الديوان » العصر الأندلسي » ابن خاتمة الأندلسي » مجال لطفك بين النفس والنفس

عدد الابيات : 33

طباعة

مَجالُ لُطفِكَ بينَ النَّفْسِ والنَّفَسِ

وسِرُّ هَدْيِكَ بينَ النّارِ والقَبَسِ

وسَيْبُ جُودِكَ قَدْ عَمَّ الوجُودَ لُهىً

ما بَيْنَ مُنْسَجِمٍ جَوْداً ومُنْبَجِسِ

فَما عَسى أن يُطيلَ القولَ ذو لَسَنٍ

أو ما عَسى أنْ يُطيلَ الصَّمْتَ ذو خَرَسِ

بَهَرْتَ نُوراً فَلا سِتْرٌ لِمُلْتفِتٍ

وفِضْتَ جوداً فلا عُذْرٌ لِمُلْتَمِسِ

وعُدتَ بالحلْمِ والإجمالِ فاتَّضَحَتْ

حُلى جَمالِكَ مِثْلَ الصُّبْحِ في الغَلَسِ

فالكُلُّ مُحتفلٌ في الحمدِ مُبتهلٌ

سُفْلٌ كعُلْوٍ ومَرؤوسٌ كَمُرْتَئِسِ

وأيّما نِعمةٍ منْ قبلُ نَشْكُرها

والشُّكرُ مِنْها وشُكرُ الشُّكر وَلْتَقِسِ

كَفى بِخَيْرِ البَرايا نِعمةً نَفُسَتْ

فأعجزَ الشكرُ عَنْها كُلَّ ذِي نَفَسِ

كفى بِبَعْثِكَ خَيْرَ الرُّسْلِ مَوْهِبَةً

عمَّتْ كِلا الثَّقَلَيْن الجِنِّ والإنِسِ

رَسُولُ يُمْنٍ حَبانا كُلَّ مُلْتَمسٍ

ونُورُ هَدْيٍ كفانا كُلَّ مُلْتَبَسِ

حَمَى حِمى الحقِّ إرْغاماً لِمُبْطِلِهِ

فالشِّرْكُ في مأْتَمٍ والدِّينُ في عُرُسِ

نُورٌ لِمُقتبِسٍ حِرزٌ لِمُحترِسٍ

يُمْنٌ لِمُنتَكِسٍ نُعْمى لِمُبتئِسِ

أعْظِمْ بهِ من هُدىً لِلْمُقْتَفينَ نَدىً

لِلْمُعْتَفين رَدىً لِلْمُلْحِدِ النّكِسِ

وقى به اللهُ من هُلْكٍ وبصَّر مِن

شَكٍّ وطَهَّرَ مِنْ إفكٍ ومِنْ دَنَسِ

هَدَى به كُلَّ نابٍ سَمْعُه شَرهٍ

وقادَ كُلَّ أبيٍّ طَبعُهُ شَرِسِ

حَتَّى مَحا رَسْمَ إفْكٍ كانَ مُرتَسِماً

وأثْبتَ الدِّينَ والدُّنيا على أُسُسِ

آياتُ جُودٍ تَجلَّت في الوُجودِ ضُحىً

ظَلَّتْ لَها فِئةُ التَّضْليل في عَبسِ

إليكَ يا مَلْجأ الرَّاجينَ قد نَزَعَتْ

نوازعٌ بيَ إنْ تُسْتَقْصَ لا تُقَسِ

من سَفْحِ دَمعٍ بِسَفح الخدِّ مطَّردٍ

وقَدْحِ وَجْدٍ بطيِّ الصَّدرِ منعَكِسِ

ونَهْبِ شوقٍ أباحَ السُّقم مَنْهبتي

فالجِسْمُ في تَعبٍ والقَلْبُ في تَعَسِ

فَهَلْ سَبيلٌ تؤدِّي حِلْفَ قاصيةٍ

إلى مَقَرِّ الهُدى من رَوْضةِ القُدُسِ

الى البشيرِ النَّذير المُجْتَبى كَرَماً

إلى السِّراج المُنيرِ الأشرفِ النَّدُسِ

مَنْ لي بِلَثْمِ ضَريح لَثْمُهُ سَببٌ

لِكُلِّ مُنقطعٍ باللهِ مؤتَنِسِ

روضٌ كَساهُ الرِّضى من طِيْبِه خِلَعاً

فَلَيْسَ يَعْرَى مُحِبٌّ مِنْ هَواهُ كُسِي

يا ليتَ شِعْري وأيَّامي تُثَبِّطني

ومَنْ سَقَتْهُ كؤوسُ العَجْزِ لم يَكِسِ

هل أكحَلُ الجفنَ من تُرْبٍ بهِ عَبقٌ

وأرشُفُ الثَّغرَ من إظلالِهِ اللَّعِسِ

وأُبْلغُ الخَدَّ من تَعفيرهِ وَطراً

شَوقاً لِمَوطئ نَعْلٍ طاهرٍ قُدُسي

إليكَ يا ربّ شكوَى مُبْعَدٍ قَعدتْ

بهِ الخَطايا فلَمْ يَنْهَضْ لِمُلْتَمَسِ

غَرَّتْهُ غرّة دُنيا بالصِّبا فصَبا

وأنَّسَتْهُ بتَهوينِ الهَوى فَنَسِي

يا ربّ رُحماكَ في تَبْليغِ مأربهِ

فَلُطفكَ اللُّطْفُ في تيسيرِ كل عَسِي

أنا الفقير فَعُدْ بالفَضْلِ يا أمَلي

فقَدْ دَعَوْتُكَ عن عُدْمٍ وعَنْ فَلَسِ

ثُمَّ الصَّلاةُ على المبعوثِ مَرْحَمةً

إلى الخليقة من جِنٍّ ومِن أنَسِ

وآلهِ والصِّحابِ الغُرِّ قاطِبةً

ما افْتَرَّ ثغرُ صَباحٍ عن لَمى غَلَسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن خاتمة الأندلسي

avatar

ابن خاتمة الأندلسي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Khatma@

226

قصيدة

129

متابعين

حمد بن عليّ بن محمد بن عليّ بن محمد بن خاتمة، أبو جعفر الأنصاري الأندلسي. طبيب مؤرخ من الأدباء البلغاء. من أهل المريّة (Alme'ria) بالأندلس. تصدر للإقراء فيها بالجامع الأعظم. ...

المزيد عن ابن خاتمة الأندلسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة