الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » على أي أخلاقِ الزمان أعاتبه

عدد الابيات : 59

طباعة

على أيّ أخلاقِ الزمان أعاتبُهْ

وما هو إلا صَرفه ونوائبُهْ

تَفرَّى أديمي وهو بُتْرٌ شِفارُهُ

وجافت جروحي وهو صُمٌّ مخَالبُهْ

نُدوبٌ تُقفِّي هذهِ عَقْبَ هذهِ

وداءٌ إذا ما باخ أَوقدَ صاحبُهْ

شغَلتُ يدي حيناً بعدّ ذنوبهِ

وزِدن فقد تاركتهُ لا أحاسبُهْ

طرحتُ سلاحي وانتزعتُ تمائمي

وضاربهُ يُنحِي عليَّ وسالبُهْ

ببيضٍ من الأيام هنّ سيوفهُ

وسودٍ من الليلاتِ هنّ عقاربُهْ

أُدامِجه حتّى يرانيَ راضياً

مِراراً وأعصِي مرةً فأغاضبُهْ

فلا هو إن أطريتُه قابضٌ يداً

ولا خائفٌ عاراً بما أنا عائبُهْ

نصحتُك لا تُخدَعْ بسنَّةِ وجهِهِ

فشاهده حُسْنٌ تَشوَّهَ غائبُهْ

ولا تتمهَّدْ قِعدة فوقَ ظهرهِ

فما هو إلا ضيغمٌ أنت راكبُهْ

تَردَّى رجالٌ قبلنا وتقطَّرت

بِهمْ شُبههُ دون المَدِيِّ وشاهبُهْ

وصَرَّحَ عمّا ساءهم طولُ مَحضِهِ

خبائثَ جرّتها عليهم أطايبُهْ

حبائلُ مكتوبٌ لها نصرُ كيدها

من الله لا يُمحَى الذي هو كاتبُهْ

فمن مغلَقٍ مستعجَلٍ أو مؤخَّرٍ

مُراخِيهِ يوماً لا مَحالةَ جاذبُهْ

تصاممتُ عن داعي المنونِ مغالطاً

وإنّي على طول السكوت مُجاوبُهْ

وقدَّمتُ غيري جُنَّةً أتَّقي بها

ومن يُوقَ من راميه لابدّ صائبُهْ

أخلاَّي أيمُ اللهِ أَطلب ثَأْركَم

من الدهر لو قد أَدركَ الثأرَ طالبُهْ

أفي كلّ يومٍ لي قَضيبٌ مُخالَسٌ

وذخرٌ نفيسٌ منكم الموتُ غاصبُهْ

وكاسٍ من العلياء والحسنِ يعتدي

سليما على سيفي وسَوطِيَ سالِبُهْ

تَطيحُ به زندي وجَهدُ تحفُّظي

بميثاقِهِ في الغيب أنّيَ نادبُهْ

وكم منكُمُ كالنجم رُعتُ به الدُّجَى

زماناًن خبا بعد الإضاءةِ ثاقبُهْ

وآخَرُ لمّا سامَحتْني بأصله ال

منايا ذَوتْ أغصانُهُ وشعائبُهْ

وأضحى بنوه غِبطةً وبناتُهُ

تُسَلُّ بهم أنيابُهُ ورواجبُهْ

فينزو بلبيّ شجوُهُ وتُصيبني

بموضعه من سِرّ قلبي مَصائبُهْ

ألا يا أخي للودّ دنيّاً وكم أخٍ

لأمِّي بعيداتٍ عليّ قرائبُهْ

لحا الله خَطباًن شَلَّ سرحَك طردُهُ

وجمَّعَ في إلهابِ قلبك حاطبُهْ

رَمْتك يدُ الأيّام عن قوسِ قارنٍ

إذا هو والى لم تخنه صوائبُهْ

سقتك بكفٍّ أَدهَقتْ لك ثانياً

ولمَّا يُفِق من أوْلٍ بعدُ شارِبُهْ

فقَرْحٌ وقَرْحٌ لم تَلاحَمْ نُدُوبهُ

ودمعٌ ودمعٌ ما تعلَّق ساربُهْ

ويا ليته لمّا تثنَّى تعلَّقتْ

مقاديرهُ أو استوين مَراتبُهْ

ولكنّها كفٌّ هوتْ إثر إصبِع

حارِكُ ظهرٍ بعدَهُ جُبَّ غاربُهْ

حَصاتان من درٍّ حَصانانِ لم تَطِرْ

يدٌ بهما ما دنَّس الدُّرَّ ثاقبُهْ

هما بيضتا كِنٍّ بجانبِ مُلبَسٍ

حماه الطروقَ تيهُهُ وسَباسِبُهْ

حرامٌ على الساري تضيعَ على القطا

أفاحيصُهُ في جوّه ومَساربُهْ

يحوطهما ما اسطاعَ وحفُ جناحهِ

شِعارُهما دون التراب ترائبُهْ

تراه يُصادي حاجبَ الشمسِ عنهما

لو أنّ الردَى ما أحرز الشيءَ هائبُهْ

رزِئتَهما شمسْينِ أَقسمَ فيهما

ظلامُ الأسَى ألاَّ تَجَلَّى غياهبُهْ

يعدّون خُرْقاً بالفتى في بنائهِ

إذا ما بكَى أو ذلَّ للحزنِ جانبُهْ

وكم من كريم عَزَّهُ نجباؤه

فعزَّ بما ساقت إليه نجائبُهْ

وبعضُ البناتِ مَن بها يُنتَج العُلا

وبعضُ بني الإنسان في الحيّ عائبُهْ

فإلاَّ تكونا صارمين فحِْوَتا

حُسامٍ عتيقٍ لا تُفَلُّ مَضارِبُهْ

أخي الحلم لم يَمْلِك عليه حياؤه

ولا كذَّبتْهُ في الزمان تجاربُهْ

إذا وَلَدَ استَذكرنَ حزماً إناثُهُ

كما ذُكِّرتْ أخلاقُهُ وضرائبُهْ

تعزَّ ابنَ رَوحٍ إنما الموتُ مُدلجٌ

إلى أمدٍ فيه النفوسُ مَراكبُهْ

ومن أخَّرتْه شمسُ يومٍ فلم يمت

يمتْ حولَه أحبابُهُ وحبائبُهْ

وأعجبُ من ذي خُبرةٍ بزمانه

تنكَّر منه أن تَوالَى عجائبُهْ

خُلِقنا لأمرٍ أرهقتنا صدورُهُ

فيا ليت شعري ما تجرّ عواقبُهْ

غريمٌ مُلِطٌّ لا يَمَلُّ وطالبٌ

بغير تِراتٍ لا تنامُ مَطالبُهْ

وقد جربتْك الحادثاتُ فلا تكن

ضعيفَ القُوَى رِخواً لهنّ مَجاذِبُهْ

وغيرُك مغلوبٌ على حُسنِ صبرِهِ

ولا خَطبَ إلا أنتَ بالصبرِ غالبُهْ

برغميَ أن يَسرِي غزِيٌّ من الأسَى

إليك ولم تُفلَلْ بنصري كتائبُهْ

وإن كان خصماً لا لساني ينوشه

ولا كلماتي الغاسقاتُ تواقبُهْ

ويا لِدفاعي عنك إن كان صارماً

أصافحه أو كان ليثاً أواثبُهْ

ومَن لي لو أنّ الحزنَ يرعَى جوانحي

فدىً لك لو يرضَى بقلبِيَ ناصبُهْ

فما هي إلا مهجةٌ لك شطرُها

وموهوبُ عيشٍ أنت ما عشتَ واهبُهْ

وإن كان يُطفي حرَّ لوعتِك البكا

علي أنّه جاريه لا بدّ ناضبُهْ

فدونك دمعي سائلاً ومعلَّقاً

فجامدُهُ باقٍ عليك وذائبُهْ

عتبتُ على دهري فسهَّلَ عذرُهُ

بأنّك باقٍ كلَّ ما هو جالبُهْ

إذا سلِم البدرُ التمامُ فهيِّنٌ

على الليل أن تَهوِي صِغاراً كواكبُهْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة