الديوان » العصر الايوبي » الجزار السرقسطي » برح الخفاء فلات حين خفاء

عدد الابيات : 97

طباعة

بَرح الخَفاءُ فَلات حينَ خفاءِ

فَاجهر فَبئس الثوب ثَوب رِياء

يا سالِحاً مِن نَوكه في لَجةٍ

سُجرت لَهُ بِالسخف وَالخيلاء

إِن تُجزنا بِالعَتب ذماً فاحِشاً

فَبِما حَواه رَشحُ كُل إِناء

رُؤيا تَراءى ضَغثها لَك في الكَرى

فَحسبت نَفسك مَوضِعاً لهجاء

لا نَنتحيك بسم هَجوٍ صائِبٍ

ما يَصنَع العَنين بِالعَذراء

الكَلب أَقذَر خِلقة وَخَليقَةً

مِن أَن يَكون مُبخراً بِكباء

وَلعلةٍ عَفت الهَجاء وَرُبَما

حَمَت المَوارد كُثرَةُ الأَقذاء

إِني وَهجوك يا عَليُّ لكالذي

باهى كَنيفاً مترَعاً بِفساء

خُذ مهر بِكرك لا أُحب سفاحَها

لَيسَ السَفاح بِشيمة الكُرَماء

أَغليتُها مَهراً وَلَم أَك باخِلاً

وَغلاءُ مهر البكر غَيرُ غَلاء

مَن يَخطب الحَسناء يُغلِ مَهرَها

إِن الحِسان فَواركُ البُخَلاء

إِن كانَ رفعةُ كُل مَرءٍ ساقِطٍ

في هَجوِهِ فَهُناكَ جَزل هجاء

بِم تَعتَلي حَتّى تَقول لي استعر

نَسَباً أُجبك فَلَستَ لي بِكفاء

اِخسأ عليّ فَلَيس كُفؤك غَير ما

يَجري مِن الأَعفاج وَالأَمعاء

وَمِن العَجائب وَالعَجائبُ جَمة

أَن تسخر القَرعاء بِالفَرعاء

أَتسبني مِن غَير ذَنب جئته

إِلا عِتابَ مَوَدَةٍ وَاِخاء

وَالعَتبُ يَشهَدُ بِالوِداد لِأَهله

في أَكثر الأَشياء وَالأَنحاء

فَعَلامَ قارضت العِتاب بِجَفوة

تَدعو إِلى البَغضاء وَالشَحناء

وَغَدوت مِن عَتبي بِهِ مُستَبدلاً

كَمُعوضٍ ناراً مِن الرَمضاء

إِن تُبدِ مِن عَتبي عَليك تَألما

فَالعير يَضرطُ خيفة الكوّاء

عَهدي بِقَدرك في الحَضيض مبوأً

وَلَقَد أَراكَ طَمحت للعلياء

وَوصَفت نَفسك قائِلاً

وَالأُسدُ قَد هابَت كَريهَ لِقائي

وَكَفاكَ ذَماً مَدح نَفسك بِالَّتي

هِيَ مِن حلى الأَملاك وَالوزراء

مَن كانَ مَمدوحاً بِغَير صِفاته

آل المَديح بِهِ إِلى استهزاء

وَعَطفتَ تَدعوني بِقَولك مُفصِحاً

أَأَمنت مِن بَطشي وَمِن غُلوائي

اللَهَ يا لَيثَ العَرين المُتَقى

اللَهَ في دَم فتية بُرآء

خُذ مَن أَساءَ بِذَنبه وَبِجُرمه

لا تَأخُذ الفضلاءَ بِالسفهاء

هَذي الرُقاع رقاع وَالدك الَّتي

طُرت بِطُرى قُملٍ وَخراء

هَل رمحك المَهموز إِلا ابرةٌ

أَمن الطَعين بِها مِن الأَدماء

لَو أَنَّها في عَين مَرمودٍ لَما

مَنَعَت مَلاحِظهُ مِن الأَغضاء

أَبابرة مِثل الهَباةِ كَسيرة

تَستَطيع قَلعَ الهَضَبة الصَماء

وَأَراكَ يا عُصفور توعد بازياً

بِمَخالبٍ لَيسَت بِذات مَضاء

لَو كُنت مُنشِئَها بِنَسج خَدرنقٍ

ضَعفت عَلى الايهان وَالانهاء

أَرعد وَأَبرق يا سَخيف فَما عَلى

آسادِ غيل مِن نباح جراء

وَأَرى سَماءك يا عَليُّ جَعَلتها

مَبسوطة مَع أَرضك البوغاء

أَعلى المجاز وَضَعتَها أَم لَم تَكُن

بِكَ قُدرَةٌ تَدعو إِلى الاعلاء

ما كانَ أَولى أَن تعمَّك بَلدَةٌ

تَعتَدُّ ذا أَرضٍ بِها وَسَماء

فُرسان قَولك خَيلَها منكبة

تَكبو إِذا ذَهَبت إِلى التَعداء

وَتُرى حِراناً كُلَما هَمَزت فَما

تَخشى فَجاءة غارَةٍ شَعواء

وَحسامك العَضب الطَريرُ المُنتَقى

قَد فله فالوذ حَدَّ ذَكاء

أَتَقول لي لَو كُنت تَعقل لَم تَطع

كُل امرئٍ بِنَميمةٍ مشاء

عُذراً فَلَم أَعلَم بِأَن العَقل مخ

صوص بِهِ كُل امرئ فَراء

وَجَهلت ما ضَربته مِن أَمثالها

فيكُم قَديماً عِترة الحُكَماء

عَجَباً لِدَعواك الوَفاء وَإِنَّهُ

عُمري لأَغرَبُ فيكَ مِن عَنقاء

إِني لَأَستحيي وَأَيم اللَه مِن

طول اِدِعائكهُ بِلا اِستحياء

أَو لَم تَكُن عاقَدتَني أَن لا تُرى

أَلطافُنا مَمزوجةً بِجَفاء

فَنَكثت ما شَدَ الإِخاء عُقوده

وَمَزَجت بِالأَقذاء ماء صَفاء

وَلَئن دَفَعتَ مَقالَتي وَجَحدَتها

فَأَبو مُحَمَدٍ اعدل الشُهَداء

وَأَردت أَن أُرضيك وَالزَنديق في

إِرضائِهِ اِسخاط ذي الآلاء

هَذي خِلالك قَد نُشِرَت مَلاءَها

مَشهورة الأَسماء وَالأَنباء

فَعَلامَ تَزعم أَنَّني بِجحورِهنا

مُغرىً أَهَذا مِنكَ حَقُّ جَزائي

لِلّهِ تِلكَ مَناقِباً وَمَآثِراً

فَلَقَد أَقَرَّت أَعينَ الأَعداء

يا أَيُّها التَيس المجمَّر قل مَتى

حُزت السِباق بِحَلبة الفُصحاء

حَتى تَقول مصرحاً وَمُلَجلِجاً

هَل قيست الدأماء بِالأحساء

اِطفاء أَنواري تَرومُ وَدون ما

قَد رُمته اطفاء نور ذكاء

الشمس لا تَخفى محاسنها وَإِن

غَطى عَلَيها بُرقعُ الأَنواء

أَببهرج زيفٍ تُناقِضُ عَسجداً

شَتان بَينَ غَياهِبٍ وَضِياء

وَتَقول لَو شئت القَوافي لَم تَكُن

إِلّا مَلاكاً تَحتَ ظل لِوائي

أَحسَنت يا رَبَّ اللِواء المُرتَقي

بِفخاره لِمَراتب الزُعَماء

نَزَّهَت هِمَّتك الوَضيعة أَن تَرى

مُستَجديَ الأُمَراء وَالوزراء

قُل أَنتَ مَعن ابن أَوسٍ هِمَةً

أَم من تقدَّمه مِن الشُعراء

حَتّى تُرى مُتَنَزَهاً عَن سُوقَةٍ

فَضلاً عَن الوزراء وَالرُؤَساء

لَم تُبدِ هِمَة عزةٍ لَكنما

أَعرَبتَ مُعتَزاً عَن اِستخذاء

وَلَو اِبتَليت وَعَلَّ ذَلِكَ كائن

بِالفَقر ما عيرت ذا اِستجداء

وَالأَنبياء المُرسَلون اِستَطعَموا

وَبُلوا بِداء الفَقر كُلَ بَلاء

أَو لَيسَ موسى قَد تَوَخى قَريَةً

مُستَطمِعاً فَأَبَت بِكُلِ اباء

لا عارَ يَلحَق ساعياً في عيشه

ما لَم يَجيء في سَعيه بخناء

لا تَغتَرر بِرَخاء بالك وَالغِنى

فَالدَهر يَمزج شدة بُرخاء

كَم مِن فَتى هَبَت رَخاءً ريحه

كانَت عَواقِبُها إِلى نَكباء

لَيسَ الفَتى المُضطَرُ يَملك عزةً

قَطع الشَقاءُ تعزز الفُقَراء

نَزَعاتُ شعرك مِن مِحال كُلَها

وَكَذا المِحال خلائق السُفهَاء

لَو كُنت تَقنَع بِالعَفاف كَمثل ما

زَخرفتَ لَم تعلن بعُدم ثَراء

وَأَبوك قارون الغَنى في خِفهِ

ما أَكفَر الإِنسان بِالنعماء

وَإِذا حَوَت يَدك الكَفافَ وَتَشتَكي

عُدماً فَأَين إِذاً غَنى الحَوباء

أَجريتُ في مَلأٍ سَوابق مَنطِقي

فَشأوتُ في مَلأٍ بِها وَخلاء

لا كَالَّذي قَد قُلت إِني بِالخلا

أَجريتهن ففزت بَينَ بِطاء

زينت ما قَد عابَهُ اِبن قَميئَةٍ

مِما نَفته شرعة الحنفاء

فَجَعلتَ تُفصح قائِلاً متزندِقاً

بدء التَفَكر آخر الإِنساء

وَحَكمت أَني جاهل ما قلته

وَنسبتني لبَصيرة عَمياء

وَلَو الزَمان جَرى بفهمك أَولاً

ما جئت إِلّا آخر الفهماء

وَرَفَعت عَن وَجهي الحَياء وَإِنَّهُ

لملاءتي بَينَ الوَرى وَرِدائي

وَلَو أَن صاعقة هَوَت ما أَثَرت

في وَجهك الجَهم القَليل الماء

هَذا الثَناء فَهَل سَمعت بِمثله

لَقَد اِحتَوَيت فَضائل الظُرَفاء

وَاللَهُ ما أَدرى وَأَني حائر

في أَمرك المُتَخالف الأَنحاء

تَنهى عَن السَب الَّذي قَد جئته

وَتَراه فعل الرَعن وَالضعفاء

كَمحرمٍ ما يَستحل لِنَفسه

هَذا أَدَل دَلائل السُخَفاء

أَنتَ الضَعيف إِذا عَلا ما قُلتَهُ

وَالأَرعنُ الآتي بِكُل هُذاء

تَسمو إِلى نَقدِ القَريض وَنَقضِهِ

وَأَراكَ تَخبط فيهِ كَالعشواء

ما فيكَ مِن فهمٍ يسر وَإِنَّما

تَهذي عَليُّ وَتُدعى بِذَكاء

إِن كانَ علمك مثل عقلك ذا فَقد

أَخليت نَفسك مِنحُلى العُلَماء

بَيضاء حجتك الَّتي أَوضَحتَها

جاءَت بِكُل مُصيبة سَوداء

قُل يا سَخيف بِمَ اِدَعيت بَسالةً

وَجَعَلت نَفسك مُرتَقى الجَوزاء

وَإِذا عَدا في الشَيء مرءٌ طوره

فبم ادعاؤك عزة القَعساء

وَإِذا عَدا في الشَيء مَرءٌ طوره

دَبَّت إِلَيهِ عَقارب البَغضاء

شَيئان ما في الأَرض أَوجَع مِنهُما

ذلُّ الرَفيع وَعزة الوَضعاء

أَشهِر حسامك يا عَليُّ مُكافِحاً

فَضح الشُجاع ضَمائر الجُبَناء

هَذا أَوان الشدّ فَاِبرز مُقَدماً

حَتّى تَرى مِن فارس الهَيجاء

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الجزار السرقسطي

avatar

الجزار السرقسطي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-al-Jazzar-ibn-al-Saraqusti@

71

قصيدة

1

الاقتباسات

23

متابعين

أبو بكر يحيى بن محمد بن الجزار السرقسطي. تارة يلقب بالجزار وأخرى بابن الجزار والراجح أن اللقب له لا لأبيه ولذلك لما صح أنه كانت مهنته الجزارة فانتسب لها. وقد كان ...

المزيد عن الجزار السرقسطي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة