زُهر إبّان الرضا قد أشرقت
وبأفق الأنس صبحا أطلعت
بشرت بالوصل لما أن بدت
هذه ليلة شعبان أتت
فانتهض فيها وشمر مئزرك
سح من سحب الأماني وبلها
رف لما أن أتيحت ظلها
يسرت للسالكين سبلها
هذه اسواق ربح كلها
فاغتنم باللَه فيها متجرك
عن تكن فيما لديه طامعا
فالزم الباب ذليلاً خاضعاً
وانتحب عند الوصول قاطعاً
واعبد اللَه وسله ضارعا
والزم الذكر على ما أمرك
أنت يا رهن البلى في غقلة
كم أراك ساهيا في خذلة
فانتهزها فرصة في مهلة
واصحب العزم وكن ذا عزلةٍ
فضل شعبان علينا نصّهُ
أحمد المختار لما قصّه
فأعمل الجد ووالى حرصه
إن هذا الشهر شهر خصه
بالتقى والفضل مولى فطرك
هجر المشتاق فيه نومَهُ
شمر الذيل وأمضى حزمه
جعل الخدمة فيه همّهُ
ورسول اللَه وفى صومه
فاقتفى الأثار تحيي أثرك
كن لدمع العين فيه مسبلا
وابك بدراً للشباب أفلا
ودع التسويف وانف الأملا
لا تكن للحزم فيه مهملا
ولتزين بتقاه عمرك
كم ترى حلف الونا في ذلة
ظامىء الأحشاء نحو نهلة
طب ما تشكو به من علة
إن تكن في رجب ذا غفلة
فبهذا الشهر حسن نظرك
يا نؤوما لم يفق من نومه
قم إلى ما يرتضى من خدمة
فبها تجنى المنى في نعمة
واهجر اللهو وكن ذا همّة
واحمد اللَه إلها صورك
يمّم الجد تقز بالغرض
فبه يشفى أليم المرضِ
ليس للطبّ به من عوض
ثم ناد الشهر مهما ينقض
قد قضينا بخلوص وطرك
محمد بن أحمد بن الصباغ الجذامي، أبي عبد الله. شاعر صوفي أندلسي، عاش في الحقبة الأخيرة من دولة الموحدين في المغرب، على زمن الخليفة المرتضى، ولا تذكر المصادر الكثير عنه. ...