الديوان » العصر الأندلسي » أبو حيان الأندلسي » إذا أنا أودعت التراب فلن ترى

عدد الابيات : 32

طباعة

إِذا أَنا أَودِعتُ التُرابَ فَلَن تَرى

كَمثليَ نَحويّا أَحدَّ وَأَحذَقا

وَأَنقلَ أَحكاماً وَأَكثرَ شاهِداً

وَألزمَ تَنقاداً وَأَحسنَ مُنتَقى

وَأَلخَصَ لَفظاً زالَ عَنهُ فضولُهُ

وَأَغوصَ مَعنىً كانَ أَعيى المُدَقِّقا

وَأَنثَر للزُهرِ اللآلي بَلاغةً

وَأَنظمَ للزُهرِ الدَراري تَأنُّقا

مَضى لي في التَحصيلِ سَبعون حِجَّةً

نَهاراً وَلَيلاً جامِعاً ما تَفَرَّقا

فَأَخرَجتُ بِالبَحرِ المُحيطِ لآلئاً

نظمتُ بِهِ عِقداً بِهِ الدَهرُ طُوِّقا

حَشدتُ بِهِ أَقوالَ كُل مُفَسِّرٍ

وَأَخرَجتُ مِن ذهني لِنَقدي مَيلقا

سَبرتُ بِهِ ما بَهرَجُوا وَانتقَدتُهُ

وَألقيتُ ما قَد كانَ زيغاً منمَّقا

وَأَخلَصتُهُ صَفواً صَحائفَ حِكمَةٍ

بِها أُنسُ مَن قَد كانَ للحقِّ شَيِّقا

وَأنقَ ذا العقلِ السَليمِ رآؤُهُ

وَلَولا اِنتقادِهِ لَما كانَ مُونِقا

وَلا فَخرَ بَل لِلَّهِ حَمديَ دائِماً

وَشُكري عَلى ما كانَ لي مِنهُ وَفَّقا

وَلَما ذَوى علمُ الكِتابِ بِعَصرِنا

تَعهَّدتُهُ حَتّى لأَصبَحَ مُورِقا

وَقَد ماتَ أَشياخ الأُلى يَقرؤونَهُ

وَخُلِّفتُ فَرداً كانَ لي بَعدهم بَقا

فَأَقرأتُهُ لِلناسِ مُوضِحَ مُشكِلٍ

وَفاتحَ بابٍ مِنهُ قَد كانَ مُغلَقا

تَفرَّدتُ في الدُنيا بِإقرائِهِ فَمَن

يَكُن يَدَّعي فيهِ فَليسَ مُصَدِّقا

وَجَرَّدتُ أَحكامَ الكِتابِ بِلَفظِهِ

وَتَرتيبِهِ فَالتاج بَدراً قَد أَشرَقا

فَمن ينقل الأَحكامَ مِنهُ كَأَنَّما

تُشافِهُهُ الأَعرابُ مَعنىً وَمَنطِقا

سَقى اللَهُ قَبراً سيبويهِ ثَوى بِهِ

مُلِثَّ الغَوادي ريقاً ثُمَ رَيِّقا

وَبَوَّأهُ دارَ المَقامَةِ في غَدٍ

بِما كانَ أَسدى مِن عُلومٍ وَحَقَّقا

وَتَعليقَةُ الصَفّارِ شَرحاً يجِلُّ ما

لَهُ قَد حَوى لَخَّصتُ تَلخيصَ ذي اِنتِقا

وَسميته الأَسفارَ مَع طرَرٍ حَوَت

مسائلَ لَيسَت في سِواهُنَّ تلتَقى

وَأَحييتُ تَسهيلَ الفَوائدِ إِذ غَدا

مَواتا طَريحا بَينَ كُتبِ الوَرى لقا

وَأَوضَحتُ مِنهُ مُشكِلاً وَاِنتَقَدتُهُ

وَزِدتُ فَأَضحى نيِّر الوَجهِ مُشرِقا

عَلى حينِ لَم يَجسر عَلى بَحثهِ امرُؤٌ

سِوايَ وَلَم يَقربهُ غَرباً وَمَشرِقا

بِهِ نُسِخت كُتبُ النحاةِ وَأُهمِلت

فَلَستَ تَرى يَوماً عَليهِنَّ رَونَقا

لأَظلَمَ إيضاحٌ وَأَقصوا مُقَرِّباً

كَذا جُمَلٌ مَعهُ المُفَصَّلُ مُزِّقا

وَقانونُ عِيسى وَالفُصُولُ وَنَظمُها

وَنَظمُ ابنُ مالٍ ما أَرَدَّ وَأَقلَقا

وَكافيّةُ ابنِ الحاجبِ اِحتجبَت فَما

تُرى وَهيَ نَزرٌ ما أَقلَّ وَأَغلَقا

وَأنشأتُ للتسهيلِ شَرحاً وَالارتشا

فِ نَشأً غَريبَ الوَضعِ بِالعَقلِ طُبِّقا

وَنَخَّلتُ مِن شَرحِ ابنِ مالِكٍ الَّذي

وَقَفنا لَهُ شَرحاً لَطيفا مُلَفَّقا

فَكَمَّلتُ بِالتَكميل ما كانَ ناقِصاً

فَغرَّب هَذا الشَرحُ عَنّا وَشَرَّقا

وَتَذكِرَتي كَم قَد حَوَت مِن فَضائِلٍ

شَواهدَ نَحوٍ مَع مَسائلَ تُنتَقى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو حيان الأندلسي

avatar

أبو حيان الأندلسي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Abu-Hayyan-al-Andalusi@

316

قصيدة

1

الاقتباسات

420

متابعين

محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الغرناطي أثير الدين أبو حيان الجياني الأندلسي النحوي. كان من أقطاب سلسلة العلم والأدب وأعيان المبصرين بدقائق ما يكون من لغة ...

المزيد عن أبو حيان الأندلسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة