الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » قليل بآداب المودة من يفي

عدد الابيات : 41

طباعة

قَلِيلٌ بِآدَابِ الْمَوَدَّةِ مَنْ يَفِي

فَمَنْ لِي بِخِلٍّ أَصْطَفِيهِ وَأَكْتَفِي

بَلَوْتُ بَنِي الدُّنْيَا فَلَمْ أَرَ صَاحِبَاً

يَدُومُ عَلَى وُدٍّ بِغَيْرِ تَكَلُّفِ

فَهَلْ مِنْ فَتىً يَسْرُو عَنِ الْقَلْبِ هَمَّهُ

بِشِيمَةِ مَطْبُوعٍ عَلَى الْمَجْدِ مُسْعِفِ

رَضِيتُ بِمَنْ لا تَشْتَهِي النَّفْسُ قُرْبَهُ

وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْدُوحَةً يَتَكَلَّفِ

وَلَوْ أَنَّنِي صَادَفْتُ خِلاًّ يَسُرُّنِي

عَلَى عُدَوَاءِ الدَّارِ لَمْ أَتَلَهَّفِ

وَلَكِنَّنِي أَصْبَحْتُ فِي دَارِ غُرْبَةٍ

مُقِيماً لَدَى قَوْمٍ عَلَى الْبُدِّ عُكَّفِ

زَعَانِفُ هَدَّاجُونَ فِي عَرَصَاتِهِمْ

كَخَيْطِ نَعَامٍ بَيْنَ جَرْدَاءَ صَفْصَفِ

حُفَاةٌ عُرَاةٌ غَيْرَ أَخْلاقِ صُدْرَةٍ

تَطِيرُ كَنَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ الْمُسَدَّفِ

يَمُجُّونَ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ رَشْحَ مُضْغَةٍ

كَنَضْحِ دَمٍ يَنْهَلُّ مِنْ أَنْفِ مُرْعَفِ

إِذَا رَاطَنُوا بَعْضَاً سَمِعْتَ لِصَوْتِهِمْ

عَزِيفاً كَجِنٍّ فِي الْمَفَاوِزِ هُتَّفِ

فَهَا أَنَا مِنْهُمْ بَيْنَ شَمْلٍ مُبَدَّدٍ

وَمِنْ حَسَرَاتِي بَيْنَ شَمْلٍ مُؤَلَّفِ

أَحِنُّ إِلَى أَهْلِي وَأَذْكُرُ جِيرَتِي

وَأَشْتَاقُ خُلانِي وَأَصْبُو لِمَأْلَفِي

فَلا أَنَا أَسْلُو عَنْ هَوَايَ فَأَنْتَهِي

وَلا أَنَا أَلْقَى مَنْ أُحِبُّ فَأَشْتَفِي

وَإِنِّي عَلَى مَا كَانَ مِنْ سَرَفِ النَّوَى

لَبَاقٍ عَلَى وَدِّي لِمَنْ كُنْتُ أَصْطَفِي

سَجِيَّةُ نَفْسٍ لا تَمِيلُ مَعَ الْهَوَى

وَذِمَّةُ عَهْدٍ بَيْنَ سَيْفٍ وَمُصْحَفِ

وَمَا كُلُّ مَوْشِيِّ الْحَدِيثِ بِصَادِقٍ

وَلا كُلُّ مَنْسُوبٍ إِلَى الْوُدِّ بِالْوَفِي

تَشَابَهَتِ الأَخْلاقُ إِلَّا بَقِيَّةً

بِهَا يُعْرَفُ الْمَاضِي مِنَ الْمُتَخَلِّفِ

وَمَا شَرَفُ الإِنْسَانِ إِلَّا بِنَفْسِهِ

وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ تَلِيدٍ وَمُطْرِفِ

وَلَوْ كَانَ نَيْلُ الْفَضْلِ سَهْلاً لَزَاحَمتْ

رِجَالُ الْخَنَا أَهْلَ الْعُلا وَالتَّعَطُّفِ

فَإِنْ أَخْلَفَتْ نَفْسٌ طَوِيَّةَ مَا وَأَتْ

فَلِي مِنْ عَلِيٍّ صَاحِبٌ غَيْرُ مُخْلِفِ

هُمَامٌ دَعَا بِاسْمِي فَلَبَّيْتُ صَوْتَهُ

بِيَا مَرْحَباهُ مِنْ فُؤَادٍ مُكَلَّفِ

وَلَوْ صَاحَ بِي فِي غَارَةٍ لَوَزَعْتُهَا

عَلَى مَتْنِ مَحْبُوكِ السَّرَاةِ بِمُرْهَفِ

وَلَكِنَّنِي لَبَّيْتُ دَعْوَةَ نَظْمِهِ

بِأَسْمَرَ مَشْقُوقِ اللِّسَانِ مُحَرَّفِ

إِذَا حَرَّكَتْهُ رَاحَتِي فَوْقَ مُهْرَقٍ

بِذِكْرِ عُلاهُ بزَّ كُلَّ مُثَقَّفِ

هُوَ الْبَطَلُ السَّبَّاقُ فِي كُلِّ غَايَةٍ

يَهَابُ رَدَاهَا الْمَرْءُ قَبْلَ التَّعَسُّفِ

إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ بَيَانَاً لِقَائِلٍ

وَإِنْ سَارَ لَمْ يَتْرُكْ مَجَالاً لِمُقْتَفِي

لَهُ قَلَمٌ لَوْ كَانَ لِلسَّيْفِ حَدُّهُ

لَفَلَّ حَبِيكَ السَّرْدِ فِي كُلِّ مَوْقِفِ

وَشُعْلَةُ فِكْرٍ لَوْ بِمِثْلِ ضِيَائِهَا

أَنَارَ سِرَاجُ الأُفْقِ مَا كَانَ يَنْطَفِي

فَسِيحُ مَجَالِ الْفِكْرِ ثَبْتٌ يَقِينُهُ

بَعِيدُ مَنَاطِ الْهَمِّ حُرُّ التَّصَرُّفِ

أَدِيبٌ لَهُ فِي جَنَّةِ الشِّعْرِ دَوْحَةٌ

أَفَاءَتْ عَلَى الدُّنْيَا بِأَجْمَلِ زُخْرُفِ

إِذَا نَوَّرَتْ أَفْنَانُهَا غِبَّ دِيمَةٍ

مِنَ الْفِكْرِ جَاءَتْ بِالْبَدِيعِ الْمُفَوَّفِ

تَرَنَّمَ فِيهَا مِنْ ثَنَائِي بُلْبُلٌ

بِلَحْنٍ لَهُ فِي السَّمْعِ نَبْرَةُ مِعْزَفِ

حَفِيتُ لَهُ بِالْوُدِّ مِنِّي وَكَيْفَ لا

أُسَابِقُهُ فِي وُدِّهِ وَهْوَ بِي حَفِي

تَأَلَّفَ نَفْسِي بَعْدَ مَا زَالَ أُنْسُهَا

وَنَوَّهَ بِاسْمِي بَعْدَ مَا كَادَ يَخْتَفِي

وَحَرَّكَ أَسْلاكَ التَّرَاسُلِ بَيْنَنَا

بِسَيَّالِ وُدٍّ لَفْظُهُ لَمْ يُحَرَّفِ

وَفِي النَّاسِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْوُدِّ قَلْبُهُ

وَمِنْهُمْ سَقِيمُ الْعَهْدِ بَادِي التَّحَرُّفِ

تَوَسَّمْتُ فِيهِ الْخَيْرَ قَبْلَ لِقَائِهِ

وَأَحْمَدْتُ مِنْهُ الْخُبْرَ بَعْدَ التَّعَرُّفِ

وَمَا حَرَكَاتُ النَّفْسِ إِلَّا دَلالَةٌ

عَلَى صِدْقِ مَا قَالُوا بِهِ فِي التَّعَيُّفِ

فَقَدْ تَكْذِبُ الْعَيْنُ الْفَتَى وَهْوَ غَافِلٌ

وَيَصْدُقُ ظَنُّ الْعَاقِلِ الْمُتَشَوِّفِ

وَفَيْتُ بِوَعْدِي فِي الثَّنَاءِ وَإِنْ يَكُنْ

مَقَالِي بِهَاتِيكَ الْفَضَائِلِ لا يَفِي

وَكَيْفَ وَإِنْ أُوتِيتُ فِي النَّظْمِ قُدْرَةً

أَضُمُّ شَتَاتَ الْكَوْنِ فِي بَعْضِ أَحْرُفِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1888

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة