الديوان » العصر المملوكي » الطغرائي » إذا لم يعن قول النصيح قبول

عدد الابيات : 78

طباعة

إِذا لم يُعِنْ قولَ النصيحِ قَبولُ

فإنَّ معاريضَ الكلامِ فُضُولُ

أقِلَّا خِلافِي وهو مما يسوؤُني

وليس لمن يهوَى الخلافَ خليلُ

ومن شِيَمي رَدُّ النصيحِ بغيظِهِ

وتركي وعورَ القولِ وهي سُهولُ

خُذا في حديثٍ غيرِ لومي فإنَّهُ

وربِّ الهدايا المُشعَراتِ ثقيلُ

إِذا كان رأيي غيرَ ما تريانِهِ

فأضْيَعُ شيءٍ ما يقولُ عَذولُ

أيا أثلاتِ القاعِ أمّا عروقُها

فَريَّا وأمَّا ظِلُّها فبليلُ

لكِ اللّهُ هل مرَّتْ بقُربكِ رُفقةٌ

وأنضاءُ عِيسٍ سيرُهنَّ ذميلُ

إِذا هبَّ عُلويُّ الصَّبَا فرقابُهمْ

إليه وأعناقُ النواعجِ مِيْلُ

فمن كل نضوٍ حنَّةٌ وتشوّقٌ

ومن كلِ صَبٍّ رنَّةٌ وعويلُ

ويا نُغْبةً بالأجرع الفردِ عَذْبَةً

أراكِ ولكنْ ما إليكِ سبيلُ

ويا ليلُ حتى الشُّهبُ فيكَ مريضةٌ

وحتَّى نسيمُ الفجر فيكَ عليلُ

ويا جِيرتي بالجِزْعِ جسميَ بعدكُمْ

نحيلٌ وطرفي بالسُّهاد كحيلُ

عهِدتُ به غصنَ الشبيبةِ مورِقاً

فخانَ وخنتمْ والوفاءُ قليلُ

وأودعتُكم قلبي فلما طلبتُهُ

مَطلتمْ وشرُّ الغارمينَ مَطُولُ

فإنْ عُدْتمُ يوماً تُريدونَ مُهْجَتِي

تمنَّعتُ إلا أنْ يُقامَ كفيلُ

ويا أيُّها الغادي تحمَّلْ رسالةً

على ما بِها إنَّ الحديثَ طويلُ

وقلْ لِلأُلى حلُّوا الحِمى سقى الحِمَى

عزاكمْ فإنَّ العامريَّ قتيلُ

به غُلَّةٌ لا يملِكُ الماءُ بردَها

وشجوٌ سِوى ما تعلمونَ دخيلُ

ألا حبّذا شَدُّ الركائبِ ضَحْوةً

وللظِلِّ في أخفافهِنَّ مَقِيلُ

ومُذْقَةُ ظِلٍّ بين غُصْنَي أراكةٍ

وقد كادَ مِيزانُ النهارِ يميلُ

ومن شِيحِ نجدٍ نفحةٌ سَحَريةٌ

تساهَمَ فيها شَمْأَلٌ وقَبُولُ

ومرتجزٌ بالرعدِ يرضِعُ دَرُّهُ

نباتَ رياضٍ مسَّهُنَّ ذُبولُ

وعاجمةٍ عودي ولم تدرِ أنَّهُ

صليبٌ يرُدُّ النابَ وهو كليلُ

تُخوِّفُني ريبَ الزمانِ وأنَّهُ

شروبٌ لأشلاءِ الكِرامِ أكُولُ

وتأمرني بالمال أوكي عِيابَهُ

وهيهاتَ مني أن يقالَ بخيلُ

وكيف أخافُ الدهرَ يَحْرُقُ نابَهُ

ورأيُ عماد الدين فِيَّ جميلُ

إِذا امتَحْتُ يوماً جَمَّةً من نوالِه

سقانيَ سَجْلٌ من نَداهُ سجيلُ

رواءٌ كإيماضِ الغَمامةِ مونقٌ

وبِشرٌ كصدرِ المشرفيِّ صقيلُ

وعزمةُ مطرود الرُّقادِ يدُلُّهُ

على الغيب رأيٌ ما يكادُ يَفيلُ

إلى أن ينالَ المجدَ إلّا تغلُّباً

وبعضُهمُ عند الطِلابِ ذليلُ

وشاغبَ ريبَ الدهرِ وهو يَضيمُهُ

وكلُّ كريمٍ يُستَضامُ صَؤولُ

وغارَ على مُلكٍ مُضاعٍ وكاشحٍ

مطاعٍ يردُّ الأمرَ وهو سحيلُ

ورشَّحَ مشبوحَ الذارعينِ ضَيْغَماً

له في ظِلال السَّمْهريّةِ غِيْلُ

غلائِلُه أدراعُه وكؤوسُهُ

مخوف عِداهُ والنجيعُ شَمولُ

له هَيبةٌ تسري أمامَ جُنودِه

ورأيٌ بمُستنِّ الغُيوبِ يجولُ

وجُرْدٌ على أكتافِها المُرْدُ جُثَّمٌ

فُحولٌ على أكبادِهنَّ كُهولُ

وعوجٌ لها بين الضُّلوعِ أزاملٌ

وبيضٌ لها فوقَ الرُؤوسِ صَلِيلُ

ونقعٌ صفيقُ الطُّرَّتينِ كأنَّما

على صفحاتِ الشمس منه سُدُولُ

يَرُدُّ على وَجْهِ الصَّبَاحِ لِثَامَهُ

إِذا حانَ من صبغِ الظلام نُصُولُ

فقلْ للذين استعذبوا الغَدْرَ مشرَبَاً

رويداً فَرعْيُ الغادرينَ وبيلُ

أديروا كُؤوسَ الرَّاحِ إنَّ وراءَها

كُؤوساً من السمّ الذُعافِ يغُولُ

وجُرُّوا ذيولَ الخفضِ حتى تزورَكُمْ

مُشَمِّرةٌ ليست لهنَّ ذُيولُ

جنودٌ طلاع الأرضِ يحمي لواءَها

قَؤولٌ لما قال الكِرامُ فعولُ

فلا أرضَ إلا طبَّقَتْهَا حوافرٌ

ولا جوَّ إلا جَلَّلَتْهُ نُصولُ

ستغرى بأطرافِ البنان نواجِذُ

إِذا التفَّ يوماً بالرعيلِ رعيلُ

وتطفحُ أحناءُ الشِعابِ عليكمُ

بسَيْلٍ له هامُ الكُماةِ حميلُ

وكلُّ قَرارٍ بالجَماجمِ تلعةٌ

وكلُّ مَغيضٍ بالدِّماءِ مَسِيلُ

فإنْ سئِمتْ حملَ الرؤوسِ رقابُها

فبالبيضِ شوقٌ نحوَها وغليلُ

فلوذوا بحَقو العفوِ منه فإنَّه

جوادٌ به حتى يُقالَ غَفُولُ

وإنْ غلبتكم شِقْوةُ الجَدِّ فاعلموا

بأن ديارَ الناكثينَ طُلولُ

أحقّاً هممتمْ باللِّقاءِ لعلَّكُمْ

بدا لكُمُ أنَّ الطِباعَ تحولُ

فتُمسي البُغاثُ الكُدْرُ وهي جوارحٌ

وتُضحي اللّقاحُ الخُورُ وهي فحولُ

فعزماً غياثَ الدولةِ اليومَ إنَّهم

فرائسُ منهم مُقْعَصٌ وأكِيلُ

همُ جَلبُوا الخيلَ العِتاقَ وأجلبُوا

عليك فحَشْوُ الخافِقَيْنِ صَهِيلُ

ولاذُوا بأكراد البوادي وعُرْبهم

ومن كلِّ جيلٍ أمةٌ وقبيلُ

هُمُ ذخَرُوا الأعمارَ والمالُ عندَهمْ

لكفِّك تُفنِي ذخرَهمْ وتُنيلُ

هدايا لحدِّ المرهفاتِ مسوقةٌ

فهل عندَ حدِّ المرهفاتِ قَبولُ

عدوُّكَ بين العار والسيفِ واقفٌ

يميلُ مع الإِدبارِ حيثُ يميلُ

فإنْ فرَّ لم يَعْدَمْ شِفاءً وإن ثَوى

فأمُّ الذي يبغي الثَّواءَ ثكُولُ

كأنَّهمُ لم يشهدوا أمسِ مشهداً

تشابَه فيه مُقْصِرٌ ومُطِيلُ

يقاتلُ عنك الرأيُ لا الرمحُ بلَّهُ

نجيعٌ ولا بالباتراتِ فُلولُ

ولا بُرقِعَتْ بالقَسْطلِ الجَون غُرَّةٌ

ولا غُيِّبتْ بين الدِماء حُجولُ

سرى كيدُكَ اليقظانُ والنجمُ راقِدٌ

تُجابُ سهولٌ نحوَهمْ وهجولُ

وأدركتَ ثأرَ الدينِ من متمرِّدٍ

طغَى وهو شَخْتُ المنصبينِ ضئيلُ

تُقِرُّ وتمحو المُلْكَ حيث تُريدُهُ

وأنتَ مُديلٌ مرةً ومُذيلُ

تميلُ إِلى ذِي دولةٍ فتُعِزُّها

وتعدِلُ عن ذِي دولةٍ فتُزيلُ

أعِزَّة أملاكِ البلادِ أذِلَّةٌ

لديكَ وصعبُ الحادثات ذَلولُ

فما غرّهمْ واللّهُ ناصرُ حزبِهِ

بأبيضَ طاغي الحدِّ حينَ يصولُ

فإنْ أعجبتهمْ نوبة سلفتْ لهم

فأنتَ لأُخرى ضامنٌ ووكيلُ

إليكَ عِمادَ الدين غرّاءَ طلقةً

تنافَسُ فيها أعينٌ وعقولُ

إِذا أُنشدتْ حُلّ الحُبَى طَرباً لها

وأصغَى إليها عالمٌ وجَهُولُ

وما أبتغِي إلا رِضَاكَ ثوابَها

وذاك ثوابٌ لو علمتَ جَزيلُ

فأنتَ الذي جلَّلتني منكَ أنْعُماً

لها موقعٌ بين الأنامِ جَليلُ

منيلٌ إِذا ما كان منِّيَ خدمةٌ

وإن سبقتْ لي عثرةٌ فمُقِيلُ

وخبَّرني تقليبيَ الناسَ بُرهةً

بأنك فردٌ والأنامُ شُكُولُ

وما يستوي وُدُّ المقلّدِ والذي

له حُجَّةٌ في ودِّهِ ودليلُ

فعُدْ بي إِلى اللُّطفِ الذي كنتَ واصِلاً

جَناحي به إن الكريمَ وَصُولُ

وعِشْ سالماً في باعِ ملككَ بسطةٌ

تدومُ وفي أيامِ عمرِك طُولُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الطغرائي

avatar

الطغرائي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Tughrai@

375

قصيدة

4

الاقتباسات

184

متابعين

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي. شاعر، من الوزراء الكتاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب ...

المزيد عن الطغرائي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة