الديوان » مصر » أحمد شوقي » أحق أنهم دفنوا عليا

عدد الابيات : 57

طباعة

أحق أنهم دفنوا عليا

وحطوا في الثرى المرء الزكيا

فما تركوا من الأخلاق سمحا

على وجه التراب ولا رضيا

مضوا بالضاحك الماضى وألقوا

إلى الحفر الخفيف السمهريا

فمن عون اللغات على ملم

أصاب فصيحها والأعجميا

لقد فقدت مصرِّفها حنينا

وبات مكانه منها خليا

ومن ينظر ير الفسطاط تبكى

بفائضه من العبرات ريا

ألم يمش الثرى قحة عليها

وكان ركابها نحو الثريا

فنقب عن مواضعها علىٌّ

فجدد دارسا وجلا خفيا

ولولا جهده احتجبت رسوما

فلا دمنا تريك ولا نؤيّا

تلفتت الفنون وقد تولى

فلم تجد النصير ولا الوليا

سلوا الآثار من يغدو يغالى

بها ويروح محتفظا حفيا

وينزلها الرفوف كجوهري

يصفف في خزائنها الحليا

وما جهل العتيق الحر منها

ولا غبى المقلد والدعيا

فتى عاف المشارب من دنايا

وصان عن القذى ماء المحيا

أبىّ النفس في زمن إذا ما

عجمت بنيه لم تجد الأبيا

تعوّد أن يراه الناس رأسا

وليس يرونه الذَّنَب الدنّيا

وجدت العلم لا يبنى نفوسا

ولا يغنى عن الأخلاق شيا

ولم أر في السلاح أضل حدا

من الأخلاق إن صحبت غبيا

هما كالسيف لا تنصفه يفسد

عليك وخذه مكتملا سويا

غدير أترع الأوطان خيرا

وإن لم تمتلئ منه دويا

وقد تأتى الجداول في خشوع

بما قد يعجز السيل الأتيا

حياة معلم طفئت وكانت

سراجا يعجب السارى وضيا

سبقت القابسين إلى سناها

ورحت بنورها أحبو صبيا

أخذت على أريب ألمعي

ومن لك بالمعلم ألمعيا

ورب معلم تلقاه فظا

غليظ القلب أوَفدماً غبيا

إذا انتدب البنون لها سيوفا

من الميلاد ردّهم عصيا

إذا رشد المعلم كان مسوى

وإن هو ضل كان السامريا

ورب معلمين خلوا وفاتوا

إلى الحرية أنساقوا هديا

أناروا ظلمة الدنيا وكانوا

لنار الظالمين بها صُلِيَّا

أرقت وما نسيت بنات بوم

على المطرية اندفعت بكيا

بكت وتأؤهت فوهمت شرّا

وقبلى داخل الوهم الذكيا

قلبت لها الحُدى وكان منى

ضلالا أن قلبت لها الحذيا

زعمت الغيب خلف لسان طير

جهلت لسانه فزعمت غيا

أصاب الغيب عند الطير قوم

وصار البوم بينهمو نبيا

إذا غناهمو وجدوا سطيحا

على فمه وافعى الجرهميا

رمى الغربان شيخ تنوخ قبلى

وراش من الطويل لها رويا

نجا من ناجذيه كل لحم

وغودور لحمهن به شقيا

نَعستُ فما وجدت الغمض حتى

نفضت على المناحة مقلتيا

فقلت نذيرة وبلاغ صدق

وحق لم يفاجئ مسمعيا

ولكن الذي بكت البواكي

خليل عز مصرعه عليا

ومن يُفجع بحرٍّ عبقري

يجد ظلم المنية عبقريا

ومن تتراخ مدته فيكثر

من الأحباب لا يحص النعيا

أخي أقبل على من المنايا

وهات حديثك العذب الشهيا

فلم أعدم إذا ما الدور نامت

سميرا بالمقابر أو نجيا

يذكرني الدى لِدَةً حميما

هنالك بات أو خلا وفيا

نشدتك بالمنينة وهي حق

ألم يك زخرف الدنيا فويا

عرفت الموت معنى بعد لفظ

تكلم واكشف المعنى الخبيا

أتاك من الحياة الموت فانظر

أكنت تموت لو لم تلف حيا

وللاشياء أضداد إليها

تصير إذا صبرت لها مليا

ومنقلب النجوم إلى سكون

من الدوران يطويهن طيا

فخبرني عن الماضين إني

شددت الرحل أنتظر المضيا

وصف ل منزلا حُملوا إليه

وما لمحوا الطريق ولا المطيا

وكيف أتى الغنىّ له فقيرا

وكيف ثوى الفقير به غنيا

لقد لبسوا له الأزياء شتى

فلم يقبل سوى التجريد زيا

سواء فيه من وافى نهارا

ومن قذف اليهود به عشيا

ومن قطع الحياة صدى وجوعا

ومن مرت به شبعا وريا

وميت ضجت الدنيا عليه

وآخر ما تحس له نعيا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد شوقي

avatar

أحمد شوقي حساب موثق

مصر

poet-ahmed-shawqi@

767

قصيدة

27

الاقتباسات

5031

متابعين

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت ...

المزيد عن أحمد شوقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة