الديوان » لبنان » ناصيف اليازجي » تناقض الرأي بين الناس والعمل

عدد الابيات : 36

طباعة

تَناقضَ الرَّأيُ بينَ النَّاسِ والعَمَلُ

والكُلُّ يَرضَى بما فيهِ ويقَتبِلُ

إن كانَ ذلكَ مَقبُولاً بِرُمَّتِهِ

فليسَ بينَ الوَرى عَيبٌ ولا زَلَلُ

النَّاسُ في الأرضِ كالأشجارِ قامَ بها

حُلوٌ ومُرٌّ ومُعْوجٌّ ومُعتَدِلُ

وكُلُّ صِنفٍ لهُ وَقتٌ يُرادُ بهِ

فَلا يَصِحُّ لهُ من غَيرهِ بَدَلُ

مَن كانَ في النَّاسِ مولوداً على صِفَةٍ

فليسَ للنَّاسِ في تَغْييرها أمَلُ

إذا تَمكَّنَ خُلقُ السُّوءِ في رَجُلٍ

كما إذا استحَكَمَتْ في جِسِمهِ العِلَلُ

لا يستطيعُ بخيلٌ أنْ يجُودَ ولو

حَوَى من المالِ ما لا تَحمِلُ الإبِلُ

وكُلَّما رُمتَ تَشديدَ الجَبانِ على

شجاعةٍ زادَ فيهِ الجُبنُ والفَشَلُ

إنَّ الكريمَ الذي لا مالَ في يَدهِ

مِثلُ الشُّجاعِ الذي في كَفِّهِ شَلَلُ

والمالُ مِثلُ الحَصَى ما دَامَ في يَدِنا

فليسَ يَنفَعُ إلاّ حينَ يَنتقِلُ

إنَّ الذي قسَمَ الأخلاقَ قد قَسَمَ ال

أرزاقَ تجري إلى أن يُقسَمَ الأجَلُ

يا رُبَّ قومٍ سَعَوا بالجَهلِ فانتَصَروا

ورُبَّ قومٍ سَعَوا بالعَقلِ فانخَذلوا

وقَلَّ من طابَقَتْ دُنياهُ حِكمَتُهُ

مِثلَ الأمينِ الذي اعتزَّت بهِ الدُوَلُ

ذاك الذي يَجمعُ السَيفِينِ سَيفَ يدٍ

وسَيفَ رأيٍ وكُلٌّ به كَلَلُ

بالجِدِّ قَومٌ وقَومٌ بالجُدودِ لهُم

فخرٌ وهذا على الأمرَينِ يَشتَمِلُ

من آلِ رَسْلانَ من لَخْمٍ لهُ نسَبٌ

إلى تَنُوخَ إلى قَحْطانَ يتَّصِلُ

سَقَتْ شَقائقَ نُعمانٍ بِمَنْبِتِهِ

ماءُ السَّماءِ التي يَجري بها المَثَلُ

قُلْ للخَوَرنَقِ قد أنشا الزَّمانُ لنا

مَنْ رَبُّهُ اللهُ لا منْ رَبُّهُ الهُبَلُ

مَنْ يَقرَعُ الذِّكرُ والأورادُ مِسَمعَهُ

لا ناقةُ العَطَنِ الهَوجاءُ والجَمَلُ

تِلكَ المُلوكُ أساسٌ قامَ مُنتصِباً

عليهِ قَصرٌ بَناهُ الخالقُ الأزَلُ

خُلاصةٌ قد تَصَفَّت من عَشائِرِها

كما تَصفَّى لنا من شَهدِهِ العَسَلُ

لَقد وَجدنا بني رَسلانَ طائفةً

مثلَ الأهلَّةِ بالتَّدريجِ تَكتَمِلُ

أليومَ نالت كمالَ البدرِ فاقتصَرَتْ

إذ لا كمالَ إلى ما فَوقَهُ يَصِلُ

كُنَّا نُعظِّمُ إسماعيلَ من قِدَمٍ

فصَغَّرَ الدَّهرُ ما تَستعظِمُ الأُوَلُ

قد كانَ ذلكَ فوقَ الغَربِ رابيةً

واليومَ هذا على كُلِّ الرُّبَى جَبَلُ

هُوَ الكريمُ الذي تُملى القُلوبُ بهِ

أُنساً وتُجلَى بمَرأى وَجههِ المُقَلُ

لا تَسبِقُ الفعلَ من إنجازِهِ عِدَةٌ

ويَسبِقُ السَّيفَ من إنصافِهِ العَذَلُ

رَحيبُ صَدرٍ تَضيعُ النَّائِباتُ بهِ

ولا تَضيقُ على آرائهِ السُبُلُ

تَخفَى على مِثلِنا أسرارُ حِكمتِهِ

كما تَحجَّبَ عن أبصارِنا زُحَلُ

ألبستُهُ من مديحي خاتَماً نَقَشَتْ

فيهِ شَهادَتَها الأملاكُ والرُسُلُ

نَقشٌ إلى الدَّهرِ لا يُمحَى لهُ أثَرٌ

حتى تَزُول وتُمحَى السَّبعَةُ الطُوَلُ

قُلْ للأميرِ الذي من نَقدِهِ وَجَلٌ

يَغشَى القَوافي ومن تَقصيرِها خَجَلُ

عارٌ علينا مديحٌ فيكَ مُنتحَلٌ

وأنتَ في النَّاسِ بِدْعٌ ليسَ تنتَحِلُ

يا سيفَ دولةِ قَيْسٍ تَقتَضي رَجُلاً

كابنِ الحُسَينِ وإنِّي ذلكَ الرَجُلُ

سَهَّلْتَ لي الشِّعرَ حتَّى لو نَطقَتُ بهِ

في النَّومِ جاءَ صحيحاً ما بهِ خَلَلُ

رَوضٌ تَقلَّبتُ فيهِ من شمائِلِكم

فكَيفَما مِلْتُ يَملا راحتي النَفَلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ناصيف اليازجي

avatar

ناصيف اليازجي حساب موثق

لبنان

poet-nasif-al-yaziji@

479

قصيدة

5

الاقتباسات

161

متابعين

ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط، الشهير باليازجي. شاعر، من كبار الأدباء في عصره. أصله من حمص (بسورية) ومولده في (كفر شيما) بلبنان، ووفاته ببيروت. استخدمه الأمير بشير ...

المزيد عن ناصيف اليازجي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة