الديوان » العصر الاموي » جرير » بان الخليط ولو طوعت ما بانا

عدد الابيات : 68

طباعة

بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما بانا

وَقَطَّعوا مِن حِبالِ الوَصلِ أَقرانا

حَيِّ المَنازِلَ إِذ لا نَبتَغي بَدَلاً

بِالدارِ داراً وَلا الجيرانِ جيرانا

قَد كُنتُ في أَثَرِ الأَظعانِ ذا طَرَبٍ

مُرَوَّعاً مِن حِذارِ البَينِ مِحزانا

يا رَبُّ مُكتَإِبٍ لَو قَد نُعيتُ لَهُ

باكٍ وَآخَرَ مَسرورٍ بِمَنعانا

لَو تَعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ لَنا

أَو تَسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا

كَصاحِبِ المَوجِ إِذ مالَت سَفينَتُهُ

يَدعو إِلى اللَهِ إِسراراً وَإِعلانا

يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي مَطِيَتَهُ

بَلِّغ تَحِيَّتَنا لُقّيتَ حُملانا

بَلِّغ رَسائِلَ عَنّا خَفَّ مَحمَلُها

عَلى قَلائِصَ لَم يَحمِلنَ حيرانا

كَيما نَقولُ إِذا بَلَّغتَ حاجَتَنا

أَنتَ الأَمينُ إِذا مُستَأمَنٌ خانا

تُهدي السَلامَ لِأَهلِ الغَورِ مِن مَلَحٍ

هَيهاتَ مِن مَلَحٍ بِالغَورِ مُهدانا

أَحبِب إِلَيَّ بِذاكَ الجِزعِ مَنزِلَةً

بِالطَلحِ طَلحاً وَبِالأَعطانِ أَعطانا

يا لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ

أَو ساقِياً فَسَقاهُ اليَومَ سُلوانا

أَو لَيتَها لَم تُعَلِّقنا عُلاقَتَها

وَلَم يَكُن داخِلَ الحُبُّ الَّذي كانا

هَلّا تَحَرَّجتِ مِمّا تَفعَلينَ بِنا

يا أَطيَبَ الناسِ يَومَ الدَجنِ أَردانا

قالَت أَلِمَّ بِنا إِن كُنتَ مُنطَلِقاً

وَلا إِخالُكَ بَعدَ اليَومِ تَلقانا

يا طَيبَ هَل مِن مَتاعٍ تُمتِعينَ بِهِ

ضَيفاً لَكُم باكِراً يا طَيبَ عَجلانا

ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ

هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا

يا أُمَّ عَمروٍ جَزاكِ اللَهُ مَغفِرَةً

رُدّي عَلَيَّ فُؤادي كَالَّذي كانا

أَلَستِ أَحسَنَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ

يا أَملَحَ الناسِ كُلِّ الناسِ إِنسانا

يَلقى غَريمُكُمُ مِن غَيرِ عُسرَتِكُم

بِالبَذلِ بُخلاً وَبِالإِحسانِ حِرمانا

لا تَأمَنَنَّ فَإِنّي غَيرُ آمِنِهِ

غَدرَ الخَليلِ إِذا ما كانَ أَلوانا

قَد خُنتِ مَن لَم يَكُن يَخشى خِيانَتَكُم

ما كُنتُ أَوَّلَ مَوثوقٍ بِهِ خانا

لَقَد كَتَمتُ الهَوى حَتّى تَهَيَّمَني

لا أَستَطيعُ لِهَذا الحُبُّ كِتمانا

كادَ الهَوى يَومَ سَلمانينَ يَقتُلُني

وَكادَ يَقتُلُني يَوماً بِبَيدانا

وَكادَ يَومَ لِوى حَوّاءَ يَقتُلُني

لَو كُنتُ مِن زَفَراتِ البَينِ قُرحانا

لا بارَكَ اللَهُ فيمَن كانَ يَحسِبُكُم

إِلّا عَلى العَهدِ حَتّى كانَ ما كانا

مِن حُبَّكُم فَاِعلَمي لِلحُبِّ مَنزِلَةً

نَهوى أَميرُكُمُ لَو كانَ يَهوانا

لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت

أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا

يا أُمَّ عُثمانَ إِنَّ الحُبُّ عَن عَرضٍ

يُصبي الحَليمَ وَيُبكي العَينَ أَحيانا

ضَنَّت بِمَورِدَةٍ كانَت لَنا شَرَعاً

تَشفي صَدى مُستَهامِ القَلبِ صَديانا

كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم

مِنّا قَريبٌ وَلا مَبداكِ مَبدانا

نَهوى ثَرى العِرقِ إِذ لَم نَلقَ بَعدَكُمُ

كَالعِرقِ عِرقاً وَلا السُلّانِ سُلّانا

ما أَحدَثَ الدَهرُ مِمّا تَعلَمينَ لَكُم

لِلحَبلِ صُرماً وَلا لِلعَهدِ نِسيانا

أَبُدِّلَ اللَيلُ لا تَسري كَواكِبُهُ

أَم طالَ حَتّى حَسِبتُ النَجمَ حَيرانا

يا رُبُّ عائِذَةٍ بِالغَورِ لَو شَهِدَت

عَزَّت عَلَيها بِدَيرِ اللُجِّ شَكوانا

إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ

قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا

يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ

وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا

يا رُبُّ غابِطِنا لَو كانَ يَطلُبُكُم

لاقى مُباعَدَةً مِنكُم وَحِرمانا

أَرَينَهُ المَوتَ حَتّى لا حَياةَ بِهِ

قَد كُنَّ دِنَّكَ قَبلَ اليَومِ أَديانا

طارَ الفُؤادُ مَعَ الخَودِ الَّتي طَرَقَت

في النَومِ طَيِّبَةَ الأَعطافِ مِبدانا

مَثلوجَةَ الريقِ بَعدَ النَومِ واضِعَةً

عَن ذي مَثانٍ تَمُجُّ المِسكَ وَالبانا

بِتنا نَرانا كَأَنّا مالِكونَ لَنا

يا لَيتَها صَدَّقَت بِالحَقِّ رُؤيانا

قالَت تَعَزَّ فَإِنَّ القَومَ قَد جَعَلوا

دونَ الزِيارَةِ أَبواباً وَخُزّانا

لَمّا تَبَيَّنتُ أَن قَد حيلَ دونَهُمُ

ظَلَّت عَساكِرُ مِثلُ المَوتِ تَغشانا

ماذا لَقيتُ مِنَ الأَظعانِ يَومَ قِنىً

يَتبَعنَ مُغتَرِباً بِالبَينِ ظَعّانا

أَتبَعتُهُم مُقلَةً إِنسانُها غَرِقٌ

هَل يا تُرى تارِكٌ لِلعَينِ إِنسانا

كَأَنَّ أَحداجَهُم تُحدى مُقَفِّيَةً

نَخلٌ بِمَلهَمَ أَو نَخلٌ بِقُرّانا

يا أُمَّ عُثمانَ ما تَلقى رَواحِلُنا

لَو قِستِ مُصبَحَنا مِن حَيثُ مُمسانا

تَخدي بِنا نُجُبٌ دَمّى مَناسِمَها

نَقلُ الحَزابِيِّ حِزّاناً فَحِزّانا

تَرمي بِأَعيُنِها نَجداً وَقَد قَطَعَت

بَينَ السَلَوطَحِ وَالرَوحانِ صُوّانا

يا حَبَّذا جَبَلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ

وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا

وَحَبَّذا نَفَحاتٌ مِن يَمانِيَةٍ

تَأتيكَ مِن قِبَلِ الرَيّانِ أَحيانا

هَبَّت شَمالاً فَذِكرى ما ذَكَرتُكُمُ

عِندَ الصَفاةِ الَّتي شَرقَيَّ حَورانا

هَل يَرجِعَنَّ وَلَيسَ الدَهرُ مُرتَجِعاً

عَيشٌ بِها طالَما اِحلَولى وَما لانا

أَزمانَ يَدعونَني الشَيطانَ مِن غَزَلي

وَكُنَّ يَهوَينَني إِذ كُنتُ شَيطانا

مَن ذا الَّذي ظَلَّ يَغلي أَن أَزورَكُمُ

أَمسى عَلَيهِ مَليكُ الناسِ غَضبانا

ما يَدَّري شُعَراءُ الناسِ وَيلَهُمُ

مِن صَولَةِ المُخدِرِ العادي بِخَفّانا

جَهلاً تَمَنّى حُدائي مِن ضَلالَتِهِم

فَقَد حَدَوتُهُمُ مَثنى وَوُحدانا

غادَرتُهُم مِن حَسيرٍ ماتَ في قَرَنٍ

وَآخَرينَ نَسوا التَهدارَ خِصيانا

ما زالَ حَبلِيَ في أَعناقِهِم مَرِساً

حَتّى اِشتَفَيتُ وَحَتّى دانَ مَن دانا

مَن يَدعُني مِهُمُ يَبغي مُحارَبَتي

فَاِستَيقِنَنَّ أُجِبهُ غَيرَ وَسنانا

ما عَضَّ نابِيَ قَوماً أَو أَقولَ لَهُم

إِيّاكُمُ ثُمَّ إِيّاكُمُ وَإِيّانا

إِنّي اِمرُؤٌ لَم أُرِد فيمَن أُناوِئُهُ

لِلناسِ ظُلماً وَلا لِلحَربِ إِدهانا

أَحمي حِمايَ بِأَعلى المَجدِ مَنزِلَتي

مِن خِندِفٍ وَالذُرى مِن قَيسِ عَيلانا

قالَ الخَليفَةُ وَالخِنزيرُ مُنهَزِمٌ

ما كُنتَ أَوَّلَ عَبدٍ مُحلِبٍ خانا

لَقى الأُخَيطِلُ بِالجَولانِ فاقِرَةً

مِثلَ اِجتِداعِ القَوافي وَبرَ هِزّانا

يا خُزرَ تَغلِبَ ماذا بالُ نِسوَتِكُم

لا يَستَفِقنَ إِلى الدَيرَينِ تَحنانا

لَن تُدرِكوا المَجدَ أَو تَشروا عَباءَكُمُ

بِالخَزِّ أَو تَجعَلوا التَنّومَ ضَمرانا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


وَلَو طُوِّعتُ ما بانا

ولو أخذ برأيي ما تركته يرحل

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالعزيز


أَقرانا

أقران: حبل يجمع بين البعيرين والمراد هنا ما كان بينه وبين محبوبته

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالعزيز


بانَ الخَليطُ

البَين هو الفراق والبُعد، والخليط هو المخالِط للإنسان، الصاحب أو الصديق الذي يشاركه في أمور حياته، أو يخالط قلبه بالحب كما في سياق القصيدة.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


وَلَو طُوِّعتُ ما بانا

ولو أنَّ الحياة والظروف تطيعني وتنقادُ لرغبتي بالشكل الذي أريدهُ لما حصل الفراق

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


أَقرانا

هو حبلٌ يجمع البعيرين ببعضهما، والشاعر يريد هنا ما كان بينه وبين محبوبته من مودّة وقُرب.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


المَنازِلَ

هي الدّور التي يقيم فيها الناس.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


الأَظعانِ

مفردها ظعينة، وهي المرأة التي توضع في الهودج فوق الجَمَل لتسافر عليه.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


طَرَبٍ

هو الاهتزاز من شدة الحزن أو من شدّة الفرح، وهي في سياق القصيدة الاهتزاز من الحزن الشديد.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


مُرَوَّعاً مِن حِذارِ البَينِ

أي: مُصابًا بالذُّعر من خوفِ الفقدِ.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


صاحِبِ المَوجِ

الإنسان الذي يقود سفينة وسط الأمواج، والموج هو الماء المتدفق المتقاذف بالتتابُع.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


المُزجي مَطِيَتَهُ

أي السائق لدابّتِهِ، الذي يدفعها برفق لتمضي في سبيلها الذي يريده لها.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


حُملانا

هو ما تُحمل عليه الهدايا من الإبل وغيرها من الدوابّ التي كانوا يستخدمونها في السفر.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


مُستَأمَنٌ

هو الإنسان الأمين الذي يأتمنهُ الناس على أموالهم وأعراضهم.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


الغَورِ

اسم موضع، وهو في الأصل يعني الأرض المنحدرة، وهنا في القصيدة تعني مكان إقامة أهل المحبوبة.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


الطَلحِ

فهو شجر خفيف ترعاه الإبل.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


أَردانا

واحدها "ردن" وهو الكم الواسع، وطيب الأردان عند العرب كناية عن الإنسان الشريف الطاهر.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


طَيبَ

هي طَيبة اسم المرأة التي يتغزل بها، ويحتمل أن يكون تورية لمعنى الطِّيب أي العطر

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


يُصبي الحَليمَ

أي يجعل الشيخ الكبير في السن والعقل صبيا من شغفه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو محمد جودة حمدان


ضَنَّت بِمَورِدَةٍ

أي بخلت برؤيتنا لها أو محادثتنا إياها

تم اضافة هذه المساهمة من العضو محمد جودة حمدان


مِهُمُ

أصلها من هم وهذا ما يسمى بالنحت اللغوي ومثله فالأرض أي في الأرض .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو محمد جودة حمدان


مِهُمُ

أصلها من هم وهذا ما يسمى بالنحت اللغوي ومثله فالأرض أي في الأرض .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو محمد جودة حمدان


قَلائِصَ

ناقة مكتلمة الخلقة فتية تستخدم للترحال البعيد.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو سهل


الخَودِ

الحسناء بديعة الصنع والمنظر.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو سهل


مَثانٍ

ذؤابة شَعرها الذي عقد مثنياً بعضه على بعض.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو سهل


حَوَرٌ

شدة البياض في بَياض العين مع شدة السواد في سوادها

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالعزيز الفالح


معلومات عن جرير

avatar

جرير حساب موثق

العصر الاموي

poet-jarir@

289

قصيدة

16

الاقتباسات

1430

متابعين

جرير بن عطية بن حذيفة الخَطَفي بن بدر الكلبيّ اليربوعي، من تميم. أشعر أهل عصره. ولد ومات في اليمامة. وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم - وكان هجاءاً مرّاً - ...

المزيد عن جرير

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة