الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » فجع المشرقين خطب جليل

عدد الابيات : 80

طباعة

فجع المشرقين خطب جليل

وعرى المغربين حزن طويل

مات في الغرب سيد الشرق ضيفا

واذا الغرب بالأسى مشمول

واذا الشرق من نعي زعيم الشرق

ولهان فكره مشلول

فوق ذي اللجتين موج مثار

وعلى الساحلين منه ذيول

أسى الشرق للفجيعة لما

غار برهان الشرق عنه يزول

ذهبت كلها الزعامة في الشر

ق فلا منقذ ولا تعويل

ان رزء البلاد بالملك الرا

حل من غير اوبة لثقيل

حمل الشرق منه شطرا ومنه الغرب

شطرا فلم يخف الحميل

عندما مات فيصل انشق عنه

لعيون ستاره المسدول

فرأوه على الحقيقة وتا

داً كشمس ضياؤها موصول

كان يرنو لوحدة العرب الغر

بعين شعاعها التأميل

رب آثار كالنجوم وضاء

هي للدهر غرةوحجول

فيصل مات فالعروبة ثكلى

مالها للسلو عنه سبيل

فعلى فيصل العروبة تبكي

وعلى فيصل البكاء قليل

وعزيز على العروبة ان يغمد

في قبر سيفها المسلول

فيصل قد قضى ففي كل بيت

بالفراتين رنة وعويل

قد مضى بالحامي الزماع عجولا

ونأى بالراعي يحث الرحيل

بعد ان بلغ الرسالة بالحق كما

يفعل النبي الرسول

فبكاه الفرقان حزنا عليه

وبكاه التوراة والانجيل

كان كالكوكب الذي قد عراه

قبل ان يأتي الاوان افول

او كسيف مجرد للتقاضي

من قراع الاحداث فيه فلول

كان يسعى الى اعادة مجد

فقدته العراق وهو اثيل

يوم لم يبق في العراق لصرح

المجد مجد الآباء الا طلول

خر من جوه شهاب المعالي

وهوى طود اللاجئين الطويل

كان اما رفعت طرفاً اليه

يرجع الطرف عنه وهو كليل

كان ان قال خاطباً يحسب

السامع منه ان السماء تقول

لم يكن في ظنى ولا ظن غيري

ان ضوء الشعرى العبور يزول

غير ان المنون في كل نفس

سنة الله ما لها تبديل

كان والعزم يملأ الصدر منه

عنده المستحيل لا يستحيل

تخذته لها اماما شباب

تتسامى الى العلا وكهول

رأيه مثل سيفه قاطع عند

التلاحي ومثله مصقول

يقرأ الحادثات في حلكة الشك

بعين منها لها قنديل

عرجت روحه الى الموطن الاعلى

بليل يدله جبريل

وبه رحبت ملائكة العر

ش كما ينبغي له التبجيل

ان يوما قد مات فيصل فيه

هو يوم فيه العزاء قليل

ان خطبا هز الشآم ومصرا

والعراقين والحجاز جليل

لو سألت البلاد ايكم الثا

كل قال الجميع اني التكول

مثلما نبكي فيصل اليوم تبكي

بعدنا جيل فيصل ثم جيل

اندبي يا قريش سيدك الصقر

فقد غاله من الليل غول

آه يا نفسي قد تقلص ظل

كان للاجئين فيه مقيل

امروا بالصبر الجميل ومن اين

لدامي الفؤاد صبر جميل

كيف اسلوا وكيف لا اترك لد

مع من العين حيث شاء يسيل

ثم جاؤا به خفافاً على طيارة

في جناحها تعجيل

فاحطت به الجماهير افرا

جا وعبت كما تعب السيول

فعيون من المدامع شكرى

وصدور للحزن فيها غليل

ورؤس نواكس ورقاب

في خشوع منها الى الغش ميل

وعلى ظهر مدفع حملوه

انما يحمل الجليل الجليل

وكأن الجموع بحر خضم

قد اثارته شمأل او قبول

لمن النعش خلفه الناس يبكون

عليهم كآبة وذهول

ولمن هذه البنادق والاعلام

منكوسة وهذا المويل

كنت لاستشفاء نزلت ببرن

مؤثراً طبها وانت عليل

ومللت البقاء فيها غريباً

تشتكي الداء والمريض ملول

فتيممت دار ملكك محمو

لا وقد لاقى حتفه المحمول

وشجاني بالليل في كل بيت

من حماماته عليك الهديل

دفن الشعب جسم فيصل في قبر

كما يدفن الخليل الخليل

وابتغى نظرة الوداع اليه

واذا دونها التراب يحول

موقف فيه ادمع القوم صرعى

دمها فوق ارضه مطلول

موقف تنطق العواطف فيه

بتباريحها وتعيا العقول

سيدي قم من قبرك الضنك واخطب

فالجماهير حاشدون مثول

عد الينا فما فراغك ذا يملؤه

الا شخصك المأمول

انت ما مت بل رحلت سليما

ومن العين للقلوب الرحيل

ثابت انت والليالي توالى

خالد انت والسنون تدول

كان منا لك الهتاف طويلا

واذا ذلك الهتاف عويل

ينشأ المرء من تراب وماء

واخيراً اليهما يستحيل

قلت للدهر عاتبا انت عمّا

هو يؤذى قلوبنا المسؤول

قال اني من الوجود كغيري

بنواميس صعبة مكبول

ايها القلب لا يهولنك موت

ليس في هذا الموت شيء يهول

قد بلوت الحياة وهي بلتني

فكلانا من الفه مملول

يا لها من رواية كلما مثلها

الدهر هاجني التمثيل

يا لها من رواية ذات شجو

ملئت بالدماء منها الفصول

وكأني كوخ عفته الاعاصير

فلم تبق منه الا طلول

انا مهد اليك فيصل شعري

فتقبله انه اكليل

غير شعري الذي سيبقى ندّيا

ايّ دمع على ثراك اذيل

هو من رقة كدمعي في الحز

ن على نفسه يكاد يسيل

افرحي بعد الحزن نفسي وطيبي

ان غازي من فيصل لبديل

لمعت نارهم وقد عسعس الليل

ومل الحادي وتاه الدليل

فيصل الباني مات فليحى غازي

انه ذو الجلالة المأمول

ملك ان تزره يعجبك منه

نظر نافذ ورأى اصيل

سر بالتاج فهو تاج ابيك الفرد

والعرش عرشه المكفول

انت فرع له واكرم بفرع

وسليل له ونعم السليل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

138

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة