الديوان » العصر العثماني » أبو بحر الخطي » هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري

عدد الابيات : 56

طباعة

هِيَ الدارُ تَستسقيكَ مَدْمَعَكَ الجاري

فَسَقياً فأجدى الدمعِ ما كَانَ للدارِ

فلا تَسْتضِعْ دَمْعاً تُريقُ مَصُونَهُ

لِعِزَّتِهِ ما بينَ نُؤْيٍ وأَحْجَارِ

فأنتَ امرؤٌ قد كُنتَ بالأَمسِ جَارَها

وللجَارِ حَقٌّ قد عَلِمتَ على الجارِ

عَشَوتَ إلى اللذاتِ فيها على سَنَا

شُمُوسِ وُجُوهٍ ما يَغِبنَ وأَقْمارِ

فَأصْبحتَ قد أنْفَقتَ أكثرَ ما مَضَى

من العُمْرِ فيها بينَ عُوْنٍ وأبكارِ

نَواصِعَ بيضٍ لو أَفَضْنَ على الدُّجَى

سَنَاهُنَّ لاستغنَى عن الأَنْجُمِ السَّاري

حَرَائرَ يَنظُرنَ الأُصولَ بِأوجُهٍ

تغَصُّ بِأَموَاهِ النَّضَارَة أَحْرَارِ

معاطِرَ لم تغمسْ يداً في لَطيمةٍ

لهنَّ ولا استعبقْنَ جُونَةَ عَطَّارِ

أَبَحْنَكَ مَمنُوعَ الوِصَالِ نَوَازِلاً

على حُكْمِ نَاهٍ كيفَ شَاءَ وأَمَّارِ

إذا بِتَّ تستسقِي الثُّغُورَ مُدَامَةً

أتَتْكَ فَلَبَّتْكَ الخُدودُ بأَزْهَارِ

أَمَوْسِمَ لَذَّاتي وسُوقَ مآربِي

ومَحْنَى لُبَاناتي ومَنْهبَ أوطَاري

سَقتكَ برغْمِ المَحْلِ أَخلافُ مُزْنَةٍ

تَلُفُّ مَتَى جاشَتْ سُهولاً بأَوعَارِ

وفَجٍّ كما شَاءَ المجالُ حُشُونَهُ

بِعَزْمَةِ عَوَّادٍ على الهَوْلِ كَرَّارِ

تَمَرَّسَ بالأسْفارِ حتى تركنَهُ

لِدِقَّتِهِ كالقِدْحِ أرهفَهُ الباري

إلى مَاجِدٍ يُعزَى إذا انتَسَبَ الوَرَى

إلى مَعْشَرٍ بِيضٍ أَمَاجِدَ أَخْيارِ

ومُضطَلِعٍ بالفضلِ زُرَّتْ قميصُهُ

على كَنْزِ آثارٍ وعَيْبَةِ أسرارِ

سَمِيِّ النبيِّ المصطفَى وأمِينِهِ

دَعَائِمُ قد كانتْ على جُرُفٍ هَارِ

بِهِ قامَ بعد المَيلِ وانتَصَبَت بِهِ

دعائِمُ قد كانت على جُرُفٍ هارِ

فلمّا أناختْ بي على بَابِ دَارِهِ

مَطَايايَ لم أَذْمُمْ مَغَبَّةَ أسْفَاري

نَزَلْتُ بِمغْشِيِّ الرواقينِ دارُهُ

مَثَابةُ طُوَّافٍ وكَعْبةُ زُوَّارِ

فَكَانَ نُزُولي إذْ نزلتُ بمُغْدِفٍ

على المجدِ فَضْلَ البُرْدِ عَارٍ من العَارِ

أَسَاغَ على رغم الحوادثِ مَشْرَبي

وأَعذَبَ وِرْدَ العَيْشِ لي بعد إمْرَارِ

وأنقذنِي من قَبْضَةِ الدهرِ بعدمَا

أَلَحَّ بأَنيابٍ عَلَيَّ وأَظْفَارِ

جُهِلْتُ على مَعْرُوفِ فَضْلِي فلم يكنْ

سِوَاهُ من الأقْوامِ يعرِفُ مِقدَاري

على أنّه لم يبقَ فيما أظنُّهُ

من الأَرضِ شِبْرٌ لم تُطبِّقْهُ أخباري

ولا غروَ فالإِكسيرُ أكبرُ شهرةً

وما زالَ من جَهلٍ بهِ تحتَ أسْتَارِ

مَتَى بَلَّ بي كَفّاً فليسَ بآسِفٍ

على دِرْهَمٍ إنْ لم ينلْهُ ودِينارِ

فيا ابنَ الأُلى أثنى الوصيُّ عليهُمُ

بما ليسَ يثني وَجهُهُ يَدَ إنكارِ

بصِفِّينَ إذْ لم يُلْفِ من أوْلِيائِهِ

وقد عَضَّ نَابٌ للوغَى غَيرَ فَرَّارِ

وأبصرَ منهمْ جِنَّ حَرْبٍ تهافتُوا

على الموتِ إِسْراعَ الفَرَاشِ إلى النَّارِ

سِرَاعاً إلى دَاعي الحُرُوبِ يرونَها

على شِرْبِها الأعمارَ مَنْهَلَ أَعْمَارِ

أَطَارُوا غُمُودَ البِيضِ واتَّكَلُوا على

مَفَارقَ قَومٍ فارقُوا الحقَّ فُجَّارِ

وأَرْسَوا وقد لاثُوا على الرُكَبِ الحُبَى

بُرُوكاً كَهَدْيٍ أبركُوهُ لجَزَّارِ

فقالَ وقد طابتْ هُنَالِكَ نفسُهُ

رِضىً وأَقَرُّوا عينَهُ أَيَّ إقْرَارِ

فلو كنتُ بَوَّاباً على بَابِ جَنَّةٍ

كما أَفْصَحَتْ عنهُ صَحِيحاتُ آثارِ

لأَثْقَلْتَ ظَهْري بالصنيعِ فلم أكدْ

أَنُوءُ بِأعباءٍ ثقُلْنَ وأَوقَارِ

وروّضْتَ فِكْري بعدما صَاحَ نبتُهُ

بمُنْعَبِقٍ من مَاءِ فَضْلِكَ مِدْرَارِ

وكَلَّفتَني جَرْياً وَرَاءَكَ بعدما

بلغتَ مَكاناً دونَهُ يقفُ الجاري

فَجَشَّمتَنيها خُطَّةً لا يَنَالُها

توثُّبُ مُسْتَوفي الجَنَاحَينِ طَيَّارِ

وأَينَ مُجاراةُ الكُمَيْتِ مُجلِّياً

تَناولَ شأوَ السبقِ في كلِّ مِضْمَارِ

وأَلْزمتَني مَدْحَ امرئٍ لو مدحتُهُ

بِشِعْرِ بني حَوَّاءَ دَعْ عنكَ أَشْعاري

لَقصَّرْتُ عن إدراكِ ما يستحقُّهُ

عُلاَهُ فَإقْلالي سَوَاءٌ وإكثاري

إمَامُ هدًى بَرٌّ تَقِيٌّ إذَا انتمَى

إلى سَادَةٍ غُرِّ الشَّمائِلِ أَطْهَارِ

وبَرٌّ لِبَرٍّ لو نَسبتَ فَصَاعِداً

إلى آدمٍ لم ينمِهِ غَيرُ أَبْرَارِ

ومُنْتَظَرٌ ما أَخَرَّ اللهُ وقتَهُ

لِشَيءٍ سِوَى إبرَازِ حَقٍّ وإظْهَارِ

له عزمةٌ تُثنِي القضَاءَ وهِمَّةٌ

تؤلِّفُ بينَ الشَّاةِ والأَسَدِ الضاري

وعَضْبٌ أَغَبَّتْهُ الغُمودُ ويُنتَضى

لإدراكِ ثَارَاتٍ سبقنَ وأَوْتَارِ

أبَا القاسمِ انهضْ واشفِ غلَّ عِصَابةٍ

قضَى وَطَراً من ظُلمِها كلُّ كَفَّارِ

إلاَمَ وحَتَّامَ المنى وانتظارُنا

سَحَائبَ قد أظلَلْننا دُونَ أَمْطَارِ

ذَوَتْ نُضْرَةُ الصَّبْرِ الجميلِ وآذَنَتْ

بِيُبْسٍ لإمْهَالٍ تَمَادَى وأَنْظَارِ

أَبِحْ حَرَمَ الجَوْرِ المَنِيعِ جَنابُهُ

بجرِّ خَمِيسٍ يملأُ الأرضَ جَرَّارِ

بهِ كلُّ مَسْجُورِ العَزِيمةِ مُظْهِرٌ

على حَشَيةِ الجَبَّارِ هَيْبَةَ جَبَّارِ

إذا حُطِمَ الرمحُ انتضَى السيفَ مُعْمِلاً

لأسمرَ عَسَّالٍ وأَبْيضَ بَتَّارِ

أَزرتُكَ مَنْزُورَ الثَّنَاءِ فلا يكنْ

جَزَايَ على مقدارِ شِعْرِي ومِقْدَاري

وَدُونكَها عذراءَ لم تُجْلَ مثلُها

على أحدٍ إلاَّكَ أَسْتَارُ أفكاري

ولا زَالَ تسليمُ المُهَيْمِنِ وَاصلاً

إِليكَ بهِ سَيْراً عَشِيّاً وإِبْكَارِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو بحر الخطي

avatar

أبو بحر الخطي حساب موثق

العصر العثماني

poet-abu-abahr-alkhti@

161

قصيدة

1

الاقتباسات

59

متابعين

جعفر بن محمد بن حسن الخطي البحراني العبدي العدناني، أبو البحر. شاعر الخط في عصره، من أهل البحرين، رحل إلى بلاد فارس، وأقام فيها إلى أن توفي. له (ديوان شعر) ...

المزيد عن أبو بحر الخطي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة