الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » أحضر الليل منك عقدا وثغرا

عدد الابيات : 95

طباعة

أحضَر اللّيلُ منك عِقْداً وثَغْرا

حين وَلّى ليُعقِبَ الوَصْلَ هَجْرا

وأَردْتُ اختلاسَ قُبلةِ تَودي

عٍ وكُلٌّ في ناظري كان دُرّا

فتَحيَّرْتُ أحسَبُ الثَّغْرَ عِقْداً

من سُلَيمى وأحسَبُ العِقْدَ ثَغْرا

ولثَمتُ الجميعَ قَطْعاً لِشَكّي

وكذا يَفعَلُ الّذي يتَحَرّى

ولعَمْري ما الدُّرُّ كالثّغْرِ من سَلْ

مى ولكنْ طَرْفي أساء فغُفْرا

سحَر الطّيفُ ناظِريَّ فلمّا

نفَث الصُّبحُ حَلَّ ذاك السِّحرا

مَن رأَى قَطُّ بين ماءٍ ونارٍ

لخيالٍ في آخِر الّليلِ مَسْرى

مثْلَ طيفٍ قد زارني منك وَهْناً

وفؤادي حَرّانُ والعينُ عَبرى

بأبي مَن إذا تَقدَّمُ رِجْلٌ

لي إلى وَصْلِه تأخّرُ أُخرى

وإلى وجهِه إذا سافَرَ النّا

ظِرُ منّي خاف الغَيورَ فَورّى

كلّما عاد منه عندَ ادِّكارٍ

بَحّر الشّوقُ مُقْلتي فيه بَحرا

يومَ وافَى يَجُرُّ للحسنِ جَيشاً

قال لي قائل سَلِ اللهَ صَبرا

قلتُ دَعْني فجفْنُه الآن يَنضو

سيفَ لحظٍ فيقتلُ الصّبَّ صَبْرا

يا غزالاً إذا تَبسّمَ قُلنا

رَوضةٌ أَصبحتْ تُفتِّقُ زَهرا

ذابَ قلبي لثَغْرِه هل رأيتُمْ

بَرَداً قبلَهُ يُذوِّبُ جَمرا

لستُ أَنساهُ حين لاح لعيني

وهْو كالظّبْيِ يَنصِبُ الجيدَ ذُعرا

في نِطاقٍ مُفصَّلٍ من عيونٍ

وقلوبٍ كَسْوها منه الخَصرا

قلتُ كم ذا تُديرُ مُرِّ عِتابٍ

قال خيرُ الخُمورِ ما كان مُرّا

قلتُ يا رِيمُ إن يكن فُوكَ كأْساً

والثّنايا الحَبابَ والرّيقُ خَمرا

فأَدِرْه كُؤوسَ لثْمٍ عسى تَعْ

دو المطايا فأَجهَلُ الحالَ سُكرا

إن أَحسّتْ بسَيرِكم عَبراتي

لم تَدعْ للرّفاقِ في الأرضِ عَبرا

يا سحابَ الجفونِ جُودي بقطرِ الدْ

دَمعِ منّى صَدْراً من القلبِ قَفرا

أَصبحَ الحَيُّ مُنجدِينَ وأَمسَوا

ليس منهمْ بالغَورِ إلاّ الذِّكْرى

مُودِعينَ السُّجوفَ بِيضاً وسُمْراً

لهمُ والأكُفَّ بِيضاً وسُمرا

كُلُّ بيضاءَ إن نظرتَ إليها

نَسجَ الظَّعْنُ دونها الشَّمسَ سِترا

فسقَى اللهُ يومَ ساروا صباحاً

ساقَ حُرٍ إلى البُكا ساقَ حُرّا

غاض دَمعي كدمعِه وقديماً

كان لولا العِدا دموعيَ غُزرا

إنّما كنتُ في المَدامعِ منّى

ذاخِراً عسكراً من الدّمعِ مَجرا

راجِياً بالبكاء قطْعَ طريقِ الرْ

رَكْبِ يوماً إن أصبحَ الحَيُّ سَفرا

وعَد الدّمعُ إن أَرادوا بأحبا

بي مَسيراً أن يَجعلَ البَرَّ بَحرا

وأبَى أن يفيِ فقلتُ وحتّى

أنت يا دَمعُ قد تَعلّمتَ غَدرا

قسماً لا رجعتُ من بعدِ يَومي

غيرَ ذُخرِ الإسلامِ أَحفَظُ ذُخرا

غُرّةٌ للزّمانِ في الوجهِ منه

مَن رأَى قبلَهُ زماناً أَغَرّا

خَضِلُ الكَفِّ عادِمُ الكفْء خِرقٌ

يَفِرُ العِرْضَ دائماً لا الوَفْرا

سابِقٌ بالنّوالِ فالوْفدُ منه

بدَلَ المَدحِ يَنظِمونَ الشُكرا

فارِسٌ في مَواقفِ الجودِ ثَبْتٌ

تَقتُلُ المالَ كَفُّه والفَقرا

جاعِلٌ للوفودِ في الكَفّ يُسراً

يَتلقّاهمُ وفي الوجهِ بِشرا

فتراهُ إذا بدا من بَعيدٍ

للفتى بِشْرُهُ يُصحَّفُ يُسرا

كم نضا رأْيَه فثقّفَ عُوجاً

من رجالٍ به وقَوَّم صُعرا

كَيدُه للعدوِّ لا الطّعْنُ خَلْساً

يَتَّقي مثلَه ولا الضّرْبُ هَبرا

مَعرَكٌ يَصرعُ العِدا لا قَنا المُرْ

رانِ فيه ولا صفائحُ بُصْرى

ليثُ غابٍ تُريكَ منه لساناً

وبياناً كفّاه ناباً وظُفرا

وبكُتْبِ الأيّامِ يُفْدَى كِتابٌ

جاء منهُ يقبِّلُ الخَتْمَ نحرا

شمعةٌ تَحسدُ الشّموعُ سناها

ولهذا دموعُها الدَّهرَ تَتْرى

ذو وقارٍ يُبدي التّواضعَ دِيناً

ويَهُزُّ الأعطافَ راجيهِ كِبرا

لا يُحابي في حُكْمِه بل يُسَوِّي

بالورى نفسَه العظيمةَ فَخرا

لو عرَفْنا في الجودِ حُجْراً لكُنّا

قد ضرَبْنا عليه منه حَجرا

ماجِدٌ نَمتري سحائبَ عَشْراً

من يدَيه تُسْمَى أناملَ عَشرا

مَن يَقِسْهُ في مَجدِه بأبيه

لم يَخفْ في القياسِ نَقْضاً وكَسرا

يا ابنَ مَن زِنتَهُ وزانَكَ حقّاً

كَرماً باهِراً ونَفْساً ونَجرا

والكريمُ الأَغرُّ لا تَقبَلُ العل

ياءُ منه إلاّ الكرامَ الغُرّا

يا بني طاهرٍ بكمْ بَشّر اللّ

هُ على عهدهِ النّبِيَّ طُهرا

بين عَينَيْ عَينَيهِ قد بانَ منكمْ

كامِنُ النُّورِ للنّبِيِّ فَسُرّا

ورآه مُبشِّراً بكُم جا

ءَ فأَعطَى هُنَيدةَ للبُشْرى

فكأنّ النّبيَّ صلَّى عليه اللّ

لهُ رَبُّ العُلا وسلَّم تَتْرى

قد رأَى يوم ذاكَ كيفَ تَفِرّو

نَ جميعاً لدِينهِ اليومَ نَصرا

ففَداكَ الزّمانُ يا خيرَ أَهلي

هِ إذا الحادثاتُ قَدَّمْن نَذرا

بوجوهٍ من أَولياءَ وحُسّا

دٍ كخَلْطِ النِّثارِ بيضاً وصُفرا

أَيُّها اللائمُ المُخَطّي ومَحْوِي

عن بياضِ الفلا من العيسِ سَطرا

كم إلى كم أَجوزُ بحْرَ الفيافي

جاعلاً جَسْرتي عليه جِسرا

طامعاً في فُضولِ عيشٍ أَحُثُّ ال

عيسَ والعُمْرُ شَطْرُه الغَضُّ مَرّا

مثلَ عَوراءَ وهْي حَولاءُ تَلقَى ال

وِتْرَ شَفْعاً وتَملِكَ الشّفْعَ وِترا

عَزْمةٌ لم تَقِفْ من الدَّهرِ يَوماً

ونوىً لم تَدَعْ منَ الأرضِ شبرا

وزمانٌ ثنَى رجائيَ مَيْتاً

في مُلوكِ الوَرى وقَلبيَ قَبرا

لاعِبٌ بالمُلوكِ قد طرحَ الفِرْ

زانَ دَهراً لكنْ أساءَ القَمرا

كم تَمرَّسْتُ بعدَ قومٍ بقَومٍ

حِقَباً والأَخيرُ ما زال سِرّاً

كان دَهْري ليلاً فقيراً إلى أنْ

أَطلَعَ اللهُ للوَرى فيه بَدرا

عجَباً لي وللزّمانِ وجَدّي

والفتَى دائماً يُراشُ ويُبْرى

غِبتُ عنكْم ليلَ الشّبابِ على نُسْ

خةِ أقطارِه فَضّيعْتُ عُمرا

وإلى خِدْمتي لكم عُدْتُ لمّا

فَجّر الشّيبُ في الذّوائبِ فَجرا

كَمُضِلٍّ رَدَّ النّهارُ عليه

جَوهراً في الظّلامِ عنه استَسَرّا

قلتُ لمّا حطَطْتُ رَحْلِي إليه

حين أَهْوَى الحادي يَحُلُّ الضَّفرا

كان عَزْمي أنْ أَهجُرَ النّاسَ طُرّاً

فإذا بي نَزْلتُ بالنّاسِ طُرّا

خلَق اللهُ من لساني حُساماً

ثُمَّ أَجرَى مديحَكمْ فيه أُثْرا

دَأْبيَ الشُكْرُ ما حَيِيتُ لأنّي

ما أَعُدُّ الكُفْرانَ إلاّ كُفرا

فَبُرودُ الإحسانِ تَخلُقُ طَيّاً

إن طَوَوْها وليس تَخْلُقُ نَشرا

وإليك الغداةَ فاجتَلِها مِن

خِدْرِ فكْري يا عُمدةَ الدّين بكرا

وارْعَها فهْي كالمُوَصّاةِ للحس

ناءِ تَرضَى منك الكَفاءةَ مَهرا

من قَوافٍ إذا نَزلْنا بأَملا

كٍ أَقامتْ تُقرىَ النّوالَ وتُقْرا

لو حكَى الدّهرُ بعضَهنّ بقاءً

عاش من بعدِ عُمْرِه الدَّهرُ دهرا

يا سماءً رفيعةً من سَماحٍ

ليس يُخْلِي من قَطْرِها الدَّهرَ قُطرا

لم أَجِدْ من بني الزّمانِ نَجيباً

فلَعْمري قد كِدْتُ أُوهَمُ أَمرا

ثُمّ لمّا أيتُكمْ صَحَّ عِنْدي

أنّ للهِ في الخليقةِ سِرّا

نحنُ إهلالُنا بوَجهِكَ لليُمْ

نِ كَفانا وأنت من بَعدُ أدرى

اِفتتاحٌ سَعْدٌ بوَجْهِ أبى الفَتْ

حِ سعيدٍ والمَجدُ بالحُرِّ أحرى

فتَهَنَّ الشّهرَ الشّريفَ الّذي وا

فاك يُهدِي إليك حَمْداً وأجرا

أنت لم تَحْوِ مِثْلَك الخَلْقُ شَخْصاً

وهْو لم يَحْوِ مثْلَه العامُ شَهرا

يا كريماً سَهْلَ الخليقةِ سَمْحاً

ولقد تَخلُقُ الخَليقة وَعرا

أرأيت الهلالَ كيف تَبدَّي

خافياً يَتركُ النّواظِرَ حَسْرى

كسِوارٍ في مِعْصَمٍ من فتاةٍ

يَكْتَسِي فَضْلَ كُمِّها ثُمَّ يَعْرى

ثُمّ لمّا دَنا من الغَرْبِ جِدّاً

رمَقَتْهُ العيونُ يُمنَى ويُسرى

هكذا كلّما تَواضَعَ ذو قَدْ

رٍ من النّاسِ كان أرفعَ قَدرا

فابقْ يا أشرفَ البريّةِ طُرّاً

نَسَباً يَبهَرُ الملوكَ وصِهرا

ساكناً في بنى أبيكَ تُحاكِي

قَمَراً وُسِّطَ النُّجومَ الزُّهرا

وأبوكُمْ مُمَتّعٌ بعُلاكم

ما حَذا الصَّومُ في الأنامِ الفِطرا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

123

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة