عدد الابيات : 64

طباعة

فِدَاءً لمثواكَ من مَضْجَعِ

تَنَوَّرَ بالأبلَجِ الأروَعِ

بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنانِ

رُوْحَاً ومن مِسْكِها أَضْوَعِ

وَرَعْيَاً ليومِكَ يومِ "الطُّفوف"

وسَقْيَاً لأرضِكَ مِن مَصْرَعِ

وحُزْناً عليكَ بِحَبْسِ النفوس

على نَهْجِكَ النَّيِّرِ المَهْيَعِ

وصَوْنَاً لمجدِكَ مِنْ أَنْ يُذَال

بما أنتَ تأباهُ مِنْ مُبْدَعِ

فيا أيُّها الوِتْرُ في الخالدِينَ

فَذَّاً ، إلى الآنَ لم يُشْفَعِ

ويا عِظَةَ الطامحينَ العِظامِ

للاهينَ عن غَدِهِمْ قُنَّعِ

تعاليتَ من مُفْزِعٍ للحُتوفِ

وبُورِكَ قبرُكَ من مَفْزَعِ

تلوذُ الدُّهورُ فَمِنْ سُجَّدٍ

على جانبيه ومن رُكَّعِ

شَمَمْتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ

نَسِيمُ الكَرَامَةِ مِنْ بَلْقَعِ

وعَفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ

خَدٌّ تَفَرَّى ولم يَضْرَعِ

وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ

جالتْ عليهِ ولم يَخْشَعِ

وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ

بِروحي إلى عَالَمٍ أرْفَعِ

وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ

بصومعةِ المُلْهَمِ المُبْدِعِ

كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيحِ

حمراءَ " مَبْتُورَةَ الإصْبَعِ"

تَمُدُّ إلى عَالَمٍ بالخُنُوعِ

وَالضَّيْمِ ذي شَرَقٍ مُتْرَعِ

تَخَبَّطَ في غابةٍ أطْبَقَتْ

على مُذْئِبٍ منه أو مُسْبِعِ

لِتُبْدِلَ منهُ جَدِيبَ الضَّمِيرِ

بآخَرَ مُعْشَوْشِبٍ مُمْرِعِ

وتدفعَ هذي النفوسَ الصغارَ

خوفاً إلى حَرَمٍ أَمْنَعِ

تعاليتَ من صاعِقٍ يلتظي

فَإنْ تَدْجُ داجِيَةٌ يَلْمَعِ

تأرّمُ حِقداً على الصاعقاتِ

لم تُنْءِ ضَيْراً ولم تَنْفَعِ

ولم تَبْذُرِ الحَبَّ إثرَ الهشيمِ

وقد حَرَّقَتْهُ ولم تَزْرَعِ

ولم تُخْلِ أبراجَها في السماء

ولم تأتِ أرضاً ولم تُدْقِعِ

ولم تَقْطَعِ الشَّرَّ من جِذْمِهِ

وغِلَّ الضمائرِ لم تَنْزعِ

ولم تَصْدِمِ الناسَ فيما هُمُ

عليهِ مِنَ الخُلُقِ الأوْضَعِ

تعاليتَ من "فَلَكٍ" قُطْرُهُ

يَدُورُ على المِحْوَرِ الأوْسَعِ

فيابنَ البتولِ وحَسْبِي بِهَا

ضَمَاناً على كُلِّ ما أَدَّعِي

ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثْلُها

كمِثْلِكِ حَمْلاً ولم تُرْضِعِ

ويابنَ البَطِينِ بلا بِطْنَةٍ

ويابنَ الفتى الحاسرِ الأنْزَعِ

ويا غُصْنَ "هاشِمَ" لم يَنْفَتِحْ

بأزْهَرَ منكَ ولم يُفْرِعِ

ويا واصِلاً من نشيدِ الخُلود

خِتَامَ القصيدةِ بالمَطْلَعِ

يَسِيرُ الوَرَى بركابِ الزمانِ

مِنْ مُسْتَقِيمٍ ومن أظْلَعِ

وأنتَ تُسَيِّرُ رَكْبَ الخلودِ

ما تَسْتَجِدُّ لهُ يَتْبَعِ

تَمَثَّلْتُ يومَكَ في خاطرِي

ورَدَّدْتُ صوتَكَ في مَسْمَعِي

وَمَحَّصْتُ أمْرَكَ لم أرْتَهِبْ

بِنَقْلِ " الرُّوَاةِ " ولم أُُخْدَعِ

وقُلْتُ: لعلَّ دَوِيَّ السنين

بأصداءِ حادثِكَ المُفْجِعِ

وَمَا رَتَّلَ المُخْلِصُونَ الدُّعَاةُ

من " مُرْسِلِينَ " ومنْ "سُجَّعِ"

ومِنْ "ناثراتٍ" عليكَ المساءَ

والصُّبْحَ بالشَّعْرِ والأدْمُعِ

لعلَّ السياسةَ فيما جَنَتْ

على لاصِقٍ بِكَ أو مُدَّعِي

وتشريدَهَا كُلَّ مَنْ يَدَّلِي

بِحَبْلٍ لأهْلِيكَ أو مَقْطَعِ

لعلَّ لِذاكَ و"كَوْنِ" الشَّجِيّ

وَلُوعَاً بكُلِّ شَجٍ مُوْلعِ

يداً في اصطباغِ حديثِ الحُسَيْن

بلونٍ أُُرِيدَ لَهُ مُمْتِعِ

وكانتْ وَلَمّا تَزَلْ بَرْزَةً

يدُ الواثِقِ المُلْجَأ الألمعي

صَناعَاً متى ما تُرِدْ خُطَّةً

وكيفَ ومهما تُرِدْ تَصْنَعِ

ولما أَزَحْتُ طِلاءَ القُرُونِ

وسِتْرَ الخِدَاعِ عَنِ المخْدَعِ

أريدُ "الحقيقةَ" في ذاتِهَا

بغيرِ الطبيعةِ لم تُطْبَعِ

وجَدْتُكَ في صورةٍ لم أُرَعْ

بِأَعْظَمَ منها ولا أرْوَعِ

وماذا! أأرْوَعُ مِنْ أنْ يَكُون

لَحْمُكَ وَقْفَاً على المِبْضَعِ

وأنْ تَتَّقِي دونَ ما تَرْتَئِي

ضميرَكَ بالأُسَّلِ الشُّرَّعِ

وأن تُطْعِمَ الموتَ خيرَ البنينَ

مِنَ "الأَكْهَلِينَ" إلى الرُّضَّعِ

وخيرَ بني "الأمِّ" مِن هاشِمٍ

وخيرَ بني " الأب " مِنْ تُبَّعِ

وخيرَ الصِّحابِ بخيرِ الصُّدُورِ

كَانُوا وِقَاءَكُ ، والأذْرَعِ

وقَدَّسْتُ ذِكراكَ لم انتحِلْ

ثِيَابَ التُّقَاةِ ولم أَدَّعِ

تَقَحَّمْتَ صَدْرِي ورَيْبُ الشُّكُوكِ

يِضِجُّ بِجُدْرَانِهِ الأَرْبَعِ

وَرَانَ سَحَابٌ صَفِيقُ الحِجَاب

عَلَيَّ مِنَ القَلَقِ المُفْزِعِ

وَهَبَّتْ رِياحٌ من الطَّيِّبَاتِ

و" الطَّيِّبِينَ " ولم يُقْشَعِ

إذا ما تَزَحْزَحَ عَنْ مَوْضِعٍ

تَأَبَّى وعادَ إلى مَوْضِعِ

وجَازَ بِيَ الشَّكُّ فيما مَعَ

" الجدودِ " إلى الشَّكِّ فيما معي

إلى أن أَقَمْتُ عَلَيْهِ الدَّلِيلَ

مِنْ " مبدأٍ " بِدَمٍ مُشْبَعِ

فأسْلَمَ طَوْعَا ً إليكَ القِيَادَ

وَأَعْطَاكَ إذْعَانَةَ المُهْطِعِ

فَنَوَّرْتَ ما اظْلَمَّ مِنْ فِكْرَتِي

وقَوَّمْتَ ما اعْوَجَّ من أضْلُعِي

وآمَنْتُ إيمانَ مَنْ لا يَرَى

سِوَى العَقْل في الشَّكِّ مِنْ مَرْجَعِ

بأنَّ (الإباءَ) ووحيَ السَّمَاءِ

وفَيْضَ النُّبُوَّةِ ، مِنْ مَنْبَعِ

تَجَمَّعُ في (جوهرٍ) خالِصٍ

تَنَزَّهَ عن ( عَرَضِ ) المَطْمَعِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


للحُتوفِ

الحَتْفُ : الهلاكُ. ويُقال: ماتَ فلانٌ حَتْفَ أنْفِه، وحتفَ أَنفَيْه: ماتَ علَى فراشه بلا ضَرْبٍ ولا قَتْل. وقد يُقال: مات حتْفَ فِيهِ ؛ وذلك أَنَّ العرَبَ كانت تتخيّل أَن المرءَ إذا قُتل خرج روحه من مَقْتَلِه، فإذا مات بلا قَتْل فَقَد خرَج روحه من أنفه أو من فيه. والجمع : حُتوف.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو محمد العلوي


بالأبلَجِ

المضيء وجهه الواضح ملامحه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


أَضْوَعِ

ضاع المسك اي عبقت راحته وانتشرت

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


الطُّفوف

معركة كربلاء واقعة الطف

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


تعاليتَ من مُفْزِعٍ للحُتوفِ وبُورِكَ قبرُكَ من مَفْزَعِ

ان الحسين عليه السلام هو مرهب الطواغيت والظلام ومفزعهم والقبر الذي تنور بنور الحسين هو ملجأ تشرع اليه النفوس الباحثه عن الراحة والإطمئنان

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


بَلْقَعِ

الارض الخالية المقفرة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


وعَفَّرْتُ

وضع خده على التراب ومقصد الشاعر هو ان تربة القبر هي مصذر راحة للقاصدين

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ

حوافر الخيل . مقصد الشاعر هو تصوير مشهد خيول الاعداء وهي تعدوا على صدره الشريف

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


بصومعةِ

مكان مرتفع من الارض وغالبًا ما يكون مسكون من قبل الرهبان والمتعبدين

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


بالخُنُوعِ

التضرع والخضوع بصورة مذلة لا تليق بمنزلة الاحرار وهو مسطلح قليل الاستخدام في الشعر الحديث

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


صاعِقٍ يلتظي

برق قوي محرق لما يمر فيه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


تَدْجُ داجِيَةٌ يَلْمَعِ

ان الحسين عليه السلام مضيء حيث الضلام يختفي ويندثر بوجوده وهو تشبيه بليغ من الشاعر

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


تأرّمُ

ارم اسنانه اي حكها بعضها ببعض

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


طِلاءَ

الطبقة الخارجية المغطية للشيء

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


الوِتْرُ

واحد لم تجدْ الدنيا بمثله ولن تجود

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


سنابِكُ

حوافر الخيل ، ومقصد الشاعر هو تصوير مشهد سحق الخيل لصدر الحسين -ع-

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسن علي العوادي


المِبْضَعِ

آله تشريح ، من الادوات الجراحية

تم اضافة هذه المساهمة من العضو المُصطفى البصري


لعلَّ السياسةَ فيما جَنَتْ على لاصِقٍ بِكَ أو مُدَّعِي

يرى الشاعر إن الحسين بعيد عن كلِ ما نسبته الكتب اليه بالزور بداعي السياسة وما هي إلا إدعاء خالٍ من الحقيقة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو المُصطفى البصري


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2341

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة