الديوان » تونس » محمود قابادو » سما للعلى يقظان عين حديدها

عدد الابيات : 119

طباعة

سَما لِلعُلى يقظانُ عين حديدها

فَهيهات بَعد اليومِ تُعدى حُدودها

أظلّ عقابُ الحزمِ أَرجاءَها كما

أَضلّ عقابُ البأسِ فيمَن يكيدها

حَمى غابَها الليثُ الهِزبرُ فَأَحجَمت

ثَعالِبُها عن عيثها وَفهودها

تَريّثَ حتّى اِنجابَ عثيرَ جهلها

وَلاحَت له أَغوارها وَنجودها

وَحصحصَ أنّ الحليّ مشغولُ أهله

وَأنّ العواري مستردّ رديدها

وَأنّ ثيابَ الزورِ عارٌ وعريةٌ

وَربّ أمورٍ كانَ فقداً وُجودها

هُناك اِستبانَت أنّه قَد طحت بها

وساوسُ أغمارٍ تلظّت حقودها

دَواجنُ تُلقي بالرسيلات أمرَها

وَأوتادُ قاعٍ ليسَ يورقُ عودها

وَأطمَعها في النجمِ تمثال نورهِ

عَلى الأرضِ أبدته الأَضا وثَمودها

فَعادَت بوقرِ الظهرِ وزراً وخيبةً

تورّط في عمياء شقّ صعودها

تَخيّلُ أنّ الأرضَ خاسفةٌ بها

وَأنّ السما هاوٍ عَليها نضيدها

فَيا وَيحَها من عصبةٍ قد تهافَتَت

عَلى نارِ بغيٍ ما سواها وقودها

لَقد بَدّلَت بالكفرِ نِعمة ربّها

وَوشكانَ منثوراً بِنعمى كنودها

وَسُرعان ما اِستنّت ترى أنّها ولم

تَر الطول المرخى أُزيلت قيودها

وَحلّ عُرى التكليفِ للنفسِ مطمحٌ

يُداخلها مِن بابِه مُستقيدها

وَأعجبُ مِنها في عظيمِ إباقها

أناةٌ لِمولى عن سطاهُ تَذودها

وَلو نَظَرت بِالسخطِ أعينُ عدلهِ

إِلَيها غَدَت عَصفاً أكيلاً حشودها

إِليك أميرَ المؤمنينَ تَجاءَرت

أياديكَ فيها أَن تحولَ عُهودها

تَعوّد أَن تجتثَّ منها وَقد غدا

لَها مغرساً آباؤها وجدودها

فَإِن يك أدناها لِسخطٍ طريفها

فَما زالَ يدنيها لعفوٍ تليدُها

وَإِن أبدتِ الذنب المبيرَ فعالُها

فَقد أخفتِ الحبّ المجيرَ عُقودها

وَإِن أَصبحت تُرني عيونَ وسائلٍ

إِليك حسيراتٍ عَداها هُجودها

فَقد عادَ للأجفانِ نومٌ مشرّدٌ

وَوثّر أَعطافاً أُقضّت مهودها

تَداركتها بالإئتلاف ولا يرى

سواك لَها إلّا غزيّاً يُبيدها

غَداة اِستَطابَت كلّها عطرَ منشمٍ

وَشبّت لَها نارٌ بطيءٌ خُمودها

وَلَولا يقينٌ كالخليلِ حبيتهُ

لَما عادَ قبلَ الخوضِ برداً وقودها

حَلُمت وَلَم تَعجل فأرشدتَها لأن

تُؤمّل عفواً فَاِرتَجته وُفودها

فَجدتَ بهِ فَاِستَعظَمَته لِذَنبها

إِلى غايةٍ يَرتاب فيها شهيدُها

وَظنّته إِرفاءً لحسو فَأطّأت

بِهِ نفسَها عشواً ولجّ فديدها

وَلَو لَم تعرّفها بِحلمك ما دَرت

وَلَو لَم تُخفها ما اِستكانَ شرودها

وَهَل نَمتَري في أنّ عفوكَ منّةٌ

وَمِن مددٍ وافاكَ غصّ وَصيدها

وَما وَسعتها للنفاقِ سهولُها

وَلا عَصَمتها مِن سطاكَ ريودها

وَقد خَبَرت مِن حالتيكَ تكرّماً

وَرِفقاً وَإِسراعاً إِلى ما يُفيدها

أَتتكَ أَساطيلُ الملوكِ ظهيرةً

فَأَصبَح ضيفاً في ذراك جنودها

أَقامت وَأمضيتَ العَزائمَ تأتمي

برايَة رأي منكَ وهيَ ردودها

وَعادَت وَقد حمّلتها من تعجّب

لحزمكَ وَالتدبيرُ حملاً يؤودها

يَضيقُ بِما أَوليتَ ذرعاً شكورها

وَيوسعُ ما أَبليت عُذراً حسودها

وَلم لا وَقد شاهَت وجوه وَأنقضت

ظُهورٌ وَلَولا بِالنفوس مُرودها

فَأبدلَ تثريباً بتثويبِ منّةٍ

وَإِكرام المُطيع عنيدها

وَأَغضى بعدَ العلمِ عن متستّرٍ

وفي الغضّ عَن بعضِ الجناةِ وعيدها

وربّ سليمِ الصدرِ ناءٍ نَمَت له

أَفاعيلُ غطّ العذر فيها مُشيدها

فَخالَ وَمَن يَسمع يخل ما أحالهُ

عَلى هترةٍ خبرِ الأمورِ يحيدها

وَماذا عَسى أَن ينقموهُ أولو النُّهى

سِوى أَن شَفى بعضَ الترابِ مفيدها

أَما إنّها أهلُ الحرابَةِ بعضُها

كَفيلٌ لِبعضٍ إِذ توالَت عقودها

فَكَم مِن دمٍ طلّت وَكم سلبٍ حَوَت

وَكَم عفّرت عرنينَ مجدٍ حشودها

عَلى أنّها عمّت وخُصّ عقابها

وَشدّت تحلّات اليمينِ قُيودها

وَمسّت بلفح جائفات قُروحها

مَخافةَ أَن يُعدي السليم صديدُها

وَإنّ فداءَ الكلِّ بالبعضِ سنّةٌ

تواترَ مِن شرعٍ وطبعٍ شهودها

وَقَد كانَ جلدُ البعضِ زجراً وَأُهدِرت

نُفوسٌ بِجلدِ الزجرِ فادٍ جَليدها

أَليسَ مِن التعزيزِ وهو مناهجٌ

تُناط إلى رأي الإِمامِ حدودها

وَقدماً قضى سحنونُ في الدين ضارباً

مراراً قَضى نحب المدينِ عَديدها

وَأمّا عقابُ المالِ فهو موسّعٌ

إِذا عوِّدت منه بشيءٍ يهيدها

بِحيثُ إِذا لم تمتهن بِاِستلابه

رَأت شوكةَ السلطانِ فُلّت حدودها

عَلى أنّه قَد كان حطّ من الجبا

وَإِعوازُ بيتِ المالِ ممّا يُعيدها

وَفي كونِ أَمرِ الناسِ شورى وخيرُهم

أَميرُ شروطٍ قَد يعزُّ وجودها

فَما مجمعُ الشورى بموخ إصابةً

إِذا كانتِ النيّات شتّى مرودها

وَما لَم تَكن فوضى مطامحُ أمّةٍ

تبدّد باِستِبدادِ كلّ نضيدها

إِذا لَم يَكن سعيُ الفتى لِحظوظهِ

تَسامَت مَساعيهِ وعمّت فيودها

وَكانَ لكلٍّ نفعهُ وغناؤهُ

بِنفس جميعِ العالمين جنودُها

فَمطمحُ ربّ التجرِ نفعٌ معمّمٌ

وذي الصنعِ آثارٌ حسانٌ يجيدها

وَذي الزرعِ تقويتٌ وتبهيجُ مَنبتٍ

وَذي العلمِ آدابٌ لواعٍ يفيدها

بِحيثُ تَرى كلّ المصالِح بينهم

مَقاصدَ للعمرانِ كلٌّ عَضيدها

وَتمحيضها للإرتزاقِ يُجيرها

حَبائلَ همُّ الناصبين مَصيدها

لذا كانَ تعميمُ النصيحةِ بيعةٌ

إِلى بيعةِ الإسلامِ ضمّت عهودها

وَما هو إلّا أَن توحِّد وجهةً

لِمركزها ميلُ القوى وَصمودها

فَلَن يَستقيمَ الملكُ إلّا لفاردٍ

قَدِ اِستَنجد الآراءَ وهو عميدها

وَللجسمِ روحٌ عاضَدته مشاعرٌ

بِه ولهُ تَحريكُها وَركودها

أَليسَ جليّاً أنّ لِلجسم مضغةً

يَعود لَها إصلاحُها وفسودها

وَما صورَةُ الإنسانِ إلّا نموذجٌ

عَلى العالم الكلّيّ تُحذى حُدودها

وَما العدلُ إلّا أن تؤلَّف أنفسٌ

كَنفسٍ قواها ذو اِنتظام بديدها

كَما وُجِدت من عالمِ الكونِ كثرةٌ

فَصار كشخصٍ باِعتضادٍ عديدها

لآلِ حسينٍ صبغةُ الطوعِ والرضا

منَ اللّه ليطَ بالقلوبِ جسيدها

لَهم تُبسطُ الأيدي بِصفقة بيعةٍ

وَلا تَنثني إلّا عَليهم عقودها

وَما اِنتَقَضت عنهُم بلادٌ وإنّما

أَزلّ بإجفالِ السفيهِ رشيدها

لَقد أنكَرت ما لم تعوّده سيرةً

وَيُعنى بِأفواهِ السقامِ لدودها

وَما هيَ إلّا فتنةٌ كشّفت بها

لِدولتهم خلصانُها وصدودها

تمحّض فيها البذر عمّا أجنّهُ

وَعاد لأيدي الباذِرين حَصيدها

لَقد وسّدت جهلاً عريضاً نفيّها

فباتَت تُمنّيها الأماني مهودها

وَكلُّ الورى ملق حبالة عمره

يُراوغ آمالاً بِها ويصيدها

فَمِن صائدٍ عنقاءَ تبهجُ نفسه

إِلى صائد حيّات سوءٍ تبيدها

أَلا أيّها الملكُ الوفيّ بعهدهِ

وَقَد أقبضَ الأيمان جمراً عهودها

وَمُنتضي العزمِ الرسوب إِذا نَبت

مهنّدةٌ تنقدُّ منها غمودها

وَمنتضل الرأي المُصيبِ رميّه

إِذا الثعلوياتُ اِستَطاش سديدها

وَمُعتقل القول النفوذِ سنانهُ

إِذا أسلات السمرِ فلّ حديدها

ومُستَدرع الحزم المنيع إِذا وهى

قتيرُ الدلاصِ المُحكماتِ سُرودها

مَنَعت حِمى الخضراءِ مِن كيدِ حاسدٍ

يُريدُ إِليها خُطّةً لا تُريدها

يَرومُ زوالَ البدرِ عَن هالةٍ له

وَهَيهاتَ هالاتُ البدورِ تحيدها

مُدلّاً بأنَّ الملكَ شمسٌ مُضيئةٌ

تُفاض عَلى كلّ الجسومِ مُدودها

وَهل قمرٌ يحكي سناهُ صقالَه

كَسُحب موارٍ للضياء ركودها

وَما ميزُ أربابِ المزايا بهيّنٍ

وَما كلّ مّن مازَ الأمورَ نَقودها

يهمّ الورى أَن ليسَ شأنُك شَأنهم

وَهَيهات وقّادُ النهى وَجمودها

أَيَدري مغاصَ الدرِّ مَن ليسَ غائصاً

وَمَشرقَ زهرِ الفضلِ إلّا رَصودها

عَلى أنّ إِفراط الظهورِ من الخفا

وَقد تُعكَسُ الأشيا تَناهت حدودها

عَذيري من المُرتاب إن كان مبصراً

مَزايا جَلا المعقولِ مِنها شهودها

إِذا شامها ذو اللبّ رأياً ورؤيةً

توسّط لجّاً لا يُنادى وليدها

يُرى مُصطفى بالاسمِ والخلقِ والحلى

وَخبرٍ وسعيٍ لِلبرايا يُفيدها

بَنانُ يمينِ الإمتياز بخمسها

لِعلياه تُومي أنّهنّ شُهودها

تَراهُ على الآنات موصولَ فكرةٍ

بِلا فترةٍ في صالِحاتٍ يُجيدها

فَلَيسَ يحلُّ السهو عقدةَ عزمهِ

وَلا الورّداتُ الكثرُ يوماً تَؤودها

قِواهُ جنودٌ تَحتَ إمرةِ عزمهِ

تعبّدتِ الأهوا فكلٌّ عَبيدها

تَحفُّ به المُستكرهاتُ وباله

لَها وادعٌ حتّى يلينَ عنيدها

يُقلقلُ فيها نور فَهمٍ يُحيلها

نُفوذاً لمودودٍ طَوَته كُبودها

كَما بانَ لفحُ النارِ مكنون نفحةٍ

أُحيلَ إليهِ بالتوقّدِ عودها

مُحيطٌ بِأسرارِ الوزارةِ سابقٌ

لِغاياتِها سهلٌ لديهِ كؤودها

تَعوّد رُقباها فَأحسنَ رَعيها

وَصارَ له حبلُ الزراعِ بعيدها

تَشفُّ له عمّا أجنّت ويجتلي

بِها ما تَوارى من غروب يرودها

لَه صورةٌ في كلِّ نفسٍ فعولة

كَماليّةٌ معشوقُ كلّ شهودها

تبيّنَ أن قَد أَخلَصته عنايةٌ

إِلهيّةٌ لا يُستطاعُ جحودها

وَإن الكمالاتِ الّتي فيه فطرةٌ

يعزّ على المُستَطرفين تليدها

مَكارمُ ملءَ العينِ والسمعِ والحجى

وَلكنّ صفرَ الكفّ منها مريدها

فَفاخِر به ما شئت من دولٍ على

ففخرُ إِيالاتِ الممالكِ صيدُها

وَشدّ به أزراً لدولتك الّتي

حريٌّ بِها أَن تستجدّ مجودها

فَلم تَختلف فيهِ الظنون فإنّه

وَراءَ مرامٍ دونهنّ صرودها

وَلم تَختلف عنكَ القلوبُ لأنّها

درت منكَ أهدى من لرشدٍ يَقودها

دَرت منك داري الغايتينِ لأمرهِ

بصيرٌ بروغاتِ الزمانِ رصودها

لَه مرّةٌ لا تُستَلانُ وهمّة

يجلّي له غيب الأمورِ صعودها

فَلا زِلتَ شمساً وهو بدرٌ لدولةٍ

تَدور عَلى قطبِ الهناءِ سعودها

تُعيدانِ للخضراءِ عهد جذاذةٍ

يَفوقُ مَزايا الأقدمينَ جَديدها

بِعدلٍ يُرقّيها وَحزمٍ يَحوطها

وَحلمٍ يرسّيها وَعزمٍ يشيدها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود قابادو

avatar

محمود قابادو حساب موثق

تونس

poet-Mahmoud-Qabadu@

259

قصيدة

1

الاقتباسات

55

متابعين

حمود بن محمد (أبو علي) قابادو التونسي أبو الثناء. شاعر عصره بتونس، ومفتي مالكيتها. أصله من صفاقس. انتقل سلفه إلى تونس، فولد ونشأ بها. وأولع بعلوم البلاغة ثم تصوف، وأكثر ...

المزيد عن محمود قابادو

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة