الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » ظل المنى واسع والشمل ملتئم

عدد الابيات : 73

طباعة

ظلُّ المنى واسعٌ والشملُ ملتئمُ

يادارُ لا غدرت يوما بكِ النِّعمُ

ويا رُبىً سَعِدت من بعد ما شقِيتْ

دامت عليك فأرضتْ روضَكِ الديمُ

إن يلتفِت عنك وجهُ الدهر منقبضاً

بالأمس فهو إليكِ اليومَ مبتسمُ

أو يستحلَّ حِماك الجدبُ يقتلُه

عاماً فعاماً فهذي الأشهرُ الحُرُمُ

دارُ الهوى أنتِ يا دارَ السلام إذا

أحبابُنا فيكِ من صَرف الردى سلموا

كم طالعٍ فيكِ لولا أنه قمرٌ

لم يبدُ ليلا وتحتَ الصبح يكتَتِمُ

ومائل القدّ لم تعتدْ شمائلُه

ضلالةَ الحبِّ لولا أنه صنمُ

وسائرين إذا ساروا وما رُفِعتْ

لهم قِبابٌ وما حُطَّتْ لهم خِيَمُ

بيني وبينهمُ إن جدَّ بينهُمُ

مَرْمىً على مقتفِي آثارِهم أَمَمُ

مسافةُ العين ما امتدّت فإن فضَلتْ

عن مطرَح العين لم يُنصبْ لها علمُ

سكانُ دِجلةَ غربِيُّون لو حلفوا

لا تبصر الشمسُ مغناهم لما أثِموا

لله منهنَّ مقبولٌ تحكُّمُها

لها على الصمت وجهٌ ناطقٌ خَصِمُ

لما رأتْ شَعَرا في الرأس تُنكره

وكيفَ يُنكَرُ زيدٌ واسمُه علَمُ

قالت تُزكِّيه عندي وهي تُسبغه

ما أوقرَ الشيبَ لولا أنه هَرَمُ

مُدَّت إلى الملك ترعاه وتنصرُه

يدٌ مقبَّلةٌ والركنُ مستلَمُ

يدٌ مع الله في حالَيْ تصرُّفها

بالحقِّ تُنعِم أو بالحق تنتقمُ

قل للوزير وكم قادت مهابتُهُ

من صعبةٍ لم تكن بالقَوْد تنخطمُ

نَلْنِي بها أنل الشعرى فقد شرُفتْ

بك الأماني وعاشت عندك الهممُ

ورِشتَ محصوصةَ الآدابِ فانفسحتْ

محلّقاتٍ لهنّ القُورُ والقِمَمُ

من بعد ما كان فضلُ المرء منقصةً

في الناس ما قام يبغي الفضلَ عندهمُ

كنا نُحيلُ على الدنيا تجرُّمَهم

مغالطين وندري فيمن الجُرُمُ

ونشتكي دهرَنا والذنبُ ليس له

والدهرُ مذ كان مظلومٌ ومتّهَمُ

يجني امرؤ ولياليه تعابُ به

وتفسُدُ الناسُ والأيامُ تُختَصَمُ

والدهرُ يجفو لئيما إن بنوه جفَوا

فيه ويصفو كريما إن هُمُ كرُموا

واليومُ كالأمس لا فُرقانَ بينهما

ملوكنا دهرُنا والفرقُ بينهمُ

ذا الماءُ ذاك وهذي الشمسُ تلك وما

حالا وقد حالت الألوانُ والطُّعُمُ

ما ذاك إلا لأن نافيتَهم فنفَتْ

يداك عن منهلِ التدبير شَوْبَهُمُ

وأنّ مصلحة الدنيا وسيرتَها

دقيقةٌ في العلاَ أبهرتَها وعَمُوا

عادَى بك الناسُ ناسا والزمانُ فتىً

وقام ظهرٌ حناه الشيبُ والهرَمُ

لكلّ وقت نصيبٌ منك تلحَظه

فيه العنايةُ حتى تستوي القِسَمُ

يومٌ بعدلك مات الظلمُ فيه إلى

ليلٍ بنورك ماتت تحته الظُّلَمُ

لم يرضَ جودُك أن تخضرَّ مخصِبةً

به الظواهرُ حتى ابيضّت العَتَمِ

وليلة من ضياءٍ وهي مظلمةٌ

بليلةٍ من جُمادَى وهي تضطرمُ

وجهُ الزمان بها حرّانُ ملتهبٌ

وقلبه باردٌ من حسنها شبِمُ

تاهت على العام إذ صيرَّتها علَما

فيه وبالنار ليلا يُعرفُ العَلمُ

اِفتح عليّ وعلِّمني الذكاء أصِفْ

هذا مقامٌ على الأفكار ينعجمُ

أدارُك الأفُقُ العالي أم اعتصمت

بها السماء يقينا إنها حَرَمُ

أم الكواكبُ من شوق إليك هوت

ترجو نداك فمجموعٌ ومنفصِمُ

أم أنتَ يوسفُ موعودا وقد سجدتْ

لك النجومُ وهذا كلُّه حُلُمُ

ومرهفات على حدّ الظلام لها

حدّ به تُرهَفُ الهنديّة الخُذُمُ

إذا وقفن صفوفا للدجى ثبتتْ

أقدامهنَّ له والهامُ تنهزمُ

تزداد نورا إذا أبصارُها انتُقِضتْ

قصًّا وتنبُت إمَّا جُزَّت اللِّمَمُ

من كل خافقةِ الأحشاء ساكنةٍ

تضاحك الليلَ و الأجفانُ تنسجمُ

فلستُ أدري أخوفٌ منك خامرَها

حتى بكت أم رجاءٌ فهي تبتسمُ

هيفاءُ دقّتها فيها وصُفرتها

من صحّةٍ وهُمَا في غيرها سَقَمُ

قامت على فردِ ساقٍ ما لها قَدم

تشكو الجوى بلسانٍ ما حواه فمُ

إما قناةً وقد خاض السنانُ دَماً

أو إصبعا تتلظّى مسَّها عنَمُ

وذي قوائمَ لا يمشي بأربعةٍ

حتى يُساقَ فيُدنَى وهو يُهتضَمُ

تحوطُهُ نثرةٌ يُنفَى بلبستِها

عنَّا إذا جدَّ لاعن جسمه الألمُ

لها اسم دُرعٍ ومعناها وليس لها

ما تفعل الدرعُ والهيجاءُ تُقتَحَمُ

إنْ أُضرمَتْ فهي تاجٌ أوخَبْتَ ظهرتْ

أقراطُها الحمرُ أو أصداغُها الفُحُمُ

رسمٌ من النحل كان الملكُ عطَّله

أنشرتَ فيه بني كسرى وما رسموا

نُعمَى على العُجم خصَّتهم كرامتُها

لابل تَسَاهَمَ فيها العُرْبُ والعَجمُ

قومٌ يروْن القِرَى بالنار يُكسِبُهم

فخرا وقوم يروْن النارَ ربَّهمُ

لا تُنكِرَنْ كثرةَ السؤَّالِ ما اقترحوا

والمادحين فقد قالوا بما علموا

من أوقد النارَ مطروقا ومن رفعَ ال

حجابَ عن طالبي معروفه ازدحموا

تعطي السماءُ قليلا وهي باكيةٌ

شحّاً ويُعطي كثيرا وهو يبتسمُ

عوَّدت سمعَك أن يحلُو الثناءُ له

كأنّ كلَّ قريضٍ شقَّه نغمُ

وأوفد الناسَ أفواجا إليك فمٌ

جوابُ كلّ سؤال عنده نعمُ

لا كالغريبةِ أيديهم وألسنُهم

لم يركبوا الخيلَ إلا بعد ما هَرِموا

كنّا نُخَبَّرُ عن قومٍ وقد درَسوا

أخبارَ جودٍ مع الإكثار تُتَّهَمُ

ونحسَبُ الناسَ زادوا في حديثهمُ

ونمَّقوا بحكوماتِ الهوى لهُمُ

فجاء جودُك برهانا لما نقلتْ

منه الرواةُ وتصديقا لما زعَموا

كانوا كراما وأيمُ الله لو بُعِثوا

حتى يروْك لقالوا هكذا الكرمُ

ختمتهم وبراك الله خيرَهُمُ

جودا كما بكلامي تُختَم الكَلِمُ

أنا المقدَّمُ والدنيا تؤخِّرني

عن ذا المقام ألا مَن بيننا الحكَمُ

كم أخواتٍ لها زُفَّتْ وما خُطبتْ

كوني أباها ولم يُسمَعْ لها يُتُمُ

وواصلين فموصولين لو فهِموا

شعري بحملهمُ منه الذي فهموا

أصبحتُ أحرَمُ من نُعماك ما رُزقوا

وكنتُ أُعهَدُ مرزوقا إذا حُرِموا

تعلَّمنَّ إذا سوّيتني بهمُ

فيمن زكت وعلى من تحسنُ النِّعمُ

فاسمع وقَوِّم فما ضاعت ولا غُبِنَتْ

وأنت تاجرها الأقدارُ و القِيَمُ

وما أسفتُ لمالٍ فاتَ فازَ به

غيري بلى فاتني الأخلاقُ والشيَمُ

ولا تزال لوقتٍ ما فتُحرِمني

وإنما فلتاتُ الجود تُغتنَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة