الديوان » لبنان » سليمان البستاني » إلى الثغر هكطور زفس دفع

عدد الابيات : 560

طباعة

إِلى الثَغرِ هَكطورَ زَفسُ دَفَع

وَأَنصارَهُ وَالكِفاحُ صَدَع

وَغادَرَهُم في لَظى نارِهِ

وَحَوَّلَ وَقّادَ أَبصارِهِ

لِإِثراقَةٍ أَرضٍ خَيرَ الجِيادِ

وَميسَةَ مَهدِ قُرومِ الجِلادِ

وَنَحوَ الإِفومُلغِ أَهلِ الفِطَن

أُباةِ النُفوسِ غُذاةِ اللَبَن

وَنَحوَ الأَبيّينَ رَهطِ الكَمال

وَعَن حُسنِ إِليونَ صَدَّوَمال

وَما كانَ يَخطُرُ في بالِهِ

بِأَنَّ بَني الخُلدِ مِن آلِهِ

يَثورُ بِهِم أَحَدٌ وَيَقومُ

لِنُصرَةِ أَيِّ فَريقٍ يَرومُ

وَلَكِن مُزَعزِعُ رُكنِ الثَرى

فُسيذُ جَميعَ البَلا أَبصَرا

لَقَد كانَ شَقَّ عُباب البِحارِ

وَأَقبَلَ يَرقُبُ حَرَّ الأُوارِ

وَأَمَّ سَمُثراقَ أُمَّ الشَجَر

لِأَشمَخِ طَودٍ بِها وَاِستَقَر

فَلاحَت لَهُ كُلُّ إيذا وَأَبصَر

سَفينَ البِحارِ وَإِليونَ وَالبِر

وَأَحدَقَ مُستَعجِباً وَهوَ عابِس

وَشَقَّ عَلَيهِ نِكالُ الأَراغِس

فَهَبَّ مِن القُمَّةِ الوَعِرَه

بِنَفسٍ عَلى زَفسِ مُستَعِرَه

وَتَحتَ خُطاهُ اِرتِجاجٌ شَديد

لَهُ الشُمُّ وَالغبُ طُرّاً تَميد

ثَلاثاً خَطا في الذُرى الشاسِعَه

فَأَدرَكَ إيغاسَ في الرابِعَه

هُنالِكَ شيدَت صُروحُ النُضارِ

لَهُ خالِداتٍ بِقَعرِ البِحارِ

فَشَدَّ لِشائِقِ مَركَبَتِه

جياداً تَطيرُ بِمَرحَلَتِه

حَوافِرُها ذُكرَةٌ تَلمَعُ

وَعَسجَدُ أَعرافِها يَسطَعُ

وَحَلَّ بِإِبريزِ شِكَّتِهِ

وَسَوطُ النُضارِ بِسُدَّتِهِ

فَراحَت بِقَلبِ العُبابِ تَلِجٌ

لَها اليَمُّ مُبتَهِجاً يَنفَرِج

وَخَلقُ البِحارِ وَقَد شَعَرا

بِوَطأَةِ مَولاهُ إِذا عَبَرا

مِنَ القَعرِ حيتانهُ تثبُ

لِمرآهُ ياخُذُها الطَرَبُ

فَطارَت بِجَذعٍ بِها اِتَّصَلا

وَما سيمَ فولاذُهُ بَلَلا

سِراعاً بِها خَيلُها رامِحات

لِتُبلغَهُ السُفُنَ الراسِيات

وَفي اللُجِّ ما بَينَ تينيدُسِ

وَذاتِ الجَلاميدِ أَمبَرسِ

تَوَسَّطَ مِن تَحتِ ذاكَ الطَريق

عَلى البَحرِ في القَعرِ كَهفٌ عَميق

هُنالِكَ أَوقَفَها ثُمَّ حَلّا

وَمَدَّ لَها عَلَفَ الخُلدِ حِلّا

وَقَيَّدَها ذَهَباً يَبهَرُ

فَلَيسَ يُحلُّ وَلا يُكسَرُ

لِنَبثَ ثَمَّ لَهُ بِاِنتِظار

وَنَحوَ الأَغرِقِ بِالنَفسِ سار

فَأَلفى الطَراوِدَ قَد هَرَعوا

عَلى إِثرِ هَكطورَ وَاِندَفَعوا

بِصَوتٍ جَهيرٍ وَقَلبٍ يَفور

كَنارٍ تَثورُ وَنَوءٍ يَدور

يَرمونَ أَخدَ الأَساطيلِ قَهرا

وَذَبحَ الأَخاءَةِ ثَمَّةَ طُرّا

وَلَكِنَّ فوسيذَ مَن قَبَضا

عَلى الأَرضِ مِن فَورِهِ اِعتَرَضا

مِنَ اليَمِّ أَمَّ الأَراغِسَ رِفقا

فَماثَلَ كالنحاسَ شَكلاً وَنُطقا

وَنَحوَ الأَياسينِ مالَ بِحَدَّه

فَزادَهُما شِدَّةً فَوقَ شِدَّه

أَياسُ أَياسُ أَلا فَاِحمِلا

فَحَملَكُما فيهِ دَرءُ البَلا

أَلا فَاِذكُرا شَأوَ بَأسَكُما

نَعَم وَاِنبُذا الرُعبَ خَلفَكُما

فَلَستُ بِخاشٍ ذِراعَ العِدى

وَإِن كَتَّفوا حَولَنا العُدَدا

فَهُم حَيثُما عَبروا السورَ جَهرا

يَصُدُّهُمُ قَومُنا الغُرُّ قَهرا

وَلَكِنَّما خَشيَتي ها هُنا

وَهَكطورُ كَالنارِ ثارَ بِنا

يُفاخِرُ أَن كانَ مِن نَسلِ زَفسِ

فَرُبَّ إِلاهٍ يَقومُ بِبَأسِ

وَيوليكُما العَزمَ في مُلتَقاهُ

وَضَمَّ القُيولُ لِكَفِّ أَذاهُ

يُغادِرُ أَشطةولَكُم فَشَلا

وَإِن كانَ أَغراهُ مَولى العُلى

وَمِن ثَمَّ مَسَّهُما بِعَصاهُ

وَأَولاهُما قُوَّةَ مِن قُواهُ

شَديدَ ذِراعٍ وَثَبتَ قَدَم

وَخِفَّةَ جِسمِ وَكُلَّ الهِمَم

وَحالاً تَوارى بِسُرعَةِ صَقرِ

عَلى الفَورِ يَنقَضَّ مِن صَلدِ صَخرِ

وَيَرمَحُ طَيَّ الجَناحِ الخَفيفِ

إِلى الوادِ في إِثرِ طَيرٍ ضَعيفِ

فَفيهِ أَحَسَّ أَياسُ الصَغير

وَنَبَّهَ يَدعو أَياسَ الكَبير

مِنَ الخُلدِ لا شَكَّ نَهَض

وَماثَلَ عَرّافَنا لِغَرَض

لِنوري الأُوارَ وَنَحمي السَفينا

فَما هُوَ كَلخاسُ فَاِعلَم يَقينا

تَبَيَّنتُ وَهوَ يَسيرُ خُطاه

وَأَمرٌ يَسيرٌ بَيانُ الإِلاه

فَنَفسِيَ ماجَت لِسَفكِ الدَمِ

وَهاجَت يَدي وَعَدَت قَدَمي

فَقالَ نَعَم وَأَنا الآنَ أُلف

بِرُمحِيَ تَهتَزُّ لِلفَتكِ كَفّي

وَرِجلِيَ بي شِدَّةً تَثِبُ

وَروحِيَ لِلنَقعِ تَضطَرِبُ

تُحَرِّقُني لِبِرازٍ يَجِلُّ

مَعَ القَرمِ هَكطورَ مَن لا يَكلُّ

فَذاكَ حَديثُهُما طَرَبا

وَفوسِيذُ قَللابُهُما أَلهَبا

وَراحَ لِساقَةِ جَيشِ الأَراغِس

يُشَدِّدُ كُلَّ فَتىً مُتَقاعِس

فَقامَت مَفاصِلُهُم تَنتَعِش

وَكانَت عَلى عَيِّها تَرتَعِش

إِزاءَ الأَساطيلِ يُضوَونَ غَمّا

وَبِالسورِ جَيشُ العَدُوِّ أَلَمّا

يَرَونَ وَيُذرونَ دَمعاً سَخينا

وَبِالحَتفِ قَد أَصبَحوا موقِنينا

فَفوسيذُ بَينَهُمُ اِندَفَقا

يَحُثُّهُمُ فِرَقاً فِرَقا

وَبادَرَ يَدعو قُرومَ الرِجالِ

كَلَيطُسَ طِفقيرَ رَبِّ النِبالِ

وَفينيلَ ذيفيرَ فَخرِ الكُماةِ

وَثاوُسَ مِريونَ هَولِ العُداةِ

كَذا أَنطِلوخَ وَبَكَّتَهُم

بِقَولٍ أَثارَ عَزيمَتَهُم

أَلا أَيَّ عارٍ أَرى أَيَّ عارِ

أَفتيتَنا يا حُماةَ الذِمارِ

ظَنَنتُ بِكُم إِن ثَبِتُّم جِهادا

وِقايَةَ أُسطولِكُم أَن يُقادا

وَإأِلّا فَإِن تَجبُنوا في الكِفاح

فَفَجرُ اِنتِصارِ الطَراوِدِ لاح

أَتُبصِرُ عَيني عُجاباً خطيرا

تَيَقَّنتُ رَبّاهُ أَن لَن يَصيرا

عَلَينا الطَراوِدُ مُنتَصِرَه

وَهُم قَبلُ إِيَّلَةٌ فَرَرَه

تَتيهُ بِعَجزِ بِغاباتِها

وَلا عَزمَ يَدفَعُ آفاتِها

إِلى أَن تَروحَ بِسوقِ النَصيبِ

طَعامَ اِبنِ آوى وَفَهدٍ وَذيبِ

أَهُم هُم وَلَم يَكُ مِن مِنهُمُ

إِلينا وَلَو لَحظَةَ يَقحُمُ

أَهُم هُم وَقَد غادَروا البَلَدا

وَساموا عِمارَتَنا النَكَدا

وَذاكَ لَإِنَّ المَليكَ عَثَر

فَغيظَ الجُنودُ وَسيموا الضَجَر

فَحَولَ سَفائِهِم يُذبَحونا

وَللذَودِ عَنهُنَّ لا يَنهَضونا

وَهَب أَنَّ أَتريذَ كانَ اِمتَطى

بِإِغضابِ آخيلَ مَتنَ الخَطا

هَلُمّوا بِنا نَتَلافى العَرَض

فَعَقلُ أَخي الفَضلِ يَأبى المَرَض

وَلَيسَ جَديراً بِصيدِ الرِجالِ

مَغادَرَةُ الكَرِّ يَومَ النِزالِ

وَلا أَعذُلُ النِكسِ إِن قَعَدا

وَلَستُ بِعاذِرِكُم أَبَدا

تقاعُسُكُم سَيزيدُ البَلا

أَلا فَاِذكُروا العارَ بَينَ المَلا

أَلا تَنظُرونَ الصِدامَ الشَديدا

وَهَكطورَ ذاكَ العَميدَ العَنيدا

بِأَرتاجِنا فَازَ وَالقفلَ حَطَّم

وَحَولَ السَفائِنِ صالَ وَصَمَّم

فهاجوا وَحَولَ الأَياسينِ ضُمَّت

كَتائِبُهُم لِلصدامِ وَهَمَّت

صُفوفاً تَشوقُ اِنتِظاماً أَريسا

وَفالآسَ يَومَ تُثيرُ الوَطيسا

تَرَبَّصَ صيدُ جَماهيرِهِم

لِصَدِّ العُداةِ وَهَكطورِهِم

نِصالُ القَنا لِنِصالِ القَنا

وَفَوقَ المِجَنِّ المِجَنُّ اِنحَنى

وَبالمِغفَرِ المِغفَرُ اِتَّصَلا

وَقَد لاصَقَ البَطَلُ البَطَلا

بِرَصِّهِمِ الخُوَذُ اللامِعاتُ

تَلاقَت تَموجُ بِها العَذَباتُ

وَمِن دونِ صَلدِ أَنامِلِهِم

تَلاقي اِهتِزازِ عَوامِلِهِم

فَهَبّوا بِهِنَّ بِثَبتِ جَنانِ

تَضَرَّمَ ناراً لِحَرِّ الطِعانِ

وَهَبَّ الطَراوِدُ وَالتَصَقوا

وَفي الصَدرِ هَكطورُ مُندَفِقُ

كَجُلامودِ صَخرٍ قضد اِنتَزَعا

مِنَ الشُمِّ سَيلٌ بِهِ اِندَفَعا

لَهُ الغابُ مُرتَجَّةً تَرتَجِف

إِلى القَعرِ حَيثُ بِعُنفِ يَقِفُ

وَقَد كادَ هَكطورُ يَسفِكُ سَفكا

عَلى الخَيمِ وَالفُلكِ لِلبَحرِ فَتكا

وَلَمّا بِتِلكَ الصُفوفِ اِصطَدَم

عَلى رَغمِهِ ثَبَّطَتهُ القَدَم

وَجَيشُ الأَخاءَةِ هَمَّ إِلَيهِ

يَهيلُ القَنا وَالسُيوفَ عَلَيهِ

فَصَدّوهُ وَاِنكَفَأَ القَهقَري

يَصيحُ وَيَدعوا قُيولَ السُرى

طَراوِدَتي وَبَني ليقيا

وَيا آلَ دَردانُسَ الأَصفِيا

قِفوا فَالعَدُوَّ قَريباً يَدين

وَإِن رُصَّ رَصَّ الحِصارَ المَتين

لَئِن كانَ خَيرُ بَني الخُلدِ طُرّا

نَعَم بَعلُ هيرا المُعَظَّمُ قَدرا

هُوَ الدافعي لِنكالِ العِدى

فَإِنَّ لَهُم بِسِناني الرَدى

فَهاجوا لِذا النُطقِ نَفساً وَلُبّا

وَبَرَّزَ ذيفوبُ يَختالُ عُجبا

بِجُنَّتِهِ مُستَجيشَ القُوى كَر

يَحُذُ الخُطى وَبِها يَتَسَتَّر

فَلَقّاهُ مِريونَ صَلدَ سِنانِه

فَمَدَّ المِجَنَّ إِلقاءَ طِعانِه

فَمِن نَصلِهِ الرُمحُ عُنفاً تَكَسَّر

وَمِريونُ بَينَ ذَويهِ تَقَهقَر

مَغيظاً لِرُمٍ قَدِ اِنصَدَعا

وَنَجوى العَدُوِّ المُبينِ مَعا

وَلِلفُلكِ وَالخَيمِ حالاً سَعى

يَرومُ قَناةً بِها اِستَودَعا

وَقَومُ أَخايَ بِكَرَّتِهِم

يَعَجُّ القَضاءُ بِصَيحَتِهِم

وَطِفقيرُ أَوَّلَ مَن ظَهَرا

بِإِمبَريوسَ الفَتى ظِفرا

هُوَ اِبنٌ لِمَنطورَ حاوي الجِيادِ

بِفيذِيَةٍ كانَ قَبلَ الجِهادِ

وَزَوجٌ لِميديسكستا الجَميلَه

فَتاةٌ لِفريامَ غَيرُ حَليلَه

فَعِندَ اِنتِسابِ الوَغى قَفَلا

لِإِليونَ حَيثُ سَما بَطَلا

وَحَلَّ لِفِريامَ ضَيفاً كريما

عَلى حُرمَةٍ كَبَنيهِ مُقيما

فَأَرداهُ طِفقيرُ بِالأُذُنِ

وَجَرَّ القَناةَ وَلَم يَنثَنِ

فَخَرَّ كَدَردارَةٍ نَبَتَت

عَلى رَأسِ طَودٍ بِهِ ثَبَتَت

يَميلُ بِها النَصلُ حينَ بَرى

بِغَضِّ الغُصونِ لِوَجهِ الثَرى

كَذَلِكَ إِمبَريوسُ التَوى

بِصَلصَلِةِ الدِرعِ واهي القُوى

وَطِفقيرُ هَمَّ يَرومُ السَلَب

وَلَكِنَّ هَكطورَ حالا وَثَب

وَأَقبَلَ يَرميهِ بِالعامِلِ

وَطِفقيرُ ما كانَ بِالغافِلِ

تَنَحّى فَراحَ السِنانُ يَطير

لِصَدرِ الفَتى أَمفِماخَ المُغيرَ

فَتىً أَقطِياطُ أَبوهُ وَكانا

لِأَقطورَ يُنسَبُ نَسلاً وَشانا

فَخَرَّ يَصِلُّ وَهَكطورُ كَرّا

لِيَسلُبَ خوذَتَهُ حَيثُ خَرّا

وَلَكِنَّ آياسَ عامِلُهُ

أُطيرَ عَلَيهِ يُعاجِلُهُ

فَلَم يَبلُغِ الرُمحُ جِسماً تَرَدّى

حَديداً يَصُدُّ العَوامِلَ صَدّا

وَلَكِن بِمَتنِ المِجَنِّ وَقَع

وَهَكطورَ بِالعُنفِ رَغماً دَفَع

فَظَلَّ القَتيلانِ حَيثُ هُما

وًَقَومُ أَخايَ خَلَوا بِهِما

ففي أَمفماخَ مِنستُ المُوَقَّر

وَإِستيخيسُ قَفَلا لِلمُعَسكَر

وَإِمبريوسُ الأَياسانِ سارا

بِهِ يَقدَحانِ اِحتِداماً شِرارا

كَلَيثَينِ مِن تَحتِ نابِ الكِلابِ

قَدِ اِنتَزَعا سَخلَةً وَسَطَ غابِ

لِغَضِّ الغِياضِ قَدِ اِحتَمَلاها

وَما بَينَ فَكَّيهِما أَعلَياها

كَذا بَينَ أَيديهِما رَفَعا

وَشائِقَ شِكَّتِهِ اِنتَزَعا

وَظَلَّ اِبنُ ويلوسَ يَشتَدُّ حِقداً

لِقَتلِ الفَتى اِمفِماخَ المُفَدّى

فَهامَةَ إِمبريوسَ اِقتَضَب

رَحا وَرَماها شَديدَ الغَضَب

فَدارَت وَلا كُرَةٌ حَيثُ مَرَّت

وَتِلقاءَ هَكطورَ في التُربِ قَرَّت

وَفوسيذُ مُنتَقِماً لِحَفيدِه

يُعِدُّ لِطُروادَ شَرَّ وَعيدِه

فَهَبَّ إِلى الفُلكِ وَالخَيمِ يَجري

يَهيجُ النُفوسَ لِوَقعٍ أَمَرِّ

فَأَبصَرَ إيذومِناً قَفَلا

إِلى الحَربِ مِن بَعدِما اِعتَزَلا

يُعالِجُ حيناً فَتىً طُرِحا

بِبَطنِ شَظِيِّهِ جُرِحا

فَمِن بَعدِ أَن حَمَلواهُ إِلى خِيامِهِم

عَجَلاً عَجَلا

وَأَلقاهُ إيذومِنٌ لِلإِسى

لِلخَيمَتِهِ جَدَّ بادي الأَسى

يَشُكُّ بِها بِثَقيلِ السِلاحِ

وَيُقبِلُ مُقتَحِماً لِلكِفاحِ

تَلَقّاهُ فوسيذُ يَعدو بِباسِ

بِشَكلِ اِبنِ أَنذَرِمونَ ثَواسِ

ثُواسُ الَّذي كانَ مَلكاً كبيرا

وَسادَ الإِتولَ أَميراً خَطيرا

عَلى كالدونةَ أُمِّ الجِبالِ

كَذاكَ فُلوزونَةٍ بِالجَلالِ

فَقالَ أَإِيذومِنٌ أَينَ ما

لَفيفُ الأَخاءَةِ قَد زَعَما

بِبَأسٍ يَقُدُّ الطَراوِدَ قَدَّ

وَعيدٌ أَراهُ قَدِ اِنهَدَّ هَدّا

أَجابَ وَلَستُ أَرى أَن يُلام

بِنا أَحَدٌ لِاِعتِزالِ الصِدام

كَرَرنا جَميعاً وَما مِن أَحَد

عَنِ الحَربِ جُبناً وَذُلّاً قَعَد

فَلاشَكَّ زَفسُ القَديرُ اِستَطابا

نَكالاً وعاراً لَنا وَاِغتِرابا

تُواسُ وَأَنتَ الفَتى الباسِلُ

بِنُصحِكَ يَسترشِدُ الحامِلُ

فَلا تَألَوَنَّ بِرُشدِكَ جَهدا

وَحُضَّ الفَوارِسَ فَرداً فَفردا

فَقالَ أَإِيذومِنٌ مِن بَغى

قُعوداً عَنِ الكَرِّ في ذا الوَغى

عَسى أَن يَعِزَّ عَلَيهِ المَآب

وَيَبقى هُنا مُضغَةً لِلكِلاب

فَشُكَّ وَهَيِّ اِتلُني مُسرِعا

عَسى الفَوزُ في أَن نَكُرَّ مَعا

فَأَعجَزُ ما في الرِجالِ لَدى

تَكافُلِهِم يُحرِزنَ القُوى

وَزِد أَنَّنا بِقرومِ الرِجالِ

إِذا اِشتَدَّتِ الحَربُ لَسنا نُبالي

وَلَمّا اِنتَهى راحَ وَجهتَهُ

وَإيذومِنٌ أَمَّ خَيمتَهُ

فَأَلقى زَهِيَّ السِلاحِ عَلَيهِ

وَهَبَّ بِرُمحَينِ بَينَ يَدَيهِ

كَصاعِقَةِ زَفسُ مِن عِندِهِ

عَلى الأَرضِ يَدفَعُ مِن زَندِهِ

يَطيرُ لَها في الأُلِمبِ شَرَر

فَيُنبِئُ بِالشُؤمِ بَينَ البَشَر

شُعاعُ حَكَتهُ عَلى صَدرِهِ

صَفائِحُهُ الغُرُّ في كَرِّهِ

فَأَبصَرَ تابِعَهُ الشَهمَ أَضحى

لَدى الخَيمِ يَطلُبُ مِن ثَمَّ رُمحا

فَصاحَ اِبنَ مولوسَ مِريونُ حِب

بي أَعَزَّ الفَوارِسِ مِن كُلِّ صَحبي

عَلامَ بَرِحتَ الصِدامَ الأَصَم

أَصابَكَ سَهمٌ وَزادَ الأَلَم

أَمِ الآنَ تَحمِلُ لي خَبَرا

أَلَستَ تَرانِيَ مُستَعِرا

أَبَيتُ التَخَلُّفَ بَينَ خِيامي

وَيَدفَعُني عامِلي وَحُسامي

فَقالَ أَتَتيتُ نَعَم عاجِلا

أَرى في خِيامِكَ لي عامِلا

فَإِنَّ قَناتي قَدِ اِنقَعَرَت

عَلى تُرسِ ذيفوبَ وَاِنكَسَرَت

فَقالَ هُنا خَيمَتي اِدخُل تَنَقّى

قَناةً وَإِن شِئتَ عِشرينَ تَلقى

صُفوفاً بِها عُلِقَت ساطِعاتِ

بِأَكنافِها مِن سِلاحِ العُداةِ

لِأَنِّيَ مُقتَحِمٌ أَبَدا

بِوَجهِيَ وَجهَ عُلوجِ العِدى

فَفيها تُروسٌ وَفيها رِماح

وَبَيضٌ وَلامٌ بِزاهي الصِفاح

أَجابَ وَفي خَيمَتي وَبِفُلكي

سِلاحٌ كَثيرٌ ذَخَرتُ بِفَتكي

وَلِكَنَّهُ وَالعَدُوُّ اِستَطال

عَسيرُ المَنالِ لِبُعدِ المَجال

وَإِنِّيَ مِثلَكَ أَفتَخِرُ

بِأَنِّيَ بَأسيَ أَدَّكِرُ

وَأَنِّيَ يَومَ الطِعانِ أُرى

إِذا التَحَمَ النَقعُ صَدَرَ السُرى

فَغَيرُكَ إِن أُبلِ قضد لا يَراني

وَلَكِنَّ إيذو مِناً قَد بَلاني

فَقالَ وَمِثلِيَ مَن خَبَرَك

فَلَستَ لِتُنمِيَ لي خَبَرَك

عَلِمتُ بِأَنّا إِذا ما أَقَمنا

كَميناً لَهُ صَفوَةَ البُهمِ رُمنا

هُنالِكَ حَيثُ يَكونُ المِحَك

فَيُعرَفُ مَن صَكِّ مِمَّن فَتَك

هُنالِكَ حَيثُ الجَبانُ اِمتُقِع

وَمِن جَوفِهِ قَلبُهُ يَنخَلِع

بِمُهجَتِهِ هَلَعاً يَحقُقُ

وَمِن خَشيَةِ المَوتِ يَصطَفِقُ

وَتَصطَكُّ أَسنانَهُ وَيَقِف

فَتُقعِدُهُ رُكَبٌ تَرتَجِف

وَأَمّا الجَسورُ فَلَيسَ لِيَعبا

وَلا يَتَغَيَّرُ لَوناً وَقَلبا

يُعالُ وَقَد رَصَد القَومَ صَبرا

إِلى الكَرِّ وَالبَطشِ طَعناً وَنَحرا

هُنالِكَ مَن ذا الَّذي يَجِدُ

عَلَيكَ سَبيلاً فَيَنتَقِدُ

فَإِمّا طُعِنتَ وَإِمّا ضُرِبتَ

قَريباً إِذاً أَو بَعيداً أُصِبتَ

فَلَيسَ بِظَهرِكَ وَقَعُ سِلاح

وَصَدرُكَ ذاكَ مَحَطُّ الرِماحُ

وَلَكِن دَعِ البَحثَ في صَدَدِ

نُلامُ عَلَيهِ وَلا نَجتَدي

هَلُمَّ اِدخُلَنَّ عَزيزاً مَكينا

وَمِن خَيمَتي اِقتَل سِناناً مَتينا

فَهَبَّ كَآرِسَ مِريونُ يَحمِل

مِنَ الخَيمِ رُمحاً حَديداً وَيَقفِل

وَفَوراً بِإِيذومِنٍ لَحِقا

بِنَفسٍ مُضَرَّمَةٍ لِلقا

فَراحا وَعِندَ رَواحِهِما

تَأَلَّقَ نورُ سِلاحِهِما

كَأَنَّما آفَةُ الخَلقِ آرِس

يَثورُ فَيهَمي الدَواهي الدَراهِس

يَحِفُّ بِهِ الهَولُ ذو الغَمَرات

فَتاهُ الحَبيبُ أَبو الأَزَمات

مُرَوِّعُ قَلبِ كُماةِ الحَديدِ

وَخافِضُ كُلِّ رَفيعٍ عَنيدِ

فَيا لِلوَبالِ إِذا عَمَدا

مَعاً مِن ثَراقَةَ وَاِتَّقدا

يَهُبّانِ لا لِدُعا قُبِلا

وَلَكِن لِنَكبَةِ أَيِّ المَلا

فَإِمّا لِظَهرِ الإِفيرَةِ كَسرا

وَإِمّا لِقَمعِ الفَليجَةِ قَهرا

كَذَلِكَ إيذومِنُ اِعتَصَما

وَمِريونُ بِالبَأسِ وَاِقتَحَما

فَقالَ اِبنُ مولوسَ أَينَ تُرى

تَرومُ بَأَنَّ نِلجَ العَسكَرا

يَميناً أَمِ القَلبِ أَم عَن شَمال

أَرى عَمَّ كُلَّ النَواحي القِتال

أَجابَ فَفي القَلبِ صفوَةُ بَأ

سِ جَديرونَ أَن يَدرَأوا كُلَّ بَأسِ

هُناكَ الأَياسانِ بِالعَزمِ كَرّا

وَطِفقيرُ أَرمى الأَغارِقِ طُرّا

لَئِن يَرمِ ما مِثلُهُ نابِلُ

وَإِن كَرَّ فَهوَ الفَتى الباسِلُ

فَهُم كُف هَكطورَمَهما طَغى

فَلَن يَبلُغَنَّ بِهِم ما بَغى

وَمَهما يَكُن عَزمُهُ لَن يَهونا

عَلَيهِ المَنالُ فيوري السَفينا

فَلا نالَها غَيرُ زَفسَ إِذا

رَماها بِمقباسِ نارِ الأَذى

وَلا بَشَرٌ مِن جَميعِ البَشَر

يُؤلِمُهُ عامِلٌ وَحَجَر

وَيُغذى نِتاجَ الثَرى مُستَمِرّا

يُطيقُ لِآياسَ ذُلّاً وَقَهرا

وَلَيسَ بِغَيرِ السِباقِ يُطال

وَلَو نَفسُ آخيلَ بِالعَزمِ صال

فَقُم ففَنَسيرُ إِذا لِليَسار

لِنولِيَ أَو نَحنُ نولى الفَخار

وَمِريونُ حالاً كَرَبِّ القِتالُ

تَقَدَّمَ يَجري إِلى حَيثُ قال

وَدونَ الطَراوِدِ مُذ ظَهَرا

يُضَرَّمُ إيذومِنٌ شَرَرا

وتابِعُهُ بِالسِلاحِ المَتين

تَرامَوا لِكَبحِهِما مُجمِعين

هُناكَ السُرى اِشتَبَكَت والغُبار

إِزاءَ السَفائِن لِلجَوِّ ثار

وَقَد سَتَرَ ا لسُبلَ سحقٌ رَفيع

فَتَنسُفُهُ لِعُبابِ الرَقيع

كَأَنَّ الرِياحَ قَدِ اِصطَدَمَت

بِنَوءٍ تَفاقَمَ فَالتَطَمَت

كَذا اِشتَبَكوا فَوقَ تِلكَ الفَلا

وَقارَنَتِ الأَسَلُ الأَسَلا

رِماحٌ تُمَزِّقُ صَدرَ الرِجالِ

وَأَفئِدَةٌ لَهِبَت لِلنِزالِ

وَلَمعُ الدُروعِ وَغُرِّ التُروسٍ

وَزُهرُ التَرائِكِ فَوقَ الرُؤوسِ

وَقَد عانَقَ الفَيلَقُ الفَيلَقا

بِمَنظَرِهِ يَبهَرُ الحَدَقا

وَلَيسَ سِوى الفاتِكِ الباسِلِ

يُسَرُّ لِذا المَشهَدِ الهائِلِ

وَكُلٌّ مِنَ اِبنى قُرونُسَ رام

خِلافَ مَرامِ أَخيهِ الهُمام

فَزَفسُ لإِعزازِ شَأنِ أَخيل

لِهَكطورَ كانَ مَلِيّاً يَميل

وَلَكِنَّهُ لَم يَشأ أَن يُبيدا

بِإِليونَ قَومَ الأَخاءِ بَعيدا

بَلِ اِختارَ إِجلالَ ثيتيسَ قَدرا

كَذاكَ أَخيلَ اِبنَها الشَهمَ جَهرا

وَفوسيذُ سِرّاً مِنَ البَحرِ هَبّا

لِيُحيي الأَراغِسَ نَفساً وَقَلبا

يُؤَلِّمُهُ أَنَّ زَفسَ جَنَف

عَلَيهِم وَنحوَ العُداةِ اِنحَرَف

هُما اِبنا أَبٍ واحدٍ لَيسَ إِلّا

وَثَمَّ التَكافُؤُ فَرعاً وَأَصلا

وَلَكِنَّما البِكرُ زَفسُ غَدا

وَقَد فاقَ عِلماً وَطالَ يَدا

لِذلِكَ فوسيذُ ما جَسَرا

بِجَيشِ الأَراغِسِ أَن يَظهَرا

فَجابَ يَخوضُ الصُفوفَ خَفِيّا

يُماثِلُ بَينَ الكُماةِ كَمِيّا

وَأَورى الإِلاهانِ نارَ نَكالِ

لَهُ بَسَطا حَبلَ حَربٍ سِجالِ

بِأَطرافِهِ كُلُّهُم وَقَعوا

فَقَطَّعَهُم وَهوَ لا يُقطَعُ

وَخَرَّت سَراةُ كَتائِبِهِم

لَدَيهِ بِعُنفٍ تَجاذُبِهِم

هُنالِكَ إيذومِنٌ سَخِطا

وَإِن كانَ بِالشَيبِ قَد وُخِطا

لِقَلبِ العُداةِ بِثَبتِ القَدَم

دَعا قَومَهُ حَنِقاً وَهَجَم

وَهَدَّ عَزائِمَهُم مُذ قَتَل

بِكَرَّتِهِ أَثرِيونَ البَطَل

فَتىً مِن قَبيسَةَ قَد أَقبَلا

حَديثاً وَنَيلَ العُلى أَمَّلا

بِكَسَّندَرا رَبَّةِ الحُسنِ هام

فخاطَبَ فِريامَ في ذا المَرام

وَما ساقَ مَهراً لَها بَل وَعَد

بِقَهرِ العَدُوِّ وَحِفظِ البَلَد

وَمُذ وَعَد الشَيخُ أَبهدى بَناتِه

يُزَوِّجُهُ اِنقَضَّ فَوقَ عُداتِه

مَضى شامِخاً بِعَزيمَتِهِ

فَلَم يَقهِ صُلبُ جُنَّتِهِ

وَغارَ السِنانُ بِمُهجَتِهِ

فَخَرَّ يَصِلُّ بِشِكَّتِهِ

فَناداهُ إيذومِنٌ يَفتَخِر

أَيا أُثرِيونُ لَئِن تَنتَصِر

فَتُتبِعُ خُبرَكَ بِالخَبَرِ

عَلِمتُكَ خَيرَ بَني البَشَرِ

فَإِن كانَ فِريامُ أَبدى العُهود

فَنَحنُ نَبَرُّ كَذا بِالوُعود

عَلى دَكِّ إِليونَ إِن تَلِنا

فَعَهدَكَ نوثِقُهُ عَلَنا

وَنَجعَلُ عِرسَكَ أَجمَلَ بِنتِ

لأَتريذَ مِن أَرغُليذَةَ تَأتي

هَلُمَّ إِلى الفُلكِ نُبدي القَرار

فَأَحماؤُنا لَن يُشابوا بِعار

وَمِن خَلفِهِ الخَيلُ يَحرُسُها

فَتىً قَد عَلاهُ تَنَفُّسُها

فَهَمَّ وَإيذُومِنٌ سَبَقا

بِزُجٍّ بِحُلقومِهِ مَرَقا

فَمالَ أَمامَ الجِيادِ يَصِرُّ

بِأَسنانِهِ لِلحَضيضِ يَخِرُّ

كَأَرزَةِ طَودٍ وَحَورَتِهِ

وَمَلّولَةٍ فَوقَ قُنَّتِهِ

تَميلُ بِفَأسٍ لَها شَحَذوا

لِصُنعِ السَفائِنِ تُتَّخَذُ

وَسائِقُهُ ظَلَّ مُضطَرِبا

وَحازَ فَلَم يَنهَزِم هَرَبا

وَرُمحُ اِبنِ نَسطورَ وافى يَميد

بِأَحشائِهِ فَوقَ دِرعِ الحَديد

فَأَهوى إِلى الأَرضِ يَشهَقُ شَهقا

وَأَفراسَهُ أَنطِلوخُ تَلَقّى

وَسارَ بِها لِلحِمى مَغنَما

وَذيفوبُ إيذومِناً يَمَّما

لآسِيُّسٍ هَبَّ يَطلُبُ ثارا

مَشى وَعَلَيهِ السِنانَ أَطارا

وَإيذومِنٌ مُذ رَآهُ تَقَدَّم

وَزَجَّ فَتَحتَ المِجَنِّ تَلَملَم

مِجَنٌّ يُغشيهِ جِلدُ البَقَرا

وَفولاذُهُ ساطِعٌ لِلنَظَر

لَهُ مِقبَضانِ مَتينٌ كَبيرُ

يَجِفُّ الفَتيرُ بِهِ مُستَديرُ

فلا مَسَ بَطنُ السِنانِ المِجَنّا

وَطارَ وَمِن وَقعِهِ التُرسُ رَنّا

وَغَلّى وَما طاشَ إِذ صَدَرا

إِلى اِبنِ هِفاسُسَ إِفسينُرا

فَأُنفِذَ يُصميهِ بِالكَبشدِ

وَذيفوبُ يَشهَدُ عَن بُعُدِ

فَراحَ بِخَيلَةِ مُفتَخِرِ

يَصيحُ بِنَعرَةِ مُنتَصِرِ

نَعَم دَمُ آسِيُّس ما اِنهَدَر

وَإِن أَمَّ آذيسَ هَولَ البَشَر

سَيَأمَنُ ضِمنَ المَقامِ العَميقِ

لِأَنِّيَ أَتبَعتُهُ بِرَفيقِ

فَساءَ الأَراغِسَ ذاكَ النَعيرُ

وَأَورى حَشا أَنطِلوخَ السَعيرُ

عَلى بَثِّهِ راحَ وَالصَبرُ عيلا

يَقي بِالمَجَنِّ الخَليلَ القَتيلا

وَآلَسطُرٌ وَمِكِستُ أُسيرا

بِهِ لِلسَفائِنِ يُعلى الزَفيرا

وَإِيذومِنٌ ظَلَّ في حَزمِهِ

يَكُرُّ بِعَزمٍ عَلى عَزمِهِ

فَإِمّا لَيُردي كَمِيّاً بِبَأسِهِ

وَإِمّا لِيَفدي ذويهِ بِنَفسِه

أَصابَ سَليلاً لِزَفسَ الأَغَر

بِأَلقاثِ بنِ إِسيتَ اِشتَهَر

لِأَنخيسَ قَد كانَ صِهراً صَفِيّا

عَلى بِنتِهِ البِكرِ هيفوذَمِيّا

فَتاةٌ بِصَرحِهِما أَبَواها

بِمَنزِلِ قَلبِهِما أَنزَلاها

وَما كانَ بَينَ لِداتِ الزَمانِ

لَها مَثَلٌ في العَذاري الحِسانِ

وَفاقَت بِوَشيٍ وَعقلٍ وَحُسنِ

كَما فاقَ ذاكَ بِضَربٍ وَطَعنِ

فَزُفَّت إِليهِ وَلَكِنَّما

أَبى الرَبُّ فوسيذُ أَن يَسلَما

فَحَلَّ قُواهُ وَغَشى البَصَر

فَضاقَ المَفَرُّ وَحالَ المَكَر

وَظَلَّ بِغَيرِ حَراكٍ مُقيم

كَرُكنٍ مَكينٍ وَجَذعٍ عَظيم

بِدِرعٍ مِراراً وَقَتهُ الرَدى

فَلَم تَقِهِ الآنَ طَعنَ العِدى

فَمَزَقَها الزُجُّ مُذ رُشِقا

وَفي الصَدرِ مِن دونِها مَرَقا

فَصَلَّت وَخَرَّ وَكَيفَ المَناص

وَفي قَلبِ العامِلُ اللَدنُ غاص

وَعودُ السِنانِ إِلى الكَعبِ ماد

بِعُنفِ اِشتِدادِ وَجيبِ الفُؤاد

وَما زالَ يَهتَزُّ حَتّى تَلاشى

وَإيذومِنٌ صاحَ يَشتَدُّ جاشا

أَذيفوبُ ها قَد فَرى ساعدي

ثَلاثَةَ صيدٍ لِقا واحِدِ

عَلامَ التَشَدُّقُ أَقبِل هُنا

فَتَعلَمَ أَيَّ اِبنِ زَفسِ أَنا

أَلَم يَأتِكَ العِلمُ عَن نَسَبي

وَأَنَّ ذُقَليونَ كانَ أَبي

وَعاهِلُ إِقريطَ مينوسُ جَدّي

بِزَفسَ أَبيهِ رَقى طَودَ مَجدِ

وَأَنَّ بِإِقريطَ باعي شَديدَه

لِمُلكي دانَت شُعوبٌ عَديده

أَتَيتُ أُريكَ هُنا وَأَباك

وَكُلَّ الطَراوِدِ سُبلَ الهَلاك

فَنازَعَ ذيفوبَ في أَمرِهِ

مَرامانِ رَدَّدَ في فِكرِهِ

أَيَبرُزُ فَذّاً إِلى مُلتَقاهُ

أَمِ الرَأيُ أَن يَلتَجي لِسِواهُ

فَعَوَّلَ في شِدَّةِ المَعمَعَه

يَلوذُ بِأَنياسَ يَأتي مَعَه

فَأَلقاهُ في طَرَفِ الفَيلَقِ

تَقاعَدَ مِن شِدَّةِ الحَنَقِ

يُؤَلِّمُهُ أَنَّ فِريامَ أَزرى

بشهِ وَبِإِقدامِهِ لَم يَبَرّا

فَوافاهُ قالَ إِذَن فَهَلُمّا

أَأَنياسُ صَدرَ الطَراوِدِ عِلما

فَإِن كُنتَ تَرعى حُقوقَ النَسَب

فَذاصِهرُكَ الآنَ بادي العَطَب

فَكَم كُنتَ تَرعى حُقوقَ النَسَب

فَذا صَهرُكَ الآنَ بادي العَطَب

فَكَم بِكَ في سالِفِ الزَمَن

وَقَد كُنتَ طِفلاً قَديماً عُني

وَأَلقاثَ إيذومِنٌ أَدرَكا

فَقُم ذُبَّ عَنهُ فَقَد هَلَكا

فَهاجَ بَأَنياسَ لُبُّ الحَشا

وَنَحوَ العَدُوِّ الأَلَدِّ مَشى

وَإيذومِنٌ مُستَجيشاً مَكَث

وَلَم يَرتَعِد كَالغُلامِ الحَدَث

أَقامَ كَخِرنَوصِ بَرِّ خَبَر

قُواهُ فَقامَ بِطَودٍ أَغَر

بِمُنفَرَجٍ في البَراحَ تَرَبَّص

لِيَرقُبَ مَن جاءَهُ يَتَقَنَّص

فَيَلهَبُ عَيناً وَيَعقِفُ ظَهرا

وَيَشحَذُ ناباً وَيُكمِنُ شَرّا

وَيَذخَرُ بَطشاً بَعيدَ المَنالِ

لِذَبحِ الكِلابِ وَكَبحِ الرِجالِ

كَذَلِكَ إيذومِنٌ وَقَفا

لِأَنياسَ مُذ حَنَقاً زَحَفا

وَنادى الرَفاقَ بِصَوتٍ جَهيرِ

كَذيفيرَ مِريونَ ذاكَ الجَسورِ

وَآفارِسٍ عَسقَلافَ البَطَل

كَذا أَنطِلوخَ وَصاحَ العَجَل

هَلُمّوا رِفاقي فَلَيسَ لَدَيّا

مُعينٌ وَأَنياسُ خَفَّ إِلَيّا

هُوَ القَرمُ يُبلي بِجَمذٍ غَفيرِ

وَما زالَ غَضَّ الشَبابِ النَضيرِ

خَشيتُ وَلَم أَخشَ لَو كانَ تِربي

وَذا العَزمُ عَزمي وَذا القَلبُ قَلبي

فَلا شَكَّ كانَ النِزالُ سِجال

فَإِمّا يُعالُ وَإِمّا أُعال

فَحَرَّكَهُم عامِلٌ واحِدُ

وَهَزَّهُمُ الجَلَلُ الوافِدُ

فَهَبّوا إِلَيهِ بِأَصنافِهِم

وَأَجوابُهُم فَوقَ أَكتافِهِم

وَأَنياسُ صاحَ بِمَن لَمَحا

يُنادي السَراةَ بِذاكَ الوَحى

فَهَبَّ أَغيورُ ذيفوبُ فارِس

وَمِن خَلفِهِم هَبَّ كُلُّ القَوامِس

كَما تَبِعَ الكَبشَ سِربُ الشِياه

تَعافُ المَراعي لِوِردِ المِياه

وَأَنياسُ بادي السُرورِ رَقَب

كَما هَزَّ راعي الغَنيمِ الطَرَب

وَمِن حَولِ أَلقاثِ اِصطَدَموا

صِدامَ الكَواسِرِ وَاِزدَحَموا

وَفَوقَ الصُدورِ دُروعٌ تَصِلُّ

بِضَربٍ يَحُلُّ وَطَعنِ يَفُلُّ

وَأَفتَكُهُم كانَ إيذومِنا

وَأَنياسَ كُلٌّ لِكُلٍّ دَنا

كَآريسَ في بَأسِهِ اِندَفَقا

وَأَنياسُ عامِلُهُ سَبَقا

فَأَبصَرَ إيذومِنٌ وَاِحتَفَز

وَفي الأَرضِ راسُ السِنانِ اِرتَكَز

فَلَم تَكُ بِالطَعنَةِ الصادِرَه

وَإِن أَنفَذَتها يَدٌ قادِرَه

وَبالرُمحِ إيذومِنٌ رَشَقا

عَلى وينُماسَ فَما زَهَقا

فَفي الدِرعِ غاصَ وَشَقَّ الحَشا

فَخَرَّ عَلى الأَرضِ مُرتَعِشا

وَإيذومِنُ اِجتَرَّ ذاكَ المُثَقَّف

وَهَمَّ يُجَرِّدُهُ فَتَوَقَّف

فَإِنَّ السِهامَ عَلَيهِ هَمَت

وَبِالعَيِّ أَعضاؤُهُ وَهَنَت

فَلا قُوَّةٌ لِاِلتِقاطِ الزِجاجِ

وَلا لِفِرارٍ بِذاكَ العَجاجِ

وَلَكِنَّ فيهِ بَقِيَّةَ حَزمِ

بِها يَدفَعُ الحَتفَ عَنهُ يُصمي

وَذيفوبُ أَبصَرَهُ يَتَقَهقَر

وَقَد كانَ حِقداً عَلَيهِ تَسَعَّر

وَزَجَّ فَطاشَ السِنانُ وَطار

إِلى عَسقَلافَ اِبنِ رَبِّ البِدار

فَحَلَّ بِعانِقِهِ فَتَلَقّى

بِراحَتِهِ الأَرضَ يَخفُقُ خَفقا

وَلَم يَدرِ آريسُ أَنَّ فَتاه

بِذا المُلتَقى فارَقَهُ الحَياه

لَقَد كانَ فَوقَ الأُلِمبِ اِحتَجَب

تُحيطُ بِهِ سُحُبٌ مِن ذَهَب

هُنالِكَ زَفسُ بِحُكمِ القَدَر

عَلى الخاليدنَ القِتالَ حَظَر

وَحَولَ القَتيلِ الوَغى صَدَعا

وَذيفوبُ مِغفَرَهُ اِنتَزَعا

وَلَكِن كَآريسَ مِريونُ خَف

عَلى يَدِهِ بِالقَناةِ قَذَف

فَمِنهُ التَريكَةُ في الحالِ فَرَّت

وَصَلَّت عَلى الأَرضِ حَيثُ اِستَقَرَّت

وَهَبَّ إِلَيهِ هُبوبَ العُقاب

وَمشن يَدِهِ الرُمحَ جَرَّ وَآب

وَفوليتُ بَينَ يَدَيهِ رَفَع

أَخاهُ القَتيلَ وَفيهِ رَجَع

إِلى حَيثُ سائِقُهُ قَد تَخَلَّف

بِمَركَبَةٍ دونَها الخَيلَ أَوقَف

فَراحَت لِإِليونَ فيهِ تَطير

عَلى أَلَمٍ وَدَمٍ وَزَفير

وَسائِرُهُم فَوقَ ذاكَ الفَجاج

يَعَجُّ بِهِم بِالصِدامِ العَجاج

فَآفارِسُ بنُ قِليطورَ راما

بِأَنياسَ فَتَكاً فَأَلقى الحِماما

فَأَنياسُ مِن فَورِهِ وَثَبا

بِرُمحٍ بِحُلقومِهِ نَشِبا

فَمالَت عَلى الصَدرِ هامَتُهُ

وَأَهوى المِجَنُّ وَخوذَتُهُ

وَأَحدَقَ فيهِ ظَلامُ الرَدى

فَأَخمَدَ أَنفاسَهُ سَرمَدا

وَرامَ ثوونُ فِراراً فَأَحدَق

بِهِ أَنطِلوخُ وَكاهِلَهُ شَق

بِطَعنَتِهِ اِبتَتَّ حَبلَ الكَتَد

فَمُستَلقِياً في التُرابِ رَقَد

يَمُدُّ ذِراعَيهِ مُستَنجِدا

وَقاتِلُهُ يَنزَعُ العُدَدا

وَيَنظُرُ حَولَيهِ في صَخَبِه

فَكَرَّ الطَراوِدُ في طَلَبِه

وَفَوقَ المِجَنِّ العَريضِ البَديع

ظُباتٌ حِدادٌ وَقَرعُ ذَريع

وَما مَسَّهُ مِن ظُباهُم ضَرَر

فَفوسيذُ واقيهِ كُلَّ الخَطَر

وَما اِرتاعَ فَاِنصاعَ بَل ظَلَّ فيهِم

يُجيلُ مُثَقَّفَهُ وَيليهِم

يُفَكِّرُ إاِمّا يَزُجُّ وَإِمّا

يَشُقُّ الصُفوفَ بِسَيفٍ أَصَمّا

وَأَمّا أَداماسُ آسيُّسا

فَأَدرَكَ ما بالخِفا هَجَسا

فَزَجَّ بِرُمحٍ إِلَيهِ يَطير

فَغاصَ بِقَلبِ المِجَنِّ الكَبير

وفوسيذُ يَأبى مَنِيَّتَهُ

فَأَوقَفَ في التُرسِ طَعنَتَهُ

وعودُ القَناةِ وَفيهِ اِنصَدَع

فَشَطرٌ إِلى الأَرضِ مِنهُ وَقَع

وَشَطرٌ بِمَتنِ المِجَنِّ التَصَق

حَكى وَتَداً بِاللَهيبِ اِحتَرَق

وَأَمّا أَداماسُ فَاِنقَلَبا

إِلى قَومِهِ يَتَّقي العَطَبا

وَلَكِنَّ مِريونَ مُذ كانَ أَعدى

لَهُ بِالسِنانِ الشَحيذِ تَصَدّى

فَأُنفِذَ حَيثُ أَريسُ يَهيل

عَلى الإِنسِ مَوتاً أَليماً وَبيل

بِأَسفَلِ حالبِهِ فَسَقَط

إِلى الأَرضِ مُصطَفِقاً وَخَبَط

كَثَورٍ عَلى جَبَلٍ رُبِطا

بِعُنفٍ عَلى رَغمِهِ ضُغِطا

وَما دامَ هَذا الوَجيبُ وَطال

سِوى لَحظاتٍ قِصارٍ قِلال

فَما اِنتُزَعَ الرُمحُ حَتّى اِنسَدَل

عَلى مُقلَتَيهِ ظَلامُ الأَجَل

وَهيلينُسٌ صُدغَ ذيفيرَ فَل

بِسَيفٍ بِإِثراقَةٍ قَد صَقَل

أَطارَ تَريكَتَهُ تَتَدَحرَج

إِلى قَومِهِ بِالدِماءِ تُضَرَّج

بِها مِن ذَويهِ خَلا نَفَرُ

وَأَظلَمَ في عَينهِ البَصَرُ

فَشَقَّ فُؤادَ مَنيلا الأَسى

وَأَقبَلَ يَطلُبُ هيلينُسا

وَهَزَّ القَناةَ وَذاكَ حنى

حَتِيَّتَهُ وَمَعاً طَعَنا

فَهيلينُسٌ سَهمُهُ نَشِبا

بِلَأمَةِ أَتريذَ ثُمَّ نَبا

وَحَلَّقَ وَاِنطادَ ثُمَّ وَقَع

كَما الحَبُّ بَينَ المَذاري اِندَفَع

وَذو الزَرعِ في بَيدَرٍ عاجِلا

ذَرى الحُمُّصَ اليَبسَ والباقِلي

فَبَينَ الرِياحِ وَجُهدِ المُذَرّي

تَدافُعُ حَبٍّ إِلى الأَرضِ يَجري

وَلَكِنَّ رُمحَ مَنيلا اِستَقَر

بِكَفٍّ بِها لا يَزالُ الوَتَر

فَأُنفِذَ مِنها وَفي القَوسِ غاصا

فَأَمَّ ذَويهِ يَرومُ الخَلاصا

فَوافاهُمُ النَصلُ في يَدِهِ

يُقَوِّضُ رُكنَ تَجَلُّدِهِ

فَأَقبَلَ فَوراً أَغينورُ يُخرِج

بِرِقَّتِهِ النَصلَ مِن حَيثُ أولِج

وَمِن صوفِ مِقلاعِ تابِعِهِ حَل

ضِماداً عَلى ذَلِكَ الجُرحَ أَسبَل

وَفيسَندَرُ اِنقَضَّ مُتَّقِدا

وَلِلحَتفِ ساقَتهُ أَيدي الرَدى

لَدَيكَ مَنيلا رَماهُ القَدَر

لِتُعمِلَ فيهِ حُسامَ الظَفَر

كِلا البَطَلَينِ مَشى وَرَشَق

وَلَكِنَّ رُمحَ مَنيلا زَهَق

وفيسَندَرٌ رُمحُهُ وَقَعا

عَلى التُرسِ لَكِنَّهُ اِرتَدَعا

بِفولاذِهِ الصُلبِ ما صَدَرا

وَمِن كَعبِ نَصلَتِهِ اِنكَسَرا

وَلَكِنَّ فيسَندَراً طَرِبا

لِما خالَ مِن نَيلِهِ الأَرَبا

فَسَلَّ مَنيلا حُساماً تَرَصَّع

قَتيرَ لُجَينٍ بَهِيٍّ وَأَسرَع

وَذَلِكَ تَحتَ المِجَنِّ قَبَض

عَلى فَأسِهِ وَإِلَيهِ رَكَض

بفولاذِها بَدُعَت عَمَلا

وَزَيتونُ مِقبَضِها صُقِلا

فَما كانَ إِلّا أَنِ اِقتَرَبا

وَكُلٌّ بِشِدَّتِهِ ضَرَبا

فَمِن يَبضَةِ الخوذَةِ الفَأسُ حَلَّت

عَلى عَذَباتٍ بِهِنَّ تَحَلَّت

وَلَكِن مَنيلاً بِطَعنَتِهِ

أَحَلَّ السِنانَ بِجَبهَتِهِ

فَأولِجَ وَالعَظمَ سَحقاً سَحَق

وَمِن مُقلَتَيهِ النَجيعُ اِندَفَق

وَطُيِّرَتا بِخَضيبِ الدَمِ

مِنَ الرَأسِ حَتّى ثَرى القَدَمِ

فَقُوِّسَ ظَهراً وَخَرَّ صَريعا

وَقاتِلُهُ الصَدرَ جداسَ سَريعا

وَجَرَّدَهُ مِن بَهِيِّ السِلاحِ

وَمُفتَخِراً صاحَ أَيَّ صُياحِ

أَلا يا طَراوِدَةق يا لِئام

وَيا ظَمِئينَ لِوردِ الصِدام

أَلا هَكَذا سَتَعافونَ قَهرا

سَفائِنَنا اللاءِ يَمخَرنَ مَخرا

عَلامَ إِذافَةَ عارٍ لِعارِ

تَحَرَّيتُمُ يا كِلابَ الشَنارِ

فَهَلّا غَنيتُم عَنِ الغَدرِ نَفسا

وَهَلّا خَشيتُم إِثارَةَ زَفسا

إِلاهِ القِرى مَن سَيَهدِمُ هَدما

دِيارَكُمُ إِذ جَنَيتُمُ ظُلما

وَزَوجِيَ لَمّا رَعَتكُم ضُيوفا

فَرَرتُم بِها وَالكُنوزِ صُنوفا

أَلا ما اِجتَزَأتُم قَد سَبَق

لِتوروا السَفينَ وَتُردوا الفِرَق

فَلا لا وَمَهما اِضطَرَمتُم غُرورا

سَتَلقَونَ تَحتَ العَجاجِ التُبورا

أَيا زَفسُ يا مَن بِسامي النُهى

عَلى الإِنسِ وَالجِنِّ طُرّاً سَما

بِقُدرَتِكَ اِستَعصَمَ المَكَرَه

فَكَيفَ تَلي زُمراً غَدَرَه

جَنَوا وَسَيَبجنونَ طولَ الزَمَن

وَلا يَرتوونَ وَغىً وَفِتَن

فَرَقصُ السُرورِ وَعَذبُ المَنامِ

وَطيبُ الأضغاني وَكُلُّ هُيامِ

وَكُلُّ سُرورٍ وَإِن طَمَحا

لَهُ المَرءُ فَوقَ شُرورِ الوَحى

فَلا بُدَّ صاحِبُهُ أَن يَمَلّا

وَلَكِن مِنَ العَيثِ طُروادَةٌ لا

وَلَمّا أَتَمَّ مَقالَتَهُ

وَجَرَّدَ ذَلِكَ شِكَّتَهُ

وَأَدلى بِها لِزَفيقِ بَطَل

وَعادَ فَبَرَّزَ بَينَ الأُوَل

فَهَرفَلِيونُ بنَ فيليمشنِ

بَدا لِلقَواضِبِ لا يَنثَني

وَراءَ أَبيهِ لِإِليونَ قِدما

أَتى لِيوافي القَضاءَ المُلِمّا

فَبادَرَ أَتريذُ في طَعنَتِه

فَلَم يَنفُذِ الرُمحُ في جُنَّتِه

وَنَحوَ ذويهِ التَوى يَنظُرُ

حَوالِهِ خَيفَ العِدى تَغدُرُ

فَما كادَ يَنصاعُ حَتّى تَلَقّى

مُثَقَّفَ مِريونَ يَخرُقُ حُقّا

بِأَيمَنِ فَخذَيهِ بِالعَظمِ مَرّا

وَشَقَّ مَثانَتَهُ وَاِستَمَرّا

فَأَقعى وَوَجهُ التُرابُ تَرَوّى

دَماً وَاِرتَمى دودَةً تَتَلَوّى

فَأَلفاهُ خُلّانُهُ بِالحَضيض

بِطَرفٍ غَضيضٍ وَروحٍ تَفيض

فَحَفَّ بِهِ البَفلَغونُ ذَووهُ

وَبَينَ أَكُفِّهِم رَفَعوهُ

وَأَلقَوهُ مِن فَوقِ مَركَبَةِ

يَهُدُّهُمُ فادِحُ المِحنَةِ

لِإِليونَ ساروا اَمامَهُمُ

أَبوهُ مَآقيهِ تَنسَجِمُ

فَإِذ ذاكَ مَقتَلُهُ عَظُما

عَلى نَفسِ فاريسَ فَاِقتَحَما

لَقَد كانَ قَبلاً نَزيلاً لَدَيهِ

فَشَقَّ عَظيمُ المُصابِ عَلَيهِ

فَزَجَّ وَكانَ هُناكَ فَتى

بِأوخينُرٍ بَينَهُم نُعِتا

هُمامٌ بِقورِنثُسٍ ذو رِياش

وَأَيقَنَ بِالحَتفِ مُنذُ اِستَجاش

لِأَنَّ أَباهُ فُليذَ النَبيل

مِراراً لَهُ قالَ قَبلَ الرَحيل

فَإِمّا الحِمامُ بِداءٍ عُضال

وَإِمّا لَدى الفُلكِ يَومَ القِتال

فَلَم يَرضَ داءً يُؤَرِّقُهُ

وَعَذلاً وَحُزناً يُحَرِّقُهُ

فَجاءَ وَفاريسُ فيهِ فَتَك

بِزُجٍّ تَلَجلَجَ تَحتَ الحَنَك

فَأَودى عَلى لَهَبِ الغَمَراتِ

وَهامَ عَلى أَوجُهِ الظُلُماتِ

هُناكَ كَاللَهيبِ السُرى اِقتَتَلوا

وَهَكطورُ مَقتَلَهُم يَجهَلُ

وَلَم يَدرِ أَنَّ يَسارَ السَفينِ

عَثَت بِذَويهِ أَيادي المَنونِ

وَكادَ العِدى يُحرِزنَ الظَفَر

وَفوسيذُ فيهِم يَهيجُ الزُمَر

فَإِنَّ مُزَعزِعَ رُكنِ الثَرى

لِنُصرَتِهِم بِقُواهُ اِنبَرى

وَهَكطورُ ما زالَ حَيُ اِندَفَع

بِهِم أَوَّلاً وَالصِفاقَ اِقتَلَع

هُنالِكَ حَيثث جَرى حَنَقا

وَفَيلَقَ دُرّاعِهِم خَرَقا

وَحَيثُ سفينُ فُروطُسِلاس

لَقَد قُرِنَت بِخَلايا أَياس

وَقَد جُذِبَت لِجُدودِ البِحارِ

تُحاذي أَداني اِرتِفاعِ الحِصارِ

هُناكَ الفَوارِسُ وَالخَيلُ مالَت

بِجُملَتِها لِلصِدامِ فَجالَت

هُنالِكَ هَكطورُ كَالنارِ شَبّا

عَلى فُلكِهِم فَتَلَقّوهُ غَضبى

وَصَدّوهُ عَنها وَما ظَفِروا

بِإِجلائِهِ فَلَهُ صَبَروا

بِصَدرِهِم زُعَماؤُهُمُ

تَخوضُ المَنايا وَتَقتَحِمُ

هُناكَ البِيوتَةُ جُندُ أَثينا

بِصَدرِ طَلائِعِهِم يَصدُرونا

مِنستِسُ قائِدُهُم وَفِداسُ

يَليهِ وَإِستيخيُس وَبياسُ

وَمُستَر سِلو الأمِ يونلنُهُم

تَصَدَّرَ لِلطَعنِ فِتيانُهُم

إِلَيهِم قَد اِنضَمَّ قُربَ الخَلايا

بَنو أَفشُسٍ بِلَفيفِ السَرايا

وَميدونُ في قَومِهِم آمِرُ

وَفوذَرفِسُ البَطَلُ القاهِرُ

فَميدونُ كانَ فَتىً رَبَّ باسِ

لِويلوسَ مِن غَيرِ أُمِّ أَياسِ

بِها هامَ ويلوسُ مِن غَيرِ حِلِّ

وَميدونُ عَن مَوطِنِ الأَهلِ أُجلي

لِفيلافَةٍ كانَ مُذ قَتَلا

أَخا عِرسِ والِدِهِ رَحَلا

فَهاجَت لِذا إِريفيسُ اِستِعارا

فَأَخلى البِلادَ وَعافَ الدِيارا

وَفوذَرفُسُ بنُ إِفِقلوسَ كانا

سَليلاً لِفيلافُسٍ عَزَّ شانا

وَيَصحَبُهُم باسِلو لُقرِيا

وَميجيسُ قادَ بَني إيفيا

لِإِمرَتِهِ كُلُّهُم ذَعِنا

وَإِدراقُسٍ وَلِأَمفيُنا

وَأَمّا الأَياسانِ فَاِندَفَقا

مَعاً لَحظَةً قَطُّ ما اِفتَرَقا

كَثَورَينِ في مَزرَعٍ أَسحَمينِ

بِنيرٍ لَقَد قُرِنا كُفُؤَينِ

جَرى مِحرَثُ الأَرضِ خَلفَهُما

بِعَزمٍ تَعاذَلَ بَينَهُما

فَيثلِمُ ثَلماً وَيَنثَنِيانِ

وَصَدراهُما عَرَقاً يَرشَحانِ

وَلَكِن لَدى اشبنِ تِلامونَ ثارَت

عِصابَةُ بَأسٍ حَوالَيهِ دارَت

لِجُنَّتِهِ تَتَناوَبُ حَملا

لِتَخفِضَ مِن ثِقلَةِ العَيِّ حِملا

وَأَمّا رِجالُ اِبنِ ويلُس فَما

جَرَوا خَلفَهُ عِندَما هَجَما

فَما لِبَني لُقرِيا مُهَجُ

بِصَدرِ الكَتائِبِ كَي يَلِجوا

فَلَيسَ لَهُ مُخُوَذٌ سابِحات

عَلى صُلبِ فولاذِها العَذَبات

وَلَيسَ لَهُم جُنَنٌ مِن صِفاح

أُديرَت وَلا أَسَلٌ وَرِماح

وَلَكِنَّهُم أَقبَلوا لِلقِتالِ

بِتِلكَ القِسِيِّ وَتِلكَ النِبالِ

وَتِلكَ الخادِفِ تُحكَمُ جَدلا

مِنَ الصوفِ تُمطِرُ في الحَربِ وَبلا

بِعُدَّتِهِم تِلكَ هُم أَبَدا

نَكالُ كَتائِبِ جَيشِ العِدى

فَظَلَّ مُجيلو السِلاحِ الكَثيرِ

يَصُدّونَ أَعداءَهُم بِالصُدورِ

وَهُم خَلفَهُم جَحفَلاً ثانِيا

يَظَلُّ وَبالُهُمُ هامِيا

فَرَبَّكَ وَجهَ العَدُوِّ الأَلَد

وَأَوهى عَزيمَتَهُ وَالجَلَد

وَكادَ الطَراوِدُ يَنكَفِئونا

إِلى حُصنِ إِليونَ مُكتَئِبينا

وَلَكِنذَ فوليدَماسَ سَبَق

فَصاحَ بِهَكطورَ بَينَ الفِرَق

عَنَوتَ فَلا تَرعَوي لِمَقالِ

أَأَنتَ سَبوقٌ بِكُلِّ مَجالِ

أَمُذ كُنتَ هَكطورَ تَسمو بِعَزمِك

زَعَمتَ بِأَنَّكَ فُقتَ بِعِلمِك

أَلَم تَرَ آلَ الخُلودِ العِظام

يُنيلونَ هَذا فَخارَ الصِدام

وَيُؤتونَ ذَلِكَ صَوتاً رَقيقا

وَقيثارَةً ثُمَّ رَقصاً أَنيقا

وَذَيّاكَ زَفسُ الحَكيمُ يَزين

بِثاقِبِ فِكرٍ وَعَقلٍ رَزين

فَذَيّاكَ ذَيّاكَ خابِرُ نَفسِه

وَواقي الذِمارِ وَنافِعُ جِنسِه

إِذاً خُذ مَعالِيَ رَأياً صَوابا

فَحولَكَ ثارَ القِتالُ التِهابا

فَأَصحابُنا مُنذُ عِبرِ الحِصارِ

هُمُ بَينَ مُعتَزِلٍ لا يُباري

وَنَزرٍ لِجَيشِ العِدى صَدَرا

وَحَولَ السَفائِنِ قَد ذُعِرا

فَعُدوا عِقدَنَّ مِنَ الصَيدِ مَحضَر

لِنَبحَثَ فيما بِهِ نَتَدَبَّر

أَبِالفُلكِ فَتكاً بِزَحفٍ وَكَر

لَعَلَّ إِلاهاً يُنيلُ الظَفَر

أَم العَودُ عَنهُنَّ مُنقَلِبينا

وَنَحنُ بِأَرواحِنا سالِمونا

فَإِنِّيَ أَخشى اِتِثارَ الأَعادي

لِنَكبَةِ أَمسِ بِحَرِّ الجِلادِ

هُنا قُربَ فُلكِهِمِ رَجُلُ

مشنَ الفَتكِ لا يَرتَوي بَطَلُ

وَظَنِّيَ لا يَلبَثَنَّ طَويلا

فَيَبرُزُ لِلحَربِ سُخطاً وَبيلا

تَلَقّاهُ هُكطورُ رَأياً مُصيبا

وَقالَ لِفوليدَماسَ مُجيبا

هُنا أَوقِفَنَّ خِيارَ الجُنود

إِلى أَن أَكُرَّ أَنا وَأَعود

أُثيرُ بِقَومِيَ نارَ الكِفاحِ

وَأُرشِدُهُم لِسَبيلِ الصَلاحِ

وَهَبَّ بِخوذَتِهِ يَستَطيرُ

كَطَودٍ مِنَ الثَلجِ راحَ يَسيرُ

وَخاضَ يَصيحُ بِصَوتٍ جَفا

صُفوفَ الطَراوِدِ وَالحُلَفا

فَكُلٌّ أَصاخَ لِوَقعِ النِدا

وَمِن حَولِ فوليدَماسَ عَدا

وَهَكطورُ بَينَ الطَلائِعِ هام

يُسائِلُ عَن هيلِنوسَ الهُمام

وَعَن آدَماسَ بنِ آسِيُّسا

وَآسِيُّسٍ نَجلِ هِرطاقُسا

وَذيفوبَ لَكِن أُتيحَ القَضا

فَبَعضُ جَريحٌ وَبَعضٌ قَضى

فَمِن بَطَلٍ بِطِعانِ الأَراغِس

قَتيلٍ أَمامَ السَفائِنِ راكِس

وَمِن باسِلٍ لَم تَغُلهُ المَنون

جَريحٍ بَأِكنافِ تِلكَ الحُصون

فَأَبصَرَ فاريساً المُجتَبى

يَسارَ الجَناحَينِ مُلتَهِبا

يَكُرُّ وَيَدفَعُهُم لِلقِتالِ

فَعاجَلَهُ بِأَمَرِّ مَقالِ

أَلا يا شَقِيّاً بَديعَ الجَمالِ

وَعَشّاقَ خَدّاعَ غيدِ الدَلالِ

أَلا أَينَ ذيفوبُ هيلينُسُ

كَذا أُثريونُ الفَتى الأَكيسُ

كَذا آدَماسُ بنُ آسيُّسا

وَآسِيُّسٌ نَجلُ هِرطاقُسا

أَشَمّاءَ إِليونَ تَمَّ المًصابُ

بِكِ اليَومَ حَتماً يَحوقُ الخَرابُ

فَقالَ كَرَبّس يَفيضُ جَمالا

أَخي أَلبَريءَ اِتَّهَمتَ مُحالا

أَفي مِثلٍ ذا اليَومِ بَأسِيَ أَنسى

وَأُمِّيَ ما وَلَدَتني نِكسا

فَمُذ سِرتَ بِالقَومِ قُربَ العِمارَه

فَنَحنُ هُنا بِطعانٍ وَغارَه

فَمَن رُمتَ مِن دونِ هيلينُسا

وذيفوبَ عَنهُم وَرَثنا الأضسى

وَذانِ جَريحانِ قَد رُغِما

وَزَفسُ مِنَ الحَتفِ صانَهُما

بِنا الآنَ سِر حَيثُ شِئتَ فإِنّا

لَكَ التابِعونَ قِراعاً وَطَعنا

وَحَقِّكَ لَن نَبرَحَنَّ الرِهانا

نَكُرُّ إِلى أَن تَكلَّ قُوانا

فَمَهما عَتا القَرمُ لَن يَجدا

سَبيلاً إلأى البَطشِ إِن جُهِدا

لِذا لانَ هَكطورُ ثُمَّ زَحَف

وَفاريسُ حَيثُ اِصطِكاكُ الحَجَف

وَحَيثُ الفَتى قِبريونُ ضَرَب

وَفَلقيسُ ثارَ وَأُرثيسٌ هَب

وَفوليدَماسُ وَفَلميسُ كَرّا

وَفولِفِتٌ ذو الجَلالِ اِستَقَرّا

وَنَجلا هِفُتيونَ قَد ثَبَتا

مُروسُ وَعَسقانِيوسُ الفَتى

بِأَمسِها أَقبَلا بَدَلا

لِرَهطٍ لِعَسقانِيا رَحَلا

وَزَفسُ إِلى الحَربِ حَثَّهُما

وَجَمعُ السُرى واحداً هَجَما

كَأَنَّ مِنَ الجَوِّ نَوءاً شَديد

بِهِ زَفسُ يَقذِفُ طَيَّ الرَغيد

يَعيثُ بِبَرٍّ وَيُهوي لِبَحرِ

وَيَدوي بِصَعقَةِ هَولٍ وَيَجري

فَيَركُمُ مَوجاً وَيُزيدُ يَمّا

تَدافَعَ مُرتَفِعاً مُدلَهِمّا

فَذاكَ اِندِفاعُ لَفيفِ السُرى

عَلى أَثَرِ الصَيدِ مُستَبشِرا

صُفوفٌ تُدَفِّعُ دُهمَ صُفوفِ

تَأَلَّقَ فولاذُها لِلحُتوفِ

وَهَكطورُهُم عِدُّ آريسَ في

زَعامَتِهِم باهِرٌ الشَرَفِ

مَشى بِمِجَنٍّ جُلودُ البَقَر

كَسَتهُ وَفولاذُهُ قَد بَهَر

وَمِن حَولِ صُدغَيهِ خوذَتُهُ

تَهجُ فَتَسطَعُ جَبهَتُهُ

دَنا جائِلاً يَسبُرُ القَومَ سَبرا

يَرى هَل يُذِلُّهُمُ اليَومَ قَهرا

فَما راعَهُم هَولُهُ وَتَقَدَّم

أَياسُ يَحُثُّ الخُطى وَتَكَلم

هَلُمَّ إِلَيَّ وَأَلقِ الوَساوِس

عَلامَ كَذا رُمتَ ذَعرَ الأَراغِس

بَلَونا القِتالَ بِثَبتِ الخُطى

وَلَكِنَّما صَوتُ زَفسَ سَطا

تَوَهَّمتَ أَن تَنهَبَ الفُلكَ نَهبا

وَفينا أَكُفٌّ تَقيهِنَّ ذَبّا

وَتَسبُقُ مُفتَتِحاتٍ حِماكُم

وَمُغتَنِماتٍ جَزيلَ غِناكُم

وَلَم يَبقَ ظَنِّيَ غِلّا اليَسير

أَهكطورُ حَتّى فِرارااً تَطير

تَلوذُ بِزَفسَ وَكُلِّ إِلاه

لِيُجرِيَ خَيلَكَ جَريَ البُزاه

فَتُلقيكَ خَوفَ العَدُوِّ المُفاجي

بِإِليونَ تَحتَ غَمامِ العِجاج

وَما كادَ يَفرَعُ حَتّى تَراءى

بِقَلبِ الفَضا طائِرٌ يَتَناءى

هُوَ النَسرُ مِن فَوقِ هامَتِهِ

يُبَشِّرُ خَيراً بِحَومَتِهِ

فَضَجَّ الأَراغِسُ لِلفَألِ بِشرا

لِما أَنِسوا فيه مِن خَيرِ بُشرى

وَلَكِنَّ هَكطورَ حالاً أَجاب

أَثَرنا ثارَةَ زاغَ غَثَّ الخِطابُ

هَرَفتَ أَياسُ بِما قُلتَهُ

وَقَد خابَ ما أَنتَ أَمَّلتَه

أَلا لَيتَ لي أَن أَقولَ بِنَفسي

بِأَنِّيَ مِن وُلدِهيرا وَزَفسِ

وَيا لَيتَ لي بِاِعتِزازي يَقينا

كَعِزَّةِ آفُلُّنٍ وَأَثنيا

كَما أَنَّن موقِنٌ بِبَوارِ

لَفيفِ الأَخاءَةِ في ذا النَهارِ

فَإِمّا اِغتَرَرتَ وَعَرَّضتَ نَفسَك

لِرُمحِيَ تُؤتي عَلى الرَغمِ بُؤسَك

يُمَزِّقُ جِلدَكَ ماضي سِناني

فَتُلقى لَدى الفُلكِ مَيتَ الهَوانِ

وَفي شَحمِكَ الغَضِّ وَاللَحمِ تَرتَع

نَواهِسُ إِليونَ وَالطَيرُ تَشبَع

وَمِن ثَمَّ هَمّض وفيهِم تَصَدَّر

وَفي إِثرِهِ زُعَماءُ المُعَسكَر

بِهِم خَلفَهُ اِرتَفَع الصَخَبُ

وَمِن خَلفِهِم جَحفَلٌ لَجِبُ

وَجَيشُ الأَخاءَةِ بأساً تَدَرَّع

بِمَوقِفِهِ ظَلَّ لا يَتَزَعزَع

تَرَبَّصَ يَلقى عُلوجَ العِدى

بِنَقعٍ لِقَلبِ الفَضا صَعِدا

وَعَجُّ الخَميسَينِ شَقَّ الفَضا

إِلى حَيثُ في الجَوِّ زَفسُ أَضا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سليمان البستاني

avatar

سليمان البستاني حساب موثق

لبنان

poet-Suleyman-al-Boustani@

139

قصيدة

86

متابعين

سليمان بن خطار بن سلوم البستاني. كاتب وزير، من رجال الأدب والسياسة، ولد في بكشتين (من قرى لبنان) وتعلم في بيروت. وانتقل إلى البصرة وبغداد فأقام ثماني سنين، ورحل إلى ...

المزيد عن سليمان البستاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة