الديوان » العصر الاموي » الكميت بن زيد » طربت وما شوقا إلى البيض أطرب

عدد الابيات : 140

طباعة

طَرِبتُ وما شَوقاً إلى البِيضِ أَطرَبُ

ولاَ لَعِبًا مِنّي أذُو الشَّيبِ يَلعَبُ

ولم يُلهِنِي دارٌ ولا رَسمُ مَنزِلٍ

ولم يَتَطَرَّبنِي بَنانٌ مُخَضَّبُ

وَلاَ أنَا مِمَّن يَزجرُ الطَّيرَ هَمُّهُ

أصَاحَ غُرَابٌ أم تَعَرَّضَ ثَعلَبُ

ولا السَّانِحَاتُ البَارِحَاتُ عَشِيَّةً

أمَرَّ سَلِيمُ القَرنِ أم مَرَّ أَعضَبُ

وَلكِن إِلى أهلِ الفَضَائِلِ والنُّهَى

وَخَيرِ بَنِي حَوَّاءَ والخَيرُ يُطلَبُ

إلى النَّفَرِ البيضِ الذِينَ بِحُبِّهم

إلى الله فِيمَا نَابَنِي أتَقَرَّبُ

بَنِي هَاشِمٍ رَهطِ النَّبِيِّ فإنَّنِي

بِهِم ولَهُم أَرضَى مِرَاراً وأغضَبُ

خَفَضتُ لَهُم مِنّي جَنَاحَي مَوَدَّةٍ

إلى كَنَفٍ عِطفَاهُ أهلٌ وَمَرحَبُ

وَكُنتُ لَهُم من هَؤُلاكَ وهَؤُلا

مِجَنّاً عَلَى أنِّي أُذَمُّ وأُقصَبُ

وأُرمى وأرمي بالعَدَاوَةِ أهلَها

وإنّي لأوذَى فِيهُم وأُؤَنَّبُ

َفَمَا سَاءَني قَولُ امرىءٍ ذِي عَدَاوةٍ

بِعَوراء فِيهِم يَجتَدِينِي فَيَجدُبُ

فَقُل لِلذي في ظِلِّ عَميَاءَ جَونةٍ

يَرى الجَورَ عَدلاً أينَ تَذهَبُ

بِأيِّ كِتَابٍ أَم بِأيَّةِ سُنَّةٍ

تَرَى حُبَّهُم عَاراً عَلَيَّ وتَحسَبُ

أَأَسلَمُ ما تَأتِي بِهِ من عَدَاوَةٍ

وَبُغضٍ لَهُم لاَجَيرِ بَل هو أشجَبُ

سَتُقرَعُ مِنهَا سِنُّ خَزيَانَ نَادِمٍ

إِذَا اليَومُ ضَمَّ النَّاكِثينَ العَصَبصَبُ

فَمَا لِيَ غلاّ آلَ أحمدَ شيعةٌ

وَمَا لِيَ إلاَّ مَشعَبَ الحَقِّ مَشعَبُ

وَمَن غَيرَهُم أرضَى لِنَفسِيَ شِيعَةً

ومن بَعدَهُم لاَ مَن أُجِلُّ وأُرجَبُ

أُرِيبُ رِجَالاً منهم وتُرِيبُني

خَلاَئقُ مِمَّا أَحدَثُوا هُنَّ أَريَبُ

إلَيكُم ذَوِي آلِ النَّبِيّ تَطَلَّعَت

نَوَازِعُ من قَلبِي ظِماءٌ وألبَبُ

فإنِّي عَن الأمر الذي تكرَهُونَهُ

بِقَولي وَفِعلِي ما استَطَعتُ لأجنَبُ

يُشِيرُونَ بالأيدِي إليَّ وَقَولُهُم

أَلاَ خَابَ هَذَا والمُشِيرُونَ أخيَبُ

فَطَائِفَةٌ قد أكفََرَتنِي بِحُبِّكُم

وَطَائِفَةٌ قَالُوا مُسِيءٌ وَمُذنِبُ

فما سَاءَنِي تَكفِيرُ هَاتِيكَ مِنهُمُ

ولا عَيبُ هاتِيكَ التي هِيَ أعيَبُ

يُعيبُونَنِي من خُبثِهِم وَضَلاَلِهم

على حُبِّكُم بَل يَسخُرون وأعجَبُ

وقالوا تُرَابِيُّ هَوَاهُ ورأيُه

بذلِكَ أُدعَى فِيهُمُ وألَقَّبُ

على ذلك إجرِيّايَ فيكُم ضَرِيبَتي

ولو جَمَعُوا طُرَّاً عليَّ واجلَبُوا

وأحمِلُ أحقَادَ الأَقَارِبِ فِيكُمُ

وَيُنصَبُ لِي في الأبعَدِينَ فَأنصُبُ

بِخاتِمِكُم غصبَاً تَجُوزُ أُمورُهُم

فَلَم أرَ غَصبَاً مِثلَهُ يَتَغصَّبُ

وَجَدنَا لَكُم فِي آلِ حَامِيمَ آيةً

تَأوَّلَهَا مِنَّا تَقِيُّ وَمُعرِبُ

وَفِي غَيرِهَا آياً وآياً تَتَابَعَت

لكم نَصَبٌ فِيهَا لِذِي الشَكِّ مُنصِبُ

بِحَقِّكُمُ أمسَت قُرَيشٌ تَقُودُنا

وبِالفَذِّ مِنها والرَّدِيفَينِ نُركَبُ

إذا اتَضَعُونَا كارِهينَ لِبَيعَةٍ

أنَاخُوا لأخرَى والأزِمَّةُ تُجذَبُ

رُدَافَى عَلَينَا لَم يُسِيمُوا رَعِيَّةً

وَهَمُّهُمُ أن يَمتَرُوهَا فَيحلُبُوا

لِينتَتِجُوهَا فِتنَةً بَعدَ فِتنضةٍ

فَيفتَصِلُوا أفلاَءَها ثُمَّ يَربُبُوا

أقارِبُنَا الأَدنُونَ مِنهُم لِعَلَّةٍ

وَسَاسَتُنا مِنهُم ضِبَاعٌ وأذؤُبُ

لَنَا قَائِدٌ مِنهُم عَنِيفٌ وسَائِقٌ

يُقَحِّمُنا تِلكَ الجَراثِيمَ مُتعِبُ

وَقَالُوا وَرِثنَاهَا أبَأنضا وأُمَّنَا

وَمَا وَرَّثَتهُم ذَاكَ وَلاَ أبُ

يَرَونَ لَهُم فَضلاً عَلَى النَّاسِ وَاجِباً

سَفَاهاً وَحَقُّ الهَاشِمِيينَ أوجَبُ

وَلَكِن مَوَارِيثُ ابنِ آمِنَةَ الذِي

بِهِ دَانَ شَرقِيّ لَكُم وَمُغَرِّبُ

فِدَىً لَكَ مَورُوثاً أَبِي وأَبُو أبِي

وَنَفسِي وَنَفسِي بَعدُ بِالنَّاسِ أطيَبُ

بِكَ اجتَمَعَت أَنسَابُنَا بَعدَ فُرقَةٍ

فَنَحنُ بَنُو الإِسلاَمِ نُدعَى وَنُنسَبُ

حياتُك كانت مجدَنا وسناءنا

وموتُك جَدعٌ للعَرانين مُرعَبُ

وأنت أمينُ الله في الناسِ كلِّهم

علينا وفيما احتازَ شرقٌ ومغرِبُ

ونستخلفُ الأمواتُ غيرك كلَّهم

ونُعتَبُ لو كنا على الحق نُعتَبُ

وبُورِكتَ مَولُوداً وبُورِكتَ نَاشِئاً

وبُورِكتَ عِندَ الشَّيبِ إِذ أنتَ أشيَبُ

وَبُورِكَ قَبرٌ أنتَ فِيهِ وبُورِكَت

بِهِ وَلَهُ أهلٌ لِذَلِكَ يَثرِبُ

لَقَد غَيَّبُوا بِرَّاً وصِدقاً ونَائِلاً

عَشِيّةَ وَارَاكَ الصَّفِيحُ المُنَصَّبُ

يَقُولُونَ لَم يُورَث وَلَولا تُرَاثُه

لَقَد شَرِكَت فِيهِ بَكِيل وأرحَبُ

وعَكٌّ ولَخمٌ والسَّكُونُ وحِميَرٌ

وكِندَةُ والحَيَّانِ بَكرٌ وتَغلِبُ

وَلاَنتَشَلَت عِضوَينِ مِنهَا يُحَابِرٌ

وكَانَ لِعَبدِ القَيس عِضوٌ مُؤَرّبُ

ولانتَقَلَت من خِندِفٍ في سِوَاهُمُ

وَلاَقتَدَحَت قَيسٌ بِهَا ثم أثقَبُوا

وَمَا كَانَتِ الأنصَارُ فِيهَا أذِلَّةً

وَلاَ غُيّبَاً عَنها إذَا النَّاسُ غُيَّبُ

هُمُ شَهِدُوا بَدراً وخَيبَرَ بَعدَها

ويومَ حُنَين والدِّمَاءُتَصَبَّبُ

وَهُم رَئِموها غيرَ ظَأرٍ وأشبَلُوا

عَلَيهَا بِأطرَافِ القَنَا وَتَحَدَّبُوا

فَإن هِيَ لَم تَصلُح لِحَي سِوَاهُمُ

فَإِن ذَوِي القُربَى أحَقُّ وأقرَبُ

وإلاّ فَقُولُوا غَيرَها تَتَعَرفُوا

نَوَاصِيهَا تَردِي بِنَا وهيَ شُزَّبُ

عَلامَ إذَا زَار الزُّبيرَ وَنَافِعاً

بِغَارَتِنا بَعدَ المَقَانِبِ مِقنَبُ

وَشَاطَ عَلَى أرمَاحِنا بآدّعائِهَا

وَتَحوِيلِها عَنكُم شَبِيبٌ وَقَعنَبُ

نُقَتِّلُهم جِيلاً فجِيلاً نَرَاهُمُ

شَعَائِرَ قُربانٍ بِهِم يُتقَرَّبُ

لَعَلَّ عَزِيزاً آمناً سَوفَ يُبتَلَى

وذَا سَلَبٍ منهم أنِيقٍ سَيُسلَبُ

إذا انتَجُوا الحَربَ العَوَانَ حُوارَها

وَحَنَّ شَرِيحٌ بالمَنَايا وتنضُبُ

فيا لكَ أمراً قَد أُشِتّت

أمُورُه وَدُنيَا أرَى أَسبَابَها تَتَقَضَّبُ

يَرُوضُونَ دِينَ اللهِ صَعباً مُحَرَّما

بأفواهِهم والرائضُ الدينِ أصعَبُ

إذَا شَرَعُوا يَوماً عَلَى الغَيِّ فِتنةً

طَرِيقُهم فِيهَا عَنِ الحَقِّ أنكَبُ

رَضُوا بِخِلاَفٍ المُهتَدِينَ وَفِيهُمُ

مُخَبَّأةٌ أخرَى تُصَانُ وَتُحجَبُ

وإن زَوَّجُوا أمرَينِ جَورَاً وبِدعَةً

أنَاخُوا لأخرَى ذاتِ وَدقَينِ تُخطَبُ

ألَجُّوا ولَجُّوا في بعاد وَبِغضَةٍ

فَقَد نَشِبُوا في حَبل غَيٍّ وانشَبُوا

تَفَرَّقَتِ الدُّنيا بِهم وَتَعَرَّضَت

لَهُم بالنِّطافِ الآجِنَاتِ فأشرِبوا

حَنَانَيكَ رَبَّ النَّاسِ من أن يَغُرَّني

كما غَرَّهم شُربُ الحَيَاةِ المُنَضِبُ

إذَا قِيلَ هَذَا الحَقُّ لا مَيلَ دُونَه

فانقَاضُهُم في الغَيّ حَسرَى وَلُغَبُ

وإِن عَرَضَت دُونَ الضَّلاَلَةِ حَومَةٌ

أخَاضُوا إلَيهَا طَائِعِينَ وأَوثَبُوا

وقد دَرَسُوا القُرآنَ وافتَلَجوا به

فَكُلُّهُم رَاضٍ بِهش مُتَحزِّبُ

فَمِن أينَ أو أنَّى وكَيفَ ضَلالُهم

هُدىً والهوَى شَتَّى بِهِم مُتَشَعِّبُ

فَيَا مُوقداً نَاراً لغَيرِكَ ضَوءُها

وَيَا حَاطِباً في غيرِ حَبلِكَ تَحطِبُ

ألم تَرَنِي من حُبِّ آلِ محمدٍ

أروحُ وأَغدُوا خَائِفاً أتَرقّبُ

كأنّي جانٍ مُحدِثٌ وكأنَّما

بِهِم يُتّقَى من خَشيَةِ العُرّ أجرَبُ

عَلَى أيّ جُرمٍ أَم بأيَّةِ سِيرَةٍ

أُعَنَّفُ في تَقرِيظِهِم وَأُؤنَّبُ

أُناس بِهِم عَزَّت قُرَيشٌ فأصبَحُوا

وفيهِم خِبَاءُ المَكرُمَاتِ المُطَنَّبُ

مُصَفَّون في الأحسَابِ مَحضُونَ نَجرُهم

هُمُ المَحضُ مِنَّا والصَّرِيحُ المهذَّبُ

خِضَمُونَ أشرَافٌ لَهَاميمُ سَادَةٌ

مَطَاعِيمُ أيسَارٌ إذَا النَّاسُ أَجدَبُوا

إذَا ما المَراضِيعُ الخِمَاصُ تأوّهَت

من البَردِ إذ مِثلاَنِ سَعدٌ وَعَقرَبُ

وَحَارَدَتِ النُّكُدُ الجِلاَدُ وَلَم يَكُن

لعُقبةِ قِدرِ المُستَعيرينَ مُعقِبُ

وَبَاتَ وَلِيدُ الحَيِّ طيَّانَ سَاغِباً

وكاعِبُهم ذَاتُ العِفاوةِ أَسغَبُ

إذا نَشَأت مِنهُمِ بأَرضٍ سَحَابةٌ

فَلاَ النَّبتُ مضحظُورٌ ولا البَرقُ خُلَّبُ

إِذا ادلَمَّست ظَلمَاءُ أمرَينِ جِندِسٌ

فَبَدرٌ لَهُم فِيهَا مُضِيءٌ وكَوكَبُ

وإن هَاجَ نَبتُ العِلمِ في النَّاسِ لم تَزَل

لَهُم تَلعَةٌ خَضرَاءُ منهم ومِذنَبُ

لَهُم رُتَبٌ فَضلٌ على النَّاسِ كلِّهم

فَضَائِلُ يَستَعلِي بِهَا المُتَرَتِّبُ

مَسَامِيحُ مِنهُم قَائِلُونَ وفَاعِلٌ

وسَبَّاقُ غَايَاتٍ إلى الخَيرِ مُسهِبُ

أولاَكَ نَبِيُّ اللهِ مِنهُم وجَعفَرٌ

وَحَمزَةُ لَيثُ الفَيلَقِينش المُجَرَّبُ

هُمُ مَا هُمُ وِتراً وَشَفعاً لِقَومِهِم

لِفُقدَانِهِم ما يُعذَرُ المُتَحَوِّبُ

قَتيلُ التَجُوبّي الذي استَوأرَت بِهِ

يُسَاقُ به سَوقاً عنيفاً وَيُجنَبُ

مَحَاسِنُ من دُنيا ودِينٍ كأنَّما

بِهَا حَلّقت بالأَمسِ عَنقَاءُ مُغرِبُ

لِنعمَ طَبِيبُ الدَّاءِ من أمرِ أمّةٍ

تَوَاكَلَها ذُو الطِّبِ والمُتَطَبِّبُ

وَنِعمَ وليُّ الأمرِ بَعدَ وَلِيهِ

وَمُنتَجَعُ التَقوى ونِعمَ المُؤَدِبُ

سَقَى جُرَعَ الموتَ ابنَ عُثمانَ بَعدَما

تَعَاوَرَهَا مِنهُ وضلِيدٌ وَمَرحَبُ

وشَيبَةً قَد أثوى بِبَدرٍ يَنُوشُه

غُدافٌ مِن الشُّهبِ القَشَاعِمِ أهدَبُ

لَهُ عُوَّدٌ رَأفَةً يَكتَنِفنَهُ

ولا شَفَقاً مِنها خَوَامِعُ تَعتُبُ

لَهُ سُترتا بَسطٍ فَكَفٌّ بِهَذِهِ

يُكَفُّ وبِالأخرَى العَوَالِي تُخَضَّبُ

وفي حَسَنٍ كَانَت مَصَادِقُ لاسمِهِ

رِئَابٌ لِصَدعَيهِ المُهَيمنُ يَرأَبُ

وَحَزمٌ وجودٌ فِي عَفَافٍ وَنضائِلٍ

إلى مَنصِبٍ مَا مِثلُه كَانَ مَنصِبُ

وَمِن أكبَرِ الأحدَاثِ كَانَت مُصِيبَةً

عَلَينَا قَتِيلُ الأدعِيَاءِ المُلَحَّبُ

قَتِيلٌ بِجَنبِ الطَّفِ مِن آلِ هَاشمٍ

فَيَا لكَ لَحماً لَيسَ عَنهُ مُذَبِبِ

وَمُنعَفِرُ الخدّينِ مِن آلِ هاشِمٍ

إلا حَبَّذا ذَاكَ الجبينُ المُتَرَّبُ

قتيلٌ كَأنَّ الوُلَّهَ النُّكدَ حَولَه

يَطُفنَ بِهِ شُمَّ العَرَانِينِ رَبرَبُ

وَلَن أعزِلَ العبَّاسَ صِنوَ نَبِيِّنَا

وصِنوَانُهُ مِمَّن أَعُدُّ وأندُبُ

وَلاَ ابنَيهِ عَبدَ اللهِ والفَضلًَ إنَّنِي

جَنِيبٌ بِحُبِّ الهَاشِمِيِّينَ مُصحِبُ

وَلاَ صَاحِبَ الخَيفِ الطَرِيدَ مُحَمَّداً

ولو أُكثِرَ الإِيعَادث لِي والتَرَهُّبُ

مَضَوا سَلَفاً لا بُد أنَّ مَصِيرَنا

إلَيهِم فَغََادٍ نَحوَهُم مُتَأوِّبُ

كَذَاكَ المَنَايَا لاَ وَضِيعاً رَأيتُها

تَخَطَّى ولا ذَا هَيبَةٍ تَتَهَيَّبُ

وقد غَادَروا فِينَا مَصَابِيحَ أنجُماً

لنا ثِقَةً أيّانَ نخشَى وَنَرهَبُ

أولئكَ إن شِطَّت بِهم غُربةُ النَّوى

أمانيُّ نَفسي والهَوَى حيثُ يَسقَبُوا

فَهَل تُبلِغنّيهم على نأي دارِهم

نَعَم بِبَلاغِ اللهِ وجنَاءُ ذِعلِبُ

مُذَكَّرَةٌ لا يَحمِلُ السوطَ رَبُّها

ولأياً مِنِ الإِشفاقِ ما يَتَعَصَّبُ

كأنَّ ابنَ آوى مُوثَقٌ تحتَ زَورِها

يُظَفِّرُها طَوراً وَطَورَاً يُنَيِّبُ

إذا ما احزَألّت في المناخ تلفتت

بِمَرعُوبَتي هَوجَاءَ والقلبُ أرعَبُ

إذا انبَعَثَت من مَبرَكٍ غادرت به

ذوابلَ صُهباً لم يَدِنهُنَّ مَشرَبُ

إذَا اعصَوصَبَت في أينُقٍ فكأنَّما

بِزَجرَةِ أخرى في سِواهُنَّ تُضرَبُ

تَرَى المَروَ والكَذَّان يَرفَضُّ تَحتَها

كما ارفَضَّ قَيضُ الأفرُخِ المُتَقَوِّبُ

تُرَدِدُ بالنَّابَينِ بَعدَ حَنِينِها

صَرِيفَاً كما رَدَّ الأغانيَ أخطَبُ

إذَا قَطَعَت أجوازً بِيدٍ كأنَّما

بأَعلامِها نَوحُ المَآلِي المُسَلِّبُ

تَعَرَّضَ قُفٌّ بَعدَب قُفٍّ يَقَودُها

إلى سَبسَبٍ مِنهَا دَياميمُ سَبسَبُ

إذَا أنفَذَت أحضَانَ نَجدٍ رمى بها

أَخَاشِبَ شُمّاً من تِهَامَةَ أخشَبُ

كَتُومٌ إذا ضَجَّ المَطِيّ كأنَّما

تَكَرَّمُ عن أخلاقِهِنَّ وَتَرغَبُ

من الأرحَبِيَّاتِ العِتَاقِ كأنَّها

شَبُوبٌ صِوَارٍِ فَوقَ عَلياءَ قَرهَب

لِيَاحٌ كأن بالأتحَمِيَّةِ مُشبَعٌ

إزاراً وفي قُبطِيَّةٍ مُتَجَلبِبُ

وَتَحسِبُه ذَا بُرقِع وكأنَّه

بأسمالِ جَيشَانيّةٍ مُتَنَقِّب

تضَيّفه تحت الألاءةِ مَوهِناً

بظلماءَ فيها الرَّعدُ والبَرقُ صَيِّبُ

مُلِثُّ مَربٌّ يَحفِشُ الأُكمَ وَدقُه

شآبيبُ منها وادقاتٌ وَهَيدَبُ

كأنَّ المَطَافِيلَ المواليه وَسطَه

يُجَاوبَهنَّ الخَيزُرَانُ المُثَقَّبُ

يُكالئُ من ظلماءَ دَيجُورِ حِندِسٍ

إذا سَارَ فيها غَيهَبٌ حَلَّ غَيهَبُ

فَبَاكَرَهُ والشَّمسُ لم يَبدُ قًرنُها

بأُحدانِه المُستَولِغَاتِ المُكَلِّبُ

مَجازِيعَ في فقر مَسَارِيفَ في غِنى

سوابِحَ تَطفو تارةً ثم تَرسُبُ

فكَان ادّراكاً واعتراكاً كأنَّه

على دُبرٍ يَحمِيهِ غَيرانُ مُوأَبُ

يَذُودُ بِسَحماويه من ضَارِياتِها

مَدَاقيعَ لم يَغثَث عَلَيهِنَّ مَكسَبُ

فَرَابٍ وكَابٍ خَرَّ للوَجهِ فَوقَه

جَدِيّهُ أودَاعجٍ على النَّحرِ تَشخُبُ

وَوَلّى بِأجرِّيا وِلافٍ كأنَّه

على الشرف الأعلى يُسَاطُ وَيُكلَبُ

أذلك لا بَل تَيِكَ غِبَّ وَجِيفِها

إذا ما أكَلَّ الصَّارِخُونَ وانقَبُوا

كأن حَصَى المَعزَاءِ بينَ فُروجِها

نَوَى الرَضخِ يَلقى المُصعِدَ المُتَصَوِّبُ

عِرَضنَةُ ليلٍ في العِرَضنَاتِ جُنَّحا

أمامَ رِجَالٍ خَلفَ تِيكَ وأَركُبُ

إذا ما قَضَت من أهلِ يَثرِبَ مَوعِدَاً

فَمَكَّةَ من أوطَانِها والمُحَصَّبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الكميت بن زيد

avatar

الكميت بن زيد حساب موثق

العصر الاموي

poet-kumait-bin-zaid@

679

قصيدة

2

الاقتباسات

230

متابعين

الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي، أبو المستهل. شاعر الهاشميين. من أهل الكوفة. اشتهر في العصر الأموي. وكان عالماً بآداب العرب ولغاتها وأنسابها، ثقة في عمله، منحازاً إلى بني هاشم، كثير ...

المزيد عن الكميت بن زيد

أضف شرح او معلومة