الديوان » العصر العثماني » نيقولاوس الصائغ » يا ظالما مع ظلمه بتظلم

عدد الابيات : 95

طباعة

يا ظالماً مَعَ ظُلمهِ بتظلَّمُ

إِعدِل فليسَ سِواك ممَّن يَظلِمُ

لك غُرَّةٌ ظلمت وقلبٌ ظالمٌ

قد حِرتُ ايُّهما الأَجَنُّ الأَظلَمُ

يا من أَعارَ القلبَ حِليةَ وَجههِ

فارعَ النظيرَ لان دَهرك مُظلِمُ

انفقتُ عيني غارماً ودفَقتُها

فالعينُ من إِنسانها تسُتخدم

أُسدِي لك الحُسنَى بفَكّ مَلاحِمِ ال

بُؤسى فتُسدِي لي النِقامَ وتُلحِمُ

كم ذا أَلينُ وانتَ تقسو جانباً

وإلى مَ أُقدِمُ في الوِدادِ وتحجم

والى مَ أَسترضِي وتَزأَرُ ثائراً

وإلى مَ أُخمِدُ ما تُثيرُ وتُضرمُ

وإلى متى أَلوِي وتُلوِي مُعرِضاً

وإلى مَ أُعرِبُ بالمَقالِ وتُعجِمُ

وإلى مَ أَعدِلُ يالكاع وتلتوي

وإلى مَ أَزكُو بالطِباعِ وتلؤُمُ

وإلى مَ انصُلُ ما نصلتَ من الأَذَى

وإلى متى أَصِلُ الإِخاءَ وتَصرِمُ

وغلى متى أَقذَى وتُقذِي أَعيُناً

وإلى مَ ابني بالقلوب وتَهدِمُ

وإلى مَ أَخفِرُ ذِمَّةً أَخفَرتَها

وإلى مَ امتدحُ الكرامَ وتَذمُمُ

وإلى مَ استشفي وتُولِع بي المُدَى

وإلى مَ أَلثِمُ راحتَيك وتَلطِمُ

بيني وبينك بالحُكومةِ عادلٌ

مستظهرُ الأَلبابِ فيما تَحكُمُ

يا مُلغيَ الإِحسانِ ما هذي الإِسا

ءَاتُ التي لُعرَى المحبَّة تَفصِمُ

يا لائمي باللَوم والتهديد هلذ

يُرجَى الشِفاءُ لمن بفَلس يُحجِمُ

أَمسى الذي لي انت فيهِ مُلزِمٌ

أَلزَمتَنيهِ لُزومَ ما هو أَلزَم

واراك تَسخَطُ بعد شرطٍ مُرتَضىً

والشرطُ أَملَكُ والرِضَى مستحكمُ

متلوّناً كأَبِي بَراقِشَ مُسفِراً

عن بُردةٍ فيها السَداءُ مُسهَّمُ

والمرءُ لا يؤذيهِ شيءٌ مِثلَما

يؤذيهِ يوماً رأيُهُ المتقسِّمُ

حمَّلَتني ما لو تحمَّلَ بعضَهُ

متنُ الجِبالِ الشُمِّ كادت تُفصَمُ

خَلَعَت عليَّ يدا صِفاتكَ خِلعةً

أَخلاقَ عارٍ فَهيَ لا تَتَردَّمُ

أَيدٍ جَنَت لي راحةً إِبهامها

يا راحةً لَيتي لمثلكِ أَعدَمُ

يا شاتمي ظُلماً وهذي شِيمةٌ

شَمعي لداودَ بنِ يَسَّى يَشتِمُ

كيفَ استحثَّ اللَه في هدمِ العِدى

ولهُ يدٌ تغزو وأُخرى تَنقَمث

ان الحيوةَ مع اللَذاذةِ جَنَّةٌ

هيهاتِ لولا دُونَهنَّ جهنَّمُ

لي أُسوةٌ بُمسامحٍ ذَنبَ الوَرَى

مُذ كانَ فوقَ صليبهِ يتأَلَّمُ

يا مَن لهُ للشرّ قلبٌ مُسرَجٌ

عن وصف خُلقِكَ لي لِسانٌ مُلجَمُ

لا اشتكيكَ ولا أُدنِّسُ مَنطِقي

فلِسانُ حالكَ ناطقٌ يتكلمُ

لن يستقلُّ فمي بنُطقِ مَذَمَّةٍ

فكأَنَّني بالذمّ أَفلَحُ أَعلَمُ

كلَّمتَ قلبي حينما كلَّمتَني

ختلاً فقلبي من كلامك مكُلَمُ

وأَرَيتَني بالوَجهِ امراً مُعظَماً

وأَرَيتَني بالنَجهِ امراً يَعظُمُ

ومُكلِّمي بالختلِ اسجمَ مُقلتي

فكأنما قد قُتَّ فيها حِصرِمُ

واذا ابانَ لك العدوُّ بَشاشةً

فأَحذَر ولا يَخدَعكَ منهُ تبسُّمُ

ظُلمُ القَرُونةِ كامنٌ بطباعها

حرَّك لتُبصِرَ ما يُثارُ ويُضرَمُ

فالظُلمُ من شِيَم النُفوسِ فان تَجِد

ذا عِفَّةٍ فلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ

والحِلمُ شِنشِنةُ الكريمِ ودُونَهُ

يأباهُ لكن بعدُ عجزٍ يَحلُمُ

كن عقرباً تُخشى وصِلّاً يُتَّقى

عندَ القِراعِ ليتَّقيكَ الأَرقَمُ

ان طالَ ظُفرُ أُولِي الشَراسةِ فابرِهِ

ما احسنَ الأَظفار حينَ تُقلَّمُ

فإِهانةُ المتمردّينَ كَرامةٌ

ولَرُبَّ جُرحٍ يشتفيهِ المَرهَمُ

شِيَمُ اللواسبِ بَثُّ سَمِّ حُماتها

هيهاتِ منها يا سليماً تَسلَمُ

فالشانُ شانٌ دونهُ من شانهِ

مُهَجٌ تسيلُ على ظُباهُ وتُسجَمُ

لا يَسلَمُ الشرفُ الرفيعُ من الأَذى

حتى يُراقَ على جوانبهِ الدَمُ

يا من تلبَّبَ للنِضالِ بلَهذَمٍ

إِحذَر فلا يُخطِيكَ ذاك اللَهذَمُ

لا بُدَّ ما تفري البَنانَ نَدامةً

وأَسىً ولا يشفيك أَنَّك تَندَمُ

وقرأتَ سوفاً مُعرِضاً عن أُختها ال

سِينِ التي نادت عليك ستندمُ

يا خائضاً في بحر عِرضٍ دونهُ

بحرٌ من النيرانِ وَهوَ عَرَمرَمُ

صُن جوهرَ الأَعراض صَونَ كرائِمٍ

فالعِرضُ جوهرةٌ تُصانُ وتُكرَمُ

واجلِل دَواءَ العِرض وارتُق فَتقَهُ

فعَساهُ يُرفَى ثوبك المتردّمُ

من يشتهِ النَكراءَ يَبلُغها فقد

تَلِدُ الحواملُ مثلما تَتَوحَّمُ

ها انتَ معروفٌ بلا أَلِفٍ ولا

لامٍ فللتعريفِ لا اتجشَّمُ

وبك الأمانةُ والدِيانةُ أُعلِنَت

مما جنيتَ ففيك من يتهكَّمُ

قد تُعرَفُ الأَشجارُ من ثَمَراتِها

ويبينُ نوع الاصل مما يَنجُمُ

ليتَ البُطونَ الوالداتِ جميعها

طولَ المَدَى عن نتج مثلك تَعقَمُ

كم ليلةٍ غادَرتَني متسهداً

أَرعى النُجومَ كانني متنجمُ

يا ليتنا كنا سُهيلاً والسُهى

بل ليتَ ان الضِدَّ منا يُعدَمُ

أَبصِحُّ اذ خَذَلَت نُهاك رئَاسةٌ

ان تَخذُلَ الإِيمان ياذا الأَيهَمُ

وِرد الرئاسةِ مَورِدٌ مُستعذَبٌ

لكنَّ مَصدَرهُ أُجاجٌ عَلقَمُ

قد جئتَ معذوراً بطيّ تَوارُبٍ

والحقُّ أَوجَبَ أَنَّ مثلك يُرحَمُ

هيهاتِ يُؤمَنُ من اتى عن ظاهرٍ

خِلاً وباطنهُ الشُجاعُ الأَرقَمُ

ما زالَ يَرقُبني كما لم يَبرَحِ ال

حِرباءُ في شمس الضُحى يَتَوسَّمُ

أَمَّلتُ منهُ ان يَهُبَّ رُخاؤُهُ

فأَتَى سَمُوماً لافحاً يتنسَّمُ

قد غرَّني سِمَنٌ بهِ وجَسامةٌ

لم أدرِ ان السِمنَ فيهِ تورُّمُ

مهما أَسَرَّ المرءُ من اخلاقهِ

تُبدِي بهِ حَرَكاتُهُ ما يَكتُمُ

وارَت مظاهرُ خِيمهِ نَكراءَهُ

أَيبينُ في الظَلماءِ وَجهٌ مُظلِم

لا تَعجَبَنَّ من القبيح وقُبحهِ

ان الشبيهَ لشِبهِهِ مستلزمُ

حملُ النظيرِ على النظير محلَّلٌ

أَنَّى القبيح على القبيح يحرَّمُ

فلَأَقصِدَنَّ من العِراقِ نُسورُها

ما دام أَجدَلُ ارض جِلِّقَ يَشؤُمُ

ولأَهجُرَنَّ شبيههُ هجرَ القِلا

فذِمامُ ذي الغدرِ الذميمِ مُذَمَّمُ

قد تُعجَمُ الأَغصانُ وَهيَ نضيرةٌ

لكنما العَجراءُ ليست تُعجَمُ

والعودُ تُسوِيهِ وفيهِ لُدونةٌ

لكنَّهُ ان جفَّ لا يتقوَّمُ

لي من أذاهُ بكل جزءٍ لَهذَمٌ

وبكلِّ عُضوٍ من بِلاهُ مِخذَم

أَضحى حَشايَ كِنانةً لسِهامهِ

ومقاتلي قد أَغرَضَتها الأَسهُمُ

أَيَرُوعُ قلبي شَرَّهُ ومخلِّصي

منهُ المخلصُ والبتولةُ مريمُ

ذات المقامِ السامِ في فَلَكِ العُلى

في حُكمِها كلُّ القَضاءِ مسلَّمُ

تُعطي وتمنعُ ذات امرٍ نافذٍ

تَنهى وتأمُرُ بالأَنام وتَحكُمُ

هيَ مَعقِلٌ للمستجيرِ ومَلجأٌ

للمستضار وجَنَّةٌ لا تُثلَمُ

من حَيَّرَ الحُذَّاقَ نعتُ كَمالِها

فلِسانُ كُلٍّ عنهُ أَخرَسُ أَبكَمُ

بِكرٌ تَسامَى فضلُها فهيَ التي

من مستميح نَوالها لا تَسأَمُ

خيرُ الفِدَى بحرُ النَدى ريُّ الصَدى

كَنزُ الجَدى تَهَبُ العَطاءَ وتُنعِمُ

تعنو لخِدمتها البريَّةُ اسفلاً

ولها الملائكُ في الأعالي تَخدِمُ

قد قَوَّضَت ظُلَمَ الضَلالِ لانها

عَلَمُ الهِدايةِ والطِرازُ المُعلَمُ

هيَ مَسكِنُ اللَهِ العظيمِ وانها

قُدسُ المقادسِ والخِباءُ الأَعظَمُ

والكوكبُ السَحَريُّ نورُ العرش مَن

دانت لهُ شمس الضُحَى والأَنجُمُ

هذه هي الحَجَرُ الكريمُ قد اجتبا

هُ وهامَ فيهِ الفيلسوفُ الأَكرَمُ

مُذ حَلَّ فيها عاقداً جِسماً لهُ

أُقنومُهُ شخصٌ به مُتقنِّمُ

مُتَنزِّهاً لاهوتُهُ عن لازمٍ

لكنّما ناسوتُهُ متقنمُ

ربٌّ بسيطٌ جِسمُهُ متركبٌ

يمشي فيُعيِي أو يجوعُ فيَطعَمُ

أُقنومُهُ فَذٌّ وليسَ بِتَوأَم

وكِلا الطبيعةِ والمشيئَةِ تَوأَمُ

يا عُمدتي في شِدَّتي ومَعُونتي

ببليَّتي والفوزُ فيما يَعظُمُ

فلأَمدَحَنَّكِ ما حَيِيتُ وان أَمُت

فلَتَمدَحنَّكِ تُربتي والأَعظُمُ

حقٌّ على الأَفلاكِ مدحُكِ في العُلى

لو كانَ للأَفلاك نُطقٌ أو فمُ

فعلى مديحكِ أجمَعت وتجمَّعت

عُربُ البريَّة كلُّها والأَعجُمُ

أُهديكِ بِكرَ الفِكرِ خيرَ خريدةٍ

في نَحرِها دُرُّ المديح مُنظَّمُ

برعَ الختامُ بها بمسك ثنائِها

فاعظِم باللطائِمِ يُختَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نيقولاوس الصائغ

avatar

نيقولاوس الصائغ حساب موثق

العصر العثماني

poet-nicolaos al-sayegh@

342

قصيدة

33

متابعين

نيقولا (أو نيقولاوس) الصائغ الحلبي. شاعر. كان الرئيس العام للرهبان الفاسيليين القانونيين المنتسبين إلى دير مار يوحنا الشوير. وكان من تلاميذ جرمانوس فرحات بحلب. له (ديوان شعر - ط) وفي ...

المزيد عن نيقولاوس الصائغ

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة