الديوان » العصر الايوبي » الشهاب محمود بن سلمان » دع الصب يدمع منه المآقيا

عدد الابيات : 79

طباعة

دع الصب يدمع منه المآقيا

فقد ظن كل الظن أن لا تلاقيا

وعدت ترى داء الغرام بحاله

وإن لم يكن أبقى به الوجد باقيا

وعده بجمع الشمل يجنى بوعده

بقية أرماق بلغن التراقيا

لذيغ فراق كيف يرجى شفاؤه

وليس له شيء سوى القرب راقيا

ترامت به أيدي الغرام ولم يجد

على الوجد عوناً أو من الصد واقيا

ففي لا يرى صبراً جميلا مساعنا

جواه ولا دمعاً على البعد راقيا

يروح إلى حزن ويغدو إلى جوى

إذا بصر الركب الحجازي غاديا

ويبكي عقيق الحرتين بمثله

إذا ما هموا أموا العقيق اليمانا

فإن رمت أجراً أو سناء معجلا

فعلله وأبسط في هواه الأمانيا

وقل ثق بأن الدهر قد يعكس النوى

ويدني من الأحباب من ليس دانيا

وتطوى إلى نبل المني شقة السرى

ويقوى قوي الحظ الذي بات واهيا

فكم كف روح الله أساوكم لقى

عناء وكم باللطف قد فك عانيا

وأضحى قريب الدار من كان نازحاً

وظل رضي البال من بات باكيا

فأمسى على فقر إلى داره الحمي

بها عن مغاني الأرض أجمع غانيا

يري جانباً غناء يقضي بغضها

لصرف النوى عما له بات جانبا

ولا واحد يلقاه عما بينه

من الوجد في تلك المعالم ثانيا

ويشرف من وادي من نور روض عواطلا

بنت من سنا نور الجلال حواليا

وأن تخل من وحي فلم تر من شذا

زيارة أملاك السماء حواليا

ويقبل من نحو المصلي إلى حمي

به خير خلق الله أصبح ثاويا

إلى حرم أن يحد حادي السرى به

مطاياه مدت في سراها الهواديا

إلى حرم يسترخص الناس في السرى

إليه لتلقاه النفوس الغواليا

إلى حرم يدنيه منهم غرامهم

فسيان دانيه ومن كان قاصيا

وتسري له براً وبحراً فتشبه

السجواري المطايا الجواريا

ترى الفلك تجري في رياح ارتياحهم

ويلقى حنين العيش للركب حاديا

فيرقى جبال الموج راكب بحره

ويهوى فيغدو صاعداً فيه هاويا

ويسبح ساري البر في بحراً له

وبقذفه التيار ريان ظاميا

وقل للذي يلقون في حبهإذا

غدا في المنايا الفوز صرن أمانيا

وأخلي الهوى ما شبهوا في سلوكه

ببرق الثغور والمرهفات المواضيا

وأغلي من الأرواح تعجيل روحه

إلى من سرى نحو السموات راقيا

محمد المبعوث من خالق الورى

إلى خلقه طرا نذيراً وهاديا

دناه فأدناه إلى حضرة الرضي

فبورك مدعرا وقدس داعيا

وأتاه آيات الكتاب منيرة

تضي لتاليها وسبعاً مثانيا

فأظهر في التوحيد برهان به

وقام به فرداً ولم يك وأنيا

وجاء بآيات رأى نورها الورى

كما لاح قرن الشمس في الأفق ضاحيا

سوى من أضل الله عن سنن الهدى

فقابل جد الحق بالكفر هاذيا

فادحض بالبرهان من كان جامحاً

واصبح من أمسى عدواً مصافيا

تناقلها حتى العدى وأدل ما

على الفضل أن يغدو له الضد راويا

فمنها انشقاق البدر كيف بكتمه

وكل له في الأفق أصبح رائيا

ومنهن نطق الذئب يشهد أنه

رسول الذي أرسى الجبال الرواسيا

بقول فصيح وابن اهبان قد غدا

له سامعاً ذاك المقال وواعيا

وفي مثلها ضب السليمى أسمعت

شهادته بالحق من كان دانيا

وجاء بعير نحوه متبادرا

يمرغ خديه على الأرض شاكيا

وسبح للرحمن في كفه الحصا

فاسمع من أضحى ومن كان ساهيا

وحن له الجذع الذي كان قائما

إليه حنيناً أسمع الناس عاليا

وعاد إليه فاستسكن بضمه

كما يستسكن موجع القلب باكيا

وحين دعا الأشجار جاءت بسمة

وقال لها عودي فعادت كماهيا

وخيره لحم الذراع بسمه

وقد أودعت فيه اليهود الدواهيا

وأعطي ببدر عود نخل عكاشة

فألفاه سيفاً مرهف الحد ماضيا

ووافته أملاك السماء كتيبة

تعين مواليه وتردي المعاديا

وأبصرهم من كون يبصر خصمه

يخربلا ضرب إلى الأرض هاويا

ويوم حنين أذرمت كفيه العدى

بحصباء عمتهم قريباً وهانيا

فاعجب لها كفاً أثارت بقبضة

على ذلك الجمع العرم واثيا

كذا نخل سلمان بيمن يمينه

غدا بسره عام الفراسة زاهيا

فاعتق سلمان على فوره بها

وكان بطول الكد فيهن راضيا

كذلك كان الحكم في تمر جابر

ولم يره للدين يغدو مكافيا

فوافاه فاكتالوا فكمل حقهم

وألفاه جما مثل ما كان وافيا

كذلك في بئر الحديبية التي

رآها بكيا ليس تنهل ظاميا

فعج بها من ريقه فتفجرت

منابعها واسترفع الماء طاميا

وفضلة ماء في أناء كفهم

وضوءاً وريا وانبرى الماء جاريا

واشبع ثلث الألف من شاة جابر

ولو بلغوا ألفاً لألفوه كافيا

له معجزات كالنجوم إضاءة

وعدا ومن يحصى النجوم السواريا

ولكن يسير من كثير كمن غدا

يمثل بالطل الغيوث الهواديا

وما ذكرها مما تزيد به سنا

كفى الشمس نور طبق الألفق باديا

ولكن ليعلو قدر ناظمها بها

ويبدو به من كان في الناس خافيا

ويجعله فيما لديه وسيلة

إليه إذا وافاه في الحشر صاديا

وإلا فأين البدر من متناول

هل تنظم الأيدي النجوم الدراريا

إلهي بجاه المصطفى كن لعثرتي

مقيلاً فقد أوهي خطاي خطائيا

وقد كان خوفي من ذنوبي أنه

وحاشاه يغد غالباً لرجائيا

وبالرغم مني أن أكون وقد أرى

مواقع رشدي جامح القلب عاصيا

وحتام أسرى في دجى ليل شقوتي

كفى الشيب وافسلام للمرء ناهيا

عسى نفخة فيها القبول تردلي

عوارفها قلباً عن الرشد لاهيا

وتنجدني قبل الممات بنوبة

تخفف أثقالاً تركت ورائيا

فإني لم أبرح بجاه محمد

بحي له في موقف الحشر راجيا

فمالي سوى عفو الإله وجاهه

إذا أخذت مني الذنوب النواصيا

اولا رجائي في شفاعته غدا

رجوت نجاتي لا علي ولا ليا

لكنني لا أكتفي وبجاهه

تمسكت إلا أن أنال الأمانيا

رجائي فسيح والشفاعة ظلها

ظليل وعفو الله ذخر مآليا

عليه سلام الله ما هام شيق

وما بات جفن المزن في الروض هاميا

وما شدت الورقاء وأورق الغضا

وما سار نجم وأهدى النجم ساريا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشهاب محمود بن سلمان

avatar

الشهاب محمود بن سلمان حساب موثق

العصر الايوبي

poet-Shehab-Mahmoud-bin-Salman@

85

قصيدة

16

متابعين

محمود بن سلمان بن فهد بن محمود الحنبلي الحلبي ثم الدمشقي، أبو الثناء شهاب الدين. أديب كبير. استمر في دواوين الإنشاء بالشام ومصر نحو خمسين عاماً. ولد بحلب، وولي الإنشاء ...

المزيد عن الشهاب محمود بن سلمان

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة