عدد الابيات : 77

طباعة

للصب بعدك حالة لا تعجب

وتتيه من صلف عليه وتعجب

أبكيته ذهبا صبيبا أحمرا

من عينه ويقول هذا المطلب

وقتلته بنواظر أجفانها

بسيوفها الأمثال فيها تضرب

رفقا بمن أجريت مقلته دما

ووقفت من جريانها تتعجب

نيران بعدك أحرقته فهل إلى

نحو الجنان ببعد يتقرب

كم جيش العذال فيك وإنما

سلطان حسنك جيشه لا يغلب

من لي بشمسي المحاسن لم يزل

عقلي به في كل وقت يذهب

أحببته متعمما ومعنفي

أبدا علي بظلمه يتعصب

ويعيب من طرق التفقه وجهه

والعشق يفتي أن ذاك المذهب

ولقد تعبت بعاذل ومراقب

هذا يزير والرقيب ينقب

ومؤذنا سلوانه وغرامه

هذا يرجع حيث ذاك يثوب

وأقول للقلب الذي لا ينتهي

عن حبه أبدا ولا يتجنب

قد كدت أنك لا تسميك الورى

قلبا لكونك عنه لا تتقلب

ولو استطعت فركته وأدرته

عنه ولكن ما لقلبي لولب

بأبي غني ملاحة أشكو له

فقري فيصبح بالغنى يتطرب

قمر على غصن وغصن فوقه

قمر على طول المدى لا يغرب

قل للغزال وللغزالة إن رنا

أو لاح يهرب ذا وتلك تغيب

ما زلت أرفع قصة الشكوى له

وأجر أسباب الخداع وأنصب

حيث العواذل والرقيب بمعزل

عنا وحيث الوقت وقت طيب

وطلبت رشف الثغر منه فقال لي

ما في الوجود سوى المدامة يطلب

وغدا ينادمني وكأس حديثه

أشهى إلي من العتيق وأطيب

وأقول حين رشفت صافي ثغره

من بعد ثغرك ما صفا لي مشرب

قال احسب القبل التي قبلتني

فأجبت إنا أمة لا نحسب

لله ليل كالنهار قطعته

بالوصل لا أخشى به ما يرهب

وركبت منه إلى التصابي أدهما

من قبل أن يبدو لصبح أشهب

أيام لا ماء الخدود يشوبه

كدر العذار ولا عذاري أشيب

كم في مجال اللهو لي من جولة

أضحت ترقص بالسماع وتطرب

ولكم أتيت الحي أطلب غرة

بعد الرحيل فلم يلح لي مضرب

ووقفت في رسم الديار وللبكا

رسم علي مقرر ومرتب

وأقمت للندماء سوق خلاعة

يجبى المجون إلي فيه ويجلب

ثم انتبهت وصبح شيبي قد محا

ليل الشباب وزال ذاك الغيهب

ورجعت عن طرق الغواية مقلعا

وسفين رشدي للسلامة مركب

وذكرت في عليا دمشق معشرا

أم الزمان بمثلهم لا تنجب

قوم بحسن فعالهم وصفاتهم

قد جاء يعتذر الزمان المذنب

قوم مديحهم المصدق في الورى

ومديح أهل زمانهم فمكذب

لا تسأل القصاد عن ناديهم

لكن يدلهم الثناء الطيب

يا من لحران الفؤاد لطرفه

لما تدمشق أدمع تتحلب

أشتاق في وادي دمشق معهدا

كل الجمال إلى حماه ينسب

ما فيه إلا روضة أو جوسق

أو جدول أو بلبل أو ربرب

وكأن ذاك النهر فيه معصم

بيد النسيم منقش ومكتب

وإذا تكسر ماؤه أبصرته

في الحال بين رياضه يتشعب

وشدت على العيدان ورق أطربت

بغنائها من غاب عنه المطرب

فالورق تشدو والنسيم مشبب

والنهر يسقي والحدائق تشرب

وضياعها ضاع النسيم بها فكم

أضحى له من بيننا متطلب

وحلت بقلبي من عسال جنة

فيها لأرباب الخلاعة ملعب

ولكم طربت على السماع لجنكها

وغدا بربوتها اللسان يشبب

فمتى أزور معالما أبوابها

بسماحه كتب الكرام تبوب

وأرى حمى قاضي القضاة فإنه

حصن إليه من الزمان المهرب

ما زال للعلماء فيه تعلم

منه وللأدباء فيه تأدب

كم طالب للعلم فيه وطالب

للمال تم لذا وذا ما يطلب

علماء أهل الأرض حين تعدهم

في الفضل دون مقامه تتذبذب

وله مذاهب في المكارم حاتم

لو عاش كان بمثلها يتمذهب

كثرت عطاياه فخلنا أنه

معن وحاشاه بذلك يلعب

لله منه مكارم تاجية

سبكية تبدو ولا تتحجب

قاض مقر العدل في أبوابه

فالجور من أرجائها لا يقرب

راض الأمور فأقبلت منقادة

وزمامها بيديه لا يستصعب

ما قدموا يوما علاه لمنصب

إلا علا قدرا وقل المنصب

يجري الندى للواقفين ببابه

ويصوبهم منه السحاب الصيب

قاضي القضاة كليم بعدك لم يزل

للقرب من ناديكم يترقب

لولا تلهب قلبه بلظى النوى

ما بات وهو على اللقاء يلهب

ولقد ذكرتك والوفود بمكة

كل إلى الله المهيمن يرغب

حطم الحطيم ذنوبهم وبزمزم

لهم مناهل وردها مستعذب

والكعبة الغراء أسبل سترها

ودعاؤنا من تحته لا يحجب

ولرحمة الرحمن من ميزابها

للطائفين سحاب عفو يسكب

فطفقت أخلص في الدعاء وظننا

أن الكريم لذاك ليس يخيب

ولفرط شوقي قد نظمت مدامعي

عقدا يؤلف دره ويرتب

ولماء جفني في الخدود تدفق

ولنار قلبي في الضلوع تلهب

يا ذا الأصول الصاحبية جودكم

للأصل في شرع الندى يستصحب

ولكم إذا تعب الكرام من العطا

يوم المكارم راحة لا تتعب

ها قد بعثت بها عروسا لفظها

بالسحر يأخذ بالقلوب ويخلب

ولسيد الأكفاء قد جهزتها

بكرا يقرظها الحسود ويطنب

إن حاول الأدباء يوما شأوها

قولوا لهم بالله لا تتعذبوا

لم يدن من أسبابها إلا فتى

في هتكه بين الورى يتسبب

أنا إن نطقت بمدحكم في مكة

فكأن قسا في عكاظ يخطب

وإذا أتيت بدرة في وصفكم

فابن المقفع في اليتيمة يسهب

عش يا أبا نصر لتخذل بالندى

والجود جيش الفقر حين يطلب

وبقيت يا شمس الوجود وبدره

ما لاح نجم أو تبدى كوكب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن برهان الدين القيراطي

avatar

برهان الدين القيراطي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Burhan-Al-Din-Al-Qirati@

145

قصيدة

24

متابعين

إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عسكر الطائي، برهان الدين القيراطي. شاعر من أعيان القاهرة. اشتغل بالفقه والأدب، وجاور بمكة فتوفي فيها. له ديوان شعر سماه (مطلع النيرين - ...

المزيد عن برهان الدين القيراطي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة