الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » ألا حدثاني باللقا يا خليليا

عدد الابيات : 47

طباعة

ألا حدّثاني باللّقا يا خَليلَيّا

ولا تُوسِعا وعْدي مِطالاً ولا لَيّا

ألمْ تعْلَما أني على القُربِ والنّوى

أحافظُ ذاكَ العَهْدَ رَعْياً لهُ رَعْيا

وأنّي لا أسْلو وإن بعُدَ المَدى

وإنْ أكثرَ الواشونَ لا أقْبَلُ الوَشْيا

لئنْ أرْشدَ اللّوامُ قلبي لسَلْوةٍ

فهَيْهاتَ إنّ الرشْدَ أحْسِبُهُ غَيّا

وأنّى لقلبي بالتَّقلُّبِ عنهُمُ

كما زعَم العُذّالُ وهْياً لهُمْ وهْيا

همُ نصْبُ عيْني كلّما بخِل الحَيا

تُحيِّيهمُ بالغيثِ أدْمُعُ عَيْنَيّا

وللهِ منهُمْ نسْمَةٌ حاجريّةٌ

لها أرجٌ من نحوِهِمْ عاطِرُ الرَّيّا

ولمْ أنْسَ لمّا استشْرَفَتْ ظَبَياتُها

وقد عُدتُ نِسْياً في المَعاهِدِ مَنسيّا

وكم من فُتونٍ في فُتورِ جُفونِها

ومن أسْهُمٍ مهْما رمَتْ تُحسِنُ الرّمْيا

وتُبدِعُ إذْ تُبْدي جَمال صِفاتِها

فتَسْبي قلوبَ العاشقينَ بها سَبْيا

بغُرِّ ثنايا قد ثنَتْني لحُبّها

فأعْطَيتُ قلبي دونَ شرْطٍ ولا ثُنْيا

حَمِدتُ لدَهْري موْقِفاً جالت الصَّبا

بأرْجائِهِ سَقْياً لأيّامِها سَقْيا

جرَتْ نُشُراً ما بينَنا وتسحّبَتْ

برودَ بطاحٍ تُبْدِعُ النّشْرَ والطّيّا

ولكِنْ أنا الظمآنُ حين تقلّصَتْ

ظِلالٌ رشَفْنا وِرْدَها شَفةً لَمْيا

حمَى الصّبرُ منّي جانِباً مُتمنِّعاً

غزَتْهُ الظُّبا لمّا رأى ذلك الظّبْيا

أبادَ دُموعي يومَ أبْدى صَبابَتي

فبحْتُ بسرٍّ لم يزَل ميّتَ الأحْيا

ورُمْتُ اكتِتامَ الحُبِّ بعْدَ بِعادِها

ومن يَرُمِ الغاياتِ لا شكّ أن يعْيا

وأحْيَيْتُ لَيْلي حينَ حَيّا نَسيمُها

وعزَّ مَرامُ النّومِ في ذلكَ

فَمن لعَليلٍ لمْ يزل مُتعلّلاً

بعَرْف نسيمٍ من حِماها إذا

وقفتُ بمَغْناها وفَيْضُ مَدامِعي

كمِثلِ الحَيا أسْقي بها ذلكَ الحيّا

وحَلّيتُهُ نظْماً منَ الشّعْرِ رائِقاً

ومن أدْمُعي نثْراً فأحسِنْ به حَلْيا

فمَنْ لي وجَمْرُ الشّوقِ بين جَوانِحي

وماءُ المآقِي قد طَما بينَ جفْنَيّا

إذا جنّ ليلي جُنَّ قلْبي وأنثَني

أقَلّبُ قلباً خافقاً بينَ جنْبَيّا

لأنّ ليَ القلبَ المُقَلَّبَ بالأسى

سَيَحيا بما يُهْديهِ من فكرِه يَحْيى

حَبيبٌ حَباني بالرسائِلِ دوحةً

تفيّأتُ ظلَّ الأنْسِ في روضِها فَيّا

فأنَّسَ حتّى لم يدَعْ ليَ وحْشَةً

وأوْرَدَ حتّى لم يدعْ كَبِداً ظَمْيا

وممّا أجدَّ الوجْدَ حُسْنُ عقيلةٍ

كعذْراءَ جاءتْ وهْي تَمْشي على استِحْيا

فمِن نورِ مرْآها سَنا سُرَّ من رأى

ومن وشيِها صنعاءُ إنْ أحسَنَتْ وَشْيا

فأحْيا فُؤادي حُسْنُ مُخْجِلةِ الضُحى

فقَلبي قدِ اسْتَحْيا وصُبْحي قد اسْتَحيَى

جلوْتُ بها وجْهَ العقيلةِ وصْفُها

يقصّرُ عن إدْراكِهِ كُلُّ مَنْ أعْيا

فأينَ نُجومُ الأفْقِ من ذلكَ السَّنا

إذا اجْتلَتِ الأبصارُ رُتْبَتَها العُلْيا

فيا لَيْتَ هذا القلبَ تُوسَى كُلومُه

بزَوْرةِ خِلٍّ أحرزَ المجْدَ أو سيّا

وحُبُّ أبيهِ الماجِد العَلَمِ الرِّضى

يَدينُ بهِ مَنْ يقصِدُ الدّينَ والدّنْيا

فمَن شاءَهُ للعِلْمِ ألْفى إمامَهُ

يُجَلّي لهُ في كلِّ مُشكلةٍ هدْيا

ومَنْ حلّ مَثْواهُ يجدْهُ مَثابةً

بها يرِدُ العافونَ مُسْتَعْذَبَ السُقْيا

وأمّا إذا ألْقى منَ الذِّكْرِ آيةً

فدونَكَ ما تَبغيهِ من غايةٍ قُصْيا

فللهِ درُّ اللفْظِ إن نصّ خُطبةً

وللّهِ بحْرُ الحِفْظِ إن فسّر الوحْيا

تراهُ مع الأحيانِ شمسَ هِدايةٍ

وشمسُ الضّحى للمجْتَلي أبدَعُ الأشيا

ألا يا أخي مَن لي بشكْرِ هديّةٍ

بعثْتَ بها لازِلْتَ بالشُكْرِ مَجْزِيّا

وحقِّكَ ما أُلْبِسْتُ للفخْرِ قبْلَها

كمَلْبِسِها الضّافي شِعاراً ولازَيّا

سجيّةُ مَن يُنمى لأكْرَمِ معْشرٍ

وشيمةُ مَن يُلْفَى رضيّاً ومَرْضيّا

لكَ اليدُ خطّتْ في المَهارِقِ حكمةً

وحُكْماً فمأموراً غدَوتُ ومنْهيّا

أقومُ لدَيْها مُطْنِباً في ثنائِها

مدَى الدّهْرِ لا أُلْفَى عن الشكْر مَثْنيّا

وأجعلُ مثْوى رُنْدَةٍ متوجَّهاً

إذا شِئْتُ أمْراً من مَرامي مَقضيّا

وأخطُبُ للآدابِ غُرَّ عقائِلِ

تفوقُ حُلاها بُحْتُريّاً وطائِيّا

فترْتاحُ منّي الروحُ حتّى كأنّني

أطيرُ لمغْناها بملءِ جَناحَيّا

حَنيناً لمَنْ أهْدى الأمانيَّ كُلّها

فما بقيَتْ أمْنيّةٌ لي سوى اللُقْيا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

96

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة