الديوان » العصر العثماني » الهبل » قد آن أن تلوي العنان وتقصرا

عدد الابيات : 130

طباعة

قَد آنَ أنْ تَلْوي العِنَانَ وتقصرَا

أوَمَا كفاكَ الشّيبُ ويْحَكَ مُنْذِرا

كم ذا يُعيدُ لكَ الصِّبا مَرُّ الصبَّا

مَهْمَا سَرى والبَرقُ وَهْناً إن شَرى

حَتَام لاَ ينفكُ قلبُكَ دَائِماً

لِهوَى الغَواني مَوْرِداً أو مَصْدَرا

وإلامَ يَعْذلكَ المناصِحُ مُشْفِقاً

فتقول دَعْني ليسَ إلاّ ما تَرى

وإلى مَتى تَزدادُ مِن مُقَلِ الظِّبا

وخدودِهنّ تَدَلُّهاً وتَحيُّرا

ولَكمْ تَذوبُ تَشَوّقاً وصَبَابةٌ

وتَظَلّ تُجْري من عيونِكَ أَنْهُرا

أضحَى حديثُ غديرِ دَمعِكَ شهرةً

يحكي حَديثَ غديرِ خُمٍّ في الورى

أكرمْ بهِ من مَنزلٍ في ظلِّه

نَصَبَ المهيمنُ للإمامةِ حَيْدَرا

نصَّ النبيُّ بها إذاً عن أمرِه

في حَيدرٍ نصَّاً جَليّاً نيّرا

إذْ قام في لَفْحِ الهجيرة رافعاً

يدَه لأمْرٍ ما أقامَ وهَجرا

صِنوُ النبّي محمدٍ ووصيُّه

وأبو سَليليْهِ شَبير وشبَرا

مَن ذا سواهُ مِن البريّة كلّها

زكّى بخاتمه ومَدَّ الخنْصُر

مَنْ غيرُه رُدّتْ لَه شمسُ الضّحَى

وكفاهُ فضلاً في الأَنامِ ومَفخرا

مَنْ قَامَ في ذات الإله مجَاهداً

ولِحَصْدِ أعداءِ الإله مُشمراً

مَنْ نامَ فوقَ فراشِ طه غيرُه

مُزْمِّلاً في برْدِهِ مُدَّثِّرا

مَنْ قطَّ في بَدْرٍ رؤوس حُماتِها

حَتّى علا بدرُ اليَقين وأسفرا

مَنْ قَدَّ في أُحدٍ ورودَ كُماتِها

إذ قَهْقَر الأسدُ الكميّ وأدبرا

مَنْ في حُنَينِ كانَ ليثَ نِزالِها

والصَّيدُ قد رَجَعتْ هناكَ إلى الورى

مَنْ كان فاتحَ خيبرٍ إذ أدْبرتْ

عَنْها الثلاثةُ سَلْ بذل خيبرا

مَنْ ذا بها المختار أعَطَاه اللّوا

هَلْ كانَ ذلك حيدراً أم حَبترا

أفَهَلْ بَقي عُذرٌ لِمَنْ عَرفَ الهدى

ثُم انْثَنَى عَنْ نَهجهِ وتغيّرا

لاَ يُبعدِ الرَّحمن إلاّ عصبةً

ضلّتْ وأخطأتِ السَّبيل الأنورا

نبذُوا كتابَ الله خلْف ظهورِهم

لِيخالفُوا النَصَّ الجليَّ الأَظْهرا

واللهِ لو تركُوا الإمامةَ حيثما

جُعِلَتْ لما فَرَعَتْ أميّةُ منْبَرا

جعلوهُ رابعَهُم وكانَ مُقَدّماً

فيهمْ ومأموراً وكانَ مُؤمَرا

وتَعمَّدوا مِن غَصْب نِحْلةِ فَاطمِ

وَسِهَامِها الموروث أمراً مُنكَرا

يا مَنْ يُريدُ الحقَّ أَنْصِتْ واسْتمِعْ

قولي وكُنْ أَبَداً لَهُ مُتَدَبِّرا

إِرْبَأْ بِنَفْسِك أَنْ تَضِلَّ عَنِ الهدى

وَتَظلَّ في تِيهِ الْهوَى مُتَحيرَا

أَنَا نَاصحٌ لَكَ إنْ قَبِلتَ نَصِيحَتي

خَلِّ الضّلالَ وخُذْ بحجْزةِ حيدرا

مَنْ لَمْ يكُنْ يأتي الصِّراطَ لَدَى القضا

بجوازِهِ مِنْ حَيْدَرٍ لَنْ يَعْبُرا

والَيتُهُ وبَرِئْتُ مِنْ أَعْدائِهِ

إذ لاَ ولاء يكونُ مِن دُون البَرا

قُلْ لِلَّنواصِبِ قَدْ مُنِيتُمْ مِن شَبَا

فِكْري بِمَشْحُوذِ الْجوانب أَبْتَرا

كَمْ ذا إلى أبناء أحمد لم يزَلْ

ظُلماً يدبُّ ضريركُم دَبَّ الضَّرى

أَنَا مَنْ أَبا لِيَ بغضَ آلِ محمّدٍ

مَجْدٌ أنافَ على مُنيفَاتِ الذُّرى

أخواليَ الغُرّ الأكارم هَاشمٌ

وإذَا ذكرتُ الأَصلَ أذكرُ حِميرا

غرسٌ نَما في المجدِ أورقَ غُصنُهُ

بِوِدادِ أبناءِ النبيّ وأثمرا

شرفي العظيم ومفخري أنّي لَهُمْ

عبدٌ وحُقّ بِمثلِ ذا أن أَفخرا

لَن يعتريني في اقتفاء طريقِهم

ريبُ يصدُّ عن اليقينِ ولا أمْتِرَي

هذي عقيداتي التي ألْقَى بها

ربَّ الأنام إذا أتيتُ المحشرا

إنّي رجوت رِضَى الإله بحبّهمْ

وجعلتُه لي عندهم أقوى العُرى

يا أيّها الغادي المجدّ بجَسْرةٍ

يَطْوي السَّباسِبَ رَائِحاً ومُبكْرَا

جُزْ بالغريّ مُسَلَّماً مَتواضعاً

ولِحُرّ وجهْك في ثراهُ معفّرا

حيثُ الإمامة والوصايةُ والوزارة

والهُدى لا شكَّ فيه ولا َ مِرا

والْممْ بقبرٍ فيهِ سَيدة النّسا

بأبي وأمّي ما أبرَّ وأظهرَا

قبَلْ ثراها عَن مُحّبٍ قلبُهُ

ما انفكَ جاحم حُزنِه مُشعِّرا

مُتَلهَفٌ غضبان مِمّا نالَها

لا يَستطيعُ تجلّداً وتَصبرَا

وأفِضْ إلى نَجل النبيّ محمدٍ

والسّبط مِنْ رَيحانَتَيْهِ الأكْبَرا

من طلّق الدنيا ثلاثاً واغْتدى

للضرّةِ الأُخرى عليها مُؤْثرا

مُسْتَسْلِماً إذ خانَه أَصحابُهُ

وعراهُ من خُذلانِهم ما قد عرا

واستعجل ابنُ هندٍ موتَهُ

فسَقَاه كأساً لِلْمنَيةِ أعفرا

وقُل التحية مِنْ سميّك مَن غدا

بكمُ يُرجَي ذنبَهُ أن يُغْفرا

وبكَرْبلا عَرّجْ فإنّ بِكَربلا

رِمَماً منعْنَ عيونَنا طَعْمَ الكَرى

حيث الذي حزنَتْ لمصرعِه السَّما

وبكَتْ لمقتلِه نجيعاً أحمرا

فإذا بلغتَ السُّؤل من هذا وذَا

وقضْيتَ حقاً لِلّزيارةِ أكبرا

عُجْ بالكُناسةِ باكياً لِمصارعٍ

غُرّ تذوب لها النفوسُ تَحَسُّرا

مَهما نسيتُ فلَسْتُ أنسى مَصْرعاً

لأبي الحُسين الدِّهرَ حتى أقبرا

ما زلتُ أسألُ كلّ غادٍ رائحً

عن قبره لم أَلْقَ عنهُ مُخْبِرا

بأبيْ وبيْ بَلْ بالخلائِق كلّها

مَن لاَ لَهُ قبرٌ يُزارُ ولا يُرَى

مَن نابذَ الطَّاغي اللّعينَ وقادَها

لِقتالِه شُعْثَ النَّواصي ضُمَّرا

مَنْ باعَ من ربِّ البريّة نفسَهُ

يا نِعْمَ بائِعِها ونِعْمَ من اشترى

مَنْ قَامَ شاهرَ سيفِه في عُصْبَةٍ

زيديّة يَقّفُو السَّبيلَ الأنورا

مَن لا يسامي كُلُّ فَضْلٍ فَضْلَهُ

مَن لا يُدانَي قَدْرُه أنْ يُقْدرا

مَن جاءَ في الأخْبارِ طيبُ ثنائِه

عن جدّه خيرِ الأَنام مُكرّرا

مَنْ قالَ فيهِ كقولِه في جدّه

أَعْني عَليّاً خيرَ مَنْ وطأَ الثرى

مِنْ أنّ مَحضَ الحقّ معْهُ لم يكن

متقّدماً عنهُ ولا متأخّرا

هو صفوةُ الله الَّذي نَعشَ الهدى

وحبيبُهُ بالنصِّ من خيرِ الورى

ومُزَلْزلُ السَّبعِ الطّبَاق إذا دهَا

ومُزعزعُ الشُّمِّ الشوامخِ إن قَرا

كلٌّ يقصّرُ عن مَدَى ميدانِه

وهو المجلّى في الكرامِ بلا مِرا

بالله أَحلِفُ أنّه لأجَلُّ مَنْ

بعد الوصيّ سِوَى شَبير وشبّرا

قد فاق سادةَ بيتهِ بمكارمٍ

غرّاء جَلَّتْ أن تُعَدّ وتُحصرَا

بسماحةٍ نَبَويّةٍ قَد أخْجَلَتْ

بِنَوالِها حتّى الغمامَ الممطِرا

وشجاعةٍ علويّةٍ قد أَخْرسَتْ

ليتَ الشّرى في غابهِ أنْ يَزأرا

ما زالَ مُذْ عَقَدَت يداه إزارَهُ

لم يَدْرِ كذْباً في المقال ولا افْتِرا

لمَّا تكامَلَ فيه كلُّ فضيلةٍ

وسرَى بأفقِ المجدِ بدراً نَيّرا

ورأى الضَّلالَ وقد طغَى طوفانهُ

والحقّ قد ولَّى هُنالكَ مُدْبرا

سلَّ السيوفَ البيضَ من عزماتِه

ليؤيّدَ الدينَ الحَنيفَ ويَنْصرا

وسرَى على نُجب الشهادة قاصداً

دَارَ البقا يا قرب ما حَمِدَ السُّرى

وغَدا وقد عقَد اللوا مُسْتَغْفِراً

تحتَ الّلِوا ومُهَلّلاً ومُكَبّرا

للهِ يحمدُ حينَ أكملَ دينَه

وأنَنَالَهُ الفضلَ الجزيلَ الأوفرا

يُؤلي أليَّةَ صادقٍ لو لَمْ يكن

لي غير يحي ابْني نصيراً في الورى

لم أثنِ عزمي أو يعودُ بي الهدى

لاَ أَمْتَ فيه أوْ أموت فَأُعذرا

ما سَرَّني أنّي لقيتُ محمداً

لَمْ أُحْيِ مَعْروفاً وأنكرْ مُنكرا

فأتوا إليهِ بالصّواهِل شُزَّباً

وبيعْملات العيس تَنْفخ في البُرَى

وبكلّ أبيض باترٍ وبكلّ أزرق

نافذٍ وبكل لَدْنٍ أسمرا

فغدَتْ وراحتْ فيهمُ حَمَلاتُه

وسقاهُم كاسَ المنيّة أحمرا

حتّى لقد حَبُنَ المشجَعُ مِنهُم

وانْصَاعَ ليثهُم الهصور مُقَهْقِرا

فهناكَ فوّق كافِرٌ من بينهمْ

سَهماً فشقّ بهِ الجبينَ الأزهرا

تركوه مُنْعَفِر الجبين وإنّما

تركوا به الدّين الحنيفَ معفَّرا

عَجَباً لَهُمْ وهُمْ الثَّعالبُ ذِلّةً

كيفَ اغتدى جَزْراً لهم أسَدُ الشَرى

صلبوه ظُلماً بالعراءِ مجرداً

عَنْ بُرْدِهِ وحَموه مِنْ أنْ يُسترا

حتّى إذا تركوه عرياناً على

جذعٍ عتوّاً منهمُ وتجبّرا

نَسَجتْ عليهِ العنكبوتُ خيوطَها

ضِنَّاً بعَوْرته المصونةِ أن تُرى

ولِجِدّه نسجَتْ قديماً إنها

لَيَدٌ يحقّ لمثلِها أن تُشكرا

ونَعَتْهُ أطيار السماء بواكياً

لمّا رأتْ أمراً فظيعاً مُنكرا

أكذَا حَبِيبُ الله يا أهلَ الشقَا

وحَبيبُ خير الرسْلِ يُنْبذُ بالعَرا

يا قُربَ ما اقْتَصِّيتمُ منْ جدّه

وذكرتمُ بدراً عليه وخَيْبَرا

أمَّا عليك أبا الْحُسَينِ فلَمْ يزلْ

حُزني جديدَ الثّوبِ حتّى أُقبرا

لم يَبْقَ لي بَعدَ التجلّد والأسى

إلاّ فنائي حسرةً وتفكّرا

يا عُظم ما نالَتهُ مِنك مَعَاشِرٌ

سُحقاً لهم بين البريّة معشرا

قادوا إليكَ المُضْمَرات كأنَّما

يغزون كِسْرى وَيْلَهُمْ أو قيصَرا

يَا لَوْ دَرَتْ مَنْ ذَا لَهُ قيدَتْ لَمَا

عَقَدَتْ سَنابكُها علَيْها عِثيرا

حتّى إذا جرَّعتهم كأسَ الرَّدى

قتلاً وأفْنَيتَ العديدَ الأكثرا

بَعَثَ الطّغاةُ إليكَ سهماً نَافذاً

مَن راشَهُ شُلَّتْ يَداهُ ومَن بَرى

يا لَيتني كنتُ الفِداءَ وإنَّهُ

لم يجرِ فيكَ من الأعادي ما جرى

باعوا بقتلِكَ دِنَهم تَبّاً لَهُمْ

يا صفقَةً في دِينهم ما أخْسَرا

نَصَبوك مَصْلوباً على الجذع الذي

لَوْ كَانَ يدْري مَنْ عليه تكَسَّرا

واسْتَنزلوكَ وأضرموا نيرانَهْم

كيْ يُحرقوا الجسْمَ المصونَ الأَطْهَرا

فَرموكَ في النّيرانِ بُغْضاً مِنهمُ

لِمُحَّمدٍ وكراهةً أن تُقبَرا

ولَكَادَ يُخفيك الدُّجَى لو لَمْ يَصِرْ

بجَبينِكَ الميمونِ صُبحاً مُسْفِرا

وَوَشَى بتُرْبتِكَ التي شَرُفَتْ شَذىً

لولاهُ ما علمَ العدوّ ولا درى

طيبٌ سَرَى لكَ زائراً مِن طَيْبَةٍ

ومن الغَرِيّ يخالُ مِسْكاً أَذْفرا

وذروا رمادَكَ في الفراتِ ضلالَةً

أتُرى دَرَى ذاري رمادكَ ما ذَرى

هَيهات بل جَهلوا لطِيب أَريجهِ

أرمادَ جسمكَ ما ذَروْا أم عَنْبَرا

سعدَ الفراتُ بقرْبه فَلو أنَّه

ملْحٌ أُجاجٌ عادَ عَذباً كوثرا

وجزاء نُصحِكَ حينَ قمتَ بأمرِه

وسَرَيتَ بدراً في الظلام كما سرى

فاسْعَدْ لَدَى رِضْوان بالرِّضوان منْ

ربِّ السماءِ فما أَحقّ وأَجْدرا

يهنيكَ قد جاورتَ جدّك أحمدا

وأَنالكَ اللهً الجزاءَ الأَوفَرا

أهوِنْ بهَذي الدَّارِ في جنْبِ التي

أَصْبحتَ فيها لِلنّعيمِ مُخيّرا

لو كانَ للدُّنيا لَدى خَلاّفها

قَدْرٌ لَخْوّلكَ النّصيبَ الأكثرا

بَلْ كنتَ عِندَ الله جَلَّ جلالُهُ

مِن أن يُنيلكَها أجلّ وأخطرا

يا ليتَ شعري هل أكون مجاوراً

لكَ أم تردّني الذّنوبُ إلى الوَرا

أَأُذادُ عنكمْ في غدٍ وأنا الّذي

لي مِن وِدَادِكَ ذمةٌ لَنْ تُخفَرا

قُلْ ذا الفَتى حَضَر الِّلقا مَعنا وإنْ

أَبْطَا بهِ عنّا الزّمانُ وأخّرا

يا خيرَ مَن بقيامِه ظَهَر الهُدى

في الأرضِ ونهزَمَ الضَّلالُ وقَهْقرا

عُذراً إذا قَصرتْ لديكَ مدايحي

فيحقّ لي يا سيّدي أن أعْذَرا

لم أجْرِ في مَدْحِيكَ طِرفَ عبارةٍ

إلاّ كبا مِن عَجزه وتَقَطّرا

أَتخالني لِمدَى جَلالِكَ بالغاً

اللهُ اكبرُ ما أجلَّ وأكبرا

ماذَا الّذي الْمعصومُ دونَكَ حازَه

إذْ لم تزلْ مما يشينُ مطهّرا

صلَّى عليكَ اللهُ بعد محمدٍ

ما سارَ ذِكرُكَ مُنْجداً أو مُغْوِرا

والآل ما حَيّا الصِّبا زَهْرَ الرُّبَى

سَحراً وعَطّرَ طيبُ ذِكركَ منبرا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الهبل

avatar

الهبل حساب موثق

العصر العثماني

poet-alhbal@

374

قصيدة

1

الاقتباسات

49

متابعين

حسن بن عليّ بن جابر الهبل اليمني. شاعر زيدي عنيف، في شعره جودة ورقة. من أهل صنعاء، ولادة ووفاة. أصله من قرية (بني الهبل) وهي هجرة من هجر (خولان). له (ديوان ...

المزيد عن الهبل

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة