الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » قلبي كلف بظبية حسناء

عدد الابيات : 54

طباعة

قَلبي كلِفٌ بظبْيةٍ حَسْناءِ

يأتي وصْفُها بالرّوضةِ الغنّاءِ

كمْ قد أطْلَعَتْ من غُرّةٍ غَرّاءِ

يلْتاحُ جَمالُها لعَيْنِ الرّائي

يا مَن لجُفونِ دمعِها ينسَكِبُ

ومَن لضُلوعٍ جمْرُها يلْتَهِبُ

عُذّالي إذْ بُحْتُ بوَجْدي عتَبوا

والشّمسُ عَنِ العُيونِ لا تحْتَجِبُ

جِسمي خافٍ والقلْبُ وجْداً خافِتْ

لعَهْدِ وصالٍ قدْ تقضّى فائِتْ

يا لَيْتَ أُرَى في الحُسْنِ يوماً باهِتْ

ممّنْ حُسْنُها يُعْجِزُ وصْفَ النّاعِتْ

ما كُنتُ أُطيقُ عنْ حِماها لُبْثا

حتّى ألْقِي الرّكابَ فيه حثّا

لوْلا أنْ جادَ لي النّوالُ غَيْثا

ممّنْ تُلْفِيه في التّلاقِي لَيْثا

من غيثِ النّدى جُوداً وغوثِ الرّاجي

ومُسْعِفِ قَصْدِ الآمِلِ المُحْتاجِ

ومُجْلي الدُّجى بنُورِه الوهّاجِ

ومَوْلَى مُلوكِها أبي الحجّاجِ

مَرآهُ يَلوحُ للعُيونِ صُبْحا

ثَناه كأزهارِ الرّياضِ نفْحا

حَمائِمُ فِكْري ردّدتهُ صَدْحا

غَواني الطُّروسِ قلّدَتْهُ وُشْحا

أنصارَ الدّين لعُلاهُ سِنْخُ

عِقْبانُ وَغىً يومَ التّلاقي فُتْخُ

ويُمْناهُ إذ للقاصدينَ يَسْخُو

شَريعةُ جُودٍ لمْ يرُعْها النّسْخُ

هذا لكِنْ جَفا فُؤادي البُعْدُ

فليْسَ بهِ إلا جوىً أو وجْدُ

أيُنْجزُ يوْماً للتلاقِي وَعْدُ

ويُغْمَرُ غوْرٌ للرّضا أو نَجْدُ

رَمى قَلْبي للبَيْنِ سهْمٌ مُنْفذُ

فالوَجْدُ على جَميعهِ مُسْتَحوذُ

فليس لهُ غيرُ الوصالِ مُنقِذُ

ولا سِوى مَوْلى الوَرى تعوُّذُ

قد فاقَ الوَرى في منظَرٍ أو مَخْبَرِ

موْلىً هدْيُهُ يَروقُ عيْنَ المُبْصِرِ

يَلوحُ سَناهُ كالصّباحِ المُسْفِرِ

فتَخفى نجومُ الأفْقِ حوْلَ المظْهَرِ

أنسَى مَن مَضى وكُلّ آتٍ أعْجَزا

وعْداً ووعيداً مُخْلِفاً أو مُنْجِزا

ما زالَ لأوْصافِ الكمالِ مُحْرِزاً

ومِنْ رِفْدِه لكُلِّ مُحْسِنٍ جَزا

موْلىً كالدّهْرِ بالأعادِي قدْ سَطا

أضْحى مُنْعِماً بالعَدْلِ فينا مُقسِطا

يُفيضُ على قصّادِه سُحْبَ العَطا

فتُلْفيهِمْ ورْداً كأسْرابِ القَطا

مهْما نظَرتْ عينُك لي باللّحْظِ

أو فاتحْتَني بالكَتْبِ أو باللّفْظِ

فكَم حُظْوةٍ تُفيدُها أو لحْظِ

للفَوْز منَ الدّنيا بأوفَى حَظِّ

أيا يُوسُفاً في الحسْنِ أو في المُلْكِ

نظامِي كَدُرٍّ رائِقٍ في السّلْكِ

أزيلُ به صرْفَ الخُطوبِ الحُلْكِ

إذ قلتَ أبو الحسَينِ عَبْدي مِلْكي

أنا المَمْلوكُ يا إمامَ العَدْلِ

ويا خَزْرَجيَّ المُنتَمى والأصْلِ

ويا جامِعاً ما للنّدى منْ شمْلِ

إذا لمْ تكُنْ لي في الزمانِ مَن لي

دمْعي وفؤادِي هائِمٌ أو هامِ

يهْفو وجْداً كخافِقِ الأعْلامِ

جَفْني وغَرامي دائِمٌ أو دامِ

كمِثْلِ حُسامِ ناصرِ الإسلامِ

وجْدي ما أنْ ياخُذْهُ الإمْكانُ

هلّا يُحْصي شُهْبَ الدُجى حُسْبانُ

والحُبُّ أبانوا عندَ ما قد بانُوا

فآليْتُ تعودُ بالرِّضى الأزْمانُ

بالقلْبِ من الغَرامِ ما لا يُحْصى

فكَمْ أمَدٍ بلغْتُ منهُ الأقصى

أُبْديه جَوىً يكلُّ عنهُ الإحْصا

معْنىً كيفَ شاءهُ الهَوى أو نصّا

ظَبْيٌ لا رِضىً إلا بما يقْضيهِ

ولا قصْدَ إلا الذي يُرْضيهِ

للصّبْرِ حُسامٌ كلّما أُنضيهِ

يفُلُّ الهَوى ما عزْمُهُ يُمْضيهِ

يا لَيْتَ زَماناً قد مضى يرْتَجِعُ

والأُنْسُ لهُ شمْلٌ به مُجْتَمِعُ

طمِعْتُ وهلْ في الحُبِّ يُجْدي الطمعُ

أو يُغْني الأسَى منْ بعدِه أو ينفَعُ

هذا قَلْبي صَبا إليْهِ وصَغا

لقد بلغَ الغرامُ منّي مَبْلَغا

هذا طمَعي لو نالِ منْهُ ما ابْتغَى

فالدّمعُ طَما وجمْرُ وجْدي قد طَغا

جادَتْ فحَكتْ صوْبَ الحَيا المُنْبَجِسِ

من كَفِّ إمامِ الغَرْبِ والأندَلُسِ

يُبْدي نورَ الصّباحِ للمُقْتَبِسِ

يبْدو أسَدَ السّرْجِ وبدْرَ المجْلِسِ

يجلو هَدْيُهُ جِنْحَ الدُجى إذ يَغْشى

تُرْجى كفُّهُ سَلْماً وحرْباً تُخْشى

قد أعْيا جَريراً وصْفُهُ والأعْشى

فكيفَ يَفي نظْمٌ به أو إنْشا

خُذْهُ أدَباً كالرّوْضِ في ريّاهُ

أحْياهُ بغَيْثِ الجودِ إذ حيّاهُ

نظْماً شرّفَ العَبْدَ بهِ مَوْلاهُ

بالصُّنْعِ الجَميلِ قد حَباهُ اللهُ

لهُ الرّكْبُ يُحْدَى والفَيافي تُطْوى

عنْ يُمْناهُ أخبارُ العَطايا تُرْوى

من جَدْوى يديهِ كُلُّ ظامٍ يَرْوَى

يُلْقي حَمدَهُ في السِّرِّ أو في النّجْوَى

مَوْلىً بالجميلِ يَشفَعُ الإجْمالا

ويوضِحُ منْ كافي النّدى الإكْمالا

بهِ عبْدُهُ قد بلغَ الآمالا

فالجاه يُفيدُ لحْظُهُ والمالا

موْلايَ الذي يُهْدي الوُجودَ الهَدْيا

ومَنْ وصْفُهُ كُلَّ الوَرى قد أعْيا

لمّا نِلتَ رُتْبةَ الكَمالِ العُلْيا

نالَ العَبْدُ ما أمّلَهُ في الدُنْيا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

96

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة