الديوان » لبنان » ناصيف اليازجي » ألحمد لله الذي خلق الورى

عدد الابيات : 32

طباعة

ألحمدُ للهِ الذي خلَقَ الوَرَى

لكنَّ حمدي قاصرٌ دُونَ الوَفا

الحمدُ للهِ الذي يَقضي بما

يَهوى ولكنْ لا مَرَدَّ لِما قَضَى

بِتنا نَلُومُ الدَّهرَ في أحداثِهِ

والدَّهرُ ظَرْفٌ بينَ صُبحٍ أو مسَا

ماذا تَرَى هذا الزَمانَ مَعَ الذي

خَلَق الزَمانَ ومَن على العَرْشِ استَوَى

اللهُ أكبَرُ كُلُّ ما فَوقَ الثَّرَى

فانٍ ويبقَى وجهُ رَبِّكَ لا سِوى

وإذا رأيتَ السُّخطَ ليسَ بِنافعٍ

ممَّا قَضاهُ فاعتَمِدْ حُسنَ الرِضَى

جِئنا إلى الدُّنيا وقد شابتْ على

غَصْبِ النُّفوسِ ولم تَدَعْ هِمَمَ الصِبا

لو كانَ يَبقَى قَبلَنا حَيٌّ بها

لَطَمِعتُ منها في السَّلامةِ والبَقا

نَمشي إلى المَوْتَى على أجسادِهمْ

في الأرضِ دارِسةً كمنثُورِ الهَبا

لو كانَ يُمكِنُ أنْ تُميِّزَ أرضَنا

لَوَجَدْتَ نِصفَ تُرابِها رِمَمَ البِلَى

هيهاتِ ما الدُنيا بِدارِ إقامةٍ

إلاَّ كما نَزلَ المُسافِرُ في الدُّجَى

تَصِلُ التَلاقِيَ بالفِراقِ ودُونَهُ

يأتي فِراقٌ ليسَ يَعقُبُه لِقا

ولَقد أقُولُ لراحلٍ عن رَبعِهِ

ماذا أخَذتَ وما تَرَكت مِنَ الحشَا

هذي القُلوبُ وَديعةٌ لكَ فارْعَها

يا خَيرَ مَن حفِظَ الوديعةَ والوَلا

مِنا السَّلامُ عليكَ حيثُ نَزَلْتَ مِن

شَرْقِ البِلادِ وغَرْبِها ولَكَ الثَّنا

تلك اليدُ البيضاءُ لو نَنَسى الذي

غَرَسَتْهُ ذَكَّرَنا بهِ غَضُّ الجَنى

لكَ عندَنا شوقٌ يطُولُ فهلْ لنا

صَبرٌ يطولُ عليهِ إنْ طالَ المَدَى

أوحَشتَ داراً كُنتَ تُؤْنِسُها فلو

كانتْ لها عَينٌ لَفاضَتْ بالبُكا

يا صَدرَ مَجلِسِنا الكريمَ ورأسَهُ

هل تَذكُرُ الأعضاءَ من بَعدِ النَوَى

يا صاحبَ القلبِ السليمِ وصاحبَ ال

وَجهِ الوَسيمِ كأنَّهُ عينُ الضُحَى

يا ساهرَ الطَرْفِ الجَليِّ وطاهرَ ال

عرضِ النَقّيِ كأنّهُ زَهرُ الرُبَى

يا أيُّها الشَهْمُ المُجَّربُ صاحبُ ال

خُلقِ المُهذَّبِ والإناءُ المُصطَفَى

ضاقَ الكلامُ بنا فهل من بَسطةٍ

تجري علينا منك يا قطر الندى

أعجزتنا عن شكرِ نعمتكَ التي

شهدت بصِحَّتها ملائكةُ السَّما

هل منكَ يا زَهرَ الحدائقِ نَفحةٌ

تُهدَى إلينا اليومَ مع رِيحِ الصَّبا

وعَسى عَمُودُ الصُّبحِ يُلقي فَوقَنا

ظُلَلاً مُضمخَّمةً بأرواحِ الشَذا

وخَزائنُ الأصدافِ تَنثِرُ بيننا

دُرَراً تُزَانُ بها المَعاصِمُ والطُلَى

نَقضي بها حَقَّ الثَناءِ لمن قَضَى

حَقَّ الإلهِ وخَلقِهِ حَقَّ القَضا

يا مَعشَرَ الأصحابِ أيُّ رِجالِكم

وَلَّى وأيُّ قلوبِكُمْ باقٍ هُنَا

لا تَحسَبُوا رَجُلاً على فُلكٍ ثَوَى

لكنَّهُ بحرٌ على بحرٍ مَشَى

هذا فِراقٌُ تَعلَمُونَ زَمانَهُ

أفتعلَمُونَ مَتى يكونُ المُلتَقَى

قد مالَ هذا البدرُ نحوَ غُروبِهِ

لكنْ سَيَطلُعُ فاسعِفُوهُ بالدُعَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ناصيف اليازجي

avatar

ناصيف اليازجي حساب موثق

لبنان

poet-nasif-al-yaziji@

479

قصيدة

5

الاقتباسات

161

متابعين

ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط، الشهير باليازجي. شاعر، من كبار الأدباء في عصره. أصله من حمص (بسورية) ومولده في (كفر شيما) بلبنان، ووفاته ببيروت. استخدمه الأمير بشير ...

المزيد عن ناصيف اليازجي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة