الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » ألا فتى يسأل قلبي ماله

عدد الابيات : 88

طباعة

ألا فتىً يسألُ قلبي مالَه

ينزو إذا برق الحمى بدا لَه

أصبوةٌ إلى رخيٍّ بالُهُ

عن وجده تسقي البروقُ بالَه

وهبه شامَ بارقاً تُبلّه

أرواحُه فكيف شامَ خالَه

خاطفه كما اخترطت صارماً

جاذب جهدُ قينهِ صِقالَه

فهبَّ يرجو خبراً من الغضا

يُسنده عنه فما روى لَه

أراد نجداً معه ببابلٍ

إرادةً هاجت له بَلبالَه

وانتسم الريح الصبا ومن له

بنفحةٍ من الصَّبا طُوالَه

وبالنخيل نائمٌ عن أرَقي

ما استعرض الليلَ وما استطالَه

أحببتُ فيه كلَّ ما أحببته

حتى تعشَّقت له عُذّالَه

أصغَى إلى الواشي فحلَّ عهدَه

والغدرُ ما غيَّر عندي حالَه

وملّني على النوى ولم أكن

أحذرُ معْ بعاده ملالَه

مرَّ وبقَّاني أغادي ربعَه

بجسدٍ يحسَبه تِمثالَه

ولا أكون كلِفاً بحبّه

ما لم يناحل بدَني أطلالَه

ويومَ ذي البان وما أسأرتُ من

ذي البان إلا أن أقول مالَه

وأفرختْ عن فِتنٍ جفونُه

سبَتْ مهاةَ الرمل أو غزالَه

لا والذي لو عرف النَّصف حنَا

على أسير الشوق أو أوى لَه

لولا خشوعي لهواه لم يدُسْ

ظهرَ الثرى من اجتدى نوالَه

مشى فيا سبحان من عدّله

غصناً ويا سبحان من أمالَه

إلا بنو عبد الرحيم فالندى

يعدّهُمْ قبيله وآلَه

قومٌ بأسمائهم استغنى الذي

أقسمَ لا يسأل خلقاً مالَه

مبارَكو الأوجه تلقى بهمُ

غرّة شهر الخِصب أو هلالَه

إن أخلف الربيعُ واستخلفهم

على العباد فعلوا فعالَه

أو أثبتت أخلاقَ قوم نعمةٌ

كانوا سيوفَ الدهر ورجالَه

واستُخرجوا من طينة كانت بهم

عنصرَ بيت الفخر أو صَلصالَه

بنى عليها يَزْدَجرْدُ لهمُ

ما كان كِسرَى قبلَه بنى لَه

صفَّتهم الأيام حتى استخلصت

منهم سلافَ المجد وزلالَه

يرى أبٌ من ابنه أنجب ما

سرَّ ابنَ غيل أن يرى أشبالَه

لو ذارعَ الأفقَ غلامٌ منهمُ

ببيته لنالَه وطالَه

أو طالع السؤددَ من ثنيّةٍ

لعمِّه أبصر منها خالَه

وانتفض الملكُ فسلَّ منهمُ

مهنداً صيَّره كمالَه

ألقى إليه حبلَه فقاده

على السواء فهدى ضُلّالَه

أبلجُ لا تُبصرُ من هيبتهِ

جمالَه حتى ترى جلالَه

تنهال أطواد الخطوب حوله

فلا ترى منهن خطباً هاله

شدَّ على الدولة ضبطاً فهي لا

تُجذَبُ مذ ناط بها حبالَه

قام لها وقام غيرانَ بها

وزارةً ما صلَحت إلا لَه

خائفةً تطلب من يجيرها

في الناس حتى عُلِّقت أذيالَه

ولم تزل من قبل أن يقَبَلها

تُكثرُ في العطف بها سؤالَه

فظفِرتْ بمن سلَتْ كلّ أبي

غدرٍ بها مذ رُزقت وصالَه

من بعد ما دارت زماناً صدَّه

بوجهه واحتملت دلالَه

أقرَّها تدبيره في منصبٍ

لو زاله المقدارُ ما أزاله

بالصارمَيْن سيفِهِ ورأيِهِ

نال من اشتراطها ما نالَه

وكرمٍ لو كاثر السُّحبَ به

لوازن القُطارَ أو لكالَه

إذا سقى البحرُ المحيطُ ملحَه

سقى السؤالَ معذِباً سَلسالَه

تدفُّقٌ يريك ما أناله

تحت يديه وادياً أساله

لا يألم الفقرَ الذي محَّضه

يوماً إذا عمّ الغنى سُؤَّالَه

ولا يبالي أملاً فات إذا

بُلِّغ كلُّ طالبٍ آمالَه

حبَّبه إلى النفوس خُلُقٌ

لو ذاقه عدوُّه حلا لَه

وبشرُ وجه لو سكبتَ ماءَه

في كأسه حسبته جِريالَه

والحلم حتى لو وزنتَ حلمَهُ

إلى أبانَ لم يزنْ مثقالَه

مشت على محجَّةٍ سويّةٍ

أفعالُه تابعةً أَقوالَه

وقوَّد الناسَ بحبلِ عادلٍ

لم ينتكث مذ ولِيَ انفتالَه

فمحسنٌ يرجو النجاةَ عنده

إلى مسيءٍ يتّقي نَكالَه

والناس بين آمنٍ وخائف

كلٌّ يرى حاضرةً أعمالَه

مَن حاملٌ ألوكة من ظالع

مخفّفٍ يبُثُّها أثقالَه

قريبةُ المطرَح لاجِيادَه

في طُرقها يُنضِي ولا جِمالَه

يستأذن السؤددَ في إدآبها

والمجدَ حتى يَلِيَا إيصالَه

قل للوزير إن أصاخ سمعَه

إلى الهوى المظلومِ أو وعَى لَه

يا لَمحبٍّ مغضَبٍ لو أنه

في حبكم مستعذِبٌ خَبالَه

لوجدَّ في أن يستقيل ساعةً

من الغرام بك ما استقالَه

تَغيَّرُ الأحوال بالناس ولا

يغيِّر الوجدُ بكم أحوالَه

نُسِي فما يخطِرُ يوماً ذكرُهُ

ببالكم وقد شغَلتم بالَه

ومُلَّ غيرَ واصلٍ وإنما ال

مملولُ من كاثركم وصالَه

تركتموه والزمانَ وحدَهُ

ملاقياً بغدره أهوالَه

مُخاوضاً بمُنَّةٍ مضعوفةٍ

بحارَه مُزاحماً جبالَه

منتَبذاً نبذَ الحصاة إن جفا

أو زار لم يُحفَلْ به إحفالَه

أين زماني الرطبُ فيكم ترِبتْ

يدُ زمان قلَّصتْ ظِلالَه

وعهديَ التالدُ فيكم ما الذي

بدّلَه عندكُمُ أو غالَه

ها أنا أبكيه فهل من رِدَّةٍ

لفائتٍ على فتىً بكى لَه

وذلك البشر الذي ألفتُهُ

منك حفِيًّا بِيَ ما بدا لَه

ومَلبسٌ هو الجمالُ لم تزل

تكسوه لِمْ سلبتني سِربالَه

اللهَ يا أهل الندَى في رجلٍ

إن فات عزَّ أن تروْا أمثالَه

لا تلدُ الأرضُ الولودُ أبداً

لنصرِ أحسابكُمُ أخا لَه

أنتم ربيعي فإذا أعطشتُمُ

أرضيَ من يَبُلُّ لي بِلالَه

كيف يكون مثلاً في صدّكم

مسيِّرٌ في مدحكم أمثالَه

قد طبّق الغبراءَ ما أرسلَهُ

فيكم وليس تاركاً إرسالَه

من كلّ متروكٍ عليه شوطه

قد سلَّم السبقُ له خِصالَه

لا تطمع النكباءُ أن تُدْرِكَهُ

ولا يدُ الجوزاء أن تنالَه

يجتمع الناسُ على توحيدهِ

ويجلس الإفصاحُ إجلالا لَه

فكلّ مسموعٍ سواه وثَنٌ

يَضِلُّ من يعبُدُه ضَلالَه

أُنشِدُه مستعذباً لمثله

في زمني كأَنّ غيري قالَه

يزوركم في كلّ يومِ غِبطةٍ

يختالُ في دوركم اختيالَه

تَعَرَّفونَ فضلَ إقبالكُمُ

إذا رأيتم نحوكم إقبالَه

وقد عرفتم صدقَهُ مبشِّراً

ويُمنَهُ إذا زجرتم فالَه

فكاثروا أبياتَهُ بعددٍ

من عمركم وسايروا محالَه

واستخدموا الأقدارَ في أمركُم

تسمعُه وتُسرعُ امتثالَه

لكم من المُلك الذي أطابَه

قاسِمُه بالعزّ وأطالَه

مكتسبٌ بسعيكم إلى العلا

حتى يكون حلوُهُ حَلالَه

وغدرة الأيامِ لعدوِّكم

أولَى لمن عاداكُمُ أولى لَه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة