الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » حملته بين احشائي بلا برم

عدد الابيات : 44

طباعة

حملته بين احشائي بلا برم

اغذوه فيها الى وضعي له بدمي

وكان اما نهاري جاء من فكري

وكان اما بليلي نمت من حلمي

وضعته بعد آلام مؤملة

وفي المؤمل تخفيف من الالم

وبعد وضعي له ساقيت نبعته

حولين بالدر من ثديي بلا سأم

وطالما قمت في ليلي اراقبه

وطالما نام في حضني ولم انم

وكنت انظر ساعات اليه فلا

ارى هنالك الا وجه مبتسم

وشب ينمو كخوط البان مزدهراً

حتى تناسق من فرع الى قدم

وفاق كل قرين في ثقافته

فكان اشهر من نار على علم

حتى اذا قلت ان الدهر من مقة

مسالم لي وان السعد ملتزمي

اصابني في وحيدي غير مكترث

لما بقلبي من حب ومن ضرم

فرام بي حين جاء الموت يخطفه

تشبثا ثم لما اقتيد لم يرم

اجل تحفز يبغي الموت غيلته

فنال منه كذئب القرة النهم

سطا عليه بجنح الليل مختطفاً

واغتاله قبل وجه الصبح من امم

ولست تاللَه انسى حسن طلعته

ولا حلاوة ذاك اللفظ والكلم

فكان ان جاء في امر يكلمني

في سمعي الصوت منه احسن النغم

وكان صورته من خير ما نظرت

عيني وشيمته من اكرم الشيم

وسوف ابقى على الايام ذا كرةً

لما هنالك من عزم ومن شمم

اما هواه فملء القلب يشبعني

مسرة واسمه المحبوب ملء فمي

وكنت آمل عونا منه في كبرى

على صروف زماني ثم في هرمي

وللسعادة ايام قد انصرمت

اما شقائي فهذا غير منصرم

واحر قلباه من نار قد اضطرمت

من سورة الثكل فيه أي مضطرم

كأن قلبي بركان به انحبست

نيرانه مع ما فيه من الحمم

يا دهر انك لم تعطف على كبرى

وما رحمت بياض الشعر في لممي

قد اخترمت اعز الناس قاطبة

علي تقسو فهلا كنت مخترمي

وقد بنيت به الآمال شاهقة

فيا شواهق آمالي به انهدمي

ما ان ذكرتك الا صحت مجهشة

بني فقدك جرح غير ملتئم

يا كوكب الصبح قل لي اين انت وقل

لي اين ما كان يذكو فيك من ضرم

قالوا سيرجع حيا بعد ميتته

وهل سيرجع معدوم من العدم

الا اذا شاء بي فهو مقتدر

على اعادة آلاف من الرمم

لكنما اللَه لو شاء الحياة لهم

ما سلط الموت محتوما على الامم

استغفر اللَه ان الحزن دلهني

حتى تعثرت الالفاظ في كلمي

اني اذا كان ربي لم يضع رشدي

فليس الا بحبل اللَه معتصمي

اللَه يبعث موتانا ليجزيهم

على طواعية في الامر او اثم

واللَه يمقت مكارا ومنتقما

واللَه اكبر مكار ومنتقم

ادهى الكوارث ما يشقى الجميع به

والحادث الفرد دون الحدث العمم

وما اتهامك دهرا لا اختيار له

فيما يجيء من الاحداث والازم

وهل اذا الجلم المشحوذ اوسعنا

قرضاً نعاتب الا صاحب الجلم

لا تحزننّ اذا اصبحت متهما

فلست وحدك يا دهري بمتهم

الارض والشمس والاقدار قاطبة

لم تنج واحدة منها من التهم

ما الدهر في سيره الا كدائرة

وما الحدوث سوى شكل من القدم

ونحن الا فقاقيع مبعثرة

في لج بحر بعيد الغور ملتطم

اني لاحقر نفسي ثم احقرها

اذا تصورت ما للكون من عظم

لقد تنقدني ناس قد انغمسوا

في الجهل لا يكتبون النون بالقلم

يخفون في الضوء كالخفاش انفسهم

ولا يطيرون الا في حمى الظلم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

138

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة