الديوان » العصر المملوكي » ابن منير الطرابلسي » أسنى الممالك ما أطلت منارها

عدد الابيات : 56

طباعة

أسْنَى الممالك ما أطَلْت منارَها

وجعلتَ مُرْهَفَةَ الشِّفارِ دِسارَها

وأحقُّ من مَلَكَ البلاد وأهلَها

رؤٌف تكنَّف عدلُه أقطارَها

من عام سام الخافِقَينِ وَحامها

مِنناً وَزاد هَوىً فَخصّ نِزارَها

مُضَرِيَّةٌ طبعَت مَضارِبَهُ وَإِن

عَدَتهُ ذَروة فارسٍ أَسوارَها

آل الرّعيّة وهيَ تَجهَلُ آلها

وتعاف نُطْفَتَها وتكره دارَها

فَأَقرَّ ضَجعَتَها وَأَنبتَ نيّها

وأساغ جُرْعتها وأثبت زارَها

ملكٌ أبوه سما لها فَسَمَا بها

وأجارها فعلت سُهيلاً جارَها

نَهَجَ السَّبيلَ له فَأَوضَحَ خلفه

وَشَدا لهُ يمن العلا فَأَنارَها

أنشرْتَ يا محمودُ ملّةَ أحمدٍ

من بعد ما شمل البِلَى أبشارَها

إن جانأت عَدَلَ السِّنانُ قَوامَها

أو نَأنأتْ كان الحسام جبارَها

عقلت مَعَ العصمِ العَواصِم مُذ غَدَت

هذي العَزائِمُ أسرها وإسارَها

وَتَكفَّلت لَكَ ضُمَّر أَنضَيتها

في صَونِها أَن تَستردّ ضِمارَها

كَلأت هَوامِلَها ورد مطارها

ما أريشته وَثقفت آطارَها

كَم حاوَلَت مِن كفتيها غرّةً

غلبَ الأسود فقلَّمت أَظفارَها

أنَّى وحامي سَرحِها مَن لَو سَمَت

لِلفلكِ بَسْطَته أَحال مدارَها

في كُلِّ يَومٍ مِن فُتوحِك سورةٌ

للدّين يحمل سِفْرُه أسفارَها

وَمُطيلةٌ قِصَر المنابِرِ إِنْ غَدا ال

خُطَباءُ تَنثُرُ فَوقَها تقصارَها

هِمَمٌ تَحجَّلت المُلوك وَراءَها

بِدَمِ العِثارِ وما اِقتفَت آثارَها

وَعزائمٌ تَستَوئزُ الآسادَ عن

نَهشِ الفَرائسِ إِن أَحسَّ أُوارها

أَبداً تقصر طولَ مشرفَةِ الذُرا

بِالمَشرفيَّةِ أَو تُطيلُ قصارها

فَغَرَتْ أَفامِيةٌ فماً فَهَتَمْتَهُ

كَبَوَار أَجناها الأَران بَوارَها

أَرهَقتَ رائَكَ فَوقَ رائك تَحتَها

فَحَططتَ مِن شعفاتها أَعفارها

أَدركت ثَأرَك في البُغَاةِ وَكُنتَ يا

مُختارَ أُمّةِ أَحمدٍ مُختارَها

عارِيّة الزّمنِ المُغير سَما لها

مِنك المعيّر فَاِستَردَّ معارَها

زَأَرَ الهِزَبْرُ فَقيّدت عاناتها

عَصرَ الضلالِ وَأَسلَمت أَعيارها

ضاءَت نُجومكَ فَوقَها وَلَربُّما

باتَتَ تنافِثها النجوم سرارَها

أمْسَتْ مع الشِّعْرَى العبور وأصبحت

شُعراء تَستقلي الفُحول شوارَها

وَلَكَم قَرعت بِمقرباتِكَ مِثلَها

تلعاً وقلّدت الكُماة عذارَها

حتَّى إِذا اِشتَملَتك أَشرَقَ سورها

عِزّاً وَحلاها سَناكَ سِوارَها

خَرَّ الصّليبُ وَقَد عَلَت نَغَماتُها

وَاِستَوبَلَت صَلواتُه تِكْرارَها

لَمّا وَعاها سَمْعُ أَنطاكية

سَرَتِ الوقار وَكَشفَت أَستارَها

فَاليَومَ أَضْحَت تَستَذمّ مُجيرَها

مِن جَورِهِ وَغَدت تذمّ جوارَها

عَلِمَت بأَن سَتَذوقُ جرعَةَ أُختِها

إِن زَرَّ أَطواقَ القباءِ وزارَها

ماضٍ إذا قرع الرّكابَ لبلدةٍ

ألْقَتْ له قبل القراع إزارَها

وإذا مَجَانِقُه رَكَعنَ لِصعبة ال

ملقاةِ أَسْجَدَ كالجديرِ جدارَها

ملَأ البِلادَ مَواهباً ومَهابةً

حتّى اِستَرقّت آيُهُ أحرارَها

يُذكي العيونَ إِذا أَقامَ لعونها

أَبَداً وَيُفضي بِالظّبا أَبكارها

أَوما إِلى رمم النَدى فَأَعاشَها

وَهَمى لِسابِقَةِ المنى فَأَزارَها

نَبَويُّ تَشبيهِ الفُتوحِ كَأَنَّما

أنصارُه رجعت له أنصارَها

أَحيا لِصَرحِ سَلامها سَلمانها

وَأَماتَ تحتَ عَمَارَها عُمَّارَها

إِنْ سارَ سارَ وقَد تَقَدّمَ جَيشَه

رجفٌ يقصّع في اللّها دعارَها

أَو حلَّ حَلَّ حبا القرومِ بِهيبةٍ

سَلَب البدور بدارها أبدارَها

وَإِذا المُلوكُ تَنافَسوا دَرج العُلا

أَربى بِنَفس أَفرعته خيارها

ونُهىً إِذا هيضَت تدلّ بِخيرها

وسُطىً تُذلّ إذا عنت جبارها

تُهْدَى لمحمود السَّجايا كاِسمِهِ

لو لزّ فاعلةً بها لأَبَارَها

الفاعِلُ الفعلاتِ يَنظِمُ في الدجى

بَينَ النجومِ حسودها أَسمارها

ساعٍ سَعى وَالسابقات وَراءَهُ

عَنَقاً فَعَصفَرَ منتماه عثارَها

كَالمضرَجِيِّ إِذا يُصَرْصِرُ آيِباً

خرس البغاث وَهاجَرت أَوكارَها

عَرَفَت لِنورِ الدينِ نور وقائعٍ

يُغشَى إِذا اِكتَحَلَت بِهِ أَبصارها

مَشهورة سَعَطت وَقَد حاولتها ال

أقدار عجزاً أنْ تشقّ غُبَارَها

للّهِ وَجهُكَ وَالوجوهُ كأنّما

حطّت بها أوقار هِيت وقارَها

وَالبيضُ تَخنسُ في الصُّدور صدروها

هبراً وتكتحل الشُّفور شفارها

وَالخَيلُ تدلج تَحتَ أَرْشية القَنا

جَذب المَواتِحِ غاوَرت آبارَها

فَبَقيتَ تَستَجلي الفتوحَ عَرائِساً

متملّياً صَدرَ العلا وصدارها

في دَولَةٍ لِلنصرِ فَوقَ لِوائها

زبر تنمِّقُ في الطّلَى أسطارَها

فالدّينُ مَوْماةٌ رفعت بها الصُّوَى

وحديقةٌ ضَمِنَتْ يداكَ إيارَها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن منير الطرابلسي

avatar

ابن منير الطرابلسي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-Munir-Trabelsi@

125

قصيدة

23

متابعين

أحمد بن منير بن أحمد، أبو الحسين مهذب الدين. شاعر مشهور من أهل طرابلس الشام. ولد بها، وسكن دمشق، ومدح السلطان الملك العادل (محمود بن زنكي) بأبلغ قصائده. وكان هجّاءاً ...

المزيد عن ابن منير الطرابلسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة