الديوان » العصر العباسي » أبو الفتح البستي » زيادة المرء في دنياه نقصان

عدد الابيات : 63

طباعة

زيادَةُ المَرء في دُنياهُ نقصانُ

وربْحُهُ  غَيرَ محض الخَير خُسرانُ

وكُل  وِجدانِ حَظٍّ لا ثَباتَ لَهُ

فإنَّ  مَعناهُ في التَّحقيق فُقْدانُ

يا عامِراً لخَرابِ الدَّهرِ مُجتهِداً

باللهِ هل لخَرابِ العمر عُمرانُ

ويا حَريصاً على الأموالِ تَجمَعُها

أُنْسِيتَ  أنَّ سُرورَ المالِ أحْزانُ

زَعِ  الفؤادَ عنِ الدُّنيا وزينتها

فصَفْوُها كَدَرٌ والوَصلُ هِجْرانُ

وأَرعِ سَمعَكَ أمثالاً أُفَصِّلُها

كما يُفَصَّلُ يَاقوتٌ ومَرْجانُ

أحسِنْ إلى النّاسِ تَستَعبِدْ قُلوبَهُمُ

فطالَما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ

يا  خادمَ الجسم كم تشقى بِخدمته

أتطلب الربح فيما فيه خسران

أقبل  على النفس واستكمل فضائلها

فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان

وإنْ أساءَ مُسيءٌ فلْيَكنْ لكَ في

عُروضِ  زَلَّتِهِ  صَفْحٌ وغُفرانُ

وكُنْ على الدَّهر مِعواناً لذي أمَلٍ

يَرجو نَداكَ فإنَّ الحُرَّ مِعْوانُ

واشدُدْ  يَدْيكَ بحَبلِ الله مُعتَصِماً

فإنَّهُ الرُّكْنُ إنْ خانَتْكَ أركانُ

مَنْ  يَتَّقِ الله يُحْمَدُ في عَواقِبِه

وَيكفِهِ  شَرَّ مَنْ عزُّوا ومَنْ هانُوا

مَنِ استعانَ بغَيرِ اللهِ في طَلَبٍ

فإنَّ  ناصِرَهُ عَجزٌ وخِذْلانُ

من كان للخير منّاعا فليس له

على  الحقيقة إخوان وأَخدانُ

مَنْ جادَ بالمالِ مالَ النَّاسُ قاطِبَة

إلَيهِ والمالُ للإنسان فَتّانُ

مَنْ سالَمَ النّاسَ يسلَمْ من غوائِلِهمْ

وعاشَ وَهْوَ قَريرُ العَينِ جَذْلانُ

مَنْ كانَ للعَقلِ سُلطانٌ عَلَيهِ غَدا

وما على نَفسِهِ للحِرْصِ سُلطانُ

مَنْ مّدَّ طَرْفاً لفَرطِ الجَهلِ نحو هَوى

أغضى على الحَقِّ يَوماً وهْوَ خَزْيانُ

مَنْ عاشَرَ النّاسَ لاقى مِنهُمُ نَصبَاَ

لأنَّ  سوسَهُمُ بَغْيٌ وعُدْوانُ

ومَنْ يُفَتِّشْ عنِ الإخوانِ يقلِهِمُ

فَجُلُّ إخْوانِ هَذا العَصرِ خَوّانُ

منِ استشارَ صُروفَ الدَّهرِ قامَ لهُ

على حقيقةِ طَبعِ الدهر بُرهانُ

مَنْ يَزْرَعِ الشَّرَّ يَحصُدْ في عواقبِهِ

نَدامَةً  ولِحَصدِ الزَّرْعِ إبّانُ

مَنِ  استَنامَ إلى الأشرار نامَ وفي

قَميصِهِ  مِنهُمُ صِلٌّ وثُعْبانُ

كُنْ رَيَّقَ البِشْرِ إنْ الحُرَّ هِمَّتُهُ

صَحيفَةٌ وعَلَيها البِشْرُ عُنْوانُ

ورافِقِ الرِّفْقَ في كُلِّ الأمورِ فلَمْ

يندّمْ رَفيقٌ ولم يذمُمْهُ إنسانُ

ولا  يَغُرَّنْكَ  حَظٌّ جَرَّهْ خرَقٌ

فالخَرْقُ هَدمٌ ورِفقُ المَرءِ بُنْيانُ

أحسِنْ  إذا كانَ إمكانٌ ومَقدِرةٌ فلن

يَدومَ  على الإحسانِ إمكانُ

فالرَّوضُ يَزدانُ بالأنْوَارِ فاغِمةً

والحُرُّ بالعدلْ والإحسانِ يَزْدانُ

صُنْ حُرَّ وَجهِكَ لا تهتِكْ غِلامتهُ

فكُل حُرٍّ لِحُرِّ الوَجهِ صَوّانُ

فإنْ  لَقِيتَ عدُوّاً فَالْقَهُ أبَداً

والوَجهُ  بالبِشْرِ والإشراقِ غَضّانُ

دَعِ  التكاسُلَ في الخَيراتِ تطلُبُها

فليسَ  يسعَدُ بالخَيراتِ كَسْلانُ

لا  ظِلَّ للمَرءِ يعرى من تُقىً ونُهىَ

وإن أظلَّتْهُ أوراقٌ وأغصانُ

والنّاسُ أعوانُ مَنْ وَالتْهُ دولَتُهُ

وهُمْ  علَيهِ إذا عادَتْهُ أعوانُ

سَحْبانُ من غَيرِ مالٍ باقِلٌ حَصرٌ

وباقِلٌ في ثَراءِ المالِ سَحْبانُ

لا  تُودِعِ السِرَّ وَشَّاءً يبوحُ بهِ

فما رعى غَنَماً في البدَّوِّ سِرْحانُ

لا  تَحسَبِ النَّاسَ طَبْعاً واحِداً فَلهُمْ

غرائزٌ لسْتَ تُحصِيهن ألوانُ

ما  كُلُّ  ماءٍ كصَدّاءٍ لوارِدِه

نَعَمْ ولا كُلُّ نَبْتٍ فهو سَعْدانُ

لا  تَخدِشَنَّ بِمَطْلٍٍ وَجْهَ عارِفَةٍ

فالبِرُّ يَخدِشُهُ مَطْلٌ ولَيّانُ

لا تَستشِرْ غيرَ نَدْبٍ حتازِمٍ يَقِظٍ

قدِ  اسْتَوى فيه إسْرارٌ وإعْلانُ

فللِتدابيرِ فُرْسانٌ إذا ركِبُوا

فيها أبَرُّوا كما للِحَربِ فُرْسانُ

وللأمور  مَواقيتٌ مُقَدَّرَةٌ

وكُلُّ  أمرٍ  لهُ  حَدُّ ومِيزانُ

فلا تكُنْ عَجِلاً بالأمرِ تطلُبُهُ

فليسَ  يُحمَدُ قبل النُّضْجِ بُحْرانُ

كفى  مِنَ العيشِ ما قدْ سَدَّ من عَوَزٍ

ففيهِ  للحُرِّ إن حققت غُنيانُ

وذو  القَناعَةِ راضٍ من مَعيشَتِهِ

وصاحبُ الحِرْصِ إن أثرى فَغَضبْانُ

حَسْبُ الفتى عقلُهُ خِلاًّ يُعاشِرُهُ

إذا  تحاماهُ  إخوانٌ  وخُلاّنُ

هُما  رضيعا لِبانٍ حِكَمةٌ وتُقىً

وساكِنا  وَطَنٍ  مالٌ وطُغْيانُ

إذا نَبا بكريمٍ موطِنٌ فلَهُ

وراءهُ  في بسيط الأرض أوطانُ

يا  ظالما فرحا بالعزِّ ساعَدَه

إن كنت في صلة فالظهر يقظانُ

ما استَمْرأ الظُّلْمَ لو أنصْتَ آكِلُهُ

وهلْ  يلَذُّ مَذاقَ المرء خُطْبانُ

يا  أيُّها العَالِمُ المَرضِيُّ سيرَتُهُ

أبشِرْ فأنتَ بغَيرِ الماءِ رَيانُ

ويا أخَا الجَهلِ لو أصبَحْتَ في لُجَجٍ

فأنتَ  ما بينَها لاشَكَّ ضمآنُ

لا تحسَبَنَّ سُروراً دائماً أبَداً

مَنْ  سَرَّهُ  زمَنٌ ساءتْهُ أزمانُ

إذا جفاك خليلٌ كنت تألفه

فاطلب سواه فكل الناس إخوانُ

وإن نبَتْ فيك أوطان نشأت بها

فارحل  فكل بلاد الله أوطانُ

يا  رافِلاً في الشَّبابِ الرحب مُنتشِياً

مِنْ  كأسِهِ هلْ أصابَ الرُّشْدَ نَشْوانُ

لا تَغتَرِرْ بشَبابٍ رائقٍ نظِر ٍ

فكَم تَقدَّمَ قَبَل الشّيْبِ شُبّانُ

ويا  أخَا الشَّيبِ لو ناصَحتَ نفسَكَ

لم يكُنْ لمثِلكَ في اللَّذاتِ إنعامُ

هبِ  الشَّبيبَةَ تُبْذي عُذرَ صاحبها

ما عُذْرُ أشَيبَ يَستهويهِ شَيْطانُ

كُلُّ  الذُّنوبِ  فإنَّ الله يغفِرها

إن  شَيَّعَ المَرءَ إخلاصٌ وإيمانُ

وكُلُّ  كَسْرٍ فإنَّ الدين يَجبُرُهُ

وما لِكَسرِ قَناةِ الدِّينِ جُبْرانُ

خذها  سوائر أمثالٍ مهذَّبةً

فيها لمن يبتغي التِّبيانَ تِبيانُ

ما  ضرَّ حسَّانَها والطبع صائِغُها

إنْ يقُلْها قَريعُ الشِّعرِ حَسّانُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


وثُعْبانُ

من سكن إلى الأشرار فكأنما ليس قميصه على الأفاعي.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


وإعْلانُ

لا تستشر غير العقلاء. والندب الخفيف في الحاجة الظريف النجيب.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


كَسْلانُ

جرت العادة ألا يجتمع الكسل والسعادة.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


إحسانُ

الإحسان يستعبد الإنسان.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


ومَرْجانُ

أصغ إلى النصائح التي سأنظمها لك نظم الياقوت والمرجان.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


معلومات عن أبو الفتح البستي

avatar

أبو الفتح البستي حساب موثق

العصر العباسي

poet-abu-alfath-albusti@

733

قصيدة

8

الاقتباسات

306

متابعين

علي بن محمد بن الحسين بن يوسف بن محمد بن عبد العزيز البستي، أبو الفتح. شاعر عصره وكاتبه. ولد في بست (قرب سجستان) وإليها نسبته. وكان من كتّاب الدولة السامانية ...

المزيد عن أبو الفتح البستي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة