الديوان » العصر المملوكي » ابن سنان الخفاجي » السيف منتقم والجد معتذر

عدد الابيات : 62

طباعة

السَّيفُ مُنتَقِمٌ وَالجَدّ مُعتَذِرُ

وَما عَلَيكَ إِذا لَم يُسعِدِ القَدَرُ

وَإِن دَجَت لَيلَةً في الدَّهرِ واحِدَة

فَطالَما أَشرَقَت أَيّامُهُ الأُخَرُ

وَما شَكَونا ظَلاماً مِن غَياهِبِها

حَتّى تَطَلَّعَ في أَثنائِهِ القَمَرُ

وَلا يَنالُ كُسُوفُ الشَّمسِ طَلعَتَها

وَإِنَّما هُوَ فيما يَزعُمُ البَصَرُ

وَهَل عَلى البَطَلِ الحامي حَقيقَتَهُ عارٌ

إِذا جَبَنَ الأَعداءُ أَو غَدَروا

أَمّا الكِرامُ فَقَد أَبلى وَفاؤُهُمُ

عَلى البُحَيرَةِ ما لَم يُبلِهِ الظَّفَرُ

ما ضَرَّهُم وَالعَوالي في نُحورِهِمُ

تَعفوا الكلومُ وَتَبقى هَذِهِ السِّيَرُ

لاذوا بِسَيفِكِ حَتّى خالَ دونَهُمُ

مُجَرَّبٌ في دِفاعِ الخَطبِ مُختَبَرُ

مِنَ السُّيوفِ الَّتي لَولا مَضارِبُها

ما كانَ لِلدِّينِ لا عَينٌ وَلا أَثَرُ

هِندِيَّةٌ وَبَنو حَمدانَ رُفقَتُها

لَقَد تَخَيَّرَتِ الأَحسابُ وَالزُّبُرُ

وَمُكبِرينَ صَغيراً مِن عُقُولِهِمُ

لَم يَركَبوا الخَيلَ إِلَّا بَعدَ ما كَبِروا

أَخفوا بِكَيدِهِمُ غَدراً فَما عَبَأَت

سُمرُ الرِّماحِ بِما هَمَّت بِهِ الإِبَرُ

لا تَعجَلوا فَعَلى أَطرافِها خَلَفٌ

تُرجى عَواقِبُهُ فيكُم وَتُنتَظَرُ

أَثَرتُم أَسَداً تَدمى أَظافِرُهُ

طَيّانَ لا عَصَرٌ مِنهُ وَلا وَزَرُ

حَذارِ أَن تَستَزِنَّ الحِلمَ غَضبَتُهُ

إِن كانَ يَنفَعُ عِندَ الخائِنِ الحَذَرُ

جَرَّبتُموهُ فَأَفنَتكُم صَوارِمُهُ

وَلَو عَقَلتُم كَفاكُم دونَهُ الخَبَرُ

وَقَد عَلا فَوقَ أَفلاكِ النُّجومِ بِها

فَكَيفَ يَلحَقُ مَن في باعِهِ قِصَرُ

حَدِّث بِبَأسِ بَني حَمدانَ في أُمَمٍ

تَأَتي فَقَد ظَهَرَت في هَذِهِ النُّذُرُ

وَاذكُر لَهُم سِيَراً في المَجدِ مُعجِزَة

لَولا الشَّريعَةُ قُلنا إِنَّها سُوَرُ

قَومٌ إِذا طَلَبَ الأَعداء عَيبَهُمُ

فَما يَقولُونَ إِلَّا أَنَّهُم بَشَرُ

السّابِقونَ إِلى الدُّنيا بِمُلكِهِمُ

ما أَورَدَ النَّاسُ إِلَّا بَعدَما صَدَروا

كَأَنَّ أَيديهمُ لِلرِّزقِ ضامِنَةٌ

فَالِلنَّدى قائِمٌ مِنهُم وَمُنتَظَرُ

تَسمو البِلادَ إِذا عُدَّت وَقائِعُهُم

فيها وَتَبتَسِمُ الدُّنيا إِذا ذُكِروا

ماتوا وَأَحيا ابنُ ذي المَجدَينِ ذِكرَهُمُ

فَما يَظُنُّونَ إِلَّا أَنَّهُم نُشِروا

يَثني عَلَيهِم بِما تُعطي أَنامِلُهُ

وَالرَّوضُ يُحمَدُ في إِحسانِهِ المَطَرُ

وَسابِقٍ طَلِقِ الأَلحاظِ في أَمَدٍ

لا يَنفَعُ العَينُ في إِدراكِهِ النَّظَرُ

إِذا تَأَمَّلتَهُ في نَيلِ غايَتِهِ

رَأَيتَ كَيفَ تُصاد الأَنجُمُ الزُهُرُ

كَأَنَّما رَأيُهُ في كُلِّ مُشكِلَةٍ

عَينٌ عَلى كُلِّ ما يَخفى وَيَستَتِرُ

يا ناصِرَ الدَّولَةِ المَشهورُ مَوقِفُهُ

في نَصرِها وَضِرامُ الحَربِ تَستَعِرُ

أَنتُم صَوارِمُها وَالبيضُ نابِيَةٌ

وَشُهبُها وَظَلامُ الخَطبِ مُعتَكِرُ

وَحامِلو الرَّايَةِ البَيضاء ما بَرِحَت

عَلى رِماحِكُم تَعلوا وَتَنتَشِرُ

كُنتُم بِصِفِّينَ أَنصارَ الوَصِيِّ وَقَد

دَعا سِواكُم فَما لَبَّوا وَلا نَصَروا

فَهيَ الخِلافَةُ ما زالَت مَنابِرُها

إِلى سُيوفِكُمُ في الرَّوعِ تَفتَقِرُ

هَل تَشكُرُ العَرَبُ النُّعمى الَّتي طَرَقَت

أَم لَيسَ يَنفَعُ فيها كُلَّما شَكَروا

قَومٌ أَعَدتَ إِلى الدُّنيا نُفوسَهُمُ

فَكُلُّ عارِفَةٍ مِن بَعدِها هَدَرُ

تِلكَ الصَّنيعَةُ إِن خَصَّت بَني أَدَدٍ

فَلَيسَ تُنكِر ما في طَيِّها مُضَرُ

أَمّا ابنُ نَصرٍ فَقَد أَخفَت ضَمائِرُهُ

مَوَدَّة لَكَ ما في صَفوِها كَدَرُ

فَرع أَبانَ جَناهُ طيبَ عُنصُرِهِ

ما يُحمَدُ العودُ حَتَّى يُعرَف الثَّمَرُ

سالمتَ مِنهُ عَلى الأَعداءِ مُرهَفَةً

لِمِثلِهِم كُنتَ تَقناها وَتَدَّخِرُ

يَقظانُ ما عَلِقَت بِالنَّومِ مُقلَتُهُ

فَلا يُنَبهُ في حَربِ العِدى عُمَرُ

يا واهِباً وَعَوادي المُزنِ باخِلَةٌ

وَصاعِداً وَعَوالي الشُّهبِ تَنحَدِرُ

أَمّا القَوافي فَقَد جاءَتكَ سابِقَةً

كَما تَضَوَّعَ قَبلَ الدِّيمَةِ الزَّهَرُ

مَنظومَةً فَإِذا فاهَ الُّدواةُ بِها

ظَنَنتَ أَنَّ نُجومَ اللَّيلِ تَنتَثِرُ

مِن مُعجِزاتي الَّتي لَولا بَدائِعُها

في الشِّعرِ شَبَّهَ قَومٌ بَعضَ ما سَحَروا

تُثني عَلَيكُم وَتُبدي عَيبَ غَيرِكُمُ

فَقَد هَجَوتُ بِها قَوماً وَما شَعَروا

أَتاكَ رائِد قَوم لَيسَ عِندَهُمُ

عَلى الحَقيقةِ لا ماء وَلا شَجَرُ

يَلوحُ ذِكرُكَ في داجي هُمومِهِمُ

كَما يَلوحُ لِعَينِ السَّاهِرِ السَّحَرُ

فَاِستَجلِها دُرَّةَ الغَوَّاصِ أَخرَجَها

مِن بَعدِ ما غَمَرَتهُ دونَها الفِكَرُ

ما تَشتَكي غُربَةُ المَثوى وَرُفقَتُها

أَفعالُكَ الشُّهبُ أَو أَخلاقُكَ الغُرَرَ

وَاِسمَع أَبُثُّكَ أَخباري فَإِنَّ لَها

شَرحاً وَإِن كُنتُ أَرويهِ وَأَختَصِرُ

جادَت لِقَومي سَحابٌ مِنكَ هاطِلَةٌ

ما غُيبَت مِنَّةٌ مِنها وَقَد حَضَروا

شَكَرتُ عَنهُم وَإِن أَحسَنتَ عِندَهُمُ

فَإِنَّني ناظِمٌ بَعضَ الَّذي نَثَروا

وَغادَرَتني صُروفُ الدَّهرِ بَعدَهُمُ

كَالصِّلِّ أَطرَقَ لا نابٌ وَلا ظُفُرُ

في بَلدَةٍ تَحتَوي الأَحرارَ ساحَتُها

فَما لَهُم وَطَنٌ فيها وَلا وَطَرُ

أَشتاقُكُم وَيَحولُ العَجزُ دونَكُمُ

فَأَدَّعي بُعدَكُم عَنّي وَأَعتَذِرُ

وَأَشتَكي خَطَراً بَيني وَبَينَكُمُ

وَآيَةُ الشَّوقِ أَن يُستَصغَرَ الخَطَرُ

فَهَل لِرَأيِكَ أَن يُنتاشَ مُطّرحاً

لَهُ مِنَ الفَضلِ ذَنبٌ لَيسَ يُغتَفَرُ

فَعِندَكَ الجودُ لا مَنٌّ وَلا كَدَرُ

وَعِندَهُ الحَمدَ لا عيٌّ وَلا حَصَرُ

وَإِن ضَرَبتَ بِهِ في وَجهِ نائِبَةٍ

فَفي يَمينِكَ مِنهُ صارِمٌ ذَكَرُ

مَحاسِنٌ هِيَ عِندَ السّامِعينَ بِها

دَعوى وَمِثلُكَ يَتلوها وَيَعتَبِرُ

فَما أَخافُ مَطالَ الحَظِّ تَحرِمُني

نَداكَ إِن طالَ في أَيّامِكَ العُمُرُ

وَلا يَفوتُ غِنى أَنتَ الكَفيلُ بِهِ

وَإِنَّما غَفَلاتُ الدَّهرِ تُبتَدَرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن سنان الخفاجي

avatar

ابن سنان الخفاجي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-Sinan-Al-Khafaji@

148

قصيدة

24

متابعين

عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان، أبو محمد الخفاجي الحلبي. شاعر. أخذ الأدب عن أبي العلاء المعري وغيره. وكانت له ولاية بقلعة (عزاز) من أعمال حلب، وعصي بها، فاحتيل ...

المزيد عن ابن سنان الخفاجي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة