الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » ما كف شاديه اعتراض عتابه

عدد الابيات : 44

طباعة

ما كفَّ شادِيَهُ اعتراضُ عتابِه

بل زادَه طرباً إلى أطرابِه

وأرى الصبابةَ إرْبةً لو لم يَشُبْ

يوماً حلاوتَها الفراقُ بصَابِه

هو موقِفٌ برَزتْ بُدورُ خيامهِ

للبَينِ واعترضتْ شموسُ قِبابِه

راحوا بمثلِ الرِّيمِ لولا ما أرى

من وَشْيِه وشُنوفِه وخِضابِه

مُترَدِّدٌ في الجَفْنِ ماءُ شُؤُونِه

متحدِّرٌ في الخَدِّ ماءُ شَبابِه

يهتزُّ غُصْنُ البانِ تحتَ ثيابِه

ويُضئُ بدرُ اللَّيلِ تحتَ نِقابِه

فالحُسْنُ ما يُخْفيهِ من تُفَّاحِه

خَفَراً وما يُبْديه من عُنَّابِه

أَيعودُ أَيَّتُها الخيامُ زمانُنا

أَم لا سبيلَ إليه بعدَ ذَهابِه

أيامَ أدفعُ عتبَه بعِتابِه

عني وأمزُجُ كأسَه برُضابِه

فسقاكِ ساقي المُزْنِ أعذبَ صَوبِه

وحَباكِ مُذْهِبُ غَيمِه بذَهابِه

نزعَ الوُشاةُ لنا بسَهْمِ قطيعَةٍ

تُرمى بسهمِ قطيعةٍ تَرمي بِه

ليتَ الزَّمانَ أصابَ حَبَّ قلوبِهم

بقنا ابنِ عبد الله أو بِحرابِه

بسلاحِ مُعتَلِّ السِّلاحِ وإنما

يعتلُّ بين طِعانِه وضِرابِه

ألوى إذا استلبَ المغاورُ بَزَّه

كانت نفوسُ الصيِّدِ من أسلابِه

ظَلَمَ التليدَ وليس من أعدائِه

وحبا الحسودَ وليس من أحبابِه

فالغيثُ يخجَلُ أن يلِمَّ بأرضِه

والليثُ يَفرَقُ أن يُطيفَ ببابِه

يغشى القِراعَ وينثني وسماتُه

في غَرْبِ مُنصُلِه وفي جِلبابِه

كالليثِ آثارُ اللقاء مُبيَّنَةٌ

في لِبدَتَيْهِ وفي شَبا أنيابِه

عَلِمَتْ ملوكُ الرومِ أنَّ حياتَها

ومماتَها في عَفوِه وعِقابِه

في كلِّ عامٍ غزوةٌ يَقضي بها

أَرَبَ القَنا وينالُ من آرابِه

أوفى فسدَّ شِعابَهم بعَرَمْرَمٍ

يغشى الفضاءَ الرَّحْبَ سَيلُ عُبابِه

كالطَّوْدِ لا تَثْنيهِ عن مُتمنِّعٍ

حتى يَدُقَّ رقابَه برقابِه

تُزْجي المَنُونَ جيادُه مخزومةً

بالحَزمِ أو يُحْدَى الرَّدى بركابِه

حتى تفسَّحَ في مجالسِ قَيصَرٍ

متحكِّماً في تاجِه ونهابِه

اللهُ جرَّدَ من عليٍّ سَيفَه

فحمى وذَبَّ عن الهُدى بذُبابِه

قَوْلِي إذا ضاقت عليَّ مذاهبي

من لي برَحْبِ العيشِ بينَ رِحابِه

فارقتُ مشربَه الذي لا تنطفي

غُلَلُ الحَشا إلا ببَردِ شَرابِه

ودخلتُ أبوابَ الندامةِ بعدَما

عصفَت بيَ الأحداثُ عن أبوابِه

هي زَلَّةُ الرأي التي نَكصَ الغِنَى

من سُوءٍ عُقباه على أعقابِه

فوحَقِّ نِعمَتِه عليَّ وطَوْلِه

قسَماً يقول السامعون كفى بِه

ما سَوَّلَتْ لي النَّفسُ هجرَ جَنابِه

عند الرحيل ولا اجتنابَ جِنابِه

أنَّى وقد نِلتُ السماءَ بقُرْبِه

وبلغْتُ قاصيةَ المُنى بثَوابِه

وحَوَيتُ فضلَ المالِ من إفضالِه

ومحاسنَ الآدابِ من آدابِه

وسحبت برد الكبرياء مفوفا

بالعجب لما صرت من طلابه

لكنَّه رأيٌ حُرِمْتُ رَشادَهُ

وبَعُدْتُ عن تسديدهِ وصَوابِه

لا أحمَدُ الأيامَ بَعْدَ بَتاتِها

سبباً وصلتُ إليه من أسبابه

أأقومُ بين يَدَي سواه مؤمِّلاً

وأُنيخُ راحلةَ الرَّجاءِ ببابِه

هيهاتَ لستُ بشائمٍ برقَ امرئٍ

حتى يكونَ سَحابُهُ كَسَحَابِه

سَأهُزُّ بالكِلَمِ المُهذَّبِ عِطفَه

طَرَباً وأخلُبُ لبَّه بخلابِه

بِدَعٌ لو أنَّ الصَّبَّ يستَشفي بها

ألمَ الفِراقِ شَفَتْه من أوصابِه

وأحشُّها والليلُ قد سترَ الرُّبا

بدُجاه أو حَجَبَ الصُّوى بِحجابِه

حتى يعودَ الشَرْقَ لابسَ حُلَّةٍ

من أرجوانِ الفَجرِ أو زِريابِه

فعسى الزَّمانُ يَبُلُّ حَرَّ جوانحي

بصَفاءِ مَوِرِدِه وبَردِ حَبَابِه

فأفوزَ بالعَذْبِ النَّميرِ وينطوي

كَشْحُ الحسودِ على أليمِ عَذابِه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

110

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة