عدد الابيات : 78

طباعة

أعدْ مجدَ بغدادٍ ومجدك أغلبُ

وجَدِّدْ لها عهداً وعهدكَ أطيبُ

وأطلع على المستنصرية كوكباً

وأطلعته حقاً . فإنك كوكب

كأنّ على بغداد مما أفضتَه

من المجد أذيالاً من التِّيه تُسحب

محافلها مَلقَى . وغُرُّ قِبابِها

نَشاوى . ومثَوى سفحها مُتوثب

أقمتَ بها عزاً عريقاً مكّعبا

وكان بها ذلٌّ عريق مُكعَّب

فَمنْ مُخبرُ المستنصرية أننا

نعودُ إليها من جديد وندأب

حنانيك إن الدهر يطفو ويرسُب

وإلمامة الدنيا تجيء وتذهب

وأن نُثاراتِ الحضاراتِ منبعٌ

يفيض وفي الأرض السبيخةِ ينضب

وفي أمسِ كان الشرق للنور مطلَعاً

فحوَّله عنه إلى الغرب مَغرِب

وها هي نحو الشرق تَلوي رقابَها

شُموسٌ عن الغرب التعيس تَنكَّب

أعدْ رونقَ المستنصرية إنَّه

لرونق بغدادٍ إطارٌ مذَهَّب

تقطَّعتِ الأسبابُ إلا وشيجةً

من الفن للذكرى بها نتسبب

ويا ربَّ تموزٍ نزلتَ بليله

على السَحَرِ الريانِ ناراً تَلهَّب

بأسحار بغداد تغنَّى عوالم

وذكرك من أسحار بغدادَ أعذب

وأسودَ داجٍ كالغراب كسوتَه

غُبار السرايا فهو كالنسر أشهب

وقفتَ به التاريخَ تحصي ثوانياً

بها رحت تُملي والمقاديرُ تكتُب

عجيب مدى النصر الذي اجتزتَ حدَّه

وتوقيتُك النصرَ المؤمَّلَ أعجَب

وكان لك الجيشانِ جيشٌ مدرَّبٌ

وآخرُ أقوى منه قلبٌ مدرَّب

وما السيف إلا آلة خلفها يدٌ

وخلفهما عزم يُهمَّ ويضرِب

أبا كلِّ حر لا أبا الشعب وحدَه

إذا احتضن الأحرارَ في أمةٍ أب

هنيئاً لك العيدُ الذي أنت رمزُه

بذكرك يستعلي وباسمك يَطرَب

أعدْ مجدَ بغدادٍ تُعدْ مجدَ أمة

به الكونُ يزْهَى والحضاراتُ تعجَب

وأرجعْ لها في شمس تموزَ حِقبةً

إذ الشمسُ عن أمصارها ليس تغرُب

عمومتُها فينا كُلَيبٌ وائلٌ

وأخوالها منا إياد وتَغلِب

ورائدُها عبد الكريم بنُ قاسمٍ

يباركُ يومَيه الحُسين ومُصعَب

كأنك أهداكَ المثنَّى وخالدٌ

حُسامَيهما والأصغريُّ المهلَّب

لها بالفراتِ السَمحِ حِضنٌ يَلفُّها

وعند الجبال الشُمِّ خضراءُ منكِب

يمُدُّ الخليجُ الرافدين وبحرهُ

وبرُ الشام الكوفتين ويثربُ

أعدْ مجدَ بغدادٍ فبغدادُ روضةٌ

لدى مَوسم تَذوي وآخرَ تعْشب

يَضُرُّ بها جدَبُ الرجال فتُجدِبُ

ويُنعشها خِصبُ النفوس فتُخصب

وها هي من ألفٍ تَصْرَّمنَ تشتكي

بأن لم يَلُحْ عبدُ الكريم وتعتَبُ

كأن الربيعَ الطلقَ من هذه الربى

يُجَرّ على الكون الرَحيب ويُسحَب

هُنا انسابت الدنيا وراحت عُصارة

من الفكر في كأس من الضاد تُشرب

وأضفَى على شرقٍ وغربٍ صباغَه

سَنى شَفق في دجلةٍ يتذوَّب

بباريسَ لون أريحيٌ مَهَذبُ

وفي الصينِ لونٌ فلسفيٌّ مُسبَّب

هنا استُنَّ إيمان وفاضَ تسامحٌ

وقرت حَزازاتٌ وأودَى تعصُّب

تعارضَ بالإسجاح رأيٌ وآخرٌ

وخُولِفَ بالإيثار فكرٌ ومذهب

ولم يُحْتَجزْ رهناً لغاوينَ يعَرُبٌ

أبو كلِّ من حامَى عن الضادِ يعرُب

لك الخير إن الشعرَ كالنبع سَلسَلاً

إذا فاضَ منه جدولٌ يتشعَّب

مشتْ بيَ (ستّونٌ) وماذا وراءها

سِوى الموتِ يبغي أجنفَ الخطوِ أشيَب

كأنيَ فيهنَّ ابنُ يوم فلم يكُنْ

سِوى يومِ تمّوز من العُمْر يُحسب

أقول لضلِّيلٍ يَكُنُّ نهاره

غباء. وأما في العَشِيِّ فيحطِب

لكَ الويلُ لا يحلِبْك ضرعاً مطاوعاً

خَؤونٌ ولم يمدُدْك جسرا مُخرِّب

ولا يرتخِصْ منك الضميرَ ولا يَلَغْ

بنفسك نابٌ أجنبي ومِخلَب

لك الويل إني رائدٌ جاء قومَه

بصدقٍ. وغيري من يَرودُ ويكذب

لك الويل ماذا كنتَ تحلُمُ قبلَها

بأكثر مما أنتَ فيه وتطلب

أيسعَى عزيز أن يُذَلَّ وأهلُه

وأن يتغشَّاهم بعيدٌ مُجنَّب

أهمُّ رخيِّ أن يُصوّحَ مَرتَعٌ

ووارد رِفَهٍ أنْ يُرنَّق مَشرَب

أبا كلِّ حرٍّ لي إليكَ شفاعة

فهل أنا ذيّاك الشفيعُ المقرَّب

أجل إن شهماً للقلوب محببا

يناغيه شعر للقلوب محبب

وأنت الفتى لم تدر من شَعَثٍ به

يَلُمُّ وأنت الأريحيُّ المهذَّب

هنا لك فيما بين مثوىً وآخرٍ

شبابٌ عن الأفراح في العيدِ غُيَّب

بنوك الذين استرخَصوا مُهجَاتِهم

وفدَّوكَ منهم بالنفوسِ وذَوَّبوا

وخاطُوا عليك الجَفنَ خوفاً من الأذى

إليك على أهدابها يتسرَّب

حنانَيك لا تغضب عليهم بظِنةٍ

فَللْموتُ من سُخْط المحبين أطيَب

حنانيك هبْ غطَّى على الحق غيْهَبُ

فهل فَلَقُ الإصباح يمحى ويُشْطَب

أيُلْغَى فريقٌ في المباراة أوّلٌ

ويحوي فريقاً سيِّيء الحظ ملعب

أزلْ سخطةً عنهم فأنتَ لهم ابٌ

وحسبُك تأديباً ونِعْمَ المؤدِّبِ

وقالوا حجابٌ بين شعبٍ وبينه

فقلت فهل كونٌ بسترٍ يُحجَّب

وربُّك أدرَى بالذي ظَنَّ أحمَقٌ

سَنَى الشعبَ يخفَى أم سناك يُغَيَّب ؟

أبا كلِّ حرٍّ وابن كل كريمة

تمخَضُّ عن حُرٍّ كريم وتُنجب

خذِ الشعبَ درعاً واتَّشحْه مهنَّدا

فللشعْبِ يا بنَ الشعبِ أدنى وأقرَب

حنانيكَ إنّا ساعدٌ حين تضربُ

وغضبتُك الحمراء إيان تغضب

ضلوعك من أضلاعنا، كلُّ شَظْيَةٍ

بها من شظايا أمةٍ تتَشعَّب

وأرواحنا سالت وروحك فالتَقَت

كما انصَبَّ في الأرض الكريمة صيِّب

نوقِّفُ أدنَى الغايتَين استجابةٌ

وتذهب أقصى ما ترومُ وتذهَب

ونصبرُ حتى ينزَحَ اللؤمَ كائدٌ

ونحلُمُ حتى يقرَع الكذبَ أكذب

ويكفي بأن نطوي عليه تيقنا

بأن خبايا طَيِّه ستجرَّب

وعلماً بأنْ لابدَّ يخبرُ أيَّنا

يجِدُّ وأياً في الملِّمات يلعَب

أبا الشعب لا أُخفيك بثّاً يهزُّني

وما أنا للخل الصريح مُروِّب

تسرَّب همسٌ أن فَقْعاً بقرْقَرٍ

يُعيد شِراكاً للهزبر وينصب

وأن الذي خلف الحدود يمده

كلصٍّ يجوسُ البيتَ ليلاً ويهرُب

أبا الشعب لا يتعبْ خؤون مغامر

فخلفكَ شعبٌ للخؤونين مُتعِب

سل الشعبَ زحفاً تدر كيف زُحوفُه

وبذلاً تجد أرواحَه كيف توهَب

ستهوي رؤوسٌ ما اشتكى منك إصبَعٌ

وتُلوَى رقابٌ ما التوى منكَ منكِب

ويلتاث نهر من دماءٍ خبيثةٍ

على قطرةٍ في ذمة الله تُسكب

فقل لهم يأووا ضِباباً لأجحُرٍ

ورباتِ خدرٍ فالخباء مُطَنَّب

وعُمَّرت عُمرَ الشعب يهديكَ ما حوَى

من العمر لو تُحصى السنونَ وتُحسَب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2341

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة