الديوان » العصر المملوكي » ابن سنان الخفاجي » أناخ علي الهم من كل جانب

عدد الابيات : 52

طباعة

أَناخَ عَليَّ الهَمُّ مِن كُلِّ جانِب

بَياضُ عَذارى في سَوادِ المَطالِبِ

وَكُنتُ أَظُنُّ الأَربَعينَ تَصُدُّهُ

فَما قُبِلَت فيها شَهادَةُ حَاسِبِ

طَلَبتُ الصِّبا مِن بَعدِها فَكَأَنَّما

عَلِقتُ بِأَعجازِ النُّجومِ الغَوارِبِ

وَما ساءَني فَقدُ الشَّبابِ وَإِنَّما

بَكَيتُ عَلى شَطرٍ مِنَ العُمرِ ذاهِبِ

وَلا راعَني شَيبُ الذَّوائِبِ بَعدَهُ

وَعِندي هُمومٌ قَبلَ خَلقِ الذَّوائِبِ

وَلَكِنَّهُ وافى وَما أَطلَقَ الصِّبا

عَناني وَلا قَضّى الشَّبابُ مَآرِبي

وَما كُنتُ مِن أَصحابِهِ غَيرَ أَنَّهُ

وَفَى لِيَ لَمّا خانَني كُلُّ صاحِبِ

بَكَى النّاسُ أَطلالَ الدِّيارِ وَلَيتَني

وَجَدتُ دياراً لِلدُّموعِ السَّواكِبِ

وَقالوا زِيادٌ راحَ عازِبَ هِمَّةٍ

وَمَن لِفُؤادي بِالهُمومِ العَوازِبِ

أَأَحبابَنا هَل تَسمَعونَ عَلى النَّوى

تَحِيَّةَ عان أَو شَكِيَّةَ عاتِبِ

وَلَو حَمَلَت ريحُ الشَّمالِ إِلَيكُمُ

سَلاماً طَلَبنا مِثلَهُ في الجَنائِبِ

ذَكَرتُكُمُ مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً

لَقَد دَرَسَت أَسرارُكُم في التَّرائِبِ

وَما أَدَّعي أَنّي أَحِنُّ إِلَيكُمُ

وَيَمنَعُني الأَعداء مِن كُلِّ جانِبِ

وَلا أَنا بِالمُشتاقِ إِن قُلتُ بَينَنا

طِوالُ العَوالي أَو طِوالُ السَّباسِبِ

فَما لِقُلوبِ العاشِقينَ مَزِيَّةٌ

إِذا نَظَرَت أَفكارُها في العَواقِبِ

وَلا الشَّوقُ إِلَّا في صُدورٍ تَعَوَّدَت

لِقاء الأَعادي في لِقاء الحَبائِبِ

جَزى اللَّهُ عَنّا العِيسَ خَيراً فَطالَما

فَرَقتُ بِها بَيني وَبَينَ النَّوائِبِ

كَفَتنا ثَقيلَ الهَمِّ حَتّى كَأَنَّما

رَمَينا بِهِ فَوقَ الذُرى وَالغَوارِبِ

وَإِن صَدَقَت في ناصِرِ الدَّولَةِ المُنى

فَما هِيَ إِلَّا مِن أَيادي الرَّكائِبِ

فَتى حارَتِ الأَقدارُ مِن عَزَماتِهِ

عَلى أَنَّها مَعرُوفَةٌ بِالعَجائِبِ

وَأَدرَكَ أَعقابَ الأُمورِ بِفِكرِهِ

كَأَنَّ لَها عَيناً عَلى كُلِّ غائِبِ

لَهُ نَسَبٌ كَالشَّمسِ أَشرَقَ نورُهُ

عَلى طولِ أَيّامِ السِّنينِ الذَّواهِبِ

إِذا دَجَتِ الأَحسابُ لاحَت نُجومُهُ

ثَواقِبَ مِن قَبلِ النُّجومِ الثَّواقِبِ

جِيادُكَ يَومَ النِّيلِ ذَكَّرنَ أَهلَهُ

بِما صَنَعَت أَمَّلتُها في قُباقِبِ

سَقَت تِلكَ أَكنافَ المَشارِقِ وابِلَ

الدِّماءِ وَجادَت هَذِهِ في المَغارِبِ

تَرَكنَ دِياراً لا تَبين لِعارِف

وَخُضنَ بِحاراً لا تَحِلُّ لِشارِبِ

وَقَد سَمِعوا أَخبارَها في سِواهُمُ

فَما قَنِعوا إِلَّا بِبَعضِ التَّجارِبِ

إِذا كانَ عَقلُ المَرءِ أَدنى خِلالِهِ

فَما هوَ إِلَّا ثَغرَة لِلمَصائِبِ

وَكَم حَبَسَ القُمرِيَّ حُسنُ غِنائِهِ

وَقَيَّدَتِ البازِيَّ حُجنُ المَخالِبِ

طَلَعتَ عَلَيهِم وَالسُّيوفُ كَأَنَّها

ضَرائِبُ مِمّا كَسَّرَت في الضَّرائِبِ

بَقِيَّةُ آثارِ اللِّقانِ وَآلِسٌ

وَفَضلَةُ أَيّامِ الحِمَى وَالذَّنائِبِ

تُحَدِّثُ عَن تِلكَ المَنايا فُلولُها

وَقَد كُتِبَت أَخبارها في الكَتائِبِ

قَواضِبُ إِلَّا أَنَّها في أَنامِلٍ

تَكادُ تَقُدُّ الهامَ قَبلَ القَواضِبِ

حَمَيتَ بِها سِربَ الخِلافَةِ بَعدَ ما

تَرامَت بِهِ أيدي العَبيدِ اللَّواعِبِ

وَأَبعَدتَ عَن تَدبيرِها كُلَّ مائِقٍ

حَديثُ المُنى فيها حَديثُ المُناسِبِ

وَكُنتَ إِذا أَشرَعتَ رَأيَكَ في العِدى

طَعَنتَ بِهِ قَبلَ الرِّماحِ السَّوالِبِ

وَقَد يُبصِرُ الرَّأيَ الفَتى وَهوَ عاجِزٌ

وَرُبَّ حُسام سَلَّهُ غَيرُ ضارِبِ

كَأَنَّ المَدى في كُلِّ شَيء طَلَبتَهُ

دَنا لَكَ حَتَّى نِلتَهُ غَيرَ طالِبِ

يَظُنُّ العِدى أَنِّي مَدَحتُكَ لِلغِنى

وَما الشِّعرُ عِندي مِن كَريم المَكاسِبِ

وَما شِئتُ إِلَّا أَن تَتِمَّ صِفاتُهُ

وَلِلدُّرِّ مَعنىً في نَحورِ الكَواعِبِ

كَأَنِّي إِذا أَنشَدتُ فيكَ قَصيدَة

نَثَرتُ عَلَيهِم طالِعاتِ الكَواكِبِ

وَلَكِنَّها مَنسِيَّةُ الذِّكرِ فيكُمُ

تُسائِلُ عَن أَحسابِكُم كُلَّ راكِبِ

وَوَاللَّهِ ما صِدقُ الثَّناءِ بِضائع

عَلَيكَ وَلا حُسنُ الرَّجاءِ بِخائِبِ

وَفيكُم رَوى النَّاسُ المَديحَ وَمِنكُمُ

تَعَلَّمَ فيهِ القَومُ بَذلَ الرَّغائِبِ

أَعِنِّي عَلى نَيلِ الكَواكِبِ في العُلا

فَأَنتَ الَّذي صَيَّرتَها في مَطالِبي

وَدَعني وَصِدقُ القَولِ فيكَ لَعَلَّهُ

يُكَفِّرُ عَن تِلكَ القَوافي الكَواذِبِ

غَرائِبُ مَينٍ في سِواكَ كَثيرَة

وَلَكِنَّني مِنهُنَّ أَوَّلُ تائِبِ

وَما كُنتُ لَمّا أَعرَض البَحرُ زاخِراً

أقلبُ طَرفي في جَهام السَّحائِبِ

طَوَيتُ إِلَيكَ الباخِلينَ كَأَنَّما

سَرَيتُ إِلى شَمسِ الضُّحى في الغَياهِبِ

وَكانَ سَبيلُ الجودِ في الأَرضِ واحِداً

فَما عَرَفَ النَّاسُ اِختِلافَ المَذاهِبِ

وَشَرَّفَني قَصدي إِلَيكَ وَإِنَّما

يُبَينُ بِقَصدِ البَيتِ فَضلُ المُحارِبِ

فَمَن كانَ يَبغي في المَديحِ مَواهِباً

فَإِنَّ مَديحي فيكَ بَعضُ المَواهِبِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن سنان الخفاجي

avatar

ابن سنان الخفاجي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-Sinan-Al-Khafaji@

148

قصيدة

24

متابعين

عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان، أبو محمد الخفاجي الحلبي. شاعر. أخذ الأدب عن أبي العلاء المعري وغيره. وكانت له ولاية بقلعة (عزاز) من أعمال حلب، وعصي بها، فاحتيل ...

المزيد عن ابن سنان الخفاجي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة