونَها

أَمَلُ المَلولِ وَمَطمَعُ المُتَبَرِّمِ

ضَلَّ اِمرُؤٌ قَتَلَتهُ مِصرُ فَلَم يَصُن

عَهدَ الوَلِيِّ لَها وَحَقَّ المُنعِمِ

مَعشوقَةٌ يَجري مَعَ الدَمِ حُبُّها

في قَلبِ نَصرانِيِّها وَالمُسلِمِ

المُستَبِدُّ بِنا يُريدُ فَنَرتَضي

وَيَسومُنا خَوضَ الحُتوفِ فَنَرتَمي

الآخِذُ الشُهَداءَ أَخذَ مُناجِزٍ

وَالمُستَبيحُ دَمَ الشَهيدِ الأَعظَمِ

بَعثَتهُ مِصرُ مُجاهِداً وَرَمَت بِهِ

فَرَمَت بِجَيشٍ لِلفُتوحِ عَرَمرَمِ

خاضَ الغِمارَ يَهُدُّ كُلَّ كَتيبَةٍ

وَيَهُزُّ راياتِ الكَمِيِّ المُعلَمِ

مُتَجَرِّداً لِلَهِ يَطلُبُ حَقَّهُ

وَيُقيمُ جانِبَ شَعبِهِ المُتَهَدِّمِ

فَإِذا القَياصِرُ بِالأَرائكِ تَتَّقي

وَإِذا الأَرائِكُ بِالقَياصِرِ تَحتَمي

كُلٌّ لَهُ فَزَعٌ وَكُلٌّ جازِعٌ

يَبغي القَرارَ وَلا قَرارَ لِمُجرِمِ

الظُلمُ أَجمَعُ وَالإِساءَةُ كُلُّها

بَغيُ القَوِيِّ عَلى الضَعيفِ المُرغَمِ

وَمِنَ البَلِيَّةِ أَن يُقالَ لِأُمَّةٍ

تَبغي الحَياةَ حَذارِ أَن تَتَقَدَّمي

أَعدى الذِئابِ عَلى المَمالِكِ مَن يَرى

أَنَّ الشُعوبَ فَريسَةُ المُتَهَجِّمِ

وَيَرى الشَرائِعَ في عَظيمِ جَلالِها

سَيفَ المُغيرِ وَمِخلَبَ المُتَحَكِّمِ

قُل لِلحَضارَةِ بَعدَ حُكمِ دُعاتِها

بَرِئَت دُعاتُكِ مِنكِ إِن لَم تَظلِمي

زولي فَإِن رُمتِ البَقاءَ لِحاجَةٍ

تَبغينَ بَعدُ قَضاءَها فَتَلَثَّمي

هَل تَملِكينَ مِنَ الحَياةِ عُلالَةً

أَم تَأخُذينَ مِنَ الحِفاظِ بِمَيسِمِ

كوني كَعَهدِكِ بَينَ قَومِكِ إِنَّهُم

تَرَكوكِ غَرقى في الحَديدِ وَفي الدَمِ

مَضَتِ الحَضارَةُ في جَلالِ حُماتِها

وَمَضوا بِأُبَّهَةِ الزَمانِ الأَقدَمِ

الرافِعينَ مِنَ المَمالِكِ شَأوَها

البالِغينَ بِها مَكانَ الأَنجُمِ

المُتَّقينَ اللَهَ في ضُعَفائِها

المانِعينَ حِمى الذَليلِ المُسلِمِ

الجامِعينَ عَلى الهِدايَةِ أَهلَها

الصادِعينَ غَياهِبَ الزَمَنِ العَمي

المُمطِرينَ الأَرضَ عَدلاً كُلَّها

المُنبِتينَ بِها كِبارَ الأَنعُمِ

في دَولَةٍ لِلَهِ عالِيَةِ الذُرى

دُعِمَت بِآياتِ الكِتابِ المُحكَمِ

سَطَعَ الزَمانُ بِها وَحُمَّ قَضاؤُها

فَرَمى المَمالِكَ بِالزَمانِ المُظلِمِ

يَضرِبنَ في سُبُلِ الغِوايَةِ وَالعَمى

لا يَهتَدينَ إِلى السَبيلِ الأَقوَمِ

شَعبٌ عَلى شَعبٍ يَجورُ وَأُمَّةٌ

تُلقي عَلى أُخرى مَخالِبَ ضَيغَمِ

يَشكو الجَريحُ إِلى الجَريحِ وَجُهدُهُ

بَثُّ الأَسى وَتَوَجُّعُ المُتَأَلِّمِ

فَالأَرضُ تَسبَحُ في زَلازِلَ رُجَّفٍ

وَالجَوُّ يَغرَقُ في صَواعِقَ رُجَّمِ

مَهلاً دُعاةَ العَدلِ في الأُمَمِ الَّتي

صاحَ الغُزاةُ بِشِلوِها المُتَقَسَّمِ

نُكِبَت بِكُم وَأَصابَها مِن ظُلمِكُم

بَطشُ العَسوفِ وَغَضبَةُ المُتَهَضِّمِ

هِجتُم عَلَيها الحادِثاتِ مُلِحَّةً

تَلوي بِأَعرافِ الجِمالِ الجُشَّمِ

رُدّوا الأَسِنَّةَ عَن حُشاشَةِ أُمَّةٍ

غَضبى الفُتوحِ إِلى الأَسِنَّةِ تَنتَمي

زَأَرَت فَرَوَّعَتِ الشُعوبُ وَإِنَّما

ذَكَرَت مَفاخِرَ عَهدِها المُتَصَرِّمِ

بَعَثَت إلى أمم السلام رسولَها

فأثارها كالمارجِ المتضرِّمِ

حَرباً عَلى المُتَمَرِّدينَ شَديدَةً

تَرمي بِأَسرابِ المَنايا الحُوَّمِ

جَوّالَةَ الغَمَراتِ ذائِبَةَ القُوى

تَأتي وَتَذهَبُ بِالقَضاءِ المُبرَمِ

هَزَّت يَمينُ مُحَمَّدٍ بِلِوائِها

رُكنَ السماحِ وَطَوَّحتَ بِالمِرزَمِ

حَتّى إِذا هَمَّ الأَمينُ بِنَفسِهِ

دَفَعَ اللِواءَ إِلَيهِ غَيرَ مُذَمَّمِ

يا سَيِّدَ الشُهَداءِ بَعدَ رَفيقِهِ

أَرضَيتَ رَبَّكَ في جِهادِكَ فَاِغنَمِ

لَيسَ الَّذي بَدَأَ الجِهادَ فَلَم يَمُت

إِلّا كَبادِئِحِجَّةٍ لَم تُختَمِ

وَأَجَلُّ ما رُزِقَ الرِجالُ هَمامَةٌ

تَنفي عُرامَ المَطلَبِ المُتَجَهِّمِ

تَتَجَشَّمُ الصَعبَ المَخوفَ وَعِندَها

أَنَّ المَنِيَّةَ مَركَبُ المُتجَشِّمِ

مَأوى المَمالِكِ وَالشُعوبِ وَمالَهُم

وَصَفوَكَ ظُلماً بِالغَريبِ المُعدِمِ

لَكَ مِن يَقينِكَ ثَروَةٌ إِن قُدِّرَت

قيسَت كُنوزُ العالَمينَ بِدَرهَمِ

إيمانُ ذي الإيمانِ أَعظَمُ ثَروَةٍ

وَيَقينُ ذي الوِجدانِ أَفضَلُ مَنجَمِ

ضَجَّ النُعاةُ فَضَجَّ كُلُّ مُوَحِّدٍ

وَاِرتَجَّ ما بَينَ الحَطيمِ وَزَمزَمِ

وَتَلَفَّتَت مِصرٌ لِتَنظُرَ ما جَنَت

بَرلينُ مِن حَدَثٍ عَميمِ المَأتَمِ

صَدَعَت بِبَرقٍ كَالصَواعِقِ هائِلٍ

وَرَمَت بِطَيرٍ في المَشارِقِ أَشأَمِ

وَاِستَأثَرَت بِكَ وَهيَ تَعرِفُ ضَيفَها

عِرفانَ مُحتَفِلٍ بِمِثلِكَ مُكرِمِ

برلينُ لا تَدَعي لِضَيفِكِ حاجَةً

إِلّا اِنبَعَثتِ لَها بِغَيرِ تَلَوُّمِ

إِن يَغتَبِط بِكِ لا يُشِع لَكِ قَومُهُ

حَقَّ الحَفيِّ وَلا يَدَ المُتَكَرِّمِ

أَرَأَيتِ مَطمَعَ فاتِحٍ لَم يَنقَلِب

وَشَهِدتِ مَصرَعَ فارِسٍ لَم يُهزَمِ

لا تَجحَديهِ عَلى التَغَرُّبِ حَقَّهُ

فَإِذا جَهِلتِ مَكانَهُ فَتَعَلَّمي

إِن كُنتِ مِلءَ الجَحفَلَينِ فَإِنَّهُ

مِلءُ الأَسِنَّةِ وَالظُبى وَالأَسهُمِ

مِصرُ اللُبانَةُ لا أَصابَكِ ما بِها

مِن مَأتَمٍ جَلَلٍ وَعَيشٍ عَلقَمِ

سَئِمَت مُصابَرَةَ الخُطوبِ وَمَن يَكُن

غَرَضَ الحَوادِثِ كُلَّ يَومٍ يَسأَمِ

ظَمآى إِلى وِردِ الحَياةِ فَإِن تَرِد

تَرِدِ المَنِيَّةَ في لُعابِ الأَرقَمِ

وَإِذا المَمالِكُ أَشرَقَت أَجواؤُها

نُكِبَت جَوانِبُها بِجَوٍّ أَقتَمِ

خَطِرِ المَهَبِّ يَموجُ في مُتَنَفَّسٍ

يَرمي بِآجالِ النُفوسِ مُسَمَّمِ

يَستَعصِمُ الحُرُّ الأَبِيُّ وَقَد مَشى

عِزريلُ بَينَ جَوانِحِ المُستَعصِمِ

بَعَثوا بِصاحِبِهِم يُسائِلُ ما لَنا

فَثَوى بِمَنزِلَةِ الأَصَمِّ الأَبَكَمِ

يَبغي البَيانَ وَقَد مَضى مَأثورُهُ

وَمِنَ القَضاءِ بَيانُ ما لَم يُكتَمِ

إِنَّ الحَديثَ لَوِ اِستَطَعنا مَنعَهُ

حَولَينِ مَوصولَينِ لَم نَتَكَلَّمِ

يا مِصرُ حَسبُكِ ما رَضيتِ مِنَ الأَذى

وَبَرِئتِ مِن ماضيكِ إِن لَم تَنقَمِ

ذَهَبَت عُهودُ المُستَبِدِّ ذَميمَةً

وَمَضى زَمانُ العاجِزِ المُستَسلِمِ

إِنَّ الَّتي رَمَتِ المَمالِكَ باعَدَت

بَينَ المَضاجِعِ وَالشُعوبِ النُوَّمِ

الأَرضُ تَركُضُ بِالشُعوبِ حَثيثَةً

فَاِمشي عَلى آثارِها وَتَرَسَّمي

إِن كانَ قَيدُكِ لَم يُحَلَّ فَإِنَّهُ

خُلُقُ المُريبِ وَشيمَةُ المُتَوَهِّمِ

سيري فَما بِكَ غَيرُ تِلكَ وَلابِنا

إِلّا مُراقَبَةُ العِدى وَاللُوَّمِ

يا نازِحاً لَم نَقضِ حَقَّ بَلائِهِ

اللَهُ جارَكَ فَاِغتَبِط وَتَنَعَّمِ

وَاِنفُض هُمومَكَ عَن فُؤادِكَ إِنَّنا

نَلقى الهُمومَ بِكُلِّ أَغلَبَ أَضخَمِ

إِنَّ المَناكِبَ وَالنُفوسَ بِأَسرِها

لَفِداءُ مِصرَ مِنَ المُهِمِّ المُؤلِمِ

ماذا حَفِظتَ لَأَهلِها مِن حُرمَةٍ

وَقَضَيتَ مِن حَقٍّ عَلَيكَ مُحَتَّمِ

حَيَّتكَ مِصرُ عَلى البِعادِ فَحَيِّها

وَدَعَت مُسَلِّمَةً عَلَيكَ فَسَلِّمِ

جاوَزتَ حُسنَ الصُنعِ في خُدّامِها

وَكَفيتَ سوءَ الذِكرِ مَن لَم يَخدُمِ

كَذَبَ المُضَلَّلُ لَن يَنالَكَ سَعيُهُ

إِلّا إِذا نالَ السَماءَ بِسُلَّمِ

أَقسَمتُ مالَكَ في جِهادِكَ مُشبِهٌ

وَالحُرُّ مُؤتَمَنٌ وَإِن لَم يُقسِمِ

ما زِلتَ تُسرِفُ في المَغارِمِ دائِباً

حَتّى جَعَلتَ النَفسَ آخِرَ مَغرَمِ

أَيُّ القَواضِبِ بَعدَما قَطَعَ الظُبى

وَلَوى الأَسِنَّةَ في الوَغى لَم يُثلَمِ

رَدَّدتُ صَوتي في الرِثاءِ وَإِنَّما

رَدَّدتُ مِن صَوتِ الكِنانَةِ في فَمي

حَيَّتكَ في المَلَأِ العَلِيِّ وَأَزلَفَت

حورُ الجِنانِ إِلَيكَ شَعرَ مُحَرَّمِ

أَسَفي لَأَوبَةِ راحِلٍ لَم تَقضِها

عِدَةُ المُنى وَتَحِيَّةٍ لَم تُنظَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

442

قصيدة

1

الاقتباسات

684

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة