أأخي "أبا سعد" ومن قُبَلِ

أُهدي ستقبس جمرتي قبسا

يا صفوَ إخوانِ الصفاء إذا

ما جف نبع مروءةٍ وجسا

شوقاً إليكَ يشدُّ نابضَهُ

حبٌ ترعرعَ بيننا ورسا

والذكرياتُ ترفُّ ناعمةً

رفَّ النسيمِ بحسرةٍ همسا

أصلاحُ لم تبرحْ صفيَّ هوى

صدقٍ إذا ما الكاذب انتكسا

ما أنفكَّ يومكَ مثل أمسكَ ، عن غدٍ

كلفاً بحبِّ الخير منغمسا

تشتفّ ضوءَ الفجرِ ترقبهُ

وتميزُ خيطيهِ إذا التبسا

عوتِ "الذئابُ" عليَّ ناهزةً

فرصاً تثيرُ الذئبَ مفترسا

ينهشن من لحمي وكلُّ دمٍ

فيهِ لِخَيرِ الناسِ قدْ حُبسا

من كلِّ داجٍ لا يُحبُّ سنىً

للصبحِ يطمسُ ليلَهُ التعسا

دفعتُ جمعَ يدٍ ، وملء فمٍ

ومداهنٍ أصغى فما نبسا

"أصلاح" اني والذي قدرت

يدُهُ النفوسَ ، وقَدَّرَ النِّفَسا

لأكفُّ نفسي وهي جامحةٌ

عن أن تروح لغيظها فرسا

وأصونها ما اسطعت عن شرس

وان ابتليتُ الحاقد الشرسا

"أصلاح" انّا رهنُ مجتمعٍ

يخشى اللصوصَ فيذبحُ العَسَسا

خلساً يسرُّ الصالحين به

والطاحونَ يسوؤهم خلسا

يزهي بفارسهِ إذا افترسا

وبضوءِ نجمٍ ساطعٍ طُمسا

ونتاج زرعٍ لا يُداسُ بهِ

إلاّ على الزهر الذي غرسا

"أصلاح" لا جزعاً كمن يئسا

لكن تفكُّرُ ملهم حدسا

فالموتُ يدريكُ كلَّ ذي رمقٍ

كالنومِ يدركُ كلَّ من نعسا

والمرءُ مرتطمٌ بحفرته

من قبل أن يهوي فيرتكسا

ما أوحش الدنيا تفرِّقنا

وكأننا من هاجس هجسا

يبتز حاضرنا وقابلنا

شفقٌ يجرُّ وراءهُ غلسا

والعمرُ كنزٌ يستضنُّ بهِ

فإذا بهِ يوماً قد اختلسا

فضفاضُ ثوبٍ تحتهُ رصدٌ

بالمرءِ ينزعُ ما لبسا

جهمٌ يقيمُ على مدارجنا

وعلى صدى أنفاسنا حرسا

يا أزاهيرُ الربى نطفت

بعبيرِ بَسْمتها اذا عبسا

"أصلاح" ما جدوى مُنَىً أُنُفٍ

عدُّ السنين يردها يبسا

درجت "ثمانون وأربعةٌ"

وتحجَّرَ النبعُ الذي انبجسا

ورميتُ بالقرطاس يثقلني

وكفرتُ بالقلم الذي انغمسا

وصحوتُ عن نفسٍ مضتْ عبثاً

تُغري ب"ليت" و "ربما" و "عسى"

وَصَحَتْ فلا بالطهر يبطرها

عجباً ، ولاهي تجحدُ الدَّنَسا

"أصلاح" ظلَّ كأنت ذا ثقة

بالنفس يقظاناً ، ومحترسا

وسلمت عبرة خائف كنسا

وشجىً بِحَلْقِ مُفَوَّهٍ خرسا